الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يحتفل بقداس أحد تقديس البيعة والذكرى السنوية الحادية عشرة لمذبحة كاتدارئية سيّدة النجاة ببغداد، الكرسي البطريركي – بيروت

 
 

    في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الأحد 31 تشرين الأول 2021، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، بالقداس الإلهي على مذبح كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي في الكرسي البطريركي، المتحف، بيروت، بمناسبة أحد تقديس البيعة، وبدء السنة الكنسية الطقسية، والذكرى السنوية الحادية عشرة لمذبحة كاتدرائية سيّدة النجاة في بغداد التي وقعت خلال قداس الأحد المسائي بتاريخ 31/10/2010.

    وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، رفع غبطة أبينا البطريرك "الشكر للرب على سلامة العودة إلى الكرسي البطريركي في لبنان بعد الزيارات الراعوية إلى أوروبا، والتي دامت مدّة أربعة أسابيع"، منوّهاً إلى أنّه "سمعنا وتابعنا الأخبار المؤسفة والمستنكَرة عن المظاهرات التي حدثت في بيروت في الرابع عشر من تشرين الأول الجاري، ونتائجها العنيفة والدموية. وناشدنا ونجدّد مناشدة المسؤولين أن يحكّموا ضميرهم الوطني ويجعلوا مصلحة الوطن فوق أيّ مصلحة أو اعتبار، رأفةً بالوطن والمواطنين الذين يعانون ما يعانونه من أزمات على مختلف الأصعدة، تكاد تخنقهم وقد وصلت بالوطن إلى حافّة الإنهيار".

    ونوّه غبطته إلى أنّ "اليوم هو الأحد الأول من السنة الكنسية الطقسية، والأول بين الآحاد الثمانية التي تسبق عيد ميلاد الرب يسوع، وفيه نعيّد تقديس البيعة، أي أنّ الرب يسوع أسّس بيعته المقدسة على صخرة إيمان مار بطرس. وقد استمعنا من الرسالة إلى العبرانيين كيف أنّ الرب يسوع هو وسيط العهد الجديد، ليس بذبائح يقدّمها، لكنّه قدّم ذاته كذبيحة فدائية عنّا جميعاً، ونحن في القداس الإلهي نجدّد هذه الذبيحة". 

    ولفت غبطته إلى أنّه "في الإنجيل الذي سمعناه من القديس متّى الرسول، يسأل يسوع التلاميذ عمّا يقول الناس عنه، وكان ذلك في بداية رسالته العلنية، فأجابوه بأنّ البعض يقولون إنّه نبيّ أو إيليّا أو إرميا. ويسألهم يسوع مباشرةً عن رأيهم فيه، هم الذين معه، وللحال يجيبه بطرس بفم صارخ: أنتَ المسيح ابن الله الحيّ. هذا الإعلان – يقول يسوع لبطرس – لم يأتِ منك بل من أبي الذي في السموات، أبي هو الذي أوحى لك من أنا، وهذا السرّ، سرّ التجسّد الذي يخفى علينا جميعاً وعلى التلاميذ في ذاك الوقت، كيف أنّ كلمة الله يتجسّد بصورة إنسان. لكنّ مار بطرس لم يتردّد، بل نطق بما ألهمه به الله". 

    وتوقّف غبطته عند "مَنْح يسوع الطوبى لبطرس: طوبى لك يا سمعان، شمعون بار يونا، فكلمة بطرس مأخوذة من الإسم اليوناني واللاتيني "بتروس"، وهو في الأصل سرياني "ܟܺܐܦܳܐ كيفو"، أي الصخرة. لقد تكلّم يسوع بالسريانية – الآرامية بقوله لبطرس: أنتَ الصخرة، وعلى هذه الصخرة أبني بيعتي، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها، وأعطيك مفاتيح ملكوت السماوات. يسوع يعطي بطرس هذه النِّعَم لخدمة الكنيسة، يحلّ ويربط ويتابع الخدمة لكنيسة الرب. ونحن نصلّي ونرنّم كثيراً في سفر المزامير "أنت صخرتي وخلاصي فلا أتزعزع"، وهذا دليل على أنّ الصخرة تعني الثبات والقوّة بالإيمان، إذ لا أحد يستطيع أن يجعلنا نتردّد ونخاف في إعلان إيماننا كما أعلنه بطرس أمام التلاميذ". 

    وشرح غبطته "علامات الكنيسة كما وردت في قانون إيماننا الذي سنتلوه ونعلنه بعد قليل: نؤمن بكنيسة واحدة، جامعة، مقدّسة، رسولية: 

    فكنيسة يسوع هي كنيسة واحدة، أي أنّها تضمّ الجميع، ولو أنّه يمكن أن يكون لديهم آراء عديدة في طريقة الشهادة والكرازة بالرب يسوع، لكن لا يجب أن تتمّ هذه الكرازة إلا بالوحدة بين جميع المسيحيين. ونحن نعرف أنّ عيش الوحدة صعب في هذه الأيّام، فكثيرون يتحدّثون عنها بالكلام، لكنّهم بالفعل بعيدون عن عيشها.  

    جامعة، أي أنّها تشمل كلّ البشر، ومنفتحة على الكلّ، ليست فقط لبنانية أو سورية أو عراقية، لاتينية أو سريانية، بل تضمّ الجميع. وفي اللغة اليونانية نستعمل كلمة كاثوليكية، وهي تعني الجامعة، أي التي تجمع الكلّ. 

    مقدّسة، بما أنّ الكنيسة مؤسَّسة على أساس الرب يسوع، يجب أن تكون مقدّسة، بالتأكيد يبقى البشر جميعاً خطأة وناقصين، لكن يجب أن نسعى جميعنا كي نجعل من الكنيسة علامة قداسة للعالم. صحيح أنّنا في العالم نبشّر بيسوع، لكن لا يجب أن نكتفي ونأخذ روح العالم، ناسين أنّ الكنيسة ليست برلماناً بأكثرية وأقلّية، ويسمّونها ديمقراطية، بل هي مقدّسة باسم الرب يسوع، وهو الذي أسّسها. لذلك نسمّي الكنيسة جسد الرب يسوع السرّي، فيسوع يشمل الجميع، كما أنّ الجسد الواحد يضمّ عدّة أعضاء. 

    رسولية، هنا أيضاً نعود فنقول إنّ أهلنا وآباءنا وأجدادنا الذين كانوا يشهدون ليسوع ويدافعون عن كنيسة يسوع الحقيقية، كانوا يؤمنون أنّها رسولية وليست بشرية، أي تأسّست على إيمان بطرس والرسل تلاميذ يسوع. إنّ يسوع هو الذي أسّسها، ويمكننا القول إنّ فيها نقائص، والذين يخدمون كخلفاء الرسل لديهم أيضاً نقائص، لكن يجب أن نتذكّر أنّنا نتوجّه كلّنا نحو الرب يسوع حتّى يكمّلنا بالقداسة". 

    وانتقل غبطته إلى الكلام عن مذبحة كاتدرائية سيّدة النجاة في بغداد: "اليوم 31 تشرين الأول، نحيي ذكرى الهجوم الإرهابي على كنيستنا، كاتدرائية سيّدة النجاة في بغداد. لقد انقضت 11 سنة حتّى اليوم، ونذكر أنّه كان يوم أحد خلال القداس المسائي، حيث كان المؤمنون يشتركون مع ثلاثة كهنة في قداس تقديس البيعة وليلة عيد جميع القديسين، وهناك هاجمهم الإرهابيون والتكفيريون، وقتلوا العشرات، وجرحوا أكثر من 100 شخص، ومن بين الذين استشهدوا كاهنان شابّان، الأب ثائر عبدال والأب وسيم القس بطرس، لم يمضِ سوى بعض سنوات على سيامتهما الكهنوتية، وقبل بضعة أشهر من تلك المذبحة، في أيّار 2010، شاركا في مؤتمر كهنة كنيستنا السريانية الكاثوليكية الذي عقدناه في بيت عنيا – حريصا".  

    وأردف غبطته: "ها هي أبرشية بغداد تحيي اليوم هذه الذكرى بقداس احتفالي سيترأّسه، مساء اليوم في التوقيت عينه، صاحب السيادة مار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد والمدبّر البطريركي لأبرشية الموصل وتوابعها وأمين سرّ السينودس المقدس، يشاركه صاحبا السيادة مار يوحنّا بطرس موشي رئيس الأساقفة السابق لأبرشية الموصل وتوابعها، ومار أثناسيوس فراس دردر النائب البطريركي في البصرة والخليج العربي. وقد قدّمت الأبرشية دعوى تطويب الشهداء إلى قداسة البابا فرنسيس، وهذه الدعوى تسير بشكل طبيعي في مجمع دعاوى القديسين، بانتظار أن يأتي اليوم الذي فيه يُعلَن تطويب هؤلاء الشهداء الأبرار ويُرفَعون على المذابح". 

    وأكّد غبطته أنّ "الكنيسة الجامعة ككلّ معرّضة في الفترة الاخيرة لهجمات عديدة وفيها أخطاء كثيرة وانتقادات عديدة غير حقيقية وغير صحيحة. لكن اليوم في الإعلام العالمي ليس هناك إلا الكنيسة، وخاصّةً الكنيسة الكاثوليكية، فيتهجّمون عليها، وينبشون الماضي وكثيراً ما يشوّهونه، حتّى يجعلوا الناس، وبكلّ أسف، يفقدون ثقتهم بالكنيسة". 

    وجدّد غبطته القول "إنّ كنيستنا السريانية هي أكثر الكنائس عرضةً للاضطهاد ولاقتلاع أولادنا من أرضهم، سواء في العراق أو في سوريا، واليوم نعيش هذه الأزمة المخيفة التي يمرّ بها لبنان، ولا نعلم كيف ستنتهي. ولكن مع ذلك يذكّرنا يسوع أنّ أبواب الجحيم، أي قوى الشر، لن تتمكّن أن تتغلّب على الكنيسة، لأنّ الكنيسة تأسّست على الصخرة، والكنيسة هي جسد الرب يسوع، وهي جماعة الساعين إلى الكمال والقداسة، بالاتّكال على الرب يسوع". 

    وختم غبطته موعظته حاثّاً المؤمنين "أينما كنّا، رجالاً ونساءً، علمانيين وإكليروساً، رهباناً وراهباتٍ وشمامسةً، كي نعطي الصورة الناصعة عن الرب يسوع، هو رأس الكنيسة، وإليه نتوجّه كلّنا حتّى يساعدنا لنحافظ على نعمة الإيمان وقوّة الرجاء وشعلة المحبّة".

 

إضغط للطباعة