وخرج الآباء بالبيان التالي:
1- إننا متضامنون مع شعبنا السوريّ الصامد في إصراره على الحياة الكريمة ووحدة الوطن وتلاحمه بكافة مكوّناته الاجتماعيّة والدينيّة والوطنيّة، ومع مسيرة الإصلاح الشامل والفعّال الذي ينبغي أن يتحقق على أرض الواقع في المجالات السياسيّة والاجتماعيّة والثقافيّة والخدميّة، بتضافر جهود جميع السوريين، دولةً وحكومةً وأحزابًا ومعارضة بنّاءة وأخصائيّين، ضمن الوحدة الوطنيّة والمشاركة الفعّالة في الحوار الوطنيّ، الذي من دونه لا يقوم إصلاح ويبقى مجرد رغبة، مع أنه السبيل الأمثل للخروج من دوامة العنف والهيمنة. هذا الحوار دعت إليه الدولة، ونَهيب بكافة الأطراف الوطنيّة في الداخل وفي الخارج إلى المشاركة فيه لبناء سورية الجديدة الديمقراطيّة التعدّدية. كما ندعو إلى المشاركة الكثيفة بحرية ونزاهة، في انتخابات مجلس الشعب السوريّ في 7 أيار القادم للتعبير عن إرادة المواطنين.
2- إن الله عز جلاله هو أول من فتح الحوار مع البشر عن طريق الوحيّ الإلهيّ المتضمَّن في الكتاب المقدس، وقد دعاهم إلى مشاركته الوجود والوجود الأفضل، والسيد المسيح جاء إلى الأرض لتكون للناس الحياة، والحياة الأوفر. لذلك فإن الكنيسة، إذ هي داعية إلى المصالحة ومشارِكة في الحوار، تدعو إلى هذا الحوار بين الدولة وأطياف الوطن المتمثلة بقواه الفاعلة والمعارضة، وإلى بناء الثقة والاحترام المتبادل والانفتاح على رأي الآخر وانتماءاته السياسيّة والفكريّة والدينيّة.
3- إن العنف قد تجاوز الحدود ولا يسعنا إلاَّ أن نناشد ، بقوة وإصرار، الضمائر الحيّة لتعود إلى رشدها، فتقلع عن كل ما يدمّر الإنسان والوطن. لذا نشجب كل أساليب العنف من حيث ما أتت، وندعو إلى عدم زج المواطنين الآمنين في الصراع السياسيّ، وعدم تخويف الناس وترهيبهم بالخطف والقتل والابتزاز والتخريب والاستيلاء على ممتلكاتهم، وفرض الذات بالقوة والبطش. ومن جانبنا ندعم مهمّة المبعوث الدوليّ كوفي أنان، لاسيما في وجهها الإنسانيّ لسحب السلاح من الأحياء والمدن. كما نطالب بالإسراع في إعادة المهجّرين إلى ديارهم والتعويض للمتضررين وفرض القانون، والبدء بحلحلة الأزمة والمباشرة بالمفاوضات والسير بالإصلاحات العمليّة لنظام البلاد ومحاربة الفساد بما يؤمن المشاركة والمساواة في الحقوق كما في الواجبات لجميع المواطنين.
4- إننا نتضامن مع آلام ومعاناة جميع المواطنين المتضرّرين من جراء الأحداث الأليمة ودوامة العنف في مناطق مختلفة من البلاد منذ 13 شهرًا، من مدنيين وعسكريين. ومن الطبيعي أن تتوجه أبصارنا بصورة خاصة إلى أسر أبنائنا المسيحيّين الذين اضطروا إلى النزوح من منازلهم ومناطقهم، بل استُخدموا أحيانًا دروعًا بشرية للاحتماء وكساحة معركة غير متكافئة. ففيما نقف إلى جانبهم في محنتهم نؤكد أننا سنبذل قصارى جهدنا في مدّ يد العون إليهم، بخاصة من خلال اللجنة الخيريّة المشتركة، متابعين احتياجاتهم الماديّة والرعويّة والاجتماعيّة والصحيّة. وقد بدأت الكنائس برامج الإغاثة فعلاً. ونودّ في هذا الشأن أن نعبر عن امتنانا لبادرة الأب الأقدّس قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر في مساهمته لمنكوبي الأحداث الدامية في بلدنا. كما نشكر جميع الذين ساهموا في هذه الخدمة الإنسانيّة من أبنائنا وبناتنا ومؤسساتنا الوطنيّة المتنوعة.
6- وإذ ندعو إلى الشفافية في التعامل الإعلاميّ الداخليّ مع الأحداث، نَهيب بالإعلام الخارجيّ أن يتوخى الحقيقة والموضوعية في نقل الخبر وعدم تشويه الحقائق. كما نناشد المجتمع الدوليّ والعربيّ بدعم جهود مسيرة السلام في سورية والمنطقة بأسرها. وختامًا نتوجّه إلى الشعب السوريّ الحبيب وإلى أبنائنا المسيحيّين خاصة، بالدعوة للتضامن والصمود والتكاتف، للخروج من هذه المحنة بروح الرجاء والثقة بطاقات شعبنا، لإيجاد الحلول المناسبة لبناء سورية الجديدة بالمحبة والتآخي، وتغليب لغة العقل على لغة السلاح والمجابهة. وفي جو القيامة الذي نعيشه، نتمنى عليهم أن تثبت القيامة في قلوبهم وأن يكونوا شهودًا لها.
مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في سورية حلب في 25 نيسان 2012
|