الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يحتفل بالقداس في كنيسة مار يوحنّا الرسول السريانية الكاثوليكية في أرنهم - هولندا

 
 

    في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الأحد ٥ أيّار ٢٠١٩، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي في كنيسة مار يوحنّا الرسول السريانية الكاثوليكية في مدينة أرنهم - هولندا، بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة لتقديسها وتدشينها.

    عاون غبطتَه في القداس الأب بيار النادر كاهن الرعية، والأب حبيب مراد أمين سرّ البطريركية، وخدم القداس شمامسة الرعية وجوقتها، بحضور ومشاركة جموع غفيرة من المؤمنين من مختلف الرعايا والإرساليات في هولندا.

    في موعظته بعد الإنجيل المقدس، أعرب غبطة أبينا البطريرك عن فرحه بلقاء المؤمنين والإحتفال معهم بالقداس الإلهي في هذه الكنيسة "في الذكرى السنوية الخامسة لتقديسها وتدشينها، وهي الكنيسة الأولى التي استطعنا أن نتملّكها وبذلنا كلّ جهد كي نحصل عليها، لا لأنها كاتدرائية عظيمة، أو لأنها قريبة من منازل معظمكم، بل لكي تجمع أبناءنا في هذه المنطقة، وتكون انطلاقة لكنائس أخرى إن شاء الله".

    وتحدّث غبطته عن "التبرير بالرب يسوع، دون الحاجة للشريعة الحرفية، فلا نحافظ على الحرف وننسى الروح، ونغفل أنّ علاقتنا بالله هي علاقة بنوية مع أب يفهمنا ويسامحنا حتى ولو ارتكبنا الخطيئة"، مشيراً إلى أنّ "مار بولس اكتشف نعمة التبرير من يسوع مباشرةً بعدما ظهر له يسوع بشكل خارق وهو ذاهب إلى دمشق كي يقبض على تلاميذ المسيح، وأخبره أنه سيكون رسوله ومبشّراً باسمه. وفعلاً انطلق هذا الرسول إلى كلّ البلدان المحيطة بالبحر المتوسّط، حتى دُعي رسول الأمم، ونقل بشرى الخلاص إلى الشعوب التي لم تعرف الرب الإله، وقد انضمّ إلى بطرس الذي بشّر في أنطاكية أولاً، ثمّ ذهبا إلى روما حيث استشهدا".

    كما تكلّم غبطته عن الظهور الثالث للرب يسوع القائم من بين الأموات لتلاميذه، بعدما ظهر لهم أولاً مساء يوم القيامة حيث لم يكن توما معهم، ثمّ في الأحد التالي وتوما معهم، إذ أعلن إيمانه بالرب يسوع بعدما عاين الجراح وآثار المسامير، منوّهاً إلى أنّ "هذا الظهور الثالث تمّ لبعض التلاميذ وهم يصطادون السمك، مثبّتاً إيمانهم بحقيقة قيامة يسوع من القبر، إذ كانت ظهورات يسوع القائم تتمّ بجسده الممجَّد، وكان التلاميذ مقتنعين بأنّ يسوع لم يبقَ في القبر، إنّما فتح حجر القبر وقام من بين الأموات".

    وتناول غبطته أوضاع أبناء الكنيسة في هذه الأيّام: "صحيح أنّكم جئتم إلى هذا البلد هولندا الذي استقبلكم، ولكلّ عائلة منكم وضع خاص من ظلم ومعاناة وحرمان، لكنّنا نشكر الرب الذي أعطاكم النعمة أن تكونوا في هذا البلد الذي يحترم حقوقكم ويحفظ كرامتكم الإنسانية وحرّيتكم الدينية. صحيح أنّ شعلة الإيمان قد خفّت كثيراً في هذا المجتمع حولكم، وأحياناً نتساءل هل يا تُرى إذا أراد الإنسان أن يدرس ويتعلّم ويتفوّق في العلوم والتكنولوجيا، هل يجب أن يتخلّى عن إيمانه بالله؟ لأنه للأسف فقد خفّت الممارسة المسيحية بين هذا الشعب كثيراً، على عكس شعوب أخرى مماثلة لا تزال محافظة على إيمانها بنسبة كبيرة، فما هو موقفنا؟ إنّ دعوتنا اليوم هي أن نحافظ على شعلة الإيمان الذي من أجله قدّم آباؤنا وأجدادنا ذواتهم كي ينقلوا إلينا هذا الإيمان".

    وتابع غبطته: "لم يكن آباؤنا وأجدادنا أفضل حالاً منّا، صحيح أننا عانينا في العراق وسوريا من التهجير القسري والوحشية من الجماعات الإرهابية المتطرّفة، لكنّ آباءنا وأجدادنا عاشوا المعاناة والحرمان من الكثير من حقوقهم، إلا أنّهم كانوا يطلبون من الله أن يعطيهم الفرج، ونقلوا الينا الإيمان رغم أنه كان بإمكانهم التخلّي عنه وعيش حياة دنيوية سعيدة. من هنا دعوتنا في هذا البلد أن نكون رسلاً للإيمان، فنجاهر بإيماننا المسيحي ولا نشعر بأيّ حرج أن نأتي إلى الكنيسة ونصلّي ونطلب من الرب أن يباركنا ويضع سلامه وأمانه في عائلاتنا وبلادنا، رغم أنّ كثيرين في هذا البلد تخلّوا عن علاقتهم بالرب يسوع".

    وأكّد غبطته أننا "نقدر جميعاً أن نبرع بنشر إيماننا، ونحن نفتخر أننا نتكلّم اللغة السريانية الآرامية، لغة ربّنا يسوع ووالدته مريم العذراء والرسل، ونحن نريد أن نحافظ على هذه اللغة وهذا التراث، وأن نعيش المحبّة الحقيقية، فنتخلّى عن ذواتنا وآرائنا ومواقفنا الفردية، فتنمو جماعتنا المسيحية بالمحبّة والأخوّة والسلام والفرح، وعندئذٍ نكون تلاميذ حقيقيين للرب يسوع"، مذكّراً أنه "في أنطاكية سُمِّي أتباع يسوع مسيحيين أولاً، وعُرِفوا قبل كلّ شيء بمحبّتهم، والآخرون الذين كانوا يرونهم كانوا يقولون أنظروا كم يحبّون بعضهم البعض، فالمحبّة هي التي كانت تميّز تلاميذ المسيح، وهي التي يجب أن تميّزنا نحن الذين نتبع يسوع بعد ألفي سنة، فنحافظ على إيماننا وتراثنا بدون خجل، بل بفرح وسلام. ويسوع ليس ضدّ العلم والثقافة والتقدّم، بل على العكس يريدنا أن نتفوّق ونكون روّاد سلام وناشرين للمحبّة حولنا".

    وختم غبطته موعظته طالباً "من الرب يسوع، بشفاعة أمّه مريم التي نكرّمها في هذا شهر أيّار، أن يباركنا بركة خاصة، وأن ينعم على كنيسته بالدعوات الكهنوتية الصالحة لخدمة شعب الله"، ضارعاً إليه "كي يجعلنا على الدوام الجماعة المسيحية التي تبرع بالمحبّة وتنشر شعلة الإيمان، فنكون معاً أبناءً وبناتٍ لله، وإخوةً وأخواتٍ لبعضنا البعض".

    وكان الأب بيار النادر قد ألقى كلمة رحّب فيها بغبطته، مشيداً برعايته الأبوية واعتنائه بأبنائه الروحيين في كلّ مكان في بلاد الشرق وفي عالم الإنتشار، وبخاصة اهتمامه وبذله أقصى الجهود في رعاية أبناء الكنيسة المنتشرين في أوروبا من المهجَّرين قسراً من بلاد المنشأ في الشرق، سائلاً بركته وطالباً صلاته من أجل الرعية وأبنائها.

    وقبل البركة الختامية، بارك غبطته طلاب التعليم المسيحي في الرعية، مثنياً على جهود المدرّسين والخدام، وحاثّاً الأهل على تشجيع أولادهم لمتابعة دروس التعليم المسيحي والتعرّف على الرب وعيش حياة ترضيه وتمجّد اسمه القدوس.

    وبعد القداس، التقى غبطته المؤمنين في قاعة الكنيسة، فنالوا بركته الأبوية والتقطوا معه الصور التذكارية في جوّ من الفرح الروحي بلقاء الأبناء مع أبيهم الروحي العام.

 

إضغط للطباعة