الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
نص الكلمة الإرشادية التوجيهية لغبطة أبينا البطريرك في الجلسة الإفتتاحية للقاء السنوي الخامس لكهنة أوروبا السريان الكاثوليك، مدينة أيخشتيت – ألمانيا

 
 

    يطيب لنا أن ننشر فيما يلي نص الكلمة الإرشادية التي وجّهها غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، إلى الآباء الخوارنة والكهنة الخادمين في الرعايا والإرساليات العائدة لكنيستنا السريانية الكاثوليكية في أوروبا، وذلك صباح يوم الثلاثاء 5 حزيران 2018، خلال الجلسة الإفتتاحية للقاء السنوي الخامس لكهنة أوروبا السريان الكاثوليك، والذي عُقِد هذا العام بضيافة الإكليريكية الشرقية لأبرشية أيخشتيت اللاتينية، في مدينة أيخشتيت – ألمانيا:

".. فَقَد دَعَوتُكم أَحِبَّائي لأَنِّي أَطلَعتُكم على كُلِّ ما سَمِعتُه مِن أَبي. لم تَخْتاروني أَنتُم،

بل أَنا اختَرتُكم وأَقمتُكُم لِتَنطَلِقوا فَتُثمِروا وتدوم ثمَارُكم، فيُعطِيَكُمُ الآبُ كُلَّ ما تَسأَلونَهُ بِاسمي.

ما أُوصيكُم بِه هو: أَحِبُّوا بَعضُكم بَعضاً" (يوحنا 15: 9- 17)

 

يسوع يدعونا، يرسلنا، يوحّدنا

وبدورها كنيستنا السريانية

تدعونا، ترسلنا، وتوحّدنا

 

1. يسوع يدعونا

"أنا اخترتكم" يقول يسوع: "ودعا الذين أرادهم فذهبوا إليه"... وأسّس كنيسته عليهم (مرقس 3: 13 - 19).

- جئنا لنكرّس ذواتنا لخدمة كنيسة الإنتشار، ونحن نعلم ضعفنا البشري وإمكانياتنا المحدودة، وظروف عائلاتنا ومجتمعاتنا وبلادنا... 

- لقاء الرب مع التلاميذ على بحيرة طبريا، والصيد العجائبي (لوقا 5: 7 ..).

- البعد الأخوي للدعوة الكهنوتية، دعوة الرب للتلاميذ تبدو لأول وهلة وكأنها دعوة فردية، والحال هي جماعية: التلاميذ يلتقون ويتبادلون الحديث ويشجّع أحدهم الآخر.. (يوحنا 4 : 42). لقاء الرب مع أندراوس، ونقل البشرى من أندراوس إلى رفاقه فيليبّس ونثنائيل... (يوحنا 1: 45 – 41).

- لا يريد يسوع منّا أن نكون خارقين أي أن نغلب الآخرين في العلم والتقنية وسبل الإقناع في جذب النفوس بقوانا الذاتية. بل يريدنا أن نتّكل عليه في كلّ شيء، بالتواضع، بالإستسلام لمشيئته، بالإصغاء الدائم له. وغالباً ما يتمّ ذلك بفضيلة الإصغاء إلى الآخرين، حتى أولئك الذين يزعجوننا...

- اللقاء مع يسوع واكتشافه شخصياً خطوة ضرورية لكي ننقل يسوع إلى الآخرين، نقول لهم ما سمعناه منه وما يطلبه منّا...

- هل الكهنوت حقّ لنا شخصياً؟ هل نعتبره امتيازاً على الغير أو وظيفة... للرزق، لتحقيق طموحاتنا البشرية؟ لنتذكّر أننا في سيامتنا هي النعمة التي تدعونا إلى اتّباع الرب وخدمة كنيسته، خدمةً كلّيّة، أي خدمة لا تقبل بأنصاف الحلول، ولا النظر إلى الوراء...

- "فقال له يسوع: ليس أحد يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء يصلح لملكوت الله" (لوقا9: 62).    

- الكهنوت: دعوة إلى التسامي على طبيعتنا البشرية، بقوّة النعمة، لكي ننقل بشرى الخلاص بتجرّد وتفانٍ، بل ببطولة، لأنّه غالباً ما تتطلّب منه السباحة عكس التيار..!

 " إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي، فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ كُلَّ يَوْمٍ، وَيَتْبَعْنِي (لو 9: 23)

- الكاهن مدعو أن يمرّن نفسه على مجانية العطاء وعلى النظر أبعد من الذات، فيغلّب خلاص النفوس التي هو مؤتمَن عليها على كلّ مصلحة شخصية كانت أو عائلية، وعلى تجربة التعلّق بالمادّة أو ابتغاء التعالي على الآخرين، علمانيين كانوا أو كهنة...

 

2. يسوع يرسلنا

"...أنا اخترتكم وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر وتدوم ثماركم.."

- دعوتنا إلى الخدمة الكهنوتية في كنيسة الإنتشار، هي أولاً أن نكون مرسَلين, والمرسَل هو الرسول الذي يمثّل من أرسله، أي الرب يسوع. الرسول لا يمثّل نفسه، ولا أيّ شخص آخر، أو عائلة أو بلدة أو بلد.

- ينطلق الرسول نحو الخدمة، شجاعاً وسخياً ومتفانياً، ومتّكلاً دوماً على الرب الذي أرسله ويرافقه. عندئذٍ لا بدّ وأن تثمر تضحياته لخير النفوس ثماراً يانعة ودائمة...

- تحدّيات الرسالة في كنيسة الإنتشار:

- قد لا تكون دعوتنا إلى الخدمة في كنيسة الإنتشار تلك الرسالة التي كنّا نفضّلها، أو تلك التي كنّا نسعى إليها. لقد وضعَنا الرب على طريق هذه الرسالة بحكمة لا يعرفها سواه. لم يكن التلاميذ في بداية دعوتهم عارفين ماذا يخبّئ لهم المعلّم من مفاجآت...

(نتذكّر مواقف بطرس، وابني زبدى..!)

- هناك تحدّيات داخلية لخدمتنا: تلك المتعلّقة بطبعنا وبالتجارب التي تولّدها الوحدانية أي العيش وحدنا، مفتقدين التعاضد الأخوي لجماعة كهنوتية من محيطنا. وهناك الشعور بالخيبة إزاءَ الآمال الواسعة التي كانت تراودنا بأن نعيش ونؤدّي خدمتنا بين أهلنا وفي رعايانا وفي بلدنا. كما أننا معرَّضون إلى تلك الضغوط النفسية والمادّية التي قد تفرضها علينا عائلاتنا وذوونا، فنبالغ بالتعاطف مع ذوي القربى لنا، الذين قست عليهم المحن من جراء الويلات التي حلّت بمناطقنا وبلادنا...

- تحدّيات خارجية: نأتي إلى بلاد قد لا نكون متملّكين من لغتها، بل غريبين عن محيطها الإجتماعي وطرق التفكير والعيش فيها. ولا شكّ أنّ هناك نقصاً في الإستعداد لغوياً واجتماعياً يعيق تأقلمنا في البلد الذي أُرسِلنا إليه...

- كما أننا في أوروبا، علينا أن نبدأ كلّ شيء من الصفر: أن نسعى لجمع المؤمنين المتغرّبين والمنتشرين في أماكن عديدة، وقد يكونون من بلاد وبيئات متعدّدة ومختلفة.

- وقد نفتقد إلى كنيسة خاصة بنا، أو نلاقي تجاهلاً أو ممانعات من السلطة اللاتينية المحلّية أو منافسة من بعض الإكليروس، أو مضايقات من بعض المؤمنين الذين قد يسلكون بطيش أو عداوة، ويريدون أن يفرضوا ذواتهم، ليس فقط على جماعة المؤمنين، بل وأيضاً على الكاهن. كما أنّ أوضاعنا المادّية الصعبة، كإرساليات حديثة العهد، قد لا تسمح لنا القيام بنشاطات رعوية أو مشاريع رعوية نراها ضرورية لخير جماعتنا الكنسية...

 

3- يسوع يوّحدنا

- دعا يسوع تلاميذه بأسمائهم، وطلب منهم أن يعيشوا دعوتهم بالخدمة المتواضعة، على مثاله، لأنه "جاء لا ليُخدَم بل ليخدُم".

- وأرسلهم للكرازة "إثنين إثنين"...

- وجاءت صلاته في العشاء الأخير أن يكون تلاميذه "واحداً كما هو والآب واحد"، وأعطاهم وصيته الأخيرة "أن أحبّوا بعضكم بعضاً، كما أنا أحببتكم".

- ونرى في سفر أعمال الرسل كم كانت الجماعة الأولى تعكس وصية الرب الفادي بعيش المحبّة الحقيقية فيما بينهم، حتّى أضحت المحبّة هي العلامة المميِّزة للمسيحيين.

- ونَشيد المحبّة في رسالة مار بولس للكورنثيين يعبّر بطريقة رائعة عن دعوة جميع المؤمنين، وكم بالأحرى نحن الكهنة المكرَّسين للرسالة والخدمة، عن أعجوبة المحبّة التي علينا أن نتميّز بها: "فالمحبّة، كما يقول القديس بولس: "تَصبُر، المَحبَّةُ تَخدُم، ولا تَحسُدُ، ولا تَتَباهى، ولا تَنتَفِخُ مِنَ الكِبْرِياء...".

- يدعونا الرب يسوع لنعيد النظر بمحبّتنا الفاعلة وبآنيّة الوحدة. لا يمكننا أن نحقّق وحدتنا بقوّتنا وحدها وبنيّاتنا مهما كانت متسامية.

- نحن نحتاج إلى النعمة الإلهية، متذكّرين ما أوحاه الرب لبولس "تكفيك نعمتي"، ومقتنعين بأنّ الروح القدس هو الذي يعين ضعفنا، لينمي فينا ثماره أي المحبّة، محبّة الله غير المشروطة التي "انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا".

- وإنّ "ثمر الروح القدس هو المحبّة والفرح، السلام وطول الأناة، واللطف ودماثة الأخلاق، والأمانة والوداعة والعفاف".

- كنيستنا السريانية تحتاج إلى كهنة يلبّون الدعوة إلى الخدمة أينما دعتهم الحاجة، إن في أبرشياتهم هنا في الشرق وإن في كنيسة الإنتشار ما وراء البحار.

- كهنة بعيدون عن تحقيق مآرب بشرية، فردية كانت أم عائلية. كهنة لا ولن يلتفتوا إلى الوراء، مهما لاقوا من صعوبات وإغراءات، ولا ينشغلوا بحسابات زمنية لهم شخصياً أو لذويهم الأقربين...

- كهنة كنيستنا اليوم نريدهم مرسَلين بارعين في التضحية... لأنهم عارفون من اتّبعوا، وواثقون بمن اتّكلوا عليه، ومستمدّون كلّ قوّة ونعمة من معلّمهم الذي يقول لهم: أنا "دعوتكم أحبائي".

 

وبدورها كنيستنا السريانية

- دعتنا،

- أرسلتنا،

- وتحثّنا على المحبّة والوحدة في الرسالة

 

 

 

إضغط للطباعة