الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
الزيارة البطريركية الراعوية الرسمية الأولى إلى مدينة زحلة

 
 

عرس يطرب مدينة زحلة، عروس البقاع التي ابتهجت بمجيء غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، هذه المدينة العريقة والمشهورة برحابة صدر أبنائها الأعزاء، رحّبت بصاحب الغبطة أجمل ترحيب لم تشهده ساحتها من قبل، إذ ارتدت أبهى حلاها وتأهّبت لاستقبال الراعي الصالح والمدبّر الحكيم صاحب الغبطة.

فعلى مدار يومين متتاليين، يومي السبت والأحد 3و4 تشرين الأول 2009، حطّ رحال غبطة البطريرك، في وادي البقاع المعمور في زيارة رسمية تاريخية هي الأولى لغبطته إلى مدينة زحلة الأبيّة.

اليوم الأول: السبت 3 تشرين الأول

      في تمام الساعة الثانية والنصف بعد الظهر، غادر صاحب الغبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان مقرّه البطريركي الصيفي في دير سيدة النجاة ـ الشرفة ـ حريصا، يرافقه سيادة الحبر الجليل المطران مار رابولا أنطوان بيلوني المعاون البطريركي، والأب إيلي حمزو كاهن رعية مار بهنام وسارة ـ الفنار والذي كانت له اليد الطولى في تحضير وتنظيم هذه الزيارة الرسولية، والأب أفرام سمعان أمين سر البطريركية. وقد وافاهم على طريق ترشيش وفد من أهالي رعية القديسة تريزيا للسريان الكاثوليك في زحلة يتقدّمهم الأب ميشال حموي كاهن الرعية، مع قوى أمنية سيّارة متعددة، أمّنت وصول صاحب الغبطة مع الوفد المرافق له إلى زحلة وتنقّلهم في داخلها.   

ولدى مرور الوفد في بوليفار زحلة، فوجىء بصور غبطة البطريرك مزيّنة الطرقات، واللافتات التي تعلو هنا وهناك مهللة بقدوم أبي الكنيسة السريانية الكاثوليكية وشاكرة غبطته جزيل الشكر لتكرّمه بزيارة المدينة، وأقواس النصر المرتفعة تعلو السماء مبتهجة.

كانت المحطة الأولى للوفد زيارة سيادة المطران مار يوستينوس بولس سفر النائب البطريركي للسريان الأرثوذكس في زحلة والبقاع، الذي استقبل صاحب الغبطة والوفد المرافق بكثير من الحفاوة مع كهنته وراهبات مار يعقوب البرادعي وحشد كبير من أبناء أبرشيته الشقيقة. ثم دخل الجميع إلى الكنيسة مرتلين ترتيلة "تو بشلوم روعيو شاريرو" الخاصة باستقبال رؤساء الأحبار، وأنشدوا الأناشيد البيعية المختلفة باللغة السريانية. وبعد ذلك انتقل الجميع إلى صالون المطرانية، حيث ألقى سيادة المطران بولس سفر كلمة حميمة رحّب فيها بغبطته معرّفاً إياه بتاريخ الأبرشية وأنشطتها المتنوّعة، ثمّ قدّم سيادته لصاحب الغبطة هدية تذكارية بمناسبة هذه الزيارة. وعلى الفور بادر صاحب الغبطة بكلمة رقيقة أكّد فيها على الوحدة والمسار الواحد للكنيستين الشقيقتين في مجابهة الصعاب والتحديات وفي تذليل العقبات من أجل إتمام الوحدة المنشودة في ظلّ توّحد أبناء الطائفتين.

ثم كانت المحطة الثانية على بعد أمتار من مطرانية السريان الأرثوذكس، حيث كان في استقبال غبطته وصحبه سيادة المطران اسبيريدون الخوري مطران زحلة للروم الأرثوذكس والمطران تيفن صيقلي المعتمد البطريركي في روسيا، وحشد من الإكليروس والكشاف والعلمانيين. ثم دخل الجميع الكنيسة على الألحان البيزنطية الشجية، وبعدها صلى الجميع وختم صاحب الغبطة الصلاة بترتيلة سريانية، وبذلك عاش الجميع لحظات مسكونية فريدة. ثم استضاف المطران اسبيريدون الوفد في دار المطرانية حيث بادر وقدّم هدية تذكارية مؤكدًا على وحدة الكاثوليك والأرثوذكس في زحلة، فشكره صاحب الغبطة على هذه النفحة الأخوية العطرة.

وكانت المحطة الثالثة زيارة المطران منصور حبيقة مطران زحلة للموارنة في دار المطرانية المارونية، حيث كان في استقبال غبطته وفد من الإكليروس والكشاف والعلمانيين، وفي ختام الزيارة صلى غبطته وبارك الحضور.

أما المحطة الأخيرة في هذا اليوم، فكانت زيارة رئيس أساقفة زحلة للروم الملكيين الكاثوليك المطران أندريه حداد في دار مطرانية الروم الملكيين الكاثوليك، فاستقبل سيادته صاحب الغبطة ومرافقيه بكثير من الحفاوة مع حشد من الاكليروس والسياسيين الرسميين ووزراء ونواب وأحزاب وفعاليات المنطقة. وعلت راية الصليب ساحة المطرانية متقدّمة الجميع إلى الكنيسة بموكب احتفالي، سائرين على أنغام الألحان البيزنطية والأجراس تقرع فرحاً معلنة قدوم زائرها الكبير. وبعد الصلاة توّجه الجميع إلى صالون المطرانية فأهدى المطران أندريه غبطته هدية تذكارية.

وبعد انتهاء المحطة الأخيرة من هذه الزيارة الغنية في يومها الأول، رافق وفد من وجهاء رعية زحلة وراشيا الوادي غبطته وصحبه، واتجهوا إلى ترشيش بموكب رسمي تتقدّمه سيارات الأمن والدرّاجين، فباركهم غبطته وشكرهم على حسن الضيافة والتنظيم. وتابع غبطته مع الوفد المرافق له عائدين إلى دير الشرفة.

اليوم الثاني: الأحد 4 تشرين الأول

في تمام الساعة التاسعة والنصف من صباح اليوم التالي الأحد 4 تشرين الأول انطلق غبطة البطريرك يوسف الثالث يونان من دير الشرفة إلى زحلة عن طريق ترشيش يرافقه سيادة المطران أنطوان بيلوني المعاون البطريركي والمونسنيور جورج مصري النائب البطريركي العام على أبرشية بيروت البطريركية والآباء أفرام سمعان أمين سرّ البطريركية وميشال خوري وفراس دردر أمين السر الثاني .

وكما يوم السبت كان بانتظار الوفد في ترشيش قوى أمنية متعددة وسيارة لحماية غبطته والوفد المرافق ولتأمين وصول وتنقل الوفد في زحلة، الذين انتقلوا أولا إلى مطعم المونتي ألبيرتو فاستقبلهم صاحبه السيد حنا خياط ابن رعية سان تريز – زحلة.

عند الساعة الحادية عشرة والنصف من قبل الظهر، وصل موكب صاحب الغبطة أمام مدخل كنيسة القديسة تريزيا في زحلة، فترجّل غبطته ومرافقيه ودخلوا الكنيسة على أنغام موسيقى الكشاف السرياني اللبناني والجوقة المؤلفة من مجموعة من الرهبان الأفراميين والراهبات الأفراميات.

 ثم احتفل غبطته بالذبيحة الإلهية يعاونه سيادة المطران أنطوان بيلوني والمونسنيور جورج مصري، وشارك في القداس المطارنة: اسبيريدون خوري، وجورج اسكندر، ونيفن صيقلي، وبولس سفر، والأرشمندريت جورج نجار ممثلاً المطران أندره حداد. وحضر النواب: نقولا فتوش، وطوني أبو خاطر، وعاصم عراجي، وشانت جنجنيان. فيما مثّل نبيل ماروني الوزير إيلي ماروني، ونابت السيدة جيزيل المعلوف عن زوجها النائب جوزف المعلوف. وحضر أيضاً النواب السابقون: سليم عون، وكميل المعلوف، وخليل الهراوي وحسن يعقوب، ورئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في زحلة والبقاع إدمون جريصاتي، ونائب رئيس بلدية زحلة ـ معلّقة عصام خراط، وأعضاء المجلس البلدي، وحشد كبير من أبناء الرعية والمؤمنين.

وبعد الإنجيل المقدس ارتجل صاحب الغبطة موعظة بليغة رحّب فيها بجميع الحضور شاكراً إياهم على حفاوة استقبالهم وعمق محبتهم وعلى رأسهم أساقفة المدينة الذين يجسّدون الوحدة المسيحية الحقة، ثم تحدّث عن لبنان لؤلؤة العيش، منارة الحضارة، وهو من ينابيع الديانات السماوية الثلاث التي يعتز جميع المؤمنين بها وقد نشروها في العالم كله.
وتطرّق إلى زيارته الأخيرة لولاية كيرالا في الهند، حيث لمس ما حقّقه الإخوة الذين ينتمون إلى التراث السرياني من مآثر وإنجازات نفتخر بها كلنا، فرغم قلّة عددهم برعوا في التربية، في مؤسسات الصحة والمعونات الإجتماعية، وقدّموا صورة ولا أنصع عن الانسان المتحضّر الذي يجمع ولا يفرّق، الذي لا يتعامل مع الآخرين بحسب لونهم، أو لغتهم او دينهم، بل يرى فيهم جميعاً أولاداً لله تعالى أبي الجميع.


      وصلّى غبطته للعذراء مريم في عيد الوردية المقدّسة والقديسة تريزيا وجميع القديسين والقديسات كي يحفظوا بقوة الله وبصليبه الغالب هذه البلدة الرائعة الجمال والحضارية والتي هي عروس البقاع، وأن يحموا لبنان الغالي الذي نحبّه كلنا، ليس قولاً ولكن بالفعل والتضحية، بنكران الذات حتى نكران حقوقنا التي تسمّى حقوق الطائفة، لأننا نضع لبنان في أولوية مسلكنا المدني ونجلّ هذا البلد ولا نبخل عليه بأيّ تضحية.

وألقى حنا خياط كلمة ترحيبية، تحدث فيها عن قَدَر الطائفة، فمن إهمال المسؤولين لأبسط حقوقنا في هذا الوطن الذي نؤكد أننا جزءٌ أساسي في بنائه وديمومته، إلى إحباطٍ في النفوس يذكّرنا به كل عهد يتجاهل وجودنا، إلا أنّ هذا لن يؤثّر على رسوخ أقدامنا في هذا الجبل الأشمّ.

في نهاية القداس كرّم صاحب الغبطة السيد عبدو رزق الله وكيل الكنيسة من سنين طوال الذي ضحى وما زال يضحي متفانيًا في خدمة الرعية وشجع صاحب الغبطة الجميع ليحبوا كنيستهم ويخدموا بيتهم، ثم منحهم البركة الختامية.

 

 

بعد القداس تقبّل غبطته التهاني من الحضور جميعاً في صالون الرعية. ثم شارك الجميع في مأدبة الغداء الفاخرة التي دعا إليها كاهن وأبناء رعية زحلة في مطعم المونتي ألبيرتو ـ زحلة، حيث ألقيت كلمات عديدة بهذه المناسبة السعيدة احتفاءً بزيارة صاحب الغبطة التاريخية من السيد الياس غصن والأب ايلي حمزو والسيد بدري عبد الدايم الذي اتحف الجميع بإلقائه شعرًا عن مجد السريان .

عند الرابعة والنصف بعد الظهر، وبعد ساعات من الفرح قضاها مع أبنائه الروحيين في زحلة، عاد غبطة البطريرك يوسف الثالث يونان مع الوفد المرافق له إلى مقرّه في دير الشرفة ـ حريصا، مودَّعين بمثل ما استُقبلوا من حفاوة وتكريم.

الشكر لنعم الرب الغزيرة الذي أتاح إتمام هذه الزيارة بنجاح، فأعطت الثمار الروحية المرجوّة.

 

إضغط للطباعة