الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
كلمة فخامة الرئيس ميشال سليمان في حفل وداع قداسة البابا في مطار بيروت

 
 
   

    ننشر فيما يلي النص الكامل للكلمة التي ألقاها فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان في حفل الوداع الرسمي الذي أقيم لقداسة البابا بنديكتوس السادس عشر في مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي في بيروت، مساء الأحد 16 أيلول 2012:

 

    قداسة الحبر الأعظم،
    في ختام هذه الزيارة الرسمية والرسولية التاريخية، التي قاربتم في خلالها جوهر المواضيع التي تعني لبنان، وأملتم في خلالها في أن تعمّ الشرق الأوسط بمجمله روح العدالة والسلام ومستلزمات التقدّم، في إطار من الحرية واحترام حقوق الإنسان وكرامته، لا يسعنا إلا أن نشكركم من صميم القلب، على عطفكم ورعايتكم، ومداخلاتكم العديدة من أجل لبنان وسيادته ووحدته وخيره واستقلاله، وعلى المساعي التي تبذلونها باستمرار على الصعيد الدولي، لدعم قضية الاستقرار والتنمية والعيش الأخوي المشترك في بلادنا، ولحمايته من أيّ ظلم أو تهديد أو عدوان.

    وإذ تغادرون وطن الأرز، وقد حملتم إليه وإلى الشرق رسالة سلام ومحبّة والتزام، في زمن التحوّلات التاريخية والتحدّيات، فإننا نؤكّد لقداستكم أنّ لبنان سيبقى وفيّاً لعلاقته الراسخة والمميّزة مع الكرسي الرسولي، ولدوره ورسالته في محيطه، ومتعلّقاً على الدوام، بجذوره الروحية والدينية التي هي جزءٌ لا يتجزّأ من تراثه وتاريخه وحضارته.

    وتدعيماً لهذا العهد، تبدو الحاجة قائمة للمضيّ قدماً في طريق الالتزام بما تضمّنه الإرشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان" من إرشادات وتوصيات، في مجال الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والانطلاق الروحي المتجدّد والعناية بشؤون الشبيبة ومستقبلها.

    كذلك تبرز الحاجة اليوم للانخراط بكثير من الوعي والعزم، في مقاصد ما أودعتموه ما قبل البارحة من إرشاد رسولي جديد، للسينودس الخاص بمجمع الأساقفة من أجل الشرق الأوسط، ومن توصيات تدعو إلى التعلّق بالأرض والهوية والحرية، وللنهوض بإنسانيتنا إلى آفاق التسامح والتضامن الاجتماعي، والاحترام العميق للآخر وتمايزه، ونبذ الفتنة والعنف، وتحقيق سلام راسخ في القلب، يفيض نمط حياةٍ لشعوب المنطقة.

    وجميعنا نعي أنّ لا تنمية ممكنة في الشرق والغرب، من دون سلام، ولا سلام فعلياً من دون عدالة واحترام لحقوق الانسان، في وقتٍ ما زال يُراق من حولنا، وفي أماكن عديدة من العالم، الكثير من الدم، وتُمتهن فيها يومياً كرامة الانسان. أمّا الحراك المطلبي العربي بعينه، فهو يحمل، على ما يُرتجى منه، أملاً في الاصلاح والحرية والديمقراطية، بالرغم ممّا يشوبه من عنف ويصيبه من تعثّر، مع العلم أنّ الديمقراطية الحقّة ثقافة وحسن ممارسة ومجموعة مبادئ وقيم عالمية الأبعاد.

    إنّها لحظاتٌ مؤثّرةٌ، صاحب القداسة، نقف فيها لنودّعكم بعد ثلاثة أيّام رافقتها العناية الإلهية، وأحيت في نفوس المؤمنين في لبنان والشرق الاوسط وبلاد الانتشار شعلة الرجاء والأمل. وقد تركتم بين أيدينا وأيدي الكنيسة المشرقية مسؤولية النهوض بتطلّعات شعبنا وغرسها في تربة صالحة تنمو وتثمر فيها روح التضامن والمحبّة والعدل.

    وعدنا لقداستكم، السعي بعزم وثبات كي يبقى لبنان بلد حوار وتلاقٍ وانفتاح، ومشاركة متكافئة لجميع مكوّنات شعبه في الحكم وإدارة الشأن العام، وشاهداً للحقّ وللعيش معاً، على قاعدة الثوابت الوطنية والاحترام المتبادل والقيم.
     عشتم

     عاش الكرسي الرسولي
     وعاش لبنان

 

إضغط للطباعة