الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يحتفل بقداس خميس الفصح والبركة بالقربان المقدس في كنيسة مار اغناطيوس في الكرسي البطريركي - بيروت

 
 

    في تمام الساعة السادسة من مساء يوم الخميس 9 نيسان 2020، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بقداس خميس الفصح والبركة بالقربان المقدس في يوم خميس الأسرار، وذلك في كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي، في الكرسي البطريركي، المتحف – بيروت.

    عاون غبطتَه الأب حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب روني موميكا والأب كريم كلش أمينا السرّ المساعدان في البطريركية، والراهبات الأفراميات، والشمامسة، من دون حضور المؤمنين، وقد نُقِل القداس مباشرةً على الصفحة الرسمية للبطريركية على الفايسبوك، وشاركَتْه صفحات الأبرشيات والرعايا والإرساليات السريانية في مختلف أنحاء العالم، كي يتسنّى للمؤمنين في لبنان والعالم المشاركة في القداس، خاصّةً بسبب عدم تمكُّن المؤمنين من الحضور نظراً للإجراءات الوقائية والاحترازية من وباء كورونا.

    في بداية القداس، أقام غبطته صلوات مختارة من رتبة غسل أقدام التلاميذ التي تُقام عادةً يوم خميس الأسرار، لكن دون أن يقيم هذه الرتبة بسبب الأوضاع الراهنة.

    وبعد الصلوات والترانيم والقراءات، ألقى غبطة أبينا البطريرك موعظة روحية تحدّث فيها عن خميس الأسرار الذي هو "بداية ما يُسمَّى بثلاثية الآلام والخلاص التي تتكمل بالقيامة، فيسوع يجمع تلاميذه كي يتناول العشاء الفصحي الأخير معهم"، مشيراً إلى أنّ "كلمة الأسرار تدلّ على حقائق أوحاها لنا الرب، ولكنّها تبقى غير مدرَكة بعقلنا البشري، فقد اشتهى يسوع أن يأكل العشاء الفصحي مع تلاميذه، تعبيراً عن محبّته لهم، وعن الرجاء الذي أراد أن يمنحهم إيّاه في هذه الساعات الأليمة التي ستبدأ بعد العشاء، من النزاع وتسليمه في بستان الزيتون إلى الرؤساء للحكم عليه، وحمله صليبه وموته وقيامته".

    ونوّه غبطته إلى أنّ "التلاميذ كالعادة كانوا غير قادرين أن يفهموا المعاني التي أراد يسوع أن ينقلها إليهم، لكنّهم سيفهمون ذلك فيما بعد عندما سيحلّ عليهم الروح القدس"، لافتاً إلى أنّ "خميس الأسرار هو قمّة إتمام وحي العهد القديم، فكان موسى قد أمر شعبه بذبح الحمل ورشّ دمه على أبواب المنازل كي ينقذهم من الموت، ويسوع يقوم بهذا الفصح عينه، ليس بدم الحمل، بل بتقريب ذاته حملاً فصحياً جديداً، هو سرّ القربان المقدس، هذه الحقيقة السامية التي كشفها يسوع ووهبها لتلاميذه في هذا يوم خميس الأسرار".

    وتكلّم غبطته عن "فعل التواضع العجيب الذي نهجه الرب يسوع بغسله أقدام تلاميذه، إذ أنّ عادة غسل الأقدام كانت رائجةً في ذلك الوقت بهدف التنقية وللاستعداد لأكل الفصح، فأتمّ يسوع مثالاً نادراً من الاتّضاع والوداعة والتخلّي عن الذات، إذ هو الربّ والمعلّم يغسل أقدام تلاميذه، وهو ابن الله المتأنّس، الإله الكامل بطبعه الإلهي والإنسان الكامل ببشريته، مجسّداً التواضع الحقيقي بالفعل وليس بالكلام فقط".

    وتناول غبطته "سرّ الإفخارستيا، السرّ المتسامي جداً على عقولنا البشرية، سرّ الشكر الإلهي الذي أراد به يسوع أن يعبّر عن حبّه للبشر من خلال حبّه لتلاميذه، أن يبقى معنا في سرّ القربان المقدس تحت شكلي الخبز والخمر المتحوّلين إلى جسده ودمه"، مذكّراً "أنّ كثيرين من الذين كانوا يسمعون يسوع تركوه لأنّهم لم يكونوا قادرين على فهم هذه الحقيقة وهذا السرّ، وأنّ مار بطرس أعلن إيمانه بيسوع الذي عنده كلام الحياة".

    ولفت غبطته إلى أنّ "يسوع أسّس سرّ الكهنوت يوم خميس الأسرار أيضاً بقوله: إصنعوا هذا لذكري، بعدما بارك الخبز والخمر جسداً ودماً له"، مشدّداً على أنّ "التلاميذ فهموا بشكل واضح أنّ يسوع طلب منهم أن يجتمعوا ويجدّدوا العشاء السرّي وذبيحة يسوع الفدائية بالذبيحة الإلهية غير الدموية بتقديسهم الخبز والخمر"، منوّهاً إلى أنّ سرّ الكهنوت مرتبط بسرّ الإفخارستيا، ومتناولاً في هذا الإطار قول القديس البابا يوحنّا بولس الثاني في رسالته إلى الكهنة عام 2004: "لقد وُلِدنا جميعاً ككهنة من الإفخارستيا، والكهنوت الخدمي وُلد ويحيا ويعمل ويثبت من الإفخارستيا"، مشيراً إلى أنّ "علينا ككهنة أن نتذكّر أنّ الكهنوت الخدمي جُعِل لتقديس نفوس المؤمنين، دوماً بالأمانة للرب يسوع وتعليم الإنجيل، والأمانة لتعليم كنيسة يسوع التي هي عروسه على الأرض، وهي كنيسة متألّمة، كما هي عروسه في السماء كنيسة ممجَّدة".

    ودعا غبطته المؤمنين إلى "أن نكثّف الصلوات من أجل الدعوات الكهنوتية، فنحن نعلم كم نحتاج إلى كهنة مؤمنين بدعوتهم ومقتنعين أنّهم يتبعون الرب يسوع ويقدّسون الشعب المؤمن بكلّ تضحيةٍ وتفانٍ وتجرّدٍ وإخلاءٍ للذات، على مثال الرب يسوع معلّمهم"، متضرّعاً إلى الرب "كي يعطينا دعواتٍ كهنوتية ومكرَّسة ورهبانية، لأنّ التكرُّس الرهباني هو شهادة عن الملكوت بين البشر".

    وأشار غبطته إلى "أنّنا كنّا نتمنّى أن نقوم برتبة غسل الأرجل، ولكنّ الظروف الصعبة الراهنة منعتنا كما منعت الكثير من الكنائس في العالم أجمع من إقامة الاحتفالات الجماعية في الكنائس. فنحن في خضمّ عاصفة مخيفة جداً تُسمَّى فيروس كورونا، ونحن مع الملايين في العالم نواجه هذا التحدّي المخيف والمرعب، وعلينا أن نجدّد خاصّةً في هذا الأسبوع الخلاصي إيماننا وثقتنا بالرب يسوع الذي كرّر مراراً للتلاميذ قوله المعزّي: لا تخافوا، أنا معكم"، سائلاً الله "أن يتحنّن علينا، ويقضي على هذا الوباء المخيف، ويشفي المرضى المصابين به"، ذاكراً أنّ إيطاليا فقدت جراء هذا الوباء ما يقرب من خمسين كاهناً توفّوا نتيجة إصابتهم به، بسبب مرافقتهم المرضى والصلاة على الموتى، طالباً الراحة الأبدية لجميع ضحايا هذه الكارثة الوبائية.

    وختم غبطته موعظته مبتهلاً "إلى الرب يسوع، بشفاعة أمّه وأمّنا مريم العذراء، لنستطيع متابعة حياتنا رغم كلّ المآسي التي نشهدها ونسمع عنها، كي نمجّد اسم الرب يسوع، وننشد فرح قيامته من بين الأموات، ونتابع دعوتنا المسيحية بالرجاء الكامل بأنّ يسوع هو الذي وعدنا أن يبقى معنا إلى منتهى الدهر".

    بعدئذٍ تابع غبطته القداس الإلهي، وبعد المناولة، أقيم زيّاح القربان المقدس داخل الكنيسة، وفي نهايته تمّ صمد القربان على منصّة وُضِعت فوق المذبح الرئيسي لفترة من السجود والتأمّل. ثمّ منح غبطته المؤمنين البركة الختامية بالقربان المقدس.

 

إضغط للطباعة