الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
عنصرة جديدة تعقب قيامة مدينة حمص القديمة... غبطة أبينا البطريرك يونان يزور حمص القديمة بعد إخلائها من المسلَّحين

 
 
   

  البطريرك يونان أوّل بطريرك ورئيس كنسي يزور مدينة حمص القديمة بعد إخلائها من المسلَّحين،ويدعو "إلى التآخي والتلاقي بين أبناء البلد الواحد"، مناشداً "أبناء المدينة إلى العودة والمساهمة في إعادة بناء مدينتهم".

    إلى حمص القديمة حمل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي الكلّي الطوبى، عصاه الراعوية متسلّحاً بالثبات والإيمان، على رأس وفدٍ كنسي سرياني أنطاكي ضمّ كلاً من: صاحبا السيادة المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى المعاون البطريركي والزائر الرسولي في أوروبا، والمطران مار يوحنّا جهاد بطّاح النائب البطريركي العام على أبرشية بيروت البطريركية، وأمناء السرّ في البطريركية الأب فراس دردر والشمّاس حبيب مراد، وذلك بهدف القيام بزيارةٍ تفقّديةٍ أبويةٍ إلى أبناء رعيته من جهةٍ، والقيام بجولةٍ على مختلف الكنائس المتضرّرة ودور العبادة من جهةٍ أخرى، في وقتٍ لا تزال حمص تلملم وتبلسم جراحها.

 

    وعليه، سلك موكب غبطة أبينا البطريرك يونان الطريق الدولي وصولاً عند نقطة الحدود السورية ـ اللبنانية، ما تسمّى بمنطقة الدبّوسية، حيث كان في استقباله في صالون الشرف المدبّر البطريركي لأبرشية السريان الكاثوليك في حمص الخوراسقف فيليب بركات، ولفيف من كهنة الأبرشية ورجال أمن.

    بعد ذلك، توجّه غبطة أبينا البطريرك يونان والوفد الكنسي المرافق له إلى مدينة حمص القديمة، حيث رست المحطّة الأولى عند مركز محافظة حمص. فالتقى محافظ المدينة طلال البرازي، مؤكّداً من هناك بأنّ "الهدف من زيارة حمص هو إيصال رسالة محبّةٍ لأهالي حمص، تحمل في طيّاتها الأمل والرجاء لمستقبلٍ أفضل، بعد أن عانت هذه المدينة ما عانته من دمارٍ وخرابٍ، بما فيها دور العبادة من مساجد وكنائس"، داعياً "أبناء حمص إلى الصبر والتفاؤل والرجاء، وتعزيز أواصر المحبّة فيما بينهم، ليكونوا يداً واحدةً في إعادة بناء ما هُدِم ودُمِّر، وخاصةً دور العبادة التي كانت ولا تزال مناراتٍ للأخوّة والمحبّة والسلام"، مثمّناً الجهود التي بذلتها المحافظة ولجان المصالحة والجهات المختصة من أجل إعادة المدينة إلى سابق عهدها، آملاً "أن تثمر دماء الشهداء خيراً ومحبّةً وألفةً بين أبناء الوطن الواحد".

    بالمقابل، أشاد المحافظ بالمواقف الكنسية والوطنية التي يطلقها غبطة البطريرك يونان، مشيراً إلى أنّ "زيارته كأوّل رئيسٍ كنسي والوفد المرافق له تشكّل خطوةً إيجابيةً لإعادة الحياة والأمن والإستقرار إلى مدينة حمص، وتدلّ على صفات المحبّة والسلام التي يتميّز بها رعاة الكنيسة".

    في حين كانت المحطّة الثانية عند جامع الصحابي خالد بن الوليد، حيث كان في استقبال غبطته والوفد المرافق له مدير الأوقاف في حمص فضيلة الشيخ عصام المصري. فاطّلعا سويةً على حجم الأضرار التي لحقت بالجامع، وأكّدا معاً على "أهمية التآخي والإنفتاح بين المسيحيين والمسلمين، فكلّنا عائلةٌ واحدةٌ، والمصاب الذي يجمعنا واحد". كما قدّم فضيلة الشيخ المصري لمحةً عن تاريخ الجامع وواقعه، والأضرار التي أصابته، والجهود المبذولة لإعادة ترميمه. ورفعا معاً الصلاة الربّانية "الأبانا" من أجل راحة نفوس الشهداء وشفاء الجرحى وإحلال السلام في سوريا".

    وعلى خطٍّ موازٍ، زار غبطة أبينا البطريرك يونان والوفد المرافق له في محطّته الثالثة، كاتدرائية الروح القدس ودار مطرانيتنا السريانية الكاثوليكية الواقعة بحيّ الحميدية في المدينة القديمة. ورفع والمؤمنين صلاة الشكر بمناسبة عودة الأمن والهدوء إلى أحياء هذه المدينة، رغم الدمار والخسائر المادّية والمعنوية الهائلة والفادحة والمؤلمة.

    وألقى غبطة البطريرك يونان كلمةً تشجيعيةً لأبناء الرعية السريانية في حمص القديمة، حثّهم فيها على "الثبات في الإيمان والرجاء بقيامة هذه المدينة الأبيّة"، مؤكّداً لهم "وقوف الرئاسة الكنسية إلى جانبهم"، والصلاة "من أجل أن يمنّ عليهم الرب بالسلام والأمان والطمأنينة، ليعودوا إلى منازلهم وأزراقهم، فيواصلوا الشهادة لإنجيل المحبّة والسلام والتآخي في أرض الآباء والأجداد". وترحّم غبطته على روح راعي الأبرشية المثلّث الرحمات المطران مار ثيوفيلوس جورج كسّاب الذي "جدّ وتعب في إعادة ترميم وتأثيث الكاتدرائية ودار المطرانية قبل أن تعبث بها أيدي المخرّبين والمسلَّحين". وجدّد غبطته "الثقة بمواعيد الرب وعضده لإعادة الإعمار والبناء".

    تلت ذلك محطّةٌ في كنيسة مار مارون ومقرّ النيابة الأسقفية المارونية، حيث كان في استقبال غبطته وصحبه الأب ألان الياس كاهن الرعية المارونية في حمص. ورفع الجميع صلاة الشكر، سائلين شفاعة القدّيس مارون وجميع القديسين، آملين بأن يُصار إلى إحلال السلام في كافة ربوع سوريا. وأعقبت ذلك زيارة إلى الكنيسة المشيخية الإنجيلية، حيث كان في استقبال غبطته ومرافقيه كاهن الكنيسة القس مفيد عمسيخ.

    وفي السياق عينه، قام غبطة أبينا البطريرك والوفد المرافق بزيارةٍ إلى كنيسة السيّدة العذراء أمّ الزنّار ومقرّ مطرانية السريان الأرثوذكس، حيث كان في استقباله نيافة مطران حمص وحماة واتوابعهما للسريان الأرثوذكس مار سلوانس بطرس النعمة وكهنة أبرشيته وحشدٌ من المؤمنين. ودخل غبطته في موكبٍ حبري على أنغام ترنية استقبال الأحبار "تو بشلوم روعيو شاريريو" (هلمّ بسلامٍ أيّها الراعي الصالح). وبعد أن أضاء غبطته شمعةً أمام أيقونة العذراء رمزاً للسلام، رفع الجميع صلاة الشكر وطلبة العذراء داخل الكنيسة.

    من جهته، أثنى المطران النعمة على زيارة غبطة البطريرك يونان "التي تشكّل حدثاً قيامياً بامتياز، ولفتةً أبويةً تاريخيةً"، مشيراً إلى أنّ "العبث الهمجي الذي طال الممتلكات والكنائس ودور العبادة، لم يمنع المؤمنين من البقاء والثبات في أماكنهم، ولم ولن ينال من وحدتهم الوطنية".

    وردّ غبطة البطريرك يونان بكلمة شكرٍ، أكّد فيها "أهمّية الوحدة ورصّ الصفوف لإعادة إعمار ما تهدّم، وتثبيت الناس في أرضهم، وزرع بذور الثقة والأمان فيما بينهم، بشفاعة العذراء مريم في هذا المقام المقدّس الذي ضمّ زنّارها بين حناياه منذ بدايات المسيحية".

    وفي موازاة ذلك، زار غبطة البطريرك يونان والوفد المرافق له كنيسة الأربعين للروم الأرثوذكس، حيث كان في استقباله الأرشمندريت مكسيم الجمل، ممثّلاً نيافة مطران حمص للروم الأرثوذكس جورج أبو زخم، وحشدٌ من الكهنة والمؤمنين. فرفعوا معاً الصلاة، يحدوهم الأمل بغدٍ مشرق.

    إلى ذلك، تابع غبطة البطريرك يونان جولته والوفد المرافق له، وتوّج المحطّة السابعة من زيارته عند دير الآباء اليسوعيين الذي أضحى محجّاً دينياً، بعدما دُفن فيه الأب فرانس فندرلوخت الذي استشهد منذ بضعة أيّام. وأمام ضريح الأب فرانس، رفع غبطته الصلاة من أجل راحة نفسه، ضارعاً إلى الله "كي يجعل دمه ودماء سائر الشهداء خلاصاً لسوريا من محنتها التي تتخبّط بها".

    أمّا المحطّة الثامنة من زيارة غبطة البطريرك يونان، فكانت كنيسة سيّدة السلام للروم الملكيين الكاثوليك، حيث كان في استقباله سيادة مطران حمص للروم الملكيين الكاثوليك عبدو عربش. وطغت هناك لغة الصمت على لغة الكلام من كثرة هول الأضرار والدمار المؤلمين.

    وبعد الإنتهاء من الجولة على أحياء مدينة حمص القديمة وكنائسها ودور العبادة فيها، انطلق موكب غبطة أبينا البطريرك يونان والوفد المرافق له، متّجهاً إلى بلدة زيدل، حيث المقرّ المؤقّت لمطرانيتنا السريانية الكاثوليكية. فالتأم الجميع حول مائدة محبّة جمعت الأب الروحي ورعاة الكنائس الشقيقة، تلاها لقاءٌ خاص بين غبطة أبينا البطريرك يونان وكهنة أبرشية حمص للسريان الكاثوليك، قدّم إليهم فيه غبطته الشكر الجزيل لما يؤدّون من خدماتٍ جُلّى في تأمين الرعاية لأبناء الأبرشية وبناتها على كلّ الأصعدة. وتوجّه إليهم بإرشاداتٍ ونصائح أبويةٍ بخصوص المرحلة القادمة من العمل في الأبرشية، داعياً لهم ولأعضاء الأبرشية بالخير والبركة والسلام.  

    وقبيل مغادرته مدينة حمص، كانت للبطريرك يونان والوفد المرافق محطّةٌ قصيرةٌ عند مركز الأمن العسكري، حيث التقى ومرافقوه برئيس فرع الأمن العسكري في حمص العميد عبد الكريم سلّوم.

    ويمكن القول: "إنّ زيارة غبطة أبينا البطريرك يونان والوفد المرافق له كأوّل بطريركٍ ورئيسٍ كنسي يقوم بهذه الزيارة الأبوية إلى المدينة القديمة في حمص بعد خروجها من المصاب المؤلم، قد عُنوِنت عنصرةً جديدةً، وشكّلت مناسبةً هامّةً تفقّد خلالها غبطته أبناء رعيته الذين صمدوا رغم الآلام والدمار، مؤكّداً على أنّ الجميع هم أبناء القيامة، وأنّ لغة العنف والدمار والقتل لم ولن تمنعنا من قرع أجراسنا، وسنبقى على هذا الرجاء والثبات في هذه الديار المقدّسة. كما كانت الزيارة مناسبةً مثمرةً ومفصليةً شدّد من خلالها غبطته على أهمية التآخي والإنفتاح وتعزيز الأخوّة مع شركائنا في المواطنة، على أساس أنّنا جميعاً عائلة واحدة، وأنّ مصيرنا هو واحد".

    باختصار: "ما بين الدمعة والإبتسامة، أمل البطريرك يونان والوفد المرافق له ومستقبلوه من أساقفة وكهنة الرعايا، مع فتح الطرقات الشائكة والمحفوفة بالمخاطر وبالقذائف وآثار الحرب، أن تُفتَح دروب القلوب وتتصافح".

 

 

إضغط للطباعة