|
|
|
|
|
|
ليتورجيا >> بحوث ليتورجيّا >> ميامر مار يعقوب السروجي >> الميمر السابع والعشرون |
|
|
|
البرايا تحتاج الى الباري كما يحتاج الطفل الى مرضع ولا ينساها بعكس الام التي قد تنسى طفلها وتهمله.
تدبير العالم: لله صفات عديدة اي اسماء حسنى غير ان الله واحد. الله يدبر العالم بعدل. مرة يقاصص سريعا ومرة يتانى ولا ينتقم لعبيده. يعطي ملفاننا امثلة لكلتا الحالتين ويستنتج بان التدبير الالهي حكيم وينعت بالمجنون من يستغرب من تدبير الله: مَن يقوم ليستفسر عن هذه الامور يضطرب (ويقول): لماذا لا يتساوى كل السعي بتدبير واحد،؟ لماذا يُقاصص واحد متى ما اذنب وآخر لا،؟ ويهمل واحدا وينتقم بشدة من آخر،؟ ايها الطين المجبول، لماذا تتجاسر على الفخاري لتقول له: ماذا يلزم ان يعمل او لا يعمل،؟ انها لحكمة حيثما يقاصص، وحيثما يهمل، ولانه يهتم بفائدة الناس فيُظن بانه مضطرب، بينما الله لا يتبدل ولا يتغير لما يقاصص ولما يهمل القصاص وقتيا. لو ظلت كل الافعال بدون قصاص، مَن كان يصدق بوجود اله يجري الحكم،؟ ولو كان يُقاصص كل شر يُقترف هنا، لكان يُظن بانه لا يوجد عالم آخر، لو انقذ جميع عبيده من الضربات، لكانت تنقص كثيرا محبة جميعهم من المديح، ولكان يُخبر بالا يتعذب احد لاجله لان كل من اتى ليتعذب انقذه من الضربات.
ومَن تنقصه المعرفة، يبغض تدبير العالم ويضل به لانه يظن بعجلته بانه لو كان مسلطا على التدبير لكان ينظمه، ويوجد مَن يجنّ ويفقد عقله بكبريائه، ويفكر بان امور العالم ليست حسنة، يطيل اناته على فاعلي الاثم ليقتنيهم، وليس شريك الاشرار، وهو يحملهم، واذا لم يخلص الابرار لما يهانون فانه يضيف جمالا الى جمالهم بفضل مضايقهم.
السروجي يعطي مثال الغنى والفقر: كان بود الناقص والجاهل ان ياخذ من هذا ليعطي لهذا ويتساوى الغني والفقير، الله يخلص كليهما على مثال ابراهيم ولعازر والغني، من يقول لماذا الغنى والفقر عليه ان يقول لماذا بريت اليد اليمنى واليسرى؟ اليمنى واليسرى تساعد الواحدة الاخرى، وعلى هذا النمط ليساعد الغني الفقير.
الغني والفقير متساويان في الطبيعة والاعضاء: الباري مستقيم، وبريته اسمى من اللوم، ساوى الناس بالاعضاء وبالصور، وكل جسم الاغنياء والفقراء متساو. لا تظن ايها الغني بانه احبك محبة واجزل لك العطاء، ولا تظن ايها الفقير بانه ابغضك ولهذا براك فقيرا
المخطوطة: روما 464 ورقة 317
يرد في البداية اسم القديس مار يعقوب. في المقدمة لا يستعمل السروجي الاسلوب الشخصي. الميمر لاهوتي وفلسفي ودراسي. كتب السروجي رسالة تهنئة (رسالة/32) الى فولا اسقف الرها بمناسبة عودته من المنفى سنة 519-520م عالج فيها موضوع التدبير الالهي الذي يمهل ولا يهمل لانه يحترم حرية البشر ولا يشترك في شرورهم. قد يرقى تاريخ تاليف الميمر الى فترة تحرير رسالته الآنفة الذكر اي الى سنة 519م.
للقديس مار يعقوب
على الارشاد
البرايا بحاجة الى الباري كما يحتاج الطفل الى المرضع
1 الطفل محتاج الى المرضع ليحيا منها، والبرية محتاجة الى الباري لتقوم به،
2 لو تترك الام الطفل لما تلده، لكان من الاصلح له بألا يأتي الى الولادة منها،
3 ورب العالم لو تركه بعد خلقه، لكان من الاصلح له بألا يوجد منذ البداية،
4 انه لا يتركه، فالمرأة لا تترك جنينها، وإن هي نسيت هو لا ينسى البرية ابدا.
صفات الرب
5 لو كان قد براه برية فقط لكان باريا، ولم يكن له اسم آخر الا هذا،
6 وبما انه يحمله ويقيته بعد ان براه فها انه يُسمى ايضا جبارا ومقيتا،
7 وبما ان له دينونة عادلة فانه الديان، وبما انه يترحم فها انه يوصف ايضا بالرحمن.
تدبير الرب عادل بنعمته وبعدالته
8 دينونته عادلة وتتبعه الشفقة وهو مليء غيرة، وايضا يوجد فيه الطيب،
9 كل التدبير يسير بالنعمة، وكل قدرته العاملة تقوم بالعدالة،
10 لما يترحم لا تعرقله العدالة، وحيث ينتقم لا تلومه نعمته،
11 تجمل به العدالة والنعمة، وتساعدان بعضها بعضا كل يوم وهما نيّرتان،
12 له المراحم وله الجلْد، ولهذا فانه محبوب ومخيف بالنسبة لمن هو مليء تمييزا،
13 له الحنان، وله الغيرة، وله المحبة، وله الغضب على من حاد عن العدالة،
14 حيثما يجد فعل الاثم صار غيورا، ولو صادفه التواضع صار طيبا،
15 لو لم يكن يبغض الاشرار لما كان عادلا، ولو لم يكن يترحم على المتواضعين لما كان طيبا،
16 والشيء الذي هو عادل هو طيب ايضا: تدبيره اذاً مستقيم واسمى من اللوم.
الرب مرة طويل الاناة ومرة قصيرها
17 يصدف احيانا بانه يجد الاثم ويطيل اناته، فيظفر الاثم ولا يردعه كما لو انه لم يشاهده،
18 ويصدف احيانا لما يحدث الشر فانه يوقظ حمية غضبه على مرتكبي الشر الذي تمّ،
19 يوجد مَن يقضي كل ايام حياته في الاثم ولا يلاقيه الذمّ ولا التأديب،
20 والآخر لو فكر بان يعمل الشر لحقته العدالة وسيفها مستل لتضربه ضربة مميتة،
21 في موضع يتعذب عبيده من قبل الاثمة ولا يُنقذون ولا يغار لينتقم لهم،
22 في موضع آخر لو أُهين احد العادلين يبدأ يدين الكلمة غير الحسنة.
الرب يقاصص احيانا ويهمل احيانا اخرى:
حور البار، برص مريم اخت موسى (خروج 17/10-12، 32)
23 الشعب الذي صنع العجل رجم حورا البار، ولم يرد خبر سبب رجمه في الوسط،
24 ولما قالت مريم كلمة لبست البرص: الانتقام لكلمة، ولا لوم على الراجمين.!
اشعيا-لوط
25 نُشر اشعيا والرب ربه لم يقاض حكمه، ولان لوطا البار قد اهين اشتعل البلد.
الفتيان الثلاثة في الاتون (دانيال 3)
26 في موضع ابان قوته في الجهاد، وربط النار ليدوسها الفتيان بالارجل.
ايزابل وايليا (1ملوك 21)
27 في موضع آخر هددت امرأة احد مختاريه ولم ينتقم من الفم الذي تجاسر على البار،
28 النار مربوطة وايزابل مطلقة (اليدين) للاهانة: مرة ينتقم، ومرة اخرى يهمل من الانتقام.
حكمة التدبير الالهي
29 ومَن يقوم ليستفسر عن هذه الامور يضطرب (ويقول): لماذا لا يتساوى كل السعي بتدبير واحد،؟
30 لماذا يُقاصص واحد متى ما اذنب وآخر لا، ويهمل واحدا وينتقم بشدة من آخر،؟
31 ايها الطين المجبول، لماذا تتجاسر على الفخاري لتقول له: ماذا يلزم ان يعمل او لا يعمل،؟
32 حكمة العلي موضوعة لتدبير العالم، وبها تتم كل الاعمال مع اوقاتها،
33 بتلك المعرفة التي صورت الشمس، وعملت القمر، بها يُدبر العالم المضطرب من قبل الله،
34 انها لحكمة حيثما يقاصص، وحيثما يهمل، ولانه يهتم بفائدة الناس يُظن بانه مضطرب،
35 لا يضطرب لما يعطي القوت للمستيقظين، وللبشر مؤنهم في حدودهم،
36 لم يتوهم بقدرته العاملة لما كان يعطي النور للشمس، ويمد التغييرات للقمر،
37 والاسماء للكواكب، والسير السريع للقوات، وبسرعتها في سبلها لا تجعله يضطرب،
38 ولما ينشر اشعة الشمس لا يتعثر، ويبسط النور من النهار على الاراضي،
39 لا يصعـب عليه لما يعطي القوت للاسماك في قلب البحار، والتنفس الهاديء لسكان الماء،
40 لا يصعب عليه احصاء شعيرات الشعر، وبدونه لا تسقط واحدة منها لتصل الى الارض،
41 يسهل على اللاهوت احصاء حبات الرمل، وقطرات المطر، وامواج البحر،
42 يحمل محور الارض، وثقل كل المسكونة الجسيم، ويقف دون ان يتعب او يشقى،
43 كل البرية تاخذ منه الحياة كل يوم كل (كائن) في موضعه، ويسهل عليه اقاتتها،
44 وينتظم تدبير العالم القلق كل يوم بتلك المعرفة التي برت هذه المسيرات،
45 وحيثما يقاصص، وحيثما يهمل القصاصات: غايته هي واحـدة ان يفيد البشر كل يوم.
الله لا يتغير عندما يقاصص ولا عندما يهمل
46 لما يرى السامي الاثم الحاصل ويسكت، لا تفكر بانه ليس غيورا او منتقما،
47 ولما يقاصص بشدة لا تظن بان غضبه غصبه وتحرك ليقاصص الاثم الذي رآه،
48 هو كما هو لما يقاصص ولما يهمل، لان الله لا يتغير عما هو عليه.
لله عالمان ودينونتان
49 وبما ان له بالحقيقة عالمين، فانه يهمل هنا ليصنع الدينونة في العالم العظيم،
50 اعطى مهمة لكل واحد منهما ليُتقنا بها، وحيثما يجد الاثم يصنع الدينونة حالا،
51 يُلغى العمل ليشعر العالم بوجود الدينونة، وحيثما يهمل لما يُقترف الشر يعلّم،
52 بالحقيقة بان لله عالما آخر، لما يُقاصص فعل الاثم هنا في موضعنا،
53 ليعرف العالم بان الله يصنع الدينونة، لما يفعل احد الاثم جهرا ولا يقاصصه،
54 برهن بانه حفظ حكمه في ذلك العالم ليدينه هناك، وعندما لا يقاصصك يعلّم بان الدينونة محفوظة هناك،
55 يلزم ان تتم كلتاهما وتُنفذا، لان في كلتيهما فائدة للعالم كله،
56 لو ظلت كل الافعال بدون قصاص، مَن كان يصدق بوجود اله يجري الحكم،؟
57 ولو كان يُقاصص كل شر يُقترف هنا، لكان يُظن بانه لا يوجد عالم آخر،
58 لو كل عمل الشر صعد شره على رأسه، وكل من فعل الخير كوفيء خيره هنا،
59 لكان يُخيل ويظن المفكر بان الدينونة قد تمت، وسوف لن تصير دينونة اخرى،
60 وبما انه توجد (افعال) مقاصصة ومحفوظة، فقد اتضح بان العالم الآخر ورب العالم موجودان،
61 ولما تقف العدالـة في الدينونة لتحاكم فعلا، فانها تبرهن بانه يوجد عادل يطالب غير العادلين،
62 ولما يهمل فعلا ولا يقاصصه، فانه يؤكد بان له دينونة في العالم الآخر.
الرب ينقذ او يهمل بعض عبيده ليتمجد هو ويُمدح معه عبيده
63 وهكذا بالنسبة لعبيده لما يُضطهدون، فانه ينقذ واحدا ويهمل آخر ولا ينقذه،
64 انقذ بعضا منهم من النار ومن الحيوانات، وترك الآخرين يشتعلون ولم ينجهم،
65 انقذ الثلاثة وترك السبعة بدون نجدة، وجميع العشرة هم مُلكه، ولماذا يا ترى،؟
66 لو انقذ جميع عبيده من الضربات، لكانت تنقص كثيرا محبة جميعهم من المديح،
67 ولكان يُخبر بالا يتعذب احد لاجله لان كل من اتى ليتعذب انقذه من الضربات،
68 ولهذا يحدث ما يحدث بسببه، لانهم يعرفون بانه ينقذهم من الضيق،
69 ولن يترك نهائيا احدا يتعذب لاجله، ولو تركهم يتضايقون لاجله لما كانوا يأتون،
70 لو خلص وانقذ جميعهم من الضيق لكان يفتر مدح عبيد الله،
71 ولكان يقول البرانيون انه غير موجود، ولو هو موجود لماذا اهمل احباءه،؟
72 ولكان يلام لانه رأى عبيده يُعذبون ولم ينقذ ولا واحدا منهم من الضيق،
73 ولهذا انقذ حيثما شاء ليحس العالم بانه يوجد رب فيه القوة لهولاء العبيد،
74 ولهـذا سمح ليحتملوا الضيقات في مواضع مختلفة ليرى العالم كم ان محبة عبيده هي حقيقية،
75 حيثما سمح ان يشتعلوا عظمت محبتهم، وحيثما اراد ان يخلصهم انتصر هو،
76 ولهذا لم ينقذ جميع عبيده لئلا يُمدح هو وحده لما يُمدح،
77 سمح بان يموتوا بحد السيف (وبفم) الحيوانات لينالوا المديح لانهم تحملوا كثيرا لاجله،
78 ولهذا انقذ بعضهم، واهمل بعضهم، ليُمدح هو وليُمدح معه عبيده،
79 لما يخلص يأخذ كل المديح لنفسه، وعندما لا يخلص يريد ان يمجدهم معه،
80 يشفق عليهم ويسمح بان يموتوا لاجله، حتى يطلبوا منه الاجر باسفرار الوجه،
81 ولكي يُمجدوا استخفت محبتهم له بالنار وبالسكين وبالحيوانات،
82 ويشعر العالم: اي عبيد هم عبيد لله الذين يقتربون من الموت لاجله حيث لزم،؟
83 ولتكن محبة عبيده ظافرة في الارض كلها، ويُمجد هو بسببهم من قبل المشاهدين،
84 ويصير لهم الطوبى لانه بسبب افعالهم مُجد هو الذي يستحق المجد والمديح.
اعتبار تدبير الله للعالم سيئا هو جنون
85 ولهذا يجمل به عندما لا يخلص من الضيق، كما (يجمل به) ان يخلص بعضا من المتميزين،
86 ومَن تنقصه المعرفة، بغيض هو في عينيه تدبير العالم في بعض الامكنة ويدّعي بالحكمة،
87 ومهما كان حكيما يضل لانه بعجلته يظن بانه لو كان مسلطا على التدبير لكان ينظمه،
88 ولو كان يرى الاثم يحصل لكان يبطله، ولكان يوبخ الاثيم لما يتجاسر،
89 وما كان يسمح بان يُضرب كفا احد العادلين، وما كان يترك الاثيم يرفع رأسه،
90 يوجد مَن يجنّ ويفقد عقله بكبريائه، ويفكر بان امور العالم ليست حسنة،
91 ولما يُكرز بالا يحسد احد الاثمة، هو يحسد الاثمة ويمتليء غيظا عليهم،
92 وكان يود لو امكنه ان يُنزل النار على الاثمة وعلى الجناة ليحرقهم،
93 يا لك من جاهل، انت لا تحمل (العالم) مثل الله، لماذا انت قلق لتأخذ منه تدبيره،؟
94 يطيل اناته على فاعلي الاثم ليقتنيهم، وليس شريك الاشرار لما يحملهم،
95 ولو لم يخلص الابرار لما يهانون فانه يضيف جمالا الى جمالهم بفضل مضايقهم،
96 انت لانك مسرع ومضطرب ومليء كبرياء تذم المدبر المليء حكما،
97 وبسبب الامور التي تحدث في العالم الشرير، تفكر بان تقلل من هذه وتضيف الى تلك.
لماذا الفقراء والاغنياء في العالم؟
98 بخصوص الغنى والفقر تحتال لو امكنك ان تأخذ من ذلك وتعطي لهذا،
99 وتقول ايضا: لماذا أُكرم هذا بذهبه، وهذا الآخر يعوزه حتى الخبز اليومي،؟
100 لماذا الواحد هو غني حتى انه نسي الله، ورفيقه محتاج حتى انه تذمر على الباري،؟
101 لماذا الواحد يهتم باحصاء ذهبه ولا يحصيه، وهذا الآخر يموت جوعا في عوزه،؟
102 ايها الناقص الذي يخفى عنه التدبير، لا تذم المدبر المليء خيرات،
103 يجمل به لانه برى الغنى والفقر، ويقدر ان يحيي مَن يصبر في كلتا الحالتين.
ابراهيم ولعازر والغني
104 بفضل الفقر هوذا لعازر عند ابراهيم، وبفضل الغنى هوذا ابراهيم في الملكوت،
105 هذان الواحد غني والآخر فقير وكلاهما حالاّن سوية في موضع واحد سام وبهي،
106 الواحد لم يحمله غناه على التكبر والميل الى الشرور، والفقر لم يعطل ذلك من الخيرات،
107 غنى ذلك الغني اصبح علة حسنة له، وبه كان يرضي الاغنياء والفقراء،
108 الفقر ايضا صار علة حسنة للآخر، لانه صبر واطال الاناة وحسن جهاده للملائكة،
109 الغنى والفقر متساويان لمن يصادفهما، ويقدر ان يجمل بكليهما لو هو متميز.
يد اليمين واليسار (1قورنثية 12/12-31)
110 توجد في الجسم (اليد) اليمنى واليسرى، الواحدة ضعيفة والاخرى سليمة، والجسم واحد،
111 يوجد في العالم الغنى ويوجد فيه الفقر، والعالم واحد، كجسم واحد لا يتجزأ،
112 ومَن يقول: لماذا بُري الفقر، ليقل اذاً لماذا بُريت (اليد) اليسرى،؟
113 تنفع الجسمَ اليمنى واليسرى ايضا، وتساعد الواحدة الاخرى كل يوم في اعمالهما،
114 تلك السليمة لا تعيب على تلك الضعيفة، ولا تظن ابدا بانها احسن منها في الجسم،
115 ولو تعمل اليسرى عملا اقوى منها تركض حالا اليمنى ايضا للمساعدة،
116 لكلتيهما توجد ارادة واحدة حسنة، والواحدة تقرّع الاخرى كل يوم بمحبة.
واجبات وحقوق الاغنياء والفقراء
117 العالم جسم، وهكذا يوجد فيه الغنى والفقر، وهما موضوعان لاجل مساعدة الواحد للآخر،
118 وُجد الغني ليترحم على الفقير ويهتم به ويسدّ كل احتياجاته،
119 وُجد الفقير ليسجد ويخضع ولا يتذمر ويعمل ويرضي الاغنياء،
120 لو لم يحنِ الفقر رقبته لما كان يعطي نفسه ليخدم بين الاغنياء،
121 كان سيثور لو يوجد فيه قليل من القوة، ولما كان يحني رأسه مثل الفقير،
122 وكان سيتعطل العمل بين الاغنياء، ولكانت تُترك اموره ولا تُنجز رغباته،
123 ولهذا برت حكمة الرب الفقراء لتسهل مهمة القيام باعمال الاغنياء،
124 لكي يحنيهم احتياجهم (امام) الاغنياء، ليخضعوا لهم ولينجزوا اعمالهم،
125 اذاً يلزم على الفقير ان يخضع، ويلزم اكثر على الغني ان يترحم،
126 يجب على الفقير ان يطيل اناته ويتحمل المرض والفقر بدون تقمقم،
127 وتجمل الشفقة بالغني حتى يسد كل احتياجات الفقير:
128 لا يكن متبخترا ولا متكبرا ولا متعجرفا ولا يظن بان ذلك الفقير ليس (من) جنسه،
129 ولا يتباهى ولا يتكبر على الفقراء، لكن انه لمن المعروف بان الجنس واحد وكلاهما متساويان،
130 انهما موضوعان في الجسم (كاليد) اليمنى واليسرى من قبل ذاك الذي كوّن الجسم والعالم كما حسن لديه.
مساواة الاغنياء والفقراء
131 انظر الى الجسم الموجود فيه عضو للهوان، انه يُحترم اكثر من رفاقه بين الاعضاء،
132 ايها الغني هوذا الفقير عضوك، وقد صنعه الرب لتحترمه وتهتم به،
133 انه من ترابك، ومن طينك، وهو ابن جنسك، ومن جسمك، فلا تتطلع اليه مثل الغريب،
134 مَن يجد عضوه عريانا ولا يلبسه، او مكشوفا و لا يهتم ويكسوه،؟
135 الفقير ضعيف ويقوم في الجسم كاليمنى، ايها الغني اقترب واسنده كاليمنى،
136 لا تظن بانه احبك محبة واجزل لك العطاء، وبانه ابغض ذلك ولهذا براه فقيرا،
137 اعطاك غنى، ولم يضف عضوا الى جسمك، والشيء الذي هو خارج عنك ليس مُلكك.
الباري مستقيم
138 الباري مستقيم، وبريته اسمى من اللوم، والمحاباة بعيدة عنه في كل أعماله،
139 ساوى الناس بالاعضاء وبالصور، وكل جسم الاغنياء والفقراء متساو،
140 ساواهم في البطن، وفي القبر، وفي الولادة، وفي الموت، ولا يُعرف هذا من ذاك،
141 طبيعة الاغنياء والفقراء هي واحدة، والمصور صوّر صورتيهما بمهارة،
142 هذه الامور الضرورية اعطاها بالتساوي للبشر، وما ليس ضروريا اجزله لهذا وقلله لذلك،
143 اعطى بالتساوي النور والحياة لكل الجسم، ولم يضاعفهما للغني لما اعطاه (اياهما)،
144 ساوى ايضا واعطى التنفّس الذي يحيي البشر، (وتنفسُ) الاغنياء والفقراء هو واحد،
145 من ذلك التنفّس الذي يستنشقه الملك ويحيا به، منه يستنشق المتسول بدون اختلاف،
146 نور الشمس الذي يشرق في مقصورة الملك، نفسه يشرق في بيت الفقراء بدون تغيير،
147 نفس الريح والهبوب والمطر والندى وكل الهواء للاغنياء وللفقراء،
148 انـظر الى توزيع المقسم العادل وخَف من توجيه اللوم اليه لانه اسمى واعلى من الذم،
149 بالنسبة له الطبيعة هي متساوية، وقد ساوى البرية لما براها، وساوى واعطاها كل ما هو ضروري لتحيا منه:
150 الحياة والنور والتنفس والكلمة والطيب وصورة الجسم وبنيان الجسد بدون اختلاف.
لا يجوز التذمر على الله
151 ايها المتذمر (القائل) ان التقسيمات غير حسنة، منها وبها تعلّمْ وانظر كم انها حسنة،
152 انظر الى المصور الذي لم يحابِ يوم رسم صور الناس ووزعها بعدالة،
153 لما كان يصور الفقير والغني، زينهما من لون واحد وشبه واحد،
154 ها انك تتذمر بسبب الغنى الذي هو لاشيء، ولا تنظر الى الجسم الذي هو شيء.
النوم متساو غير ان سرير الغني قد يختلف عن سرير الفقير
155 الجاهل يحسد فراش سرير الغني، كما لو ان ذاك المقسّم ليس عادلا،
156 ولا يتأمل بانه وزع النوم باستقامة وليس الفراش الذي ليس بشيء بالنسة لمن يقتنيه،
157 ليس الفراش الذي يريح الجسد بل النوم، وهذا اعطاه للاغنياء وللفقراء،
158 واجزل واعطى الفقير (نوما) اكثر ليستريح على فراش غير وفير،
159 النوم في الجسم، اما الفراش فليس من الجسم، وما هو في الجسم لم يسمح له ان يظلم انداده،
160 الغني معذب بالاهتمام بالذهب والمقتنيات، فيهرب نومه ويذوّب السهرُ الجسد،
161 ذاك الفراش لا يحل محل النوم، وها انه لا يستفيد منه شيئا بالرغم من وفره،
162 لو كان قد جعل الواحد ينام والآخر لا ينام، هذا كان رابحا وذاك كان خاسرا في التوزيع،
163 ما دام النوم الذي يريج الجسد متساويا، فلا ربح ولا خسارة من الفراش العالي.
الجسد يحتاج الى ثوب واحد: اوراق التين
164 ما الفائدة من الاثاث المكومة في بيت الاغنياء، فالطبيعة لاتقدر ان تستعملها حسب ارادتها،؟
165 لو اضافت ثوبا واحدا الى الجسد لا يقبله، لانه يثقل عليه فيلقيه عنه ولا يلبسه،
166 ولو ملك ربوات الثياب فانه يحتاج الى واحد فقط: لما تعرى الجسد اكتفى باوراق التين،
167 ومهما كان عددها، فاكثر من واحد هو زائد، لان الجسد لا يطلب منك سوى ثوب واحد،
168 وبما ان الجسد لا يقدر ان يستعمل (ثوبا) اضافيا، هوذا الطمع يضاعف ويخزن ويكدس في الصناديق،
169 هوذا الفقراء عراة في الاسواق كالحيوانات، والعث يقع في الصناديق ويفسد في بيت الاغنياء.
طوبى للرحماء..
170 لم يخلق الله الاغنياء ليكونوا هكذا طماعين ومحتالين وبطالين (من صنع) الخيرات،
171 لكن ليكونوا شفوقين وعطوفين ويسدّون كل نقائص الفقراء،
172 ويعطون الثوب وقت البرد لمن هو عار،ٍ ومن صناديقهم (يعطون) فراشا للعراة،
173 وليعرف ذاك الغني الذي يملك الذهب بانه قد جُعل وكيلا ليدبر انداده،
174 وليخف لانه يلزمه ان يؤدي الحساب عن كل ما اقتنى وكيف دبر انداده،؟
175 فاذا لم يترحم لن تلاقيه المراحم هناك، وتشهد (الكلمات) التي نطقها ابراهيم،
176 لو استفاد هو وحده من خيراته، سيصير محتاجا على قطرة المياه ولا تُعطى له،
177 ولهذا انه مكتوب في البشارة: طوبى للرحماء لان المراحم ستصير عليهم.
الشفقة على ابن الجنس (اشعيا 58/7)
178 انه لواجب عمومي ان يشفق الانسان على ابن جنسه، ولو لم يشفق عليه سيُقاصص من قبل العدالة،
179 تكلم الرب (قائلا): لا تهمل ابن جنسك، ذكّرك بجبلتك لئلا تنسى بانه ابن جنسك،
180 جسمك ليس ذهبا وجسمه طينا، لكنكما انت وهو طين مجبول،
181 الفقير المطروح والعريان هو ابن جنسك، مِلْ واصنعْ المراحم على ابن جنسك وبعدئذ امضِ.
الغني والفقير اخوان: بالجنس وبالمعموذية
182 آدم ابونا الذي انجبنا جميعنا انجبك انت ايضا، وانتما اخوان، ايها الغني اشفق على اخيك،
183 انتبه ان الله اعطاه جسما كجسمك، وصوره واعضاؤه هي (صورك واعضاؤك)،
184 ها انه يشبهك، فلقد اتضح ايضا بانه اخوك، ويقال لك: لا تهمل ابن جنسك،
185 ليس غريبا لتهمله لانه قريبك، ومكتوب بان تحب قريبك مثل نفسك،
186 ولو لم تشفق على ابن جنسك في ضعفه، اكرم صورة ربك مثل متميز،
187 ولو لم تشته ان تترحم على الفقير، يا صورة الله اكرم صورة تلك العظمة،
188 ولو نسيت ماذا يعلمك كتاب موسى، انتبه بالا تنسى المعموذية الام الجديدة،
189 هوذا الفقير لابس المسيح كما انت لابسه، وانتما اخوان للوحيد من الماء،
190 إما لا تهمل ابن جنسك كما هو مكتوب، وإما احترمه لانه صورة العظيم،
191 وإما لانه لابس المعموذية وهو اخوك، فاهتم به لئلا تُقرف من قبل العدالة،
192 ايها الغني والفقير، ها انكما مصفوفان في جسم العالم كعضوين، والجسد واحد،
193 ايها الغني اقتنِ الرحمة في العالم، وانت ايها الفقير انتبه بالا تتذمر على الباري.
الخاتمة
194 ممجد هو الباري الذي صنع الغنى والفقر، له التسبيح من الاغنياء والفقراء.
|
|
|
|
|