توجه غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان يوم الثلاثاء الواقع فيه 23 تشرين الثاني 2010 إلى روما يرافقه الأب شارل مراد، لتفقد جرحى المجزرة الرهيبة التي جرت داخل كاتدرائية سيدة النجاة في بغداد، واستشهد فيها أكثر من خمسين ضحية من أطفال ونساء ورجال، كما أسفرت عن 80 شخصاً من الجرحى نقل أكثرهم خطورة للمعالجة في إيطاليا وفرنسا. وقام إثر وصوله بزيارتهم برفقة المطران ميخايل الجميل المعتمد البطريريكي لدى الفاتيكان، والأب شارل مراد.
مساء يوم الخميس التالي شارك غبطة أبينا البطريرك يرافقه المطران ميخائيل الجميل في القداس والجناز الذي أقامه الكردينال ليوناردو ساندري، رئيس مجمع الكنائس الشرقية، في بازيليك مار بطرس، الفاتيكان. حضره عدد من الكرادلة والأساقفة من الفاتيكان وبمشاركة الكردينال موسى داود والمطرانين مامبيرتي وزير الخارجية وفيلوني نائب أمانة السر في الفاتيكان، ومئات من الاكليروس الشرقي والغربي مع عدد غفير من المؤمنين بينهم القسم الأكبر من جرحى المجزرة. وكذلك سفراء العديد من الدول لدى الفاتيكان بينهم سفيرا العراق وإيران.
وفي ختام القداس ترأس غبطة أبينا البطريرك صلوات الجناز بالسريانية والعربية.
نهار الجمعة التقى غبطته وزير الخارجية الايطالي فرنكو فراتيني، وشكره على بادرة التضامن التي قامت بها ايطاليا تجاه جرحى المجزرة، وتبادل معه الحديث عن المأساة التي يمر بها مسيحيو العراق وعن ضرورة تنسيق الجهود مع الحكومة العراقية لتأمين الحماية الكافية لهم، كي لا تلجأ العائلات المسيحية إلى الهجرة. ووعد الوزير أن تقوم ايطاليا بواجبها في الدفاع عن الأبرياء والمطالبة بالحقوق الإنسانية بما فيها الحريات الدينية لجميع المواطنين في العراق الذي ينوي زيارته قريباً.
وفي مساء اليوم ذاته مساء ترأس غبطة أبينا البطريرك صلاة تكريمية لشهداء سيدة النجاة، وذلك في كنيسة القديس برتلماوس في روما، نظمتها جماعة سان ايجيديو الملتزمة بقضايا السلام في العالم. وألقى عظة مؤثرة عن معنى الشهادة في سبيل إنجيل المحبة والسلام، وعن ضرورة الالتزام الفعلي مع مسيحيي العراق كي يعيشوا في وطنهم أحراراً ويقوموا بدورهم الرائد في بناء وطنهم على أسس الاحترام المتبادل بين جميع مكونات الشعب العراقي والدفاع عن الإنسان كقيمة على كل دين أو حكم أن يضعها في سلّم أولوياته.
صباح يوم السبت، 27 تشرين الثاني، توجه غبطة أبينا البطريرك مع المطران ميخائيل الجميل والأب شارل مراد إلى باريس. هناك تفقد جرحى مجزرة سيدة النجاة الذين استضافتهم فرنسا في احد مستشفيات باريس. وفي اليوم التالي، الأحد، التقى وزيرة الخارجية الفرنسية السيدة ميشال اليوت ماري في مكتبها، لمدة نصف ساعة، شارحاً موضوع زيارته لفرنسا وطالباً أن تقوم فرنسا وسائر دول الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي بواجبها في الدفاع عن الحقوق المدنية للجميع، سيما الأقليات المسيحية في العراق. كما ناشدها الطلب من حكومة هذا البلد بأن تلاحق المدبرين والممولين لتلك الجريمة البشعة التي جرت حوادثها يوم 31 تشرين الأول، في كاتدرائية سيدة النجاة، وللجرائم المقيتة التي تستهدف المسيحيين الأبرياء في بغداد والموصل كي تقدمهم إلى العدالة.
وقد أقام غبطته صباح يوم الاحد قداساً احتفالياً في كنيستنا السريانية مار افرام العائدة لطائفتنا في باريس، حضره المئات من المؤمنين مع عدد كبير من الجرحى وممثل وزيرة الخارجية الفرنسية.
ومساء ذاك الأحد شارك غبطة أبينا البطريرك في قداس أقامه الكردينال اندريه فان تروا في كاتدرائية نوتردام في باريس التي غصت بالمؤمنين، موجهاً كلمات مؤثرة لفرنسا شعباً وكنيسةً وحكومة لاستضافتهم الجرحى وتضامنهم ومؤاساتهم.
وقبل عودتهإلى بيروت، زار غبطته مجلس الشيوخ الفرنسي وتبادل الحديث مع عدد منهم، كما عقد مؤتمراً صحفياً، عرض فيه النتائج الخطيرة التي أسفرت عن تلك المأساة التي حدثت في كاتدرائية بغداد، وشرح انعكاساتها السلبية على نفسية الجرحى وذويهم وعلى سائر الجماعات المسيحية التي ظلت في بلاد الرافدين رغم التهديد والرعب. إذ إن هناك اليوم في العراق أعدادًا كبيرة من المسيحيين، يريدون أجوبة على أسئلتهم المشروعة حول إمكانية البقاء على ارض الوطن، ومعنى العيش المشترك بين أكثرية تكتفي بالأقوال المنددة، ولا تقوى على حماية المستضعفين أمثالهم.
|