الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يلقي محاضرة في المؤتمر العاشر لأبرشية سيّدة النجاة في الولايات المتّحدة، جاكسونفيل – فلوريدا

 
 

    في تمام الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم الجمعة 28 تمّوز 2017، ألقى غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، محاضرة قيّمة بعنوان "الكنيسة السريانية الكاثوليكية في بلاد الإنتشار: تاريخ، واقع، ورسالة"، وذلك ضمن فعاليات المؤتمر العام العاشر لأبرشية سيّدة النجاة في الولايات المتّحدة الأميركية، في كنيسة مار أفرام السرياني بمدينة جاكسونفيل – فلوريدا.

    حضر هذه المحاضرة أصحاب السيادة: مار برنابا يوسف حبش مطران أبرشية سيّدة النجاة في الولايات المتّحدة، ومار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد والنائب البطريركي على البصرة والخليج العربي وأمين سرّ السينودس المقدس، ومار فولوس أنطوان ناصيف الأكسرخوس الرسولي في كندا، والآباء الكهنة الذين يخدمون الرعايا والإرساليات في أبرشية سيّدة النجاة، وجموع المؤمنين المشاركين في المؤتمر ممثّلين رعايا وإرساليات الأبرشية.

    تحدّث غبطته في محاضرته عن خدمته في كنيسة الإنتشار ككاهن وكمطران لمدة ٢٣ سنة، قبل أن يعود إلى الشرق كبطريرك، متناولاً تحدّيات كنيسة الإنتشار مع تاريخها والآمال المعقودة عليها.

    وأشار غبطته إلى أنّ الهجرة ظاهرة عالمية، حيث الكثيرين تركوا أرضهم إلى بلاد أخرى لبناء مستقبلهم. ففي الولايات المتّحدة أكثر من 25 مطران كاثوليكي شرقي في مؤتمر الأساقفة الكاثوليك حالياً، شاكراً الكنيسة الكاثوليكية في الولايات المتّحدة لأنّها احتضنت بمحبّة المهجَّرين من كنيسة الشرق، وهذا ما لا نجده للأسف في عدد من البلدان الأوروبية. فالهجرة هي مأساة لكلّ المهاجرين لأنّها تتطلّب أن يُقتلَع الإنسان من أرض آبائه وأجداده، وهي عزيزة جداً على قلبه، مشيراً إلى أنّ الهجرة لدى الكنائس الشرقية معروفة منذ أكثر من ١٥٠ سنة، من لبنان وسوريا وتركيا والعراق ومصر والأراضي المقدسة.

    وتكلّم غبطته عن تاريخ هجرة أبناء الكنيسة السريانية الكاثوليكية إلى الولايات المتّحدة من ١٢٠ سنة، قادمين من سوريا وبخاصة حلب، ثمّ لبنان، وبعدئذٍ العراق، منوّهاً إلى أنّ للكنيسة السريانية الكاثوليكية اليوم ثلاث أبرشيات في القارّة الأميركية: الولايات المتّحدة، كندا، فنزويلا، وهي الأبرشيات الوحيدة لها خارج الشرق.

     وأشار غبطته إلى أنّنا حتى اليوم نُعتبَر أقلّية، وهذا واقع، مع أنّ هناك تقدُّم كبير عن السابق، وقد تأسّست أبرشيتنا في الولايات المتّحدة منذ نحو ٢١ سنة، وأصبح لدينا كهنة شباب واعون لضرورة المحافظة على تقاليدنا وتراثنا. لكنّ السؤال المطروح هو كيف نستطيع اليوم أن نجابه تحدّيات الحاضر كي نتمكّن من التفكير للمستقبل ووضع خطوط ضمن فضيلة الرجاء قبل كلّ شيء.

    وذكر غبطته أنّ سبب الهجرة اليوم ليس للطموح بل خوفاً على المستقبل، فإلى جانب الأسباب الإقتصادية، تأتي الهجرة بحثاً عن الكرامة والحرّية، لأنّنا نريد أن نبقى في أرضنا في الشرق وأن نعيش فيها بالحرّية والكرامة الإنسانية، وكذلك بسبب الحروب الدائرة وبخاصة في سوريا والعراق. فنحن لسنا كغيرنا أتينا فقط لنطلب الرزق في بلاد المهجر، إنّما السبب الأساسي أننا نحن أبناء وبنات بلدنا الأصليين، أتينا لنحصل على الحقوق والكرامة والحرّية كمخرج للأزمة التي نعيشها في الشرق.

    وتطرّق غبطته إلى تحدٍّ كبير يتمثّل في كيفية عيش الوحدة والإتّفاق والإلفة والإتّحاد بين المطران والكهنة والمؤمنين، فكيف يستطيع المطران الإشراف على الخدمة الكهنوتية في هذه الأماكن المتباعدة، وليس بالسهل وجود الكاهن المؤهَّل للخدمة في بلاد الإنتشار، سيّما عندما يتعلّق الأمر بجماعة صغيرة (بضع عائلات)، وعندها يضطرّ الأسقف إلى اختيار كهنة قد يكونوا غير مؤهَّلين للخدمة في كنيسة الإنتشار.

    كما نوّه غبطته إلى تجاهُل وتناسي كنيسة الشرق لأهمّية كنيسة الإنتشار، معتبراً أنّ الهجرة هي في الوقت عينه عنصر إفقار وعنصر غنى لكنيسة الشرق. فجدّد غبطته دعوته كما في كلّ زياراته إلى سوريا والعراق، باثّاً في الناس روح التمسّك بالأرض لأنّ من يهاجر للأسف لن يعود. فلكلّ عائلة الحرّية في الهجرة والكنيسة تحترم ذلك، لكنّها تحثّ العائلات على البقاء والتمسّك بالأرض في الشرق كي لا تفرغ بلادنا الأمّ من أبنائها، مذكّراً أنّ كنيسة الإنتشار هي انفتاح وغنى على العالم وثقافته والأنظمة العالمية التي تساعدنا على تأمين جوٍّ من الحرّية مع إمكانية عيش إيماننا وروحانيتنا.

    وفي ختام محاضرته، دعا غبطته إلى عيش حقيقة الوحدة، كما يعلّمنا مار بولس في رسالته إلى أهل غلاطية: "إذا كنتم تنهشون وتأكلون بعضكم بعضاً، فانظروا ألا تفنوا بعضكم البعض". هذا هو التحدّي الأكبر، لذا يجب أن يعيش الأساقفة والكهنة والعلمانيون في الغرب رسالتهم ودعوتهم بروح المسيح، على أساس الوحدة وعدم التشرذم والإنقسام، ناشرين المحبّة فيما بينهم.

    وبعد محاضرته التي نالت ثناء الحضور، أجاب غبطته على الأسئلة.

 

إضغط للطباعة