الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
ليتورجيا >> بحوث ليتورجيّا >> ميامر مار يعقوب السروجي >> الميمر التسعون

 

 
ربنا، افتح لي باب التوبة العظيم، لانك لا تردّ من يسأل بتمييز، ساعدني لاعود اليك من العثرات واسير بك، لانك الموضع الطاهر الذي يريح التعبان، كن لي دربا وامشي بلذة حسب "اميالك" وانجو من الضلال الذي كنت اتيه واعثر به.

من يهتم ليسمع منا الموضوع الذي ابحثه، ولمن تلزم القصة التي اتابعها،؟ لمن تلذ هدايا كلماتي المليئة آلاما،؟ الخبر الذي يوصف من قبلي كله انسحاق النفس، ليبطل اليوم الكاملون عن السماع لان الميمر الذي شرعتُ في تاليفه لا يخصهم، لا توجد قرعة للفضيلة في هذا الخبر، كلمتنا تسير لتشجع التوبة. من هو كامل عليه الا يرتخي من عباراتي، ليثبت في خصوصيته لان خبرنا (موجه) الى الخطأة، ايها الكاملون امكثوا في كمالكم بوضوح، لان الميمر الذي يكرز المغفرة لا يخصكم.

حوار بين النعمة وبين العدالة: النعمة تنصح الابن الشاطر ثل الامّ وتحابي العدالة: رات النعمة بانه متوجه الى التوبة، فاقتربت منه ونصحته ماذا يلزمه ان يفعل، هلم ايها الصبي واذهب عند ابيك ولا تتاخر، سيقبلك وهو متعطش كثيرا الى توبتك، انا اذهبُ معك عنده فلا تخف، واقدمك احسن من الام حتى ترى اباك، انا واقفة امام العدالة لما تراك وامسكها لئلا تلاقيك بعنف.

التوبة معموذية ثانية: الندامة ادّبته مثل المعلم الذي يؤدب الطفل الذي ضلّ، وشرع يتذكر ما فعله بجسارة.

الابن الكبير هو جبهة الكاملين، وهذا لا يشعر بالمراحم التي تصير للتائبين، لما يشعر، يتذمر بسبب اتعابه لانه وجد بانه مساو في الميراث مع ذلك الذي عاد، يصنع المراحم وبعدئذ يكشف ما يعمله، ولما يكشف يحصل التذمر في جبهة الكمال.

الاب يرضي الولد الكبير: حينئذ خرج ابوه العادل والصالح ليتوسل اليه، وبالطلبة كان يحرضه بالا يغضب، فرح بالمفقود وكان يتوسل الى ذلك الموجود، وبمحبته كان يحاول ان يكسب كليهما، يا ابني هوذا انت معي، وفي جواري كل يوم، وبالحقيقة كل ما هو لي، هو لك، انت سيد، وكل شيء املكه هو مُلكك، اخوك هو ميت ولانه عاش يلزم ان نفرح، لا اصنع فضلا عليك لتصير سيدا، انما سكبت المراحم على اخيك ليرث معك، كان قد استقبل ذاك مثل حبيب، وتوسل الى ذلك، وكفت محبة ابوّته لكليهما.

هذا الميمر هو مكرر. الف ملفاننا ميمرا آخر رقمه 12 على نفس الموضوع. لسنا ندري لماذا كرره هنا.؟

المخطوطات: لندن 17157 ورقة 54؛ لندن 14605 ورقة 49؛ روما 117 ورقة 256

يرد في البداية اسم مار يعقوب. في هذا الميمر يذكر يعقوب بانه خاطيء ويتكلم مع التائبين ويستثني الكاملين من الاستماع اليه لانهم ليسوا بحاجة الى ميمر التوبة. الميمر تفسيري وفيه الوصف المطول لفاقة الابن الصغير. يجد في الابن الكبير صورة للشعب اليهودي وللكاملين، وفي الابن الصغير يرى صورة للشعوب، وللخطأة. النعمة مثل امّ تنصح الصغير وتساعده امام العدالة. قد يرقى تاريخ تاليف الميمر الى عصر شباب السروجي وبعد غلق مدرسة الرها اي الى حوالي سنة 489-490م.

على الابن الصغير الذي بدد امواله الذي الفه مار يعقوب

(لوقا 15/11-32)

المقدمة
1 يا ربنا افتح لي باب التوبة العظيم، لانك لا تردّ من يسأل بتمييز،
2 ساعدني لاعود اليك من العثرات واسير بك، لانك الموضع الطاهر الذي يريح التعبان،
3 كن لي دربا وامشي بلذة بحسب اميالك وانجو من الضلال الذي كنت اتيه واعثر به،
4 افرش لي كنفك لادخل واختبيء تحت ظلك، لان الحرارة التهمتني في عالم الاباطيل،
5 طريق العالم مليئة بالفخاخ والعثرات، يا سبيل الحياة اسير فيك ولو كنت ضيقا،
6 حيثما اذهب فالمصيدة منصوبة لاسقط فيها، اسحبني من الارض الى عشك العالي لانه بلا قنوط،
7 بنت الشعوب لما اخرجتها من مصر حملتها كانما على جناحَي النسر في البلدان،
8 هكذا انقذ النفس التي تتمسك بعِشرتك اذ يحملها ريش جناح المحبة من العثرات،
9 العالم اسوأ من مصر بافعاله، خلص النفس السجينة منه التي تتوسل اليك،
10 الخطايا (تسجن) النفس كما (سجن) المصريون بنت ابراهيم، ربي حررها كما حررت تلك من العبودية،
11 انا تزاحمتُ لاخضع للعبودية، انت لا تتركني اتعذب في الحصار،
12 بابك مفتوح، لستَ انت المانع: ارادتي هي مُرّة ومتمسكة بالضلال الهمجي،
13 ساعدني لاطلب لانه لما اطلب تعطي، اعدني لاريد لانه لو اردتُ انت لا ترفض،
14 افرحْ بفقداني كما بوارث بدد امواله، وبمراحم اعطني حصة لاتقاسمها مع نعمتك،
15 ذاك الذي جُرد من مقتنياته اشفقت عليه المراحم، فقام على الميراث ثانية كما هو مكتوب.

يعقوب يتكلم
16 من يهتم ليسمع منا الموضوع الذي ابحثه،؟ ولمن تلزم القصة التي اتابعها،؟
17 لمن تلذ هدايا كلماتي المليئة آلاما،؟ فالخبر الذي يوصف من قبلي كله انسحاق النفس،
18 من صرف كثرة ايامه عبثا ليفرح بخبر الابن الذي بدد كل ما اقتناه،
19 ليبطل اليوم الكاملون عن السماع لان الميمر الذي شرعتُ في تاليفه لا يخصهم،
20 لا توجد قرعة للفضيلة في هذا الخبر، كلمتنا تسير لتشجع التوبة.

زيارة المريض فضل عليه
21 المعافون لا يطلبون الطبيب ليشفيهم، ولكونهم غير مرضى لا يحتاجون الى العلاج،
22 من هو مريض يفتش عن الطبيب ليشفيه وبعد ان يضمد جروحه يصير له فرج،
23 بسبب الآلالم يتطلع المريض الى الباب في كل حين ليرى الزائرين يدخلون الى حيث هو موجود،
24 لو تزور المعافى، النتيجة هي عكسية بالنسبة اليه لان العافية قادرة لقضاء حاجتها ذاتيا،
25 لو تزور المريض فهذا فضل، ولو تقترب وتلمس يده فهذه موهبة بالنسبة اليه،
26 لو لم تكن مريضا لا تفكر حتى بوجود الطبيب: انتبه لا تخطيء وها انك لن تحتاج الى الغفران.

من ليس خاطئا لا يحتاج الى الغفران
27 /503/ اذا كنت غير محتاج الى الغفران بسبب افعالك، فمحكمتك لا تتطلب المراحم لما تدخل اليها،
28 لا تجرح نفسك لانه يوجد طبيب مجاني، لئلا يداهمك الموت قبل مجيء الطبيب لمعالجتك،
29 لا تكثر الخطايا لان لربك المراحم، فكّر ايضا بان له عدالة تفحص الافعال.

الميمر موجه الى الخطأة وليس الى الكاملين
30 من هو كامل عليه الا يرتخي من عباراتي، ليثبت في خصوصيته لان خبرنا (موجه) الى الخطأة،
31 ايها الكاملون امكثوا في كمالكم بوضوح، لان الميمر الذي يكرز المغفرة لا يخصكم،
32 هانذا اتكلم مع فريقنا المحتاج حتى يتشجع (لنيل) الغفران ويكثر التوسلَ،
33 كلمة ربنا تساعد جميع التائبين، فلنسمع اذاً باهتمام ما يقوله لنا.

وصف لعهارة وتسيب الابن الصغير الذي بدد امواله
34 ليدخل خبر الابن الصغير الذي بدد امواله، فالتائب الذي صرف ايامه مصوّر بعودته،
35 الاب الرحوم اعطى مقتنياته لوريثيه ليتسلط كل واحد منهما على ميراثه،
36 الصغير اخذ حصته وخرج من عند ابيه وصمم ان يبدد ميراثه،
37 روح مضطربة لبست الجاهل وبدأ يذري كل مقتنياته بدون تمييز،
38 نسي تربية الاهل التي كانت محبوبة، وكان يتصرف بالاباطيل بدون حياء،
39 الشقي احتقر توبيخ الابوّة وكان يجنّ مع الزانيات في سوق الفجور،
40 كان قد شلح والقى عنه العفاف الذي تربى فيه، ونسج ولبس العهارة وتكالب فيها،
41 ترك في بيت ابيه طغمات القداسة العفيفة، وذهب ليتيه في احتفالات العاهرات المؤذية،
42 خرج من البيت الذي يعلن الكرامة كل يوم، وقام ليجنّ في العالم ليقتني العهارة،
43 بشراهته شوّه تربيته العفيفة، وكان يطمع بحياة مدنسة بدون نظام،
44 نسي العفافَ الذي علّمه اياه ابوه يوم كان معه، وانطلق ليصير رفيقا للغاجرات،
45 بدد امواله على الصديقات اللواتي اقتناهن الجاهل، و بفجور كان يجنّ مع المدنسات،
46 ذرى مقتناه باحتفال الزانيات المؤذي، وهو يتلطخ بالمجنونات اللواتي تبعنه،
47 كل الكنوز التي اعطاه ابوه القاها على الفجار وبتمرده لم يشفق على نفقاته،
48 تلك العطية التي تسلط عليها ذراها على العاهرين لانه لم يعرف ان ينظم اطعمته،
49 الوارث الصبي ذرى ميراثه على المدنسات، لانه كان يتنعم بدون نظام في حياة مبتذلة،
50 الغنى العظيم الذي سُلّم له ذراه في الريح لان الابن المارد لم يعرف ان يدبر نفسه،
51 كان قد انتقل من بيت ابيه الى بلد آخر لانه بارادته ابعد نفسه ليصبح ضعيفا،
52 الابن المكلوب قضى على امواله بدون فهم لانه كان يتصرف بجنون في أعماله،
53 الغنى الذي اعطاه ابوه بدده شيئا فشيئا، ونسج ولبس الفقر ليتعذب به،
54 كان قد قام في درجة الحاجة باهانة عظمى لان كل الغنى كان قد نفذ عبثا،
55 نفذت مقتنياته التي صرفها ببذخ، وكان يُعذب بالاحتياج المليء آلاما،
56 الجوع ضايق ابن الترفهات الذي أُهين، وشرع يهتم كيف يعيش بالهوان الذي لحق به،
57 سقط من الحياة البهية التي كان يحبها وقام الضعيف في حياة اهانة وعوز،
58 المتكبر الذي سقط تنازل ليصير اجيرا، وبعمله يقيت نفسه بالفقر.

التوبة معموذية ثانية
59 اسمع ايها التائب وليصل اليك الالم من قصة الابن الصغير لانه مصور كله فيك تماما،
60 ايها الخاطيء اندم على ذنوبك بواسطة الخبر الموضوع لك كمرآة لتتزين به،
61 مثل ربنا يساعدنا نحن التائبين لنرى نفسنا بتمييز في الابن الصغير،
62 وبالنسبة الينا اليه معنى آخر تفسيريا: انه مفيد جدا لظروفنا،
63 انه يستهدف الشعبَ والشعوب حرفيا، ويليق كثيرا بهذه الجهة المحتاجة الى التوبة،
64 هوذا التوبة مثل طبيب للمرضى، ايها المحتاجون هلموا واكشفوا لها جرائركم،
65 انها مدينة عظيمة موضوعة كملجأ للعالم، اهربوا ايها التائبون وادخلوا واستتروا في المطمئنة،
66 انها المعموذية الثانية لمن يغتسل فيها، رِد ايها الخاطيء وها انك قد طهرت من الذنوب،
67 لو كنت تائبا فالطريق التي سلكتها تطلب الدموع، سِر عليها بالالم وها قد ادركت الكمال،
68 زرع التوبة يطلب رشاش الدموع، وبها ينبت ويجمع اثمارا وفيرة،
69 لو لم يتكلم رعد البكاء على حقوله، فان من يزرع لا يجمع منها الباقة،
70 بقطرة الدموع تنمو زروع المباركة لانها ارض صالحة والمطر القليل يقدر ان ينبتها،
71 اسكب واخلق الدموع في الطلبة لما تشرق فلو سُكبت فالاثم الذي فعلته يغرق فيها،
72 جدول الدموع الصغير يقدر ان يجرف كل الذنوب حتى لو كانت متينة كالجبال،
73 مياه الانهار لم تكن قادرة لتغسلك كالجدول (النابع) من بؤبؤيك،
74 لو احاطت بك كل امواج المحيط، لما غسلت نقيصة واحدة ارتكبتها،
75 لو تسكب سيلا صغيرا من بؤبؤيك سيجرف بتياره اثمك العظيم ويلاشيه.

وصف فاقة الابن الصغير الراعي للخنازير
76 ايها الخاطيء الذي امضى ايامه عبثا، ليبهجك خبر ذلك الذي جُرد من مقتنياته،
77 كان قد نفذ غنى الشقي كما قلنا، فاحاط به الفقر ليهان به،
78 ربطته حبال الفقر بالم عظيم، وكان يهان بعذاب لم يشاهده (من قبل)،
79 تنازل ليشتغل بخبز فمه لان الجوع الذي داهمه الزمه ان يُستعبد،
80 دخل ليعمل باجرة بين الغرباء، وارسلوه ليرعى الخنازير باهانة قاسية،
81 كان قد تعذب بين الطرقات في رعيته، ولم يكن يملأ بطنه خبزا من عمله،
82 الحر اكل الراعي الجاهل اثناء حراسته، ولم يجد راحة ليتلذذ بها،
83 كثرت عثراته بالقطيع المؤذي الذي كان يدبره، ولم يصادفه الامان لينجو من عثراته،
84 في الليالي اكله الجليد لما كان يسهر، وفي النهار (اكلته) حرارة الشمس لما كان يعثر،
85 تلاشت اظافره بسبب العثرات على دروبه، لانه كان متضايقا بين الجبال بدون فائدة،
86 ادمته اشواك القفر العظيم حيث كان يتيه، وتمزقت ثيابه البهية بحجارة الموضع،
87 نفذت قوة الشقي وسقط من العذاب لان الجوع العظيم والشغل القاسي ضايقه،
88 كان يشتهي ان يملأ بطنه من الخرنوب ولم يشبع ولو كان طعام الخنازير،
89 واذ كان شغله اقسى من طاقته، كان طعامه قليلا حتى ان طعام الخنازير كان يفوقه،
90 كان جائعا ومتعبا ومتضايقا ومجردا ومعذبا ومسحوقا واجرته بخسة وشغله صعب، وماذا يعمل،؟
91 ترك اباه وابتعد عن اخيه، نفذ غناه، وحياته سيئة وكيف يتم الحل،؟
92 تضاعفت الخيالات على الشقي من كل الجهات، وانسحاق النفس ربطه ليجلده بالم،
93 دخلت الكآبة على فكره بسبب ما جرى له، وعُذب بالافكار كما لو كان بالسيور،
94 اتى الى نفسه وراى الى اين وصلت اهانته، فتحير من الخيالات التي استولت عليه،
95 حيرة كبرى وقعت عليه فجأة، وكان يتعذب في فكره بسبب ما جرى له.

الابن الشاطر يتذكر خيرات بيت ابيه
96 راى الشقي من اين وقع،؟ واين هو واقف،؟ فاستولى عليه المخاض ليصرخ بسقوطه،
97 خطر على باله بيت ابيه واعماله، فوبخه قلبه لما جرى له، والى اين وصل،؟
98 كان قد تذكر الدلال الذي تربى فيه، فسكر بالدموع التي انهمرت من بؤبؤيه،
99 بكى على نفسه: من سمو بيت ذويه وصل الى الهوان العظيم ليرعى الخنازير،
100 الندامة ادّبته مثل معلم يؤدب الطفل الذي ضلّ، وشرع يتذكر ما فعله بجسارة،
101 دخل الفهم ووهب له الويل بتمييز: اية نهاية بلغت الشقيَّ ليتعذب بها،؟
102 كان يوبَّخ من قبل فكره كما لو كان من قبل معلم وبجهله بلغ الى الخجل،
103 تفكيره ادّبه مثل الحاكم بالم عظيم، وربطه بالكآبة وتعذب بالضيق.

الابن الصغير يتندم ويؤلف هذه البيوت
104 اضطره الجوع والقفر البغيض الذي كان يتيه فيه فتاسف بمرارة من عذابه،
105 راى نفسه باية حياة يتعذب، فبدأ يطلق اصوات البكاء بقوة،
106 كان قد سند راسه على الآكام وهو يتحسر، واستعمل هذه الالحان بالتنهدات:
107 كم من اجير في بيت ابي يشبعون خبزا، وهانذا اموت جوعا في موضع مقفر،!
108 كم من ضيف ياكلون هناك وهم غير مستحقين، وخرجت انا وهانذا اهلك في الطرقات،!
109 كم من عبيد يفضل عنهم الخبز في بيت الاب، وانا ينقصني الخرنوب، وماذا افعل،!
110 كم من فقير يشبع خبزا من مائدتنا، وانا يقتلني الجوع في بلد اشتغل فيه،!
111 كم من محتاج يقيت بيتنا من غلاته، الويل لي لاني صرت مثل الغريب عن كل خيره،!
112 كم من متسول ياخذ منه الاطعمة، وانا خرجت منه وهانذا اموت من الحرمان،!
113 كم من معوز يقيت ابونا من مائدته، وانا يعذبني الجوع القاسي بسبب الخنازير،!
114 كلاب بيتنا تدوس على الخبز لكثرته، وانا الوارث اتعذب بالجوع والعطش،
115 لا يوجد لابي عبد جائع او محروم، انها لجريمة عظمى ان يتيه ابنه في الطرقات،
116 حاليا يفضل الخبز هناك من الجاريات، وهوذا ابن الحرة يتعذب بمرارة،
117 هناك تفضل كل اللذات عن ابناء العبيد، وهوذا ابن الاسياد يتعذب بآلام شريرة،
118 الضيوف ينامون على الطنافس في بيت ذويّ، وانا اسند راسي على الحجارة والآكام،
119 هناك يلبس ابناء الغرباء ثيابا بهية، وهانذا اتيه عاريا في القفر،
120 من يستحق ومن لا يستحق هو مستريح هناك، الويل لي لاني خرجت من ذلك المسكن المليء ملذات،
121 لتبكِ عليّ الجبال التي اتيه فيها وهي تعطيني الويل بالالم بسبب ما جرى لي،
122 لترثيني الآكام والوديان التي فيها، لانها رات عذابي وانا انحني على حجارتها،
123 ماذا اعمل،؟ وكيف انجو من العذاب،؟ لان الجوع والعطش يطاردني في موضع مقفر،
124 نفذ مقتناي وتغربتُ عن بيت الاب، وانتقل الغنى وكل ما كنت اقتنيه تبدد،
125 ذريتُ كل ميراثي في الرياح على الفاجرات، فاصابني الفقر والاسم النتن،
126 خسرتُ مقتناي على المدنسات بالتبذير، فاتعذب في الحياة مثل المتسول،
127 من يعطني يوما واحدا من ايام بيت ذويّ لانجو به من الحرمان الذي يعذبني،؟
128 ليته وُجد احد يتوسل الى ابي الرحوم باصوات شجية لتعيد مراحم الابوّة،
129 من ارسلُ ليذهب قدامي حتى يطلب، لان جهالتي اعظم من ان تُغفر وماذا اعمل،؟
130 لو ادنو من قطع الرجاء ساهلك، ولا اقدر ان اجيب لانني اخطأت كثيرا،
131 لا اقدر ان اظل هنا لانني اتعذب، واخاف من الذهاب عند ابي لانني اذنبت كثيرا،
132 باي وجه اذهب لارى ابي الغني، لان كل ما اعطاني بددته على المدنسات،؟
133 اخاف من العدالة التي ترعبني فلو صادفتني بشدتها سوف لن احيا (بعدُ)،
134 اخذت كل ميراثي وخرجت من عند اخوتي، وبما انني بددته ماذا اطلب الآن هناك،؟
135 ماذا اقول لما يراني عبيدنا، لانني عدتُ واتيت من الغربة فارغا،؟
136 ها انهم يسالونني اين ظلت الحصة،؟ ماذا اقول،؟ وكيف اتخلص من اللوم،؟
137 ها قد داخلني الخجل، وكيف اخرج،؟ اذنبتُ بارادتي، فكيف انتصر قدام العدالة،؟
138 كان الشقي قد صرخ بهذه الاصوات بسبب سقوطه وهو يبكي وبكّي من يسمعه،
139 سكر بالتنهدات وهو يتحير بالالم الذي بلغه، فبكى الاقرباء بسبب رثائه العالي،
140 كان قد اعطى اصواتا نادمة بالخبر الذي بحثه والتي انجبها الم النفس بقوة.

النعمة-الام تنصح الابن الشاطر ان يتوب امام ابيه
141 رات النعمة انه متوجه الى التوبة، فاقتربت منه ونصحته (قائلة): ماذا يلزمه ان يفعل،؟
142 هلم ايها الصبي واذهب عند ابيك ولا تتاخر، سيقبلك وهو متعطش كثيرا الى توبتك،
143 انا اذهبُ معك عنده فلا تخف، واقدمك احسن من الام حتى ترى اباك،
144 انتبه بالا تترك لحن الالم هذا، تامل فيه لان مراحم ابيك تعود بواسطته،
145 لا ينقطع البكاء الشجي من فمك، ولا تيبس الدموع ابدا من بؤبؤيك،
146 هذه الهدايا يقربها المرء للتوبة، وبها يجد بكثرة المراحم والمحبة،
147 هلم الى ابيك حسب هذا النظام الذي القنك اياه: به تُسكب المراحم وتصدر على المذنبين،
148 لما تدخل لترى اباك احنِ راسك وقف متندما مثل المذنب وانت ترتجف،
149 لما تدخل انسج والبس قميص الالم وليكن الحزن ثوبك واتشح به،
150 لتحيرك الكآبة وشدد فكرك على الطلب، ابكِ بالالم ولا تبطل من التنهدات،
151 لا تنظر الى فوق فهذه علامة الجسارة، انظر الى الارض وانت تبكي بقوة،
152 غطِّ وجهك بالحزن حياء، وضمّ يديك بتمييز وانت صامت،
153 لما تتوسل لا ترفع صوتك اثناء طلبك، لان الصوت العالي لا يجمل بمن اذنب،
154 اثناء البكاء تلفظ بصوت هاديء ونادم بلحن الالم الذي يعيد المراحم للمصالحة،
155 لابيك المراحم الكثيرة: لو تذهب حسب هذا النظام لترى وجه سوف لن يطردك.

النعمة تقف امام العدالة لئلا تطرد الابن الشاطر
156 انا واقفة امام العدالة لما تراك وامسكها لئلا تلاقيك بعنف،
157 اتوسل اليها لئلا تتذكر ذنبك، انها تحابيني وستسمح لك بالدخول،
158 ايها الصبي يسهل علي حملك في اكنافي، ليفرح ابوك لما يراك في كل الاحوال،
159 جُعلتُ مربية للتوبة ولا املّ من حمل اولادها الذين احبهم،
160 هلم واذهب ايها الصبي والتق بابيك كما علمتك: يوجد رجاء بان تجد المراحم لما تقابله،
161 كان الابن المحبوب يُشجع من قبل النعمة ليعود وياتي من الضلال الذي كان يتيه فيه.

دعوة الخاطيء الى التوبة مثل الابن الشاطر
162 ايها الخاطيء الذي صرف ايامه عبثا انظر الى الابن الصغير وتقدم من التوبة،
163 عد كما عاد وستُقبل كما قُبل، تالم مثله لتجد المراحم كما وجد،
164 هوذا النعمة تبسط اكنافها وتتوسل اليك: انتبه ولا تهمل تحريض الممجدة،
165 يفرح ابوك بمن هو مفقود لما يجده، هلم ايها المفقود وكن متواجدا وابهج اباك.

اخطأت في السماء وامامك ولا استحق ان ادعى ابنك
166 بحثتُ خبر الابن الصغير لاجعلك تتلذذ، فانصت الي واتكلم معك عن عودته،
167 لو تاخذ فكر الالم الذي لبسه، ستتوق مراحم ابيك لتلاقيك بمحبة،
168 كان جالسا ويفكر كما سمعتم، باي وجه يرى اباه وماذا يقول له،؟
169 انا ملام جدا، وماذا اعمل،؟ وكيف اتوسل،؟ وباي كلمات اجيب عن ذنوبي،؟
170 اقول له: اخطأت في السماء وامامك يا ابي ولا استحق ان اكون ابنك او وارثك،
171 اصير اجيرك واخدمك مثل الغريب واعطني عملا في بيتك لاعيش منه،
172 ايها المتميز اسمع كم كانت طلبته محبوبة، وكم كان قويما الهدف الذي صممه لاجل التوبة،
173 احدرَ ذاته الى درجة الاجير الحقيرة، ليحث اباه بعمله ويصالحه،
174 الابن الحكيم الّف كلمات الالم، فمن الآن وصاعدا اسميه حكيما،
175 اعظّم ذنبي كثيرا كما هو عظيم، اعني بحسب مقياس السماء الكامل،
176 ذنبي ممدود من الارض حتى السماء، والعلى والعمق اصغر من ان يتوسلا لاجل جرائمي،
177 لا اقدر ان انظر الى السماء لانني استحي، والخجل احناني الى الاسفل بسبب جرائمي،
178 اذاً لماذا ادافع عن نفسي لما يشتكون عليّ، جريمتي عظمى واعرف انها عظيمة جدا،؟
179 في مقدمة الطلبة اعترف بعظمة جهالتي، اقول له: يا ابي اخطأت في السماء وقدامك،
180 الخطيئة التي اقترفتها هي اعظم من الارض والعالم، اخطأت في السماء، العالم والارض هما اصغر من جريمتي،
181 لو لم يبين المرء الاقرار بجهالته، لا يصدر السماح له من قبل الحاكم،
182 من يقر بذنب يُغفر له، مع (عبارة): اخطأت، تصدر (عبارة): غُفر بالمراحم.

عودة الابن الصغير
183 المتميز وضع الاقرار وقدمه في بداية طلبه، واعدّ نفسه ليعود وياتي الى امان ابيه،
184 لما كان يعود من العثرات اسرع الخطى في طريق الامان الى بيت ابيه،
185 مشى بسرعة وبنشاط في دربه، لان الركض لازم للتائبين لما يعودون،
186 سار على دربه لانه اشتاق الى لقاء ابيه، وبرؤيته نسي بمحبته كل تعبه،
187 طار النشيط بجناحَي التوبة القويين ليصل الى عش ابيه المبارك،
188 الدموع في عينيه، والبكاء في فمه، والركض في دربه، والاصوات الشجية تُسمع من شفتيه،
189 الخوف والمحبة لما كان يقترب ليرى اباه: القنوط والمراحم يتبعان التوبة،
190 الحنان والغضب كانا يلتقيانه في دربه، وكان يستند على النصر والتقهقر.

العدالة تزجر الابن الصغير
191 لعل العدالة ايضا زجرته لما استقبلته وقالت له كما لو كان بغضب مليء زعلا:
192 الى اين اتى هذا العطال الذي صرف ايامه،؟ ماذا يريد لان كل ما كان يقتنيه ذراه في الريح،؟
193 لماذا يطلب رفيق العاهرات،؟ اي اكراه غصبه ليذري كل ما كان يقتنيه،؟
194 ماذا يطلب الشقي الذي عاش ببذخ،؟ انه يستحق بالحقيقة عذابا عظيما،
195 من العدالة هذا هو الحكم على المذنبين: تصدر مجازاتهم حسب جهالتهم،
196 تمسك القلم باستقامة ولا تتاثر لتنحاز حتى تحابي في المحكمة،
197 لبست غيرةً ضد الصبي الذي بدد امواله لتطالبه بكل ما بذره على المدنسات.

النعمة بسطت كنفها على الابن الشاطر وصالحته مع العدالة
198 لما تشددت وهي مستعرة ومهددة المذنب، اتت النعمة ووقفت في وجهها حسب وعدها،
199 بسطت الشفوق اكنافها على الصبي، وسجدت للعدالة بمحبة حتى تصالحه،
200 ماذا تستفيدين لو يُعذب هذا الاحمق،؟ ليعش بالمراحم وبعودته يبهج اباه،
201 خُسر المقتنى، فلا يهلك القاني، ان هذا لقيةٌ فاتركيه ليصالح اباه،
202 لا يبيدن الوارث مع مواريثه، افتحي له الباب واصطادي الهارب في بيت ابيه.

الاب يستقبل ابنه
203 كانت قد غليت المحبة من قبل النعمة على المذنب والتهب حنان ابيه على التائب،
204 هبت عليه ريح المراحم بمحبة، وبدأت تخرج سفينته المطاردة من قبل العواصف،
205 رآه ابوه وتاق للقائه بمحبة عظمى، فاستقبله بالمراحم وبرّأ ساحته بدون مقاضاة،
206 الرحمن بسط اكنافه وقبّله وبكى ووقع على رقبته، وكان يحتضنه كما لو كان وحيدا،
207 كانت مراحم الابوّة قد غليت على الوارث ولم تلتفت لترى اثمه لانها كانت قوية،
208 جرى موج الحنان على التائب، فغرق اثمه العظيم وتلاشى وكانه غير موجود،
209 المخاض داهم ابا المراحم الذي راى ابنه ولم يقو حتى على وشايته بسبب جهالته،
210 الحنان سبق الطلب من قبل المذنب وكانت الشفقة اسرع من الطلبة،
211 صادفته المراحم ولم تتاخر من التوسل، لان محبة ابيه كانت اعظم من حاجته،
212 قبل ان يطلب نال الغفران بمحبة، وقبل ان يتوسل كان قد قُبل الابن التائب،
213 لما عاد فقط واتى انجز دربه، واعتبر ابوه مجيئه عملا عظيما،
214 لم يتكلم حتى بما فكر فيه، لقد اتى ومجيئه وحده انجز دربه،
215 كان ابوه قد بكى ليس لانه قدم بل لانه تاخر وتعذب بالفاقة بين الغرباء،
216 وجده متعبا ومسحوقا ومعذبا وقبيح المنظر فادمعت مراحمه بسبب عذاب الوارث الذي عاد.

لست مستحقا ان أُدعى ابنك
217 بدأ ذاك التائب يقول لابيه بالم: ابي، اخطأت كثيرا في السماء وامامك،
218 لا استحق ان أُدعى ابنك او وارثك، فاصير اجيرك واخدم من باب الفضل،
219 لا ارتفع الى درجة الابناء السامية، بل اكون في بيتك مع العمال لانني اخطأتُ،
220 لا اطالب بالميراث لاني اخذته، اعطني فقط الخبز اليومي بتعب عظيم،
221 لا اريد ان أُدعى ابنا لاني لا استحق، لأُدع اجيرا حقيرا وهذا زائد عليّ،
222 استغني عن بهاء الابناء في بيتك، اعطني لباس الخرق والحياة البسيطة،
223 لا اطالب بحياة الورثة الصالحين، انها لعظمة لي لو اشبع خبزا بسيطا،
224 لا اتوسل لابلغ الى الكرامة الاولى، اعطني لاحتمل اهانة بيتك وهذا ملكوت لي،
225 لا اطالبك بالاختلاط في الابناء، ضعني في طغمة الاجراء واشتغل معهم،
226 من الآن وصاعدا لا استحق ان أُسمى ابنا، لو اصير اجيرا في بيتك فهذه عظمة لي.

عاد الابن وورث ثانية: حلّة المجد والخاتم والثور المسمن
227 المراحم اشفقت على الوارث الذي بدد كل ما كان يقتنيه، واستقبله الحنان بمحبة وبدون توسل،
228 كان يتضرع ليس ليرث بل ليعمل، وبما انه لم يطلب فقد دخل ليرث ثانية،
229 ابوه فرح به ولو انه بدد كل ما اقتناه، والحنان الذي فيه لم يسمح ان يشتكي عليه،
230 كان قد امر عبيده ليضعوا الخاتم في يده، لياخذ الوارث ختم الاب على مقتنياته،
231 قال: ليلبس حلة المجد افخر الثياب، حتى يرى كل واحد بانه قد تسلط بالبهاء،
232 امر وجلبوا الثور المسمن كانما للعرس حتى يفرح جميع اقربائه بيوم الوارث العائد.

دعوة التائب الى العودة الى بيت الآب
233 اسمع ايها التائب ولا تؤخر العودة لانك تُبهج الآبَ والميراثَ الذي ينتظرك،
234 الآب لا ينتظر ان تقرّب له طلبا، يريد فقط ان تعود ويقبلك،
235 الطلبة لا توفي صك دينك، ستصدر المراحم وتقبلك لو تتوب،
236 التوسل لا يقدر ان يلاشي اثمك، بل الحنان يسلك الدرب ذاتيا بدون طلبك،
237 ينقصك ان تذكر نفسك من العثرات، ومراحم الآب تحل (محل) كل هذه (الامور) وانت تكتمل.

المعموذية تعطي حلة المجد للمؤمن والايمان هو ختم الملك في يده
238 هوذا المعموذية تعطيك حلة المجد، وهوذا الايمان ختم الملك في يدك،
239 ذبح لك مسمن الحياة لتتنعم روحيا، كل هذه الامور هي مُلكك، وانت وحدك تتمتنع من العودة.

الاب يقبل ابنه الشاطر
240 الاب قبل الوارثَ الذي بدد كل ما كان يقتنيه، وصار عرس كوليمة الوحيد،
241 رعد بيت الاب بالحان متميزة وبهيجة: السمفونيات والتزمير وضجة كل الكنانير،
242 فرح المقيمون بالوارث الذي عاد الى بيت ابيه، وارتقص السكان بالوارث الذي عاش لانه كان مثل الميت،
243 العبيد وجدوا الاب فرحا به، وفرحوا ورسموا البشاشة على وجوههم قدام وجهه،
244 يصير فرح في السماء وبين الملائكة بخاطيء يتوب من شروره،
245 يفرح الآب ويبتهج جميع العساكر، انهم ينظرون الى ارادته ويسرعون الى تكميلها،
246 راى الوارثَ وبما انه فرح به، فقد فرح خدامه وتضاعفت الافراح بينهم بعودته.

الابن الكبير يمثل جبهة الكاملين
247 لما جرت هذه الامور لم يكن الابن الكبير هناك، هذا هو سرّ الخفايا وهي غامضة،
248 الابن الكبير هو جبهة الكاملين، وهذا لا يشعر بالمراحم التي تصير للتائبين،
249 لما يشعر (بها) يتذمر بسبب اتعابه لانه وجد بانه متساو في الميراث مع ذلك الذي عاد،
250 لا يقدر احد ان يشعر الآن بهذه المراحم لانه في القرية اي في عالم مضطرب في أعماله،
251 السرّ مصاغ بين الآب والملائكة، والكلمة هي خفية لئلا يتراخى من هو كامل،
252 امر العبيد والملائكة ان يجلبوا الخاتم والحلة للابن، والكبير لم يكن هناك،
253 يصنع المراحم وبعدئذ يكشف ما يعمله، ولما يكشف يحصل التذمر في (طغمة) الكمال،
254 ليُفسر ايضا مثل الابن بتمييز لانه كله رجاء للكاملين وللتائبين،
255 يفرح الكامل بالدالة التي تُعطى له، والتائب ايضا بالمراحم التي تصير للخطأة،
256 اتى الوارث الكبير الذي كان في القرية، وسمع صوت الضجة في بيت ابيه،
257 بدأ يسأل الخدامَ: ما هو هذا الصوت،؟ وبينوا له: اخوك قدم واستقبله ابوك،
258 وجلب ونحر له الثور المسمن، وها انه يتنعم، وهذا الصوت الذي تسمعه هو صوت الافراح.

الابن الكبير يعاتب اباه
259 الابن الكبير سمع وتحير مما صار واستولى عليه الاستغراب ولم يكن يريد ان يدخل،
260 غضب الجميل وكان يذم والده لانه افاض مراحمه بدون حدود على المذنب،
261 حينئذ خرج ابوه العادل والصالح ليتوسل اليه، وبالطلبة كان يحرضه لئلا يغضب،
262 فرح بالمفقود وكان يتوسل الى الموجود، وبمحبته كان يحاول ان يكسب كليهما،
263 الابن الكبير شرع يقول لابيه: كم سنة اخدم لك العبودية،
264 ولم اتجاوز قط على وصيتك او اعصك ولم تسلطني على جديِ العنز لاتنعم به،
265 وهذا الذي خرج وصرف امواله على المدنسات، ذبحتَ له الثور المسمن لانه اتى، كيف اسكت،؟
266 اذاً يتساوى بالنسبة اليك الصالح والطالح كما تقول، وواحد هو بالنسبة اليك الشريف والشتام،؟
267 هذا الذي احتقرك وبذر مقتناه على الزانيات وانا الذي حافظت بحرس على كل ما ولّيتني عليه،
268 الوارث الذي خرج وبدد امواله على الكذابين، بالنسبة اليك هو احسن مني انا الذي تصرفتُ بحذر،؟
269 هذا الذي ترفّع على ناموسك ووصاياك هو متساو الآن معي انا الذي لم اتجاوز على كلمة فمك.؟

الاب يرد على ابنه الكبير ويقنعه بانه يحبه
270 ابوه المحرض شرع يتكلم معه ليزيل غضبه بالطلبة المليئة توسلا،
271 كان مسرورا ازاءه وحرضه بلياقة، وتكلم معه كلام المحبة لئلا يتضايق:
272 يا ابني هوذا انت معي، وفي جواري كل يوم، وبالحقيقة كل ما هو لي، هو لك،
273 كان يلزم علينا الآن ان نفرح ونتلذذ، لان اخاك هذا ميت وعاش وها قد وجدناه،
274 انت موجود عندي كل يوم بحراستك، افرح بالمفقود الذي وُجد الآن لانه قد عاد،
275 انت سيد، وكل شيء املكه هو مُلكك، اخوك هو ميت ولانه عاش يلزم ان نفرح،
276 لا اصنع فضلا عليك لتصير سيدا، انما سكبت المراحم على اخيك ليرث معك،
277 كان ضائعا، ولنفرح فرحا لاننا وجدناه، وكان ميتا وعاش ويلزم علينا ان نتعزى بسببه،
278 المراحم ادخلته، لم انس شروره التي اقترفها، انه ميت عاش ليدخل ويرث ولا يُخسرك (شيئا)،
279 لا اظلمك لانك خدمتني بنشاط، يكفي انك معي، اما هذا فانه يرث بالمراحم فقط،
280 ارضى بجمالك وحرسك: فلنحب هذا القبيحَ الذي تزين بواسطتنا،
281 لم انس او اظلمك غبنا حتى يرث هذا معك، مراحمي غصبتني لافرح بالميت لانه عاش.

الاب احب ولديه لانه مليء نعمة وعدالة
282 كان يليق بابي المراحم ان يحث الوارثَ الصالح ليفرح باخيه الذي كان ضائعا.

محبة الاب كفت لابنيه كليهما
283 انه مليء نعمة وكانت ايضا العدالة معه، حتى يسند ذلك ويشفق على ذلك باستقامة،
284 الميت الذي عاش سنده بالمراحم لئلا يقع، وذاك الحي اكرمه بالتحريض لئلا يحزن،
285 استقبل ذلك مثل الحبيب، وتوسل الى ذلك، وكفت محبة ابوّته لكليهما.

لله النعمة والعدالة للبشر
286 طوبى للكامل، وللتائب الرجاء الصالح، فللآب النعمة والعدالة ايضا،
287 /528/ بمحبته يصنع المراحم للخطأة، ويكثر التوسل الى الابرار بدافع عدالته،
288 من هو كامل عليه الا يتراخى بسبب المراحم، لان (منزلة؟) الكاملين هي اعظم من وجود (المراحم على الخطأة).

الاب لم يغضب من عتاب ابنه الكبير العادل
289 الابن الكبير اقتنى دالة كبرى حتى يلوم اباه بسبب مراحمه على الضائع،
290 وبما انه كان يلومه بعدل لم يغضب لكنه قدّم له توسلا لئلا يتذمر،
291 كان يقول له: كل شيء املكه هو مُلكك، وهذا يكفي بدل مكافأة كل اتعابه،
292 نظر بعدل وكان يتكلم برحمة لانه كان يسمي ذلك "سيدا"، وذاك "ميتا"،
293 كان يقول لذلك: كل شيء املكه هو مُلكك، ولهذا: لنفرح بهذا الميت الذي عاش،
294 كان يقول لذلك الكبير: انت معي في كل وقت، كان يكفيه ان يكون فقط مع الاب،
295 اعترف بان هذا هو معه محروسا بامان، وسمى الخاطيء ضائعا كما هو في الواقع.

الابن الكبير يلوم اباه بوجه مسفر والصغير راسه منحن
296 ذاك الكبير يلوم اباه ووجهه مسفر، اما الصغير فكان راسه منحنيا ولم يتكلم،
297 كان يهان ويُسمى ميتا وضائعا، ولم يتذمر لانه قُبل بالمراحم،
298 كانت اصوات تعيير الاب والاخ تقذفه، ولم يتذمر لانه دخل ليرث بالنعمة،
299 كان يُعير بتبديده امواله على المدنسات، وكان يسمع صامتا لانه عرف بان هذه هي الحقيقة،
300 ابوه كان يسميه ميتا وضائعا وكان يقف منحنيا لانه كان يعلم بان هذه الامور هي صحيحة،
301 كان قد جعل ابوه مثل محقق على جهالته، وكان اخوه يُسمى سيدا من قبل والده،
302 هذا الذي لم يكن يستحق ادخلته المراحم ليرث، واذ كان يُعير صار وارثا بالنعمة.

الخاتمة
303 في مراحم الآب يوجد مجال بفضل النعمة والعدالة لقبول من يطلبه.

كمل ميمر الابن الصغير الذي بدد امواله