الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يحتفل بقداس أحد الموتى وراحةً لنفوس ضحايا الزلزال، في كاتدرائية سيّدة الانتقال في حلب - سوريا

 
 

    في تمام الساعة الحادية عشرة والنصف من قبل ظهر يوم الأحد ١٢ شباط ٢٠٢٣، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة أحد الموتى ومن أجل راحة نفوس ضحايا الزلزال المدمّر وشفاء المصابين ومساعدة المتضرّرين، وذلك على مذبح كاتدرائية سيّدة الانتقال في حلب - سوريا.

    عاون غبطتَه في القداس صاحبا السيادة مار ديونوسيوس أنطوان شهدا رئيس أساقفة حلب، ومار يوحنّا بطرس موشي رئيس الأساقفة السابق لأبرشية الموصل وتوابعها، والآباء الخوارنة والكهنة في الدائرة البطريركية وفي أبرشية حلب. وخدم القداس شمامسة الكاتدرائية، والجوق، بحضور ومشاركة جموع غفيرة من المؤمنين من أبناء الأبرشية الذين قَدِموا لنيل بركة غبطته ورفع الصلاة من أجل ضحايا الزلزال المدمّر، وفي مقدّمتهم سعادة النائب في مجلس الشعب السوري الأستاذ بطرس مرجانه.

    وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، بعنوان "لا تخف أيّها القطيع الصغير"، استهلّ غبطة أبينا البطريرك كلامه بالقول: "أودّ أولاً أن أقول لكم الحمد لله على سلامتكم. لقد كنّا في قره قوش - العراق بمناسبة رسامة المطران الجديد لأبرشية الموصل، عندما سمعنا فجر الإثنين الماضي بالنكبة التي حلّت هنا بمدينة حلب وبمناطق أخرى في سوريا وتركيا. لذلك نشكر الله على سلامتكم، وعلى أنّكم تقدرون أن تأتوا إلى الكنيسة بالرغم من هذه الأيّام والأوقات العصيبة".

    وتأمّل غبطته بكلمة الرب يسوع "لا تخف أيّها القطيع الصغير": "هذا الكلام للرب يسوع، لطالما ردّدناه في السنوات الماضية، سنوات الصراعات التي لا معنى لها، والتي حصلت هنا في سوريا الحبيبة، والمصائب والضيقات التي حلّت بالعراق، واليوم أيضاً تحلّ للأسف في لبنان بهذا الجمود السياسي والاقتصادي المعيشي".

    ولفت غبطته إلى أنّ "ربّنا يسوع المسيح وعد تلاميذه قائلاً: لا تخافوا، أنا معكم كلّ الأيّام حتّى انقضاء الدهر. طبعاً نحن نتساءل ونقول بأنّ الرب يسوع الإله سبحانه وتعالى، ماذا يعني بهذا الكلام؟ نحن نعاني مختلف المصائب، العاهات الجسدية والنكبات النفسية لما حصل لنا منذ سنوات. هذا الأمر يعود إلى حكمته تعالى".

    وأشار غبطته إلى أنّنا "سمعنا في الرسالة إلى أهل كورنثوس، حيث يوصي مار بولس المسيحيين الأولين هناك منذ أكثر من ألفي سنة: اثبتوا، لا تكونوا متزعزعين. فعلاً هذه النكبة - الزلزال يجعلنا نتزعزع، جسدياً وربّما نفسياً أيضاً، لكنّ الرسول بولس يطلب منّا: اثبتوا، لا تكونوا متزعزعين، لأنّ إيماننا بالرب ورجاءنا وثقتنا به يجعلنا نبقى أقوياء غير متزعزين، بل ثابتين بهذا الإيمان وهذا الرجاء، وعائشين المحبّة التي شهدناها في هذين اليومين، كيف أنّ الكنيسة، إكليروساً ومؤمنين، تنفتح على الذين تضرّروا وأصيبوا، وتخدمهم من كلّ القلب، ساعيةً كي تقدّم لهم كلّ ما يحتاجون إليه، لأنّ الجميع هم حقيقةً في دوّامة واحدة من الصراع النفسي والآلام الجسدية".

    ونوّه غبطته إلى أنّه "يجب علينا أن نكون أقوياء، ولا يمكننا أن نكون كذلك وحدنا ما لم يكن الرب معنا. من هنا نفهم معنى صلواتنا وتضرّعاتنا إلى الرب كي يقوّينا، ونتذكّر، نحن الموجودين هنا، أنّه مهما كانت الآلام النفسية والجسدية التي نشعر بها، ومهما كانت ظروف حياتنا صعبة، بما أنّنا نلتقي مع الإخوة والأخوات الذين يعانون أكثر منّا ويفزعون أن يذهبوا إلى منازلهم، فإذن من واجب دعوتنا المسيحية أن نسأل الرب أن يقوّينا حتّى نقبل هذه المصائب وهذه التجارب التي نُمتحَن بها".

    وذكّر غبطته أنّ "اليوم هو الأحد المخصَّص للصلاة من أجل موتانا المؤمنين. فكما تعلمون، بحسب طقسنا السرياني الأنطاكي، نخصّص الأسبوع الأخير من الأسابيع التي تسبق الصوم الكبير لموتانا الذين فارقونا إلى الحياة الأخرى، وبإيماننا ورجائنا نسأل الرب أن يكون هو مكافأتهم".

    وأردف غبطته: "إنّنا نصلّي من أجل موتانا، ونصلّي أيضاً من أجل جميع الضحايا الذين سقطوا في هذا الزلزال المخيف، سواء أكانوا هنا في حلب، أو في باقي المناطق في سوريا وتركيا وسواها. نصلّي ضارعين إلى الرب كي يعزّي قلوب ذويهم وعائلاتهم وأهلهم وأولادهم. ونصلّي من أجل الجرحى والمصابين، كي يستطيعوا تخطّي هذه الأزمة الصعبة من الآلام وينهضوا معافين. نصلّي من أجل جميع المواطنين هنا في حلب الذين امتحنهم هذا الزلزال، لكنّه في الوقت عينه جمعَ حميع المواطنين من كلّ الديانات والطوائف كي يفكّروا مليّاً ويختبروا بأنّ الله سبحانه وتعالى، مهما بدا وكأنّه ينسى أهل هذه المدينة، إلا أنّه سيبقى على الدوام الآب السماوي الذي يحتضن الجميع".

    وأكّد غبطته على أنّه "هنا نرى كيف استقبلتم الجميع في الكنيسة، الإكليروس والمؤمنين المشاركين في رسالة الخدمة في هذه الأبرشية، فتحتم لهم أبواب الكنائس وقاعاتها، واستقبلتموهم كإخوة وأخوات لكم دون أيّ تمييز أو تفرقة".

    وختم غبطته موعظته مبتهلاً "إلى الرب كي يقوّينا حتّى نتابع مسيرتنا الإيمانية رغم كلّ الصعوبات والتحدّيات، وإلى أمّنا السماوية مريم العذراء سيّدة الانتقال، نلجأ بكلّ ثقة بنوية، ونقول لها: يا أمّنا ابقي معنا واحمينا واحمي حلب واحمي سوريا، واجعلي الناس يعرفون أن يعيشوا بالمحبّة والمصالحة الحقيقية، حتّى نستطيع أن نكمل مشوار حياتنا حسب قلب الرب يسوع".

    وقبل ختام القداس، أقام غبطته تشمشت (خدمة) الموتى المؤمنين، راحةً لنفوس جميع الموتى، ولا سيّما الذين رقدوا من جراء الزلزال المدمّر.

    وبعدما منح غبطته البركة الختامية، انتقل إلى صالون الكاتدرائية الرسمي، حيث استقبل المؤمنين الذين نالوا بركته واستمعوا إلى كلماته الأبوية المشجّعة والمعزّية في هذه الأيّام العصيبة التي تمرّ بها مدينة حلب.

 

إضغط للطباعة