الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يقيم قداس وجنّاز الأربعين لوفاة المثلّث الرحمات المطران مار ثيوفيلوس فيليب بركات، زيدل - حمص، سوريا

 
 

    البطريرك يونان: "كان المثلّث الرحمات لإخوته وللمؤمنين مدرسة حياة، بالأمانة للرب يسوع وبالإنفتاح على الجميع... مدرسة حياة لا تحتاج إلى الشهادات الكبرى ولا إلى الشهود من العظماء، بل يعيشها الرسول بروح التواضع وبالوداعة والبساطة والتجرّد والتفاني"

 

    في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الجمعة ١٧ تمّوز ٢٠٢٠، أقام غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، القداس الإلهي ورتبة الجنّاز بمناسبة مرور أربعين يوماً على وفاة المثلّث الرحمات المطران مار ثيوفيلوس فيليب بركات رئيس أساقفة أبرشية حمص وحماة والنبك وتوابعها، وذلك في كنيسة سيّدة النجاة، في بلدة زيدل - حمص، سوريا.

    عاون غبطتَه الأب جرجس الخوري المدبّر البطريركي لأبرشية حمص وحماة والنبك، والأب حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية. وشارك في القداس ورتبة الجنّاز أصحاب السيادة: المطران مار إيوانيس لويس عوّاد، الأكسرخوس الرسولي في فنزويلا سابقاً، والمطران عبده عربش راعي أبرشية حمص للروم الملكيين الكاثوليك، والمطران جاورجيوس أبو زخم راعي أبرشية حمص للروم الأرثوذكس، والأسقف مار إيوانيس بولس السوقي، والخوراسقف أنطوان جرادة ممثّلاً مطران حمص وحماة للسريان الأرثوذكس مار سلوانس بطرس النعمة، والأب فراس لطفي الرئيس الإقليمي للرهبان الفرنسيسكان في لبنان وسوريا والأردن، والآباء الخوارنة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات في الأبرشية، ومن الكنائس الشقيقة، وجماهير غفيرة من المؤمنين الذين تقاطروا للمشاركة في هذه المناسبة تعبيراً عمّا يكنّونه من محبّة مميّزة وتقدير خاص للمثلّث الرحمات، رغم الظروف الصحّية الحرجة التي يعاني منها العالم كلّه، فغصّت بهم الكنيسة الواسعة وساحتها، تتقدّمهم شقيقة المثلّث الرحمات وعائلتها.

    وبعد الإنجيل المقدس، ارتجل غبطة أبينا البطريرك موعظة روحية مؤثّرة، تحدّث فيها عن أهمّية عيش الدعوة التي إليها دعانا الرب "من دون أيّ غشّ وكذب ونفاق، مرتبطين برباط المحبّة، وعلى الرجاء مواظبين، وعلى الشدائد صابرين... كي نستطيع أن نعيش في التزام بشفافية لدعوتنا المسيحية بالعماد المقدس، دعوتنا الكهنوتية والرهبانية عندما تكرّسنا لخدمة بيعة الله".

    وتأمّل غبطته في قول الرب يسوع "تعلّموا منّي، إنّي وديع ومتواضع القلب"، منوّهاً إلى "أنه ليس لنا مثال أجمل وأصدق لنتبعه غير مثال الرب يسوع، لأنّنا نعلم كيف أنّ علاقاتنا البشرية كثيراً ما يشوبها للأسف بعض الخجل أو الصمت عن الحقيقة والكثير من الأخطاء، بينما يسوع يقول لنا: إذا كنتم ودعاء ومتواضعي القلب، فأنتم تتبعونني وأنتم تلاميذي".

    ولفت غبطته إلى أنّنا "نصلّي إلى الرب يسوع، الراعي الصالح، بشفاعة المثلّث الرحمات المطران مار ثيوفيلوس فيليب بركات، حتّى نستطيع نحن الجماعة المسيحية، سواء في هذه الأبرشية، في هذه الرعية، وفي غيرها من الرعايا والأبرشيات، أن نعيش دعوتنا المسيحية"، مشيراً إلى الشعار الذي اتّخذه المثلّث الرحمات: "دافع عن الحقّ إلى الموت، والرب الإله يدافع عنك" (يشوع بن سيراخ ٤: ٣٣)، حاثّاً الجميع على أن "نكون متمسّكين بالحقّ، لأنّنا نعلم أنّ الله ذاته هو الحقّ. والحقّ هو قول الصدق على الدوام، مذكّراً بالكثير من الأمثلة التي أعطانا إيّاها المثلّث الرحمات، "في خدمته الكهنوتية والأسقفية، والتي للأسف لم تدم طويلاً، لم تدم سوى أربع سنوات".

    وشدّد غبطته على "أنه بالرغم من النقص والضعف البشري، استطاع المثلّث الرحمات أن يخدم هذه الأبرشية بكلّ صدق، مدافعاً عن الحقّ ومتفانياً في خدمة المحتاجين في هذا الزمن الصعب الذي نعيشه جميعنا منذ سنوات، ويعيشه وطننا الغالي سوريا التي أصبحت محطّةً للإرهاب من قبل الذين أتوا كي يغيّروا وجه هذا البلد الحضاري بالعنف والقوة، وكذلك من هجمات الدول التي لا تنظر إلا إلى القشور بينما تنسى العمق وتتجاهله، بمعنى أنّه يحقّ لشعب هذا البلد أن يعيش بكرامة وحرّية، ويكتشف السبل التي تؤهّله كي يستمرّ بمرافقة البلدان المتحضّرة والمتقدّمة".

    وجاهر غبطته بأنّ "المثلّث الرحمات كان لإخوته وللمؤمنين مدرسة حياة: مدرسة حياة بالأمانة أولاً للرب يسوع، كي يكون مثال التلميذ الرسول لهذا الرب المخلّص. ومدرسة حياة أمانةً للإنفتاح على الجميع بروح البساطة والوداعة والتواضع، رغم أنّ الظروف صعبة جداً، وأنّ هناك الكثير من التناقضات في حياة الإنسان، لا سيّما في هذه الأزمنة الصعبة، كيف يستطيع الراعي أن يعيش بالوداعة وبروح التواضع نحو الجميع، في الوقت الذي نرى فيه أنّه ليس الجميع مستعدّين كي يشاركوه في الدفاع عن الحقّ".

    وشدّد غبطته على أنّ المثلّث الرحمات كان "مدرسة حياة في طريق المحبّة: نعلم أنّ أولادنا والشعب السوري بشكلٍ عام بحاجةٍ إلى الكثير من الاهتمام الأخوي، من خدمة المحبّة في هذا الزمن الصعب"، ممّا جعله "مثالاً لنا في تجسيد المحبّة، في مساعدة أيٍّ كان يحتاج إلى محبّته وإلى خدمته".

    وخلُص غبطته إلى أنّ المثلّث الرحمات كان "مدرسة حياة لا تحتاج إلى الشهادات الكبرى ولا إلى الشهود من العظماء، بل يعيشها الرسول بروح التواضع وبالوداعة والبساطة والتجرّد والتفاني، رغم كلّ النقائص التي تحيط وترافق كياننا وطبيعتنا البشرية".

    وطلب غبطته "إلى المثلّث الرحمات، وقد أضحى من سكّان السماء مع الأبرار والقديسين والقديسات، أن يشفع فينا، وأن يرافق جميع الخدّام في هذه الأبرشية بدعائه لدى عرش الرب يسوع، كي يتابع هؤلاء الخدّام مسيرتهم بروح المدرسة التي انتهجها وتركها لهم، وهو راعي الأبرشية، أي مدرسة الأمانة للرب، في تواضعه ووداعته، ومدرسة خدمة المحبّة لجميع المحتاجين".

    وقدّم غبطته التعازي الحارّة "باسمي الشخصي، وباسم إخوتي أصحاب السيادة الأحبار الأجلاء أعضاء مجمعنا الأسقفي... لشقيقة المثلّث الرحمات الحاضرة معنا، ولأبنائها وابنتها، وكذلك لجميع إخوة المثلّث الرحمات الغائبين عنّا والمنتشرين في بلاد الاغتراب، ولهذه الرعية المباركة، وهذه الأبرشية المحبوبة، كهنةً ومؤمنين"، مشجّعاً الجميع "أن يستمرّوا باتّباع طريق مسيرة صاحب السيادة المثلّث الرحمات مار ثيوفيلوس فيليب، فيكونوا مثالاً للرعاة والمؤمنين".

    وأعلن غبطته في ختام موعظته عن تسمية المدبّر البطريركي للأبرشية الأب جرجس الخوري خوراسقفاً، على أمل أن يقوم غبطته بترقيته إلى هذه الرتبة الخوراسقفية قريباً، سائلاً الرب أن يبارك خدمته بكلّ النعم (تجدون النص الكامل لموعظة غبطته في خبر آخر خاص على صفحة الأخبار البطريركية الرسمية هذه).

    وكان الأب جرجس الخوري قد ألقى كلمة لطيفة ومعبّرة، رحّب خلالها بغبطة أبينا البطريرك الذي يبارك الأبرشية بحضوره الأبوي رغم الأوضاع الدقيقة، وهو لا يوفّر فرصةً كي يكون إلى جانب أبنائه وبناته بروحه الأبوية وعطفه واحتضانه، مؤكّداً لغبطته أنه في قلب الأبرشية، وداعياً له بالصحّة والعافية والعمر المديد والتوفيق في رعاية الكنيسة في كلّ مكان في هذه الظروف العصيبة.

    وتكلّم عن مسيرة حياة المثلّث الرحمات وخدمته التي عاشها بكلّيته لله بالتزام تامّ وإخلاص كامل، فكان المثال للخوارنة والكهنة والشمامسة والمؤمنين في الأبرشية، وأحبّ الجميع وخدمهم وبادلوه المحبّة.

    كما قدّم الأب جرجس الخوري التعازي لغبطته معاهداً إيّاه بالعمل يداً بيد مع إخوته الكهنة في الأبرشية، بالأمانة لتوجيهات المثلّث الرحمات، وباتّباع نهجه وقدوته على الدوام.

    وفي نهاية القداس، أقام غبطته رتبة جنّاز الأحبار الراقدين راحةً لنفس المثلّث الرحمات مار ثيوفيلوس فيليب بركات.

    ثمّ منح غبطته البركة الختامية، وانتقل إلى ساحة الكنيسة حيث تقبّل التعازي من جميع المشاركين في هذه المناسبة.

 

إضغط للطباعة