الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يحتفل برتبة النهيرة (الوصول إلى الميناء) في كنيسة مار كوركيس، برطلّة، العراق

 
 

    في تمام الساعة الرابعة والنصف من بعد ظهر يوم الأحد ٢٨ آذار ٢٠٢١، ترأّس غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، الإحتفال برتبة النهيرة (الوصول إلى الميناء)، والتي تقام مساء يوم أحد الشعانين في مدخل أسبوع الآلام الخلاصية، وذلك في كنيسة مار كوركيس، برطلّة، العراق.

    شارك في الرتبة أصحاب السيادة: مار يوحنّا بطرس موشي رئيس أساقفة الموصل وتوابعها، ومار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد وأمين سرّ السينودس المقدس، ومار أثناسيوس فراس دردر النائب البطريركي في البصرة والخليج العربي، والآباء الكهنة، وكهنة رعية برطلّة للكنيسة السريانية الأرثوذكسية، والشمامسة، الذين أبدعوا في أداء الصلوات والأناشيد بتنظيم وإعداد كاهن الرعية الأب بهنام بينوكا، وجمع غفير من المؤمنين من أبناء الرعية.

    بدايةً، استُقبِل غبطته أمام المدخل الخارجي للكنيسة، وترأس غبطته صلاة الرمش (المساء)، ثمّ احتفل برتبة النهيرة، وهي رتبة يتمّ فيها استذكار مثل العذارى الحكيمات اللواتي كنَّ مستعدّات للقاء العريس، ويمتاز بها الطقس السرياني الأنطاكي.

    تخلّلت الرتبة القراءات المقدّسة من الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، وبخاصة مثل العذارى الحكيمات والجاهلات، وكذلك الترانيم السريانية الشجيّة بلحن الآلام.

    وفي موعظته في بداية الرتبة، بعنوان "المجد للصالح الذي بحبّه أظهر مجده لبني البشر"، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن الاحتفال برتبة النهيرة، وهي رتبة خاصة بالكنيسة السريانية، "وبها نفتتح أسبوع الآلام الخلاصية مساء أحد الشعانين، وسنستمع دون شكّ إلى المثل الجميل الرائع، مثل العذارى الحكيمات والعذارى الجاهلات.... كانت المرأة دائماً لدى المسيحيين وفي المسيحية الشخص المكرَّم والمحترم والذي تعطى له الحقوق كافةً، ولا عجب، فالسلطانة الأولى لجميع القديسين هي مريم العذراء. لذلك نفتخر أن تكون المرأة، سواء أكانت فتاةً أو متزوّجةً، تشارك في حياة الرعية وحياة الكنيسة، ونفتخر بأمّهاتنا اللواتي يبذلنَ كلّ الجهد بالتضحية والتفاني والصمت كي تنشأ العائلة حسب قلب الرب".

    وشرح غبطته المثل: "في هذا المثل الذي تعرفونه جيداً، هناك انتظارٌ لمجيء العريس، الختن السماوي، خمس عذارى حكيمات، وقد سمّاهنّ يسوع حكيمات، لأنّهنّ أخذنَ الزيت الكافي لمصابيحهنَّ، لأنّ العريس سيأتي في الليل، وخمسٌ أخريات لم يحملنَ معهنّ الزيت الكافي، وطبعاً في الليل ينقص زيت العذارى الجاهلات، ويطلبنَ من الحكيمات بعضاً من الزيت. فتجيب الحكيمات إنّه لن يكفي لهنّ أيضاً، لذلك يجب أن يعرفنَ كيف يتدبّرنَ أمرهنّ. فتذهب العذارى الجاهلات لابتياع الزيت في ذلك الوقت، أين يمكن ابتياع هذا الزيت في الليل؟ ويأتي العريس، والمدعوات المستعدات يدخلنَ معه إلى فرح العرس. تأتي الجاهلات متأخّراتٍ، يقرعنَ الباب، ربّنا ربّنا افتح لنا، فيجيبهنّ الرب من الداخل: للأسف تأخّرتنّ".

    ونوّه غبطته إلى أنّ الرب يسوع "يطلب منّا في هذا المثل، لأول وهلةٍ وأول قراءةٍ، أنّ علينا الاستعداد لأنّنا لا نعلم متى تأتي ساعة موتنا، لأنّ الموت هنا هو الدخول في الحياة الأبدية. فيطلب منّا يسوع أن نكون مستعدّين، وهذا أمر مهمّ جداً"، لافتاً إلى أنّنا "نتذكّر ونعرف اليوم ونختبر ونعاني من هذا الوباء المخيف الذي ينتشر ويتفشّى في العالم كلّه، هذا الوباء المُسمَّى "كوفيد ١٩" أو كورونا، هذا الوباء ينتشر، وقد يأخذ معه ويغيّر أعزّ أعزّائنا وأكثر الناس، إن كانوا كبار السنّ أو الأقلّ عمراً أو حتّى الرياضيين. ولا نعلم من أين أتى هذا الوباء ولا كيف سينتهي، ولكن المطلوب منّا أن ننتبه ونأخذ الاحتياطات قدر الإمكان".

    وأشار غبطته إلى أنّنا "نستطيع إذن أن نقرأ هذا المثل في كلّ يوم وكلّ وقت وكلّ الأزمنة، ونحن نعلم أيضاً أنّكم، أحبّاءنا، أنتم الذين هُجِّرتم قسراً واختُطِف بعضكم وقُتل البعض الآخر، إن كان عندنا في سهل نينوى أو في مناطق أخرى، كما في كاتدرائيتنا سيّدة النجاة في بغداد. لذلك نحن نختبر ونعاني كلّ يومٍ الألم والاضطهاد وحتّى الاستشهاد أيضاً".

    وتطرّق غبطته إلى زيارة قداسة البابا فرنسيس إلى العراق، شاكراً "الرب الذي أعطانا بركة أن يزورنا قداسة البابا فرنسيس بهذه الزيارة التاريخية، صحيحٌ أنّ قداسته لم يأتِ إلى برطلة، لكنّه جاء إلى كنيسة الطاهرة الكبرى في قره قوش، وبرطلة وقره قوش، مهما كان هناك من تمايز أو اختلاف، فنحن جميعاً شعبٌ واحد"، مؤكّداً أنّ "زيارة البابا فرنسيس إلى العراق زيارة تاريخية، فقد جاء لكي يحمل الرجاء للشعب العراقي بكامله، وبخاصّة للمسيحيين الذين عانوا الكثير لعقودٍ ثلاثةٍ ماضية. لا نميّز نفسنا، ولا نقول إنّنا الوحيدون الذين أصابتهم المصائب في هذه السنوات الأخيرة، ولكنّ الواقع واضحٌ. نحن مكوِّنٌ صغيرٌ، نعم مكوِّنٌ أصيلٌ في العراق، ولكنّنا مكوِّنٌ صغيرٌ، فخسارة العائلة فرداً أو فردين من أعضائها هي خسارة كبيرة، وأنتم تعرفون أنّ لديكم من أُرغِموا على الاغتراب والتهجير، لديكم إخوةٌ وأبناءٌ في بلاد المهجر، ولا شك أنّهم يرافقونكم في هذه المعاناة، ويحاولون جهدهم كي يساعدوكم على البقاء متجذّرين في أرض الآباء والأجداد".

    ولفت غبطته إلى أنّ "يسوع مخلّصنا تألّم ومات، ولكنّه قام. فإذن نحن عندما ندخل في أسبوع الآلام، ليس فقط ندخله ونسكب الدموع، ولكن أيضاً ندخله بروح الرجاء والفرح حتّى في الآلام، لأنّنا ندرك أنّ يسوع معنا، يسوع مخلّصنا، ويسوع يرافقنا في هذه الحياة الدنيا".

    وختم غبطته موعظته سائلاً الرب يسوع "أن يملأنا بالتعزية والفرح والرجاء، حتّى نستطيع أن نقيم الصلوات والابتهالات في هذا الأسبوع الخلاصي، ونسير صعوداً نحو مجد القيامة، مبشّرين وشاهدين، ليس فقط بأقوالنا، ولكن بأعمالنا الصالحة أيضاً، ومعلنين أنّنا تلاميذ الرب يسوع، رب المحبّة والسلام والرجاء".

    ثمّ طاف غبطته بموكب حبري مهيب داخل الكنيسة في ثلاث دورات، يتقدّمه الأساقفة والإكليروس، ليتوجّهوا بعدئذٍ ومعهم جميع المؤمنين إلى خارج الكنيسة، حيث وقفوا جميعاً خلف غبطته أمام الباب الرئيسي للكنيسة. فأقام غبطته بعض الصلوات، ورنّم الإكليروس الترنيمة الكنسية المؤثّرة: عال هاو ترعو بارويو" (على الباب الخارجي)، وترجمتها: أمام الباب الخارجي كان شمعون (سمعان بطرس) واقفاً وهو يبكي، ويقول: ربّي افتح بابك أنا تلميذك، إنّ السماء والأرض تبكيان عليّ، فقد أضعتُ مفاتيح الملكوت.

    وجثا غبطة أبينا البطريرك أمام الباب الخارجي وقرعه ثلاثاً بالصليب، قائلاً: تَرعو درحميك (باب مراحمك)، ثمّ فُتِحَ الباب ودخل الجميع إلى الكنيسة. ومنح غبطته البركة الختامية لجميع الحاضرين الذين تقدّموا منه فنالوا بركته الأبوية لهم ولعائلاتهم.

 

إضغط للطباعة