الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
ليتورجيا >> بحوث ليتورجيّا >> ميامر مار يعقوب السروجي >> الميمر الثالث عشر

 

 
تعليم الابن مليء حياة هلموا يا محبي الحياة وتنعموا به وكلماته نور تنير البشرية في مسيرتها. تذكير بالتدبير الالهي وعجائب الابن.
السروجي يعتبر مثل الفريسي والعشار "حقيقة" جعلها الرب مثلا ليوبخ الكبرياء ويمدح التواضع. ملفاننا يستعمل عبارة اخوتي كانه يتكلم مع المتوحدين. لا ينبغي للبار ان يمدح نفسه لئلا يسقط. من يصلي لايعرض فضائله امام عارف الكل.
الفريسي كان بارا حسب الناموس وقارن نفسه بالعشار الخاطيء واستهان به ولم ينظر الى ابرار العهد القديم ليخجل من نفسه.
تطلع الى خطيئتك لتتلاشى ولا تنظر الىحسناتك لعله لا تتلاشى. السروجي يمدح العشار لانه كان يضع خطاياه ازاءه في كل حين ولم يرفع راسه امام العدالة لئلا تغضب عليه، ولهذا نال التبرير.
حسنات الفريسي صارت سببا سيئا لانها اظلمت نفسَه بالتباهي والكبرياء، وخطايا العشار صارت علة لتبريره بتواضعه، ولو ان هذا الواقع يعاكس المبدأ: لا يُقال ان الشر صدر من الحسنات، ولا يُسمع بان الخير اشرق من الشرور. لنشتكِ اذاً ليس على اعمال الفريسي الصالحة التي تمت، لكن على ضلالته وكبريائه، ولنمدح ليس خطايا العشار لكن نفسه التي نظرت ورأت كم انها قبيحة. لا ينبغي اهانة الخاطيء لانه صورة الله. ابن الله يقبل الصلوات لانه الوسيط بين البشر والله وهو الذي يميز بين طلب التواضع وبين طلب الكبرياء الذي يستهجنه.
المخطوطات: روما 117 ورقة 264؛ روما 118 ورقة 154؛ باريس 196 ورقة 150
يرد في البداية اسم القديس مار يعقوب. في المقدمة لا يستعمل المؤلف الاسلوب الشخصي. يسمي مستمعيه باخوتي. انه ميمر راعوي. الميمر تحليلي للحياة الروحية: من ينظر الى جمال الله يستقبح جماله الشخصي. الشمس تنسى الماضي لتسعى وراء المستقبل كذلك المؤمن لا يذكر حسناته لان الرب عارف الكل يعرفها. الميمر قصيدة رائعة لا يسأم من يقرأه. قد يعود تاريخ تاليفه الى فترة نضجه الفكري والروحي اي الى فترة ما بعد غلق مدرسة الرها سنة 489م.
الدراسات:
الميمر الحادي عشر، على الفريسي والعشار اللذين صعدا الى الهيكل ليصليا، قبطي، 117-125
Traduction anglaise, in HTM, TV 9(1991), pp 18-34
للقديس مار يعقوب
على الفريسي والعشار اللذين قال ربنا انهما صعدا الى الهيكل للصلاة
(لوقا 18/9-14)

المقدمة
1 تعليم ابن الله مليء حياة، هلموا يا محبي الحياة وتنعموا من تعليمه،
2 كل كلماته هي نور لمن هم متميزون، ايها المتميزون استنيروا بالبشارة المليئة نورا،
3 من شفتيه خرجت انهار مياه الحياة الى البرية، لتسقي الارض التي كانت خربة،
4 على لسانه التطويبات والثروات غير المدركة، ويوزعها على السامعين في الجماعات،
5 في مفتح فمه لما يتكلم ينهزم الموت، وقوته تعطي القيامة للموتى لتوقظهم،
6 من عباراته تشرق الحياة على النفوس وتتعافى لانهن كنّ قد لُدغن من قبل الافعى،
7 لما يتكلم صوته يقع في آذان الموتى فيتحركون كانما من النوم ويقومون للتسبيح،
8 حمل الشفاءات من بيت ابيه، وجلبها الى موضعنا، ووزعها مجانا على المرضى وشفاهم،
9 اشرق على الامراض كالشمس على الظلمات، وهزّمها من اجساد جميع المرضى،
10 بتعليمه شفى النفس المريضة، وكلمته ضمدت جسد الميت الذي كان مجروحا،
11 طرد من النفس الخطيئة-الدنس التي كانت تقتلها، ومن الجسد الوجع والمرض الذي كان يفسده،
12 خطايا النفس وامراض الجسد الكثيرة كانت قد تبددت كالدخان بالريح القوية،
13 حيثما وجد الخطيئة في النفس اعطى المغفرة، ولما صادفه مرض الجسد اعطى الشفاء،
14 لما علّم اعطى الويل للكتبة وللفريسيين، والكي للمرض الذي استعصت معالجته،
15 راى الكبرياء واشفق على النفس المقتولة به، وعالجها بالدواء والكي ليشفي جرحها.

لعازر والغني
16 رأى بان الفقراء متضايقون بالفقر، فاعطى الطوبى للفقراء ليشجعهم،
17 رأى بان الاغنياء لا يرحمون الفقراء، فاعلن سر الغني ولعازر،
18 بذلك الذي طلب قطرة الماء ولم يعطوا له، علمهم ان يترحموا على الفقراء،
19 اعلن ضد اثم النفس الذي هو جرح خفي وبيّن لها نار الدينونة لتصير جميلة،
20 ذكر عملا واحدا من اعمال العالم الجديد حتى يساعد الاغنياءَ والفقراءَ،
21 بالقطرة التي طلبها ذاك السائل ولم يعطوها له، القى الرعب على الاغنياء لئلا يتباهوا،
22 وبواسطة لعازر الذي كان متكئا عند ابراهيم، اعطى الشجاعة لمن احناه الفقر.

البتولات العشر
23 لما كان يعلّم صور العالم بالبتولات العشر، وكشف وبيّن الجاهلات والحكيمات،
24 ولكي تعدّ النفس زيتا: الاعمال الصالحة، ابان لها كيف تدخل الحكيمات معه،
25 ارعب النفس لانه لو لم تستنر بالحسنات، لا يفتحون لها لتدخل عنده لما تتوسل.

الراعي والخراف والجداء
26 صوّر نفسه ايضا بالراعي الذي يهتم في فرز الجداء والخراف، عن اليمين وعن اليسار،
27 اقام الخراف في النور، والجداء في الظلمة، لان لون الجدي مظلم لمن ينظر اليه،
28 في تعليمه كشف عما سيقول لهولاء الذين يقيمهم عن يمينه وعن شماله،
29 ابناء اليسار يسمعون منه: اذهبوا عني يا ملاعين، ويسمع منه ابناء اليمين: هلموا وادخلوا ورثوا،
30 سبق ونطق عبارات الآخرة هذه حتى يعضد من يسمع تعليمه،
31 ليعرف قبل ان يذهب الى موضع الدينونة، ما هي الدينونة، ويعدّ له الاعمال الصالحة،
32 في تعليمه المليء عجبا، يهتم ابن الله في كل الفرص بان يفيد البشر،
33 في بعض المواضع تكلم بالامثال، والالغاز، وفي موضع آخر ابان للنفس التهديدات والعذابات،
34 وفي بعض الاحيان كان يحث النفس بالموهبة وبالمديح لكي تحب الحسنات.

العشار والفريسي
35 تكلم هناك عن العشار والفريسي، والّف خبرا يفيد كثيرا مَن يسمعه،
36 اراد ان يوضح عن الكبرياء والتواضع: ايّ منهما يخسر واي يظفر امام الديان،؟
37 اراد ان يوبخ الكبرياء والافتخار اللذين بهما تتواضع النفس وتخسر امام العدالة،
38 وبمحبته شاء ان ينقذ النفس التي تعمل الحسنات من الكبرياء ومن اللوم،
39 لئلا تفرغ من خيراتها بعد اتعابها، وتفقد جهدها بالروح الشامخة لو وُجدت فيها،
40 القى الرعب على البار الذي وإن كان بارا لا يجوز له مطلقا ان يذكر شيئا من حسناته،
41 وشجع الخاطيء وسنده، لانه لو تواضع وطلب الحنان، من السهل ان ياخذه من الله،
42 ولهذا الّف قصة مليئة نورا عن العشار والفريسي الذي كان قد صلى،
43 وقال: رجلان صعدا الى الهيكل ليصليا، الواحد فريسي، والآخر عشار طماع،
44 اسم الفريسي عند العبرانيين هو مثل البار، اسمع انت الآن بان الفريسي كان بارا،
45 ومن الواضح بان ذلك العشار كان خاطئا، فصعد هذان ليصليا في بيت الله،
46 صعدا ليصليا واحد بار وواحد خاطيء، فريسي وعشار امام ديان الارض كلها،
47 وبدأ الفريسي يتكلم بروح متكبرة لانه كان متكلا على الحسنات التي فعلها،
48 نظر الى نفسه ووجد بانه طاهر وليس فيه دنس، وكان متكلا على طهره ليقوم للصلاة،
49 وشرع يقول: اللهم اشكرك لانني لا اشبه الخطأة، ولا السالبين،
50 اشكرك لانني محرر من اللوم، وليس فيّ اثم، ولا اشبه الناس الاشرار،
51 يوجد الزناة، ويوجد الفجار، ويوجد الظالمون، وانا لم اشبه هولاء، ولن اشبههم،
52 لا اشبه فعلة الاثم والمجرمين، لكنني طاهر ونقي من الشرور،
53 اشكرك لانني لم اكن كذابا، واثيما، ومحتقرا، ولا اشبه فعلة الاثم بسِيرهم.

توبيخ الفريسي
54 ايها البار ماذا تقول في صلواتك، لان هذا الكلام الذي تتكلمه ليس (كلام) صلاة،؟
55 ايهـا الفريسي، من يصلي ليس هكذا (يصلي) انه لا يتجاسر ان يذكر حسناته امام عارف الكل،
56 مجدتَ نفسك ولم تؤدِّ التسبيح لربك، انت مهتم بك لتذكر الآن حسناتك،
57 الصلاة المقبولة امام الله ليست هكذا، لكنها تطلب بالم المراحم من الديان،
58 النفس القائمة امام الله ليست هكذا، لكنها منحنية ومرتجفة وخائفة ومليئة عجبا،
59 كيف اتيتَ،؟ ولماذا اتيت لتصلي،؟ ها انك لم تصلّ لكن مجدت حسناتك،
60 لو لم تكن محتاجا لتنال شيئا من الله، يوجد محتاجون، لماذا لا تتوسل لاجل الخطأة،؟
61 لو لم تطلب نفسك جمالا ليُضاف اليها، يوجد محتاجون، فصلّ لاجلهم مثل الفضيل.

جمال النفس وجمال الله
62 هذا تطلع الى جمال نفسه واضطرب، ولم يكن يعرف ان ينظر الى الله كم انه جميل،
63 من يتطلع ويرى جمال تلك العظمة تصبح نفسه بغيضة في عينيه مهما بلغ جمالها،
64 لو صادف سراج صغير شمسا كبرى، ينكر نوره لانه أُخفي من قبل النهار،
65 البارّ ايضا متى ما تباهى ونظر الى الله، يُخسف برّه ويصغر من قبل الله.

تواضع ابراهيم وسمعان الصفا
66 في عظمته نظر ابراهيم الى الله، وكان قد لقب نفسه ترابا ورمادا بينما هو بارّ،
67 سمعان الصفا قال لربه: انا خاطيء، فمَن هو البارّ لما يتكلم مع الله،؟
68 اذا كان ابراهيم قد سمى نفسه ترابا ورمادا، وسمعان الصفا كان خاطئا كما يقول،
69 مَن يتجاسر ان ينظر الى حسناته ويسردها لما يتكلم مع الله.؟

النفس الجميلة لا تحسب ذاتها جميلة
70 هذا الفريسي شخصيا كان بارّا، غير انه لم يشعر كم ان الله جميل،
71 لم يكن له بصر خفي يرى الخفايا لينظر الى جمال تلك العظمة،
72 لم يكن له عقل كبير، وفكر سام ليتجاسر ويصعد ويتغلغل بين الملائكة،
73 وبخوف يكشف حجب باب مقصورة النور، وتغرقه امواج بهاء تلك العظمة،
74 ويكلّ بصره بهذا الجمال الذي لا يُدرك، ويذم نفسه لو ظن بانه يملك جمالا،
75 لو كان بصر نفسه صافيا اثناء نظره الى الجمال العظيم لما كان يرى جماله،
76 مَن يرى جماله ليس جميلا، فلو كان جميلا لظن بانه كله ارجاس،
77 النفس النقية لما تكون جميلة لا ترى ذاتها، انها تنظر الى جمال العلى، فيكلّ (بصرها) من بهائه،
78 مَن هو بارّ يفكر كثيرا بانه ليس بارّا، مثل التلميذ الذي صرخ الى ربه (قائلا): انا خاطيء.

محبة الله وبرارة الناموس
79 هذا الفريسي كان قد تبرر من الناموس: بالفرائض والوصايا الجسدية،
80 لانه لم يكن يعرف بوجود درجة برارة اخرى اعلى من (درجته) القريبة من الله،
81 محبة الرب لا تُؤمر من قبل الناموس، ولا تنتظر منه ليعطيها اجرا،
82 ومهما كانت النفس جميلة تظن بانها غير جميلة، لان جمال اللاهوت السامي يخيفها،
83 الفريسي الذي كان بارا حسب الناموس جمُلَ في عيني نفسه، ووقف ليذكر حسناته،
84 نظر الى العشار الذي صعد ايضا ليصلي، واحتقره ورذله ووجّه اليه كلاما ساخرا،
85 شكر الرب بروح مليء ثرثرة، وقارن نفسه بالعشار ووجد بانه اعظم منه،
86 قال: اللهم اشكرك لانني لا اشبه هذا العشار، لانه نسي بانها كانت صلاة.

درجات الكمال في البرارة
87 لم ينظر الى موسى، ولا الى ايليا، ولا الى ارميا، لكن الى هذا، ومقارنة بهذا كان بارّا،
88 اهان نفسه بينما ظن بانه يمجدها، لانه قارنها بالعشار، وظهرت له جميلة،
89 لم يقارن نوره بنور هذا الجميل، ليرى اي جمال هو جميل وايا هو تافه،؟
90 نوره القليل قارنه بظلمة العشار، ومن الظلمة رأى ذاته نيّرا لا من النور،
91 لم ينظر الى يوسف الشاب الذي انتصر على الشهوة في محلها، ولا الى دانيال الذي رذل اطعمة الملك الفاخرة،
92 لم ينظر الى ايوب بحر الجمال والتجارب، ولا الى يعقوب الذي تعارك مع الملاك، نظر الى العشار، وعظم بره في عينيه، ولانه رأى (شخصا) قبيحا فقد ظن بانه جميل،
94 اذاً مَن يريد ان يفيد نفسه ببره، يجب ان ينظر الى الجميلين والمتسامين،
95 واذا بلغ الى درجة الكاملين لينظر الى الله، لانه لو يقارن نفسه به سيخجل من عظمته،
96 لما يجد الغني غنى اكبر من غناه، يجد نفسه مثل فقير ولا يتكبر،
97 لو ينظر الى مَن ينقصه الخبز اليومي، يطغي ويظن بانه لا يوجد اعظم منه في العالم،
98 لو تنظر النفس الى الكاملين والروحيين، تنزل الى مستوى التواضع المليء جمالا،
99 لو تنظر الى اناس اشرار ستفتخر، والافتخار يسبب المضرات لمن يقتنيه،
100 لو لم تكن قبيحة لما تظن بانها جميلة جدا مقارنة بالاشرار، وتسقط في فخ التباهي،
101 كما حدث للفريسي لما كان يصلي اذ نظر الى العشار وفكّر بانه اعظم منه،
102 بدأ يعيبه ويكشفه للرب ويقول: اشكرك لانني لست مثل هذا العشار،
103 شرّان تمّا في الروح المتكبرة، وفي كليهما توجد خسارة للمتميزين،
104 انه لشر ان ينظـر احد الى شر رفيقه، وانه لشر ايضا ان يجمل لنفسه،
105 لا يستفيد احد من رؤيا جرح ليس جرحه، لكن ليهتم بجرحه مثل الحكيم.

عدم ذكر حسنات الماضي والسعي الى حسنات المستقبل
106 لا ينتفع احد لو يفكر بحسناته، لكن لو صُنعت لينسها نسيانا،
107 كما هو مكتوب: هانذا انسى ما هو ورائي، واتقدم الى ما هو امامي بالحسنات،
108 لو صنعتُ الحسنى البارحة فقد صُنعت، وهانذا اركض لاصنع اخرى لو استطيع،
109 انسى حسنى البارحة مع البارحة، لانه لو افكر فيها سابطل من (صنع) الحسنات،
110 بعد انجاز الحسنى التي صنعتها وضعتها ورائي لاسعى الى امامي (لصنع) حسنى اخرى،
111 لتُحفظ حسنى البارحة في حياة الامس، حييتُ اليوم ليكن لليوم ما هو مُلكه،
112 كما تنسى الشمس ايضا وتلقي الازمنة الماضية، وتسعى وراء هذه القادمة لتتجاوزها،
113 لو تقف الشمس وتحسب مسيرة الامس، لكان يتعطل سعيها اليومي من المسيرة،
114 يوميا يلقي النهار وراءه المسيرات الماضية، ويريد ايضا ان يسير الى الامام مثل النشيط،
115 بولس يشبه الشمس في درب الرسل، لانه كان ينسى مسيرة البارحة ولم يكن يحسبها،
116 لماذا تُذكر الحسنات التي تمت، لانها ستصبح سببا لعدم انجاز اخرى،؟
117 خيرات الفريسي صارت سببا سيئا، لانه اراد ان يحسبها فلم يتبرر،
118 البارحة كان قد اشتهى وصنع الحسنات، واليوم قام ليحسبها فغرق.

الرب لا ينسى الاعمال الحسنة
119 كل الحسنات هي موضوعة في يدَي الرب ولا ينساها، فلماذا تهتم لتحسبها،؟
120 لماذا تبطل عن فعل البرارة، وتحسب ما فعلته لاجل الله،؟
121 انه لا ينسى، انت لا تبطل (من فعل) الحسنات، لا تذكّره بما فعلته لانه مكتوب عنده،
122 يعرف اعمال وكلمات وافعال وافكار ورموز وحركات النفس ويحافظ عليها،
123 وما دام لا ينسى لماذا حسبته مثل ناقص، وها انك تسرد حسناتك حتى تذكّره،؟
124 يا اخوتي يلزم ألا يفكر احد في حسناته، فذاك البارّ فكر فيها وها انه يُلام،
125 مَن يخطيء ليضع خطيئته امام عينيه، واذا تبرر ليلقِ برارته وراءه،
126 انظر الى الخطيئة، فلو نظرت اليها تتبدد، ولا تنظر الى البرارة لئلا تتلاشى،
127 لو فعلتَ البرارة انسها نسيانا، ولو نسيتها فالرب ساهر عليها لئلا تُفقد،
128 لو فكرتَ بالخطيئة، لقد نساها الله وسامحها واحتقرها فيما لو رآك متندما عليها،
129 لو انتَ نسيت الخطيئة التي فعلتها، الرب لا ينساها ولا يتركها تذهب بدون قصاص،
130 انظر الى الخطيئة متى ما تحدث فيك كما الى الجرح لانه من يقدر ان ينسى جرحه لما يتألم،؟
131 كلما صرخ من له جرح خبيث، كلما صوت تنهداته ايقظ الطبيب ليهتم به،
132 ولو لم يئن يبين كأنه ليس مجروحا، فيهمله الطبيب ولا يضمده لكونه لا يتألم،
133 الخاطيء ايضا كلما ينظر الى خطيئته يهتم الله به ويشفيه،
134 لو اهمل ولم ينظر اليه، يتوقف المضمد عن المساعدة ويظل الجرح بدون مداواة.

العشار (لوقا 18/13)
135 لو تذكّر احد خطيئته واحتقرها، لنالت الروح المنكسرة المراحم من الديان،
136 مثل ذلك العشار الذي كانت خطيئته موضوعة ازاء عينيه، وبسببها لم يكن يقدر ان ينظر الى السماء،
137 لم يكن يشاء ان يرفع بصره بسبب جهالته، لانه كان ينظر اليها ولم يكن يتجاسر ان ينظر الى فوقُ،
138 كـان قد وضع الخطايا التي اقترفها ازاء عينيه، ولم يكن من السهل عليه ان يرى السماء لانه كان مغطى،
139 لم يكن ينظر الا الى الاثم الذي صنعته يداه، ولم يكن يقدر ان يرى معه شيئا آخر،
140 كان يقف منحنيا مثل اللص امام الحاكم، ولكونه محتقرا لم يكن يقدر ان يرفع عينيه،
141 خاف وارتعب من العدالة الجالسة في العلى /313/ ليرفع عينيه نحوها لئلا تغضب،
142 وترفع القضيب وتضربه لتهلكه لانه تجاسر ونظر بثقة الى موضع الحكم وهو مذنب،
143 ولهذا لم يكن يقدر ان يتجاسر لينظر الى السماء نحو الديان الرهيب والمخيف للخطأة،
144 نظر الى خطاياه وخاف ان يطلب الحنان العظيم، لان جرح الاثم لا يضمده الا الحنان،
145 انه واقف خجلا ومصليا ومحتقَرا من قبل نفسه، اما الله فلم يحتقره لانه تواضع،
146 استنارت نفسه ورأى خطاياه، وضرب يديه على صدره بخوف صارخا امام الديان،
147 دعا الله قائلا: اشفق على الخاطيء، ان حنانك هو الحياة أحيِ الميت الذي قتله الاثم.

يعقوب يتكلم
148 غلبني ميمر هذا العشار والفريسي، انه لخوف عظيم وصف خبره العجيب،
149 ولو لم اتجاسر جسارة لن استطيع ان اقول هذه الامور كما هي لمن يسمعني.

العشار مستنير وينال الغفران
150 حسنات الفريسي صارت له حجة سيئة لانها اظلمت نفسَه بالتباهي والكبرياء،
151 ذاك العشار الذي اخطأ، استنارت نفسه وخافت واحبت لتطلب الحنان من الديان،
152 اظلم البار لانه عدّ حسناته، واستنار الخاطيء لان الاثم الذي اقترفه ارعبه،
153 الفريسي العادل ضل حتى انه ذمّ الله، والعشار الطماع عرف بان الرب مليء مراحم،
154 لا يُقال ان الشر صدر من الحسنات، ولا يُسمع بان الخير اشرق من الشرور،
155 ماذا اقول، ان الفريسي نفخه التباهي بسبب حسناته، فمجّد نفسه وها انه يلام،؟
156 خطايا العشار فتحت نفسه امام الديان، فطلب الحنان، وها انه يُمجد مثل حكيم،
157 لنشتكِ اذاً ليس على الاعمال الصالحة التي تمت، لكن على ضلالة الفريسي وكبريائه،
158 ونمدح ليس خطايا العشار التي ارتكبها، لكن نفسه التي نظرت ورأت كم انها قبيحة،
159 في قصته صار مثالا لفعلة الاثم حتى يقفوا بتواضع كبير امام الله،
160 وقد حث النفس لتطلب الحنان من الله، ولتعلم بانها لو تطلب منه سيعطيها،
161 سرد ربنا هذا المثل ليساعد به الجهتين لو سمعتاه بتمييز،
162 منه ينتفع الابرار والخطأة ايضا، لان ابن الله يودّ ان يفيد كليهما.

الخاطيء صورة الله
163 ايها البار لا تحتقر ابدا الخاطيء، انه ايضا صورة الله حتى وإن يخطيء وهو ندّك،
164 لا تتكبر لو تصنع الحسنات، لئلا تسقط من سمو البرارة،
165 اعطيت لله، لقد اعطيته مما له، وليس مما لك، هل تعيبه بالعشور التي تعطيها له،؟
166 لما تصوم لا تتكبر وتتحدث عن الصوم، لان دانيال صام بالتواضع لما كان يصوم،
167 لما تصلي اتضع في بيت الله، لان صلاتك مع الكبرياء لا تُقبل،
168 لو وُضعت ربوات الزين وصُفّت فيك، فانها ليست جميلة ما لم تلبس التواضع،
169 لو تتبرر باعمالك اكثر من ايوب، لا تُقبل حسناتك مع روح الكبرياء.

دعوة الخاطي ليتشبه بالعشار
170 انت ايها الخاطيء اقتنِ الفائدة من خبر العشار الذي وُصف، وقم في الصلاة بخجل،
171 لا يُسمح لك من قبل العدالة ان تنظر الى السماء، لان موضع الدينونة خوف عظيم للمذنبين فيه،
172 خَف في الصلاة واطلب الحنان بتواضع، وستنال مِن واهب الحسنات،
173 اسكت وتواضع لو تهان من قبل البارّ، لان ذلك العشار كان صامتا لما شُتم،
174 قل لله: ربي اريد ان تترحم على الخاطيء، وسيشفق عليك بالمراحم المقرونة فيه.

ابن الله قابل الصلوات
175 مثَل ربنا كله حياة لمن يسمعه، ويقدر ان يفيد الابرار والخطأة،
176 هذا المثل ليس مثلا فقط، لكنه حدث بالحقيقة كما وُصف،
177 في وقت من الاوقات اقبل وقام في الصلاة فريسي وعشار، وتكلما بهذه الامور في بيت الله،
178 كان ابن الله قد اصغى اليها مع والده، لانه يقبل كل الطلبات والصلوات،
179 لا تدخل صلاة امام ابيه بدونه، ولا تصدر موهبة منه الا بواسطته،
180 يقبل ويُدخل ويأخذ ويُخرج من عند الآب لانه مثل وسيط بيننا وبين ابيه لتبريرنا،
181 هو الذي كان يقبل ذبائح لاوي وعشور يعقوب البار ويدخلها عند والده،
182 هو الذي قبل صلاة حنة في الهيكل المقدس، وصدّر لها سؤال المراحم من بيت ابيه،
183 هو كان يسمع صلاة يونان في السمكة وكان يدخلها كالباكورة عند والده:
184 الذبائح المتميزة وبخور الكهنة والمحرقات السلامية والصلوات والطلبات وكل العشور مع كل النذور،
185 هو يقبل ويصغي ويسمع ويرى ويتذكر كلمات الفم وافكار القلوب،
186 هو انصت الى ذلك الفريسي والعشار في الهيكل المقدس لما كانا قائمين في الصلوات،
187 واذ يسمع طلبة كل المسكونة، لم ينس ان يعدد هذه الامور كما حدثت،
188 واذ هو فِعلٌ واقعي تمّ في وقته كما ذُكر، فقد جعله مثَلا ليساعد به من يسمعه.

التواضع والكبرياء
189 وبما ان العشار الذي صلى بتواضع ارضاه، والفريسي الذي صلى بكبرياء لم يرضه،
190 لقد حفظ الخبر وجعله مثَلا مليئا فوائد، ووضعه في البشارة لينتفع به جميع سامعيه،
191 علّم العالم بان من يرتفع يتضع، ليهرب كل واحد من الكبرياء الذي يستسمجه،
192 مَن هو متكبر في قلبه هو مستهجن امام الله، من لا يخاف من الكبرياء اذاً لو كان متميز،؟
193 النواقص بغيضة ولا يستحسنها الله، وعن الكبرياء فقط قيل انه مستهجن،
194 انه يبغضها كلها ويودّ بالا توجد كلها، وعن هذه وحدها فقط مكتوب بانها مستهجنة امام الله،
195 لا يبغضها بغضا فقط كرفيقاتها، لكنه يشمئز منها اشمئزازا كثيرا،
196 كل الخطايا تخجل خجلا من الله، اما الكبرياء فيودّ ان يتعارك معه،
197 الرب سام ويريد ان يسكن في المتواضعين، ومن يتكبر على الله فقد سعى ليتباهى،
198 وبما انه مكتوب: الرب ملك ولبس البهاء، فمن القبح ان يتكبر احد او يتباهى،
199 ولهذا انه مكتوب عن الكبرياء بانه مستهجن امام الله، بالنسبة لمن يسمع بتمييز،
200 ولاجل هذا كُتب مثل ذلك الفريسي حتى يتحكّم به من يعمل الحسنات،
201 ويبتعد عن الكلام عن حسناته، وعن الكبرياء الرذيلة المستهجنة من قبل الله،
202 يجدر بك ان تهرب من كل الاهواء، ويجدر بك ان تبغض كل النقائص،
203 ويجدر بك ان تبغض الخطايا في كل الاحوال، واهرب خاصة من الكبرياء لانه قبيح،
204 اما التواضع فهو مليء بجمال البرارة، /319/ وحيثما وُجد يختفي النقص،
205 العشار كان بغيضا ونواقصه عديدة، وبما انه تواضع فها انه يوصف كانه حسن،
206 وكان الفريسي بارّا وله جمال، وبما انه اراد ان يذكر جماله، فها هوذا خبره بغيض،
207 ربنا شفى جرحَين بدواء واحد، لانه يسهل عليه ان يضمد الابرار والخطأة،
208 مِن مثَل واحد صنع شفاء للجهتين، ليستفيد منه مَن هو خاطيء، ومَن هو بارّ،
209 القى الرعب على البارّ لئلا يتكبر، ولئلا تُستأصل حسناته بكبريائه،
210 وعلّم الخاطيء ان يتألم ويتواضع ويعرف نفسه ليجد المراحم قدام الله.

الخاتمة
211 بكلماته يريد ابن الله ان يفيد كل واحد، مبارك الذي يريد ان يحيا كل وحد بعنايته.

كمل الميمر على العشار والفريسي