الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
النص الكامل لكلمة الشكر التي ألقاها المطران الجديد مار فلابيانوس رامي قبلان في نهاية رتبة سيامته الأسقفية

 

    يطيب لنا أن ننشر فيما يلي النص الكامل للترجمة العربية لكلمة الشكر التي ألقاها (باللغة الإيطالية) صاحب السيادة المطران الجديد مار فلابيانوس رامي قبلان المعتمَد البطريركي لدى الكرسي الرسولي والزائر الرسولي في أوروبا، في نهاية رتبة سيامته الأسقفية التي تمّت بوضع يد غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، مساء يوم الأحد 13 أيلول 2020، في بازيليك القديس يوحنّا اللاتران البابوية، روما – إيطاليا:

 

كلمة الشكر للمطران مار فلابيانوس رامي قبلان في سيامته الأسقفية

13 أيلول 2020، بازيليك مار يوحنّا اللاتران البابوية، روما – إيطاليا

 

    صاحب الغبطة

    أصحاب النيافة

    إخوتي في الأسقفية والكهنوت

    أصحاب السعادة السفراء والقيادات المدنية

    المكرَّسون والمكرَّسات

    شعب الله المقدس

 

    قبل قليل وجّه إليّ صاحب الغبطة نداءً، معلناً: "الروح القدس يدعوك كي تكون أسقفاً".

    لا أستطيع أن أخفي عليكم بأنّ هذه الدعوة قد أخافتني، لا لأنّي أريد أن أتهرّب من المسؤولية، ولكن لأنّي أعرف تمام المعرفة ماذا تعني موهبة الأسقفية.

    الأسقف الصالح هو أب وأخ وخادم ومرشد ومعلّم ومدبّر وحارس وراعٍ وقاضٍ وصديق، هو مستعدّ على الدوام كي يبذل ذاته بكلّيته من أجل شعبه. لذا عليه أن يحافظ على استقامة الإيمان والأخلاق.

    كيف يكون هذا؟ وكيف يكون مرشداً حكيماً ويقظاً بحسب قلب الرب يسوع؟

    خلال هذه الليتورجية المقدسة تردّدت عبارة "أكسيوس"، أي مستحقّ. لكن رغم كلّ ذلك، لا أزال أشعر في أعماقي بعدم الاستحقاق.

    لديّ الشعور عينه الذي شعره موسى أمام العلّيقة المحترقة، الشعور بالمهابة والخوف والرهبة. لقد وجد موسى نفسه ضعيفاً جداً، وأراد الهرب لأنّه لم يكن يملك الشجاعة ليقبل دعوته. كما أشعر بانذهال مريم عندما بشّرها الملاك جبرائيل، فأجابت: كيف يكون لي هذا؟

    لديّ الشعور عينه الذي انتاب يسوع في بستان الجتسمانية حين سأل الآب أن يبعد عنه هذا الكأس، كأس الألم. لكنّ هذا الخوف المبدئي يتمّ التغلّب عليه بالإيمان والالتزام بمشروع الله الخلاصي.

    عندما تمّت سيامتي شمّاساً ثمّ كاهناً، أثّرت فيّ قصة ابراهيم، وبشكل خاص عظمة إيمانه وثقته بالرب. وبالرغم من أنّه لم يفهم الأسباب التي دفعته إلى تقدمة ابنه، فإنّ ذكاء ابراهيم وعقله وقراره (حكمه) وُضِعوا تحت الاختبار، لكنّه قَبِلَ، وبثقة كاملة، ما طلبه منه الرب. سلّم ذاته بيد الإرادة الإلهية، وثق بالله، وأضحى إيمانه مصدراً للتبرير. بالتأكيد لم يكن ابراهيم يريد ذبح ابنه الذي انتظره بفارغ الصبر، لكنّه ضحّى بإرادته مسلّماً إيّاها لله ومطيعاً له. قدّم إلى الله حبّه كلّه مضمّناً إيّاه أفراحه وآماله وتضحيات الأب الذي يتوق إلى رؤية ابنه ينمو ويكبر.

    يطلب منّا الرب أن نقدّم كلّ الحبّ بشكل كامل وبدون شروط أو قيود.

    اخترتُ شعاراً لأسقفيتي كلمات القديس بطرس الموجَّهة إلى الرب يسوع بعدما دعاه ليلقي الشبكة: "بكلمتك ألقي شبكتي" (لو ٥: ٥).

    يلقي سمعان بطرس الشبكة بثقة كاملة بكلمة الرب، رغم أنّ خبرته كصيّاد تدفعه أن يفعل العكس. يتغلّب على قناعاته ليتّحد كلّياً بالرب يسوع.

    اليوم، وبالرغم من صغري، أجدّد عهدي وبكلّ ثقة: لتكن مشيئتك يا رب.

    أنا لا أطلب إشارة إلهية، بل أعلن أنّني سأواصل مهمّتي بإعلان الإنجيل وإنماء الإيمان والحفاظ على تقاليد المسيحيين السريان الذين اضطرّوا إلى مغادرة بلدانهم الشرق أوسطية وجاءوا إلى أوروبا باحثين عن العيش بسلام.

    وهنا لا يسعني إلا أن أذكر بلدي الحبيب سوريا والعراق الجريح ولبنان المعذَّب.

    أشعر أنّه لا يجب أن أعيش أسقفيتي كفخر أو كهدف، وإنّما كخدمة.

    أشكر الله الآب الذي خلقني، والابن الذي خلّصني، والروح القدس الذي دعاني.

    أشكر العذراء مريم لأنّها وضعتني تحت عباءتها السماوية منذ أن كنت في الإكليريكية، وقد أوكلتها رسالتي الكهنوتية، وأنا أثق أنّها ستواصل السهر عليَّ في رسالتي الأسقفية.

    أشكر الكنيسة التي أحبّها كأمّ، وحبّي لها يزداد أكثر فأكثر رغم الصعوبات الكبيرة التي تواجهها.

    أشكر قداسة البابا فرنسيس على ثقته التي أولاني إيّاها.

    أشكر أساقفة السينودس السرياني الأنطاكي المقدس الذين انتخبوني أسقفاً، وعلى رأسهم صاحب الغبطة مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، الذي برعايته الأبوية هو المثال والمشجّع.

    أشكر صاحب النيافة الكردينال ليوناردو ساندري رئيس مجمع الكنائس الشرقية، ومعه كلّ أعضاء المجمع. فمنذ سنوات نعمل معاً، وسنتابع المسيرة من أجل أن تكون خدمتي فعّالة أكثر فأكثر.

    أشكر صاحب النيافة الكردينال ماريو زيناري السفير البابوي في سوريا، والذي بحضوره ومشاركته معنا اليوم أحضرَ معه قطعة من تلك الأرض الحبيبة التي ستبقى ذكرى محبَّبة لي، كما ستظلّ مشاعري وأحاسيسي متعلّقة بوطني.

    أشكر صاحب النيافة الكردينال أنجيلو دي دوناتيس نائب البابا على أبرشية روما، والذي أتاح أن تتمّ هذه السيامة في هذه البازيليك الجميلة التي هي مقرّ كرسي روما الأسقفي.

    أشكر صاحبي السيادة المطران مار ديونوسيوس أنطوان شهدا رئيس أساقفة حلب، والمطران جورجيو ديمتري غلارو أمين سرّ مجمع الكنائس الشرقية، واللذين يعاونان غبطته في القداس ورتبة السيامة.

    أذكر بشكل خاص أبرشيتي الأمّ حمص وحماة والنبك، وأخصّ بالذكر الذين على يدهم نلتُ السيامات الصغرى والكبرى: المثلّثي الرحمات البطريرك مار اغناطيوس بطرس الثامن عبد الأحد، والبطريرك الكردينال مار اغناطيوس موسى الأول داود، والمطران مار ثيوفيلوس جورج كسّاب. أذكرهم في هذا الوقت بصلاتي، وأنا متيقّن أنّهم يرافقوننا بصلواتهم من السماء.

    أشكر أفراد عائلتي وأهلي الذين لم يستطيعوا الحضور اليوم بسبب انتشار الوباء، وكأنّ بي أشعر بالوحدة: دون أب، دون أمّ، دون أخ، دون أخت، وحتّى دون صديق طفولة، ولكن من يؤمن بالرب لا يكون وحيداً أبداً.

    وهبتني هذه السيامة الأسقفية اليوم آباء وأمهّات ليسوا بحسب اللحم والدم بل بحسب الروح.

    أشكر من صميم القلب كلّ الذين ساهموا بتحضير هذه السيامة الأسقفية، وبشكل خاص جوقة رعية سيّدة النجاة في بروكسل - بلجيكا، والخدمة الليتورجية التي قام بها الإكليريكيون الشرقيون في روما، وراديو ماريا، وكلّ وسائل الإعلام والتواصل.

    أشكركم جميعاً على محبّتكم وقربكم منّي في هذا اليوم، وعلى كلّ المشاعر التي عبّرتم عنها تجاهي، وكذلك جميع الذين كانوا بجانبي روحياً ولم يتمكّنوا من أن يشاركونا بالجسد.

    أوجّه سلاماً خاصاً إلى كهنة السريان الكاثوليك الذين يخدمون في أوروبا، وكلّي ثقة بأنّنا سنكمل المسيرة والتعاون لما فيه خير كنيستنا السريانية الكاثوليكية الحبيبة في أوروبا. كما أشكر سائر الأبرشيات اللاتينية في أوروبا والتي تستقبل وتحتضن رعايانا وإرسالياتنا، مجدِّداً استعدادي الدائم للتعاون معهم جميعاً لما فيه خير كنيستنا المتألّمة من جراء الحروب والأزمات التي تعصف بها.

    أسألكم جميعاً أن تصلّوا من أجلي ومن أجل خدمتي الأسقفية، كي أستطيع أن أتبع مشيئة الرب بإيمان وثقة.

    سأضع ذاتي بكلّيتها في خدمة الأسقفية التي تولّيتها اليوم بنعمة الرب، حتّى أستطيع أن أقول يوماً مع القديس أفرام السرياني:«ܐܶܢܳܐ ܦܶܠܚܶܬ ܒܟܰܪܡܶܗ ܕܡܳܪܝܳܐ ܡܶܢ ܨܰܦܪܳܐ ܠܪܰܡܫܳܐ ܟܽܠ ܝܽܘܡ ܚܰܕܝܳܐܺܝܬ ܥܕܰܡܳܐ ܠܫܽܘܠܳܡܳܐ»، وترجمته: "لقد عملتُ في كرم الرب من الصباح إلى المساء كلّ يومٍ بفرح حتّى النهاية"

 

 

إضغط للطباعة