الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
النص الكامل لكلمة غبطة أبينا البطريرك في حفل تدشين وافتتاح كاتدرائية سيّدة الإنتقال السريانية الكاثوليكية في العزيزية، حلب، سوريا

 
 

   يطيب لنا أن ننشر فيما يلي النص الكامل للكلمة التي ألقاها غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، خلال الحفل الذي ترأسه غبطته بمناسبة تدشين وافتتاح كاتدرائية سيّدة الإنتقال للسريان الكاثوليك في العزيزية، حلب، سوريا، في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الأحد ٩ أيلول ٢٠١٨:

 

    "ينشد صاحب المزامير "فرحتُ بالقائلين لي، إلى بيت الرب ننطلق، وبترنيم الفرح ندخل إلى دياره".

    على دعوة من أخينا صاحب السيادة مار ديونوسيوس أنطوان شهدا راعي هذه الأبرشية، أتينا لكي نشترك معكم في فرحة افتتاح هذه الكاتدرائية الشهيرة التي بُنيت قبل أربعين عاماً. وجئنا لكي نشارككم الفرحة في افتتاحها بعد أن استُهدِفت بجرائم العابثين بأمن هذا الوطن الغالي سوريا، والذين استهدفوا الكثير من أماكن العبادة في حلب من كنائس وجوامع، ونخصّ بالذكر منها كنائسنا من جميع الطوائف في مدينة حلب، وهي كنائس عميقة في القدم، وهي رمز لحضورنا المسيحي في هذه المدينة الشهباء الغالية، حضور أخوّة ومحبّة وسلام، وحضور حضارة سورية عريقة في التاريخ، تعود إلى آلاف السنين، بلغتها المعروفة الآرامية السريانية، كما بلغتها البيزنطية والأرمنية، واللغة العربية في عصورها كافّةً.

    لقد غلبت إرادة الحياة على الموت، لقد غلب الرجاء والأمن على اليأس والفوضى. لقد غلب شعبنا بكاف أطيافه من روحيين ومدنيين، بينهم الحاضرون معنا اليوم، ونشكرهم ممثّلين محافظة حلب والأحزاب، سيّما أمين الفرع والنواب والمحافظة والمدراء وممثّلي الوزارات كافّةً. نشكرهم جميعاً لأنهم عملوا بقلب واحد وبأيادٍ متضافرة كي ينهضوا بهذا البلد وهذه المدينة الغالية علينا جميعاً، وهي درّة في الشرق ومفخرة لجميع المواطنين في سوريا.

    نعم عبث بها أولئك الإرهابيون والتكفيريون، ولكنّ إرادة الحياة هي التي انتصرت بصمود المواطنين وقوّتهم ووحدتهم.

    لا ننسى في شهر نيسان من العام المنصرم، يوم أحد الشعانين الذي يسبق أحد القيامة، احتفلنا معكم بالذبيحة الإلهية، وكانت هناك مفاجأة وعطية من السماء أن هطلت الأمطار، وتابعنا الذبيحة الإلهية تحت المظلات، لأنّ المطر كان يسقط علينا من كلّ جوانب هذه الكاتدرائية.

    ولكن اليوم، وبعد أن قرّر راعي هذه الأبرشية أن يسرع بترميم هذه الكاتدرائية، جئنا اليوم كي نشهد مفاجأة أخرى، هذه الكاتدرائية بهذه الحلّة الرائعة الجمال والقشيبة بهندستها وإضاءتها وألوانها. فشكراً لراعي الأبرشية مار ديونوسيوس أنطوان شهدا، ولجميع معاونيه.

    نتوجّه بالشكر أيضاً إلى جميع المحسنين الذين ساهموا كي تتحقّق هذه المشاريع في إعادة البناء والترميم. هناك الكثيرون من المحسنين الذين نشكرهم، سواء أكانوا موجودين معنا أو بعيدين عنّا في بلاد أخرى. نشكرهم، ونسأل الله أن يرافقهم بحمايته وحنانه.

    شكرنا البنوي يتوجّه إلى أمّنا السماوية العذراء مريم التي أحاطت أبناء وبنات هذه الكاتدرائية بحمايتها، كما أحاطت الكثيرين من أبناء وبنات حلب. هناك الآلاف من الشهداء والشهيدات الذين أدّوا واجب الشهادة من أجل وطنهم. هناك الكثيرون من الجرحى والمرضى والمشرَّدين والمخطوفين، وفي مقدّمتهم مطرانا حلب بولس اليازجي ويوحنّا ابراهيم والكهنة.

    ولكن نبقى دوماً شعب الرجاء والحياة، لقد عادت حلب كما ستعود سوريا بكامل مناطقها إلى عهدها السابق بل وأجمل، لأنّ هناك الكثيرين من المسؤولين المدنيين والروحيين الذين شعروا بواجب مسؤولياتهم أن يخدموا هذا الشعب الأبيّ بالنزاهة والأمانة.

    نعم كلّنا ندمع بعيوننا ونتألّم بقلوبنا لما يحصل حتى اليوم من هجمات إرهابية تكفيرية على سوريا، وكان آخرها القصف الوحشي على محردة حيث سقط شهداء وبينهم ستّة أطفال، كما هناك أيضاً الكمين الذي نُصِب لرجال الأمن على طريق القامشلي، والهجمة الإرهابية الكارثية على محافظة السويداء.

    نحن كلّنا بروح الأخوّة والمواطنة الصحيحة نتضامن مع جميع المتألّمين من أجل بقاء هذا البلد الغالي بلد أمن وسلام وإخاء ومحبّة.

    إليه تعالى نضرع كي يمنّ علينا وعلى هذا الشعب الطيّب والوطن الغالي بنعمة السلام، ويبعد عنه أولئك الذين يضمرون له السوء شرقاً وغرباً.

    نطلب من الرب أن تُترَك الحرّية لهذا الشعب كي يختار من يحكمه ومن يمثّله، سيّما الذين يقومون بخدمته بروح المسؤولية النزيهة.

    نسأله تعالى أن يحفظ حلب وشعبها كافّةً من جميع الديانات والطوائف كيما تبقى حلب هذه الدرّة الفريدة في شرقنا بماضيها وحاضرها ومستقبلها، آمين".

 

إضغط للطباعة