الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
الإحتفال بعيد مار أفرام السرياني شفيع كنيستنا السريانية وافتتاح مئوية إعلانه ملفاناً للكنيسة الجامعة، كاتدرائية سيّدة البشارة - بيروت

 
 

    في تمام الساعة الخامسة من مساء يوم السبت 29 شباط 2020، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي الحبري الرسمي بمناسبة عيد مار أفرام السرياني شفيع كنيستنا السريانية وافتتاح مئوية إعلانه ملفاناً للكنيسة الجامعة، وذلك في كاتدرائية سيّدة البشارة، المتحف – بيروت.

    عاون غبطتَه في القداس أصحابُ السيادة المطارنة: مار ربولا أنطوان بيلوني، ومار غريغوريوس بطرس ملكي، ومار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد والنائب البطريركي على البصرة والخليج العربي وأمين سرّ السينودس المقدس، ومار متياس شارل مراد النائب العام لأبرشية بيروت البطريركية، بحضور ومشاركة صاحب السيادة مار أثناسيوس متّي متّوكة، والآباء الخوارنة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات والإكليريكيين طلاب إكليريكية دير سيّدة النجاة – الشرفة، وجموع غفيرة من المؤمنين من أبناء الرعايا السريانية في أبرشية بيروت ومن النازحين العراقيين والسوريين.

    حضر القداس صاحب الغبطة الكردينال مار بشارة بطرس الراعي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، وصاحب القداسة مار اغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، والمونسنيور جوزيبّي فرانكون القائم بالأعمال وسكرتير السفارة البابوية في لبنان، والمطران جورج أسادوريان ممثّلاً بطريرك الأرمن الكاثوليك كريكور بيدروس العشرين كبرويان، والأرشمندريت باران فارتانيان ممثّلاً كاثوليكوس بيت كيليكيا للأرمن الأرثوذكس آرام الأول كيشيشيان، ومار ثيوفيلوس جورج صليبا مطران جبل لبنان وطرابلس للسريان الأرثوذكس، والمطران بولس عبد الساتر رئيس أساقفة بيروت للموارنة، والمطران جورج بقعوني رئيس أساقفة بيروت وجبيل للروم الملكيين الكاثوليك، وعدد من الرؤساء العامّين والرئيسات العامّات للرهبانيات، والخوارنة والكهنة والرهبان والراهبات من مختلف الكنائس. كما حضر ممثّلون عن القيادات الأمنية والعسكرية، وحشد من فعاليات الطائفة وأصدقائها.

    بعد الإنجيل المقدس، ألقى غبطة أبينا البطريرك موعظة بعنوان "فحيث يكون كنزك، هناك يكون قلبك أيضاً"،  تحدّث فيها عن أهمّية الابتعاد عن روح هذا العالم، والتجدّد بالرب يسوع، "كي نُضحي جماعةً كنسيةً تعيش المحبّة الصافية بروح الوحدة الحقيقية، وتغتني من المواهب التي أُغدِقت عليها"، مؤكّداً على ضرورة غلبة الروح على الأهواء البشرية، والاحساس بآلام الآخرين والتضامن معهم، وذلك بممارسة أعمال الرحمة والمحبّة، ومتناولاً مفهوم الصوم حيث "غلبة الروح على الأهواء البشرية بالإماتات الخفية وبالإتّضاع"، كونه "كنزاً روحياً لا شيءَ يُفسده، ولا أحد يستطيع أن يسرقه منّا".

    وتكلّم غبطته عن القديس مار أفرام السرياني، "ملفان أي معلّم الكنيسة الجامعة. هذا الشمّاس، أي الخادم، الذي عاش سماءه على الأرض، وضحّى بكلّ شيءٍ لنيل الكنز الخفي الذي ملأ قلبه بالسعادة التي لا تزول"، مسهباً في الحديث عن صفات مار أفرام مزاياه، فهو مثال المؤمنين بالصوم والصلاة والزهد والتفاني البطولي حتّى التسليم الكلّي بين يدي الرب، وهو كنّارة الروح القدس، وشمس السريان، الذي نشر بشرى الخلاص قولاً وعملاً، وأغنى الكنيسة بميامره ومداريشه التي تناولت تفاسير الكتب المقدسة والتغنّي بفضائل مريم العذراء، واعتنى بالمرضى والمعوزين والمهجَّرين والغرباء،وهو الملتزم بقضايا شعبه، إن في مدينته الأولى نصيبين وإن في الثانية الرها، وقد عانت هاتان المدينتان في زمانه من آفات مَرَضية فتّاكة ومن حروب طاحنة، والمختبر معاناة التهجير قسراً عن موطنه، والمعتني بالغرباء، والمهجّرين والمعوزين.

    ونوّه غبطته إلى أنّ "هذا القديس من شرقنا، أعلنه البابا بنديكتوس الخامس عشر، لمئة سنة خلت، أي في عام 1920، ملفاناً للكنيسة الجامعة قاطبةً، أي معلّماً مسكونياً في كنائس الشرق والغرب"، معلناً افتتاح احتفالات الكنيسة السريانية بمئوية هذا الإعلان.

    وتطرّق غبطته إلى الأوضاع الراهنة في منطقة الشرق الأوسط التي تعيش "حالةً مرعبةً من الغليان والفوضى وعدم الاستقرار والنزاعات والصراعات"، متسائلاً "عن الأسباب التي دفعت دولاً عظمى معروفة بنفوذها في شرقنا، إلى تجاهُل شرعة حقوق الإنسان التي سنّتها منظّمة الأمم المتّحدة، سيّما فيما يختصّ بالحرّيات الدينية، أي حرّية المعتقد والضمير لجميع المواطنين، أغلبيةً كانوا أم أقلّية. فلا نسمع هذه الدول تطالب بحزمٍ ووضوح بفصل الدين عن الدولة، في معرض دفاعها عن حقوق الأكثريات العددية، راضيةً بالتمييز بين الديانات والأعراق في الدساتير التي تُصاغ في بعض بلدان المنطقة".

    وتناول غبطته الأوضاع في سوريا "التي لا تزال تمرّ بمحنةٍ مؤلمةٍ وظروفٍ صعبةٍ لم يعرف التاريخ الحديث مثيلاً لها"، معبّراً عن "ألمنا الشديد لما يجري فيها من إراقة دماء، بسبب أعمال عنفٍ طال أمدها وطاولت آثارها الأبرياء والمستضعَفين، ودفعت الكثيرين من الشبّان إلى الهجرة"، مديناً العقوبات الإقتصادية التي تطال الشعب البريء، وداعياً "أصحاب الضمائر الحيّة إلى أيّة فئةٍ انتموا، أن يحكّموا ضميرهم الوطني ويشبكوا أيديهم ويتلاقوا بالألفة والتعاون والتعاضد، فيعيدوا لوطنهم الأمن والاستقرار، بروح المواطنة الأصيلة".

    وصلّى غبطته "من أجل السلام والأمان في العراق، حيث يعيش قسمٌ كبيرٌ من أبنائنا وبناتنا، وقد قدّم كثيرون منهم ذواتهم على مذبح الشهادة"، آملاً أن يتابع "أبناؤنا مسيرتهم بالشراكة مع إخوتهم في الوطن، وهم نسيجٌ أصيلٌ في أساس تكوين هذا البلد الحبيب"، وحاثّاً "الجميع على السعي الدؤوب لنهضة وطنهم واستقراره، كي يعود من تهجّر قسراً إلى أرض الرافدين التي عُرِفت بتاريخها الحضاري العريق".

    وتناول غبطته الحالة الراهنة في لبنان "مركز الإشعاع ومهد الحضارة، الذي يمرّ منذ أشهرٍ في مشاهد من الحراك الشعبي على اختلاف الإنتماءات الدينية والطائفية والسياسية، فله علينا الحقّ أن نجدّد ولاءنا المطلق له وحده كوطنٍ نهائي للجميع"، مطالباً "المسؤولين فيه، على اختلاف انتماءاتهم الطائفية والحزبية، أن يسعوا بكلّ ما أوتوا من قوّة وعزم إلى خدمة لبنان بصدق ونزاهة وبروح الشراكة الحقيقية"، مؤكّداً أنّ على هؤلاء المسؤولين "أن يدركوا أنّهم مدعوون لمحاربة الفساد، وليس للتغطية والتوافق على سرقة موارد البلد، إذ أنّ واجبهم الأساسي هو تأمين الحياة الكريمة لشعبهم الذي يتضوّر حرماناً وجوعاً".

    وأكّد غبطته على أنّنا "لكوننا قد عانينا الأمرَّين في مناطق أخرى من هذا الشرق، من أجل حرّيتنا الدينية وكرامتنا الإنسانية، سنظلّ نثمّن النظام القائم في لبنان، بالرغم من نقائصه ومحدوديته"، ضارعاً إلى الله "فيما نحيي مئوية "لبنان الكبير"، أن يحفظ هذا البلد الصغير بمساحته، والكبير بحضارته العريقة، كي يُبنى ويزدهر بأبنائه وبناته الأوفياء، وطناً نهائياً للحرّية، الوطن – الرسالة للعالم أجمع".

    وتوجّه غبطته في نهاية موعظته بالمعايدة إلى المؤمنين في كلّ مكان، في بلاد الشرق والانتشار (تجدون النص الكامل لموعظة غبطته في خبر خاص على صفحة الأخبار هذه في الموقع الرسمي للبطريركية).

    وبعد البركة الختامية، تقبّل غبطة أبينا البطريرك التهاني بالعيد من أصحاب القداسة والغبطة والسيادة والإكليروس والمؤمنين. 

 

إضغط للطباعة