وفي مشهدٍ معبّر ساهمت في إظهار معالمه الترانيم الدينية والشموع والتصفيق، وفي تمام الساعة السادسة من مساء يوم الجمعة 14 أيلول 2012، شقّ "رسول السلام" طريقه بين الجموع في بازيليك القديس بولس للروم الكاثوليك، رافعاً صليبه، صليب المسيحيين وعلى شفتيه ترتسم ابتسامة محبة. وبدا وراءه غبطة بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحّام، وبطاركة الشرق الكاثوليك، ومن بينهم غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، وكان سبقهم بدقائق فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان.
وقّع البابا بنديكتوس السادس عشر الإرشاد الرسولي على مذبح البازيليك في حضور ممثّل مفتي الجمهورية الشيخ محمد الخانقي، المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، بطاركة الشرق الكاثوليك أو ممثّليهم، سيادة السفير البابوي المطران كبريالي كاتشا، أمين السر العام لسينودس الأساقفة المونسنيور نيكولا إيتروفيتش، سفير لبنان في الفاتيكان جورج خوري، وعدد من الوزراء والنواب وفعاليات. وكان لحّام قدّم إلى البابا طقماً من السكاكين من الصناعة اليدوية الجزينية، وبادله البابا بنسخة من العهد الجديد.
ورأس الكنيسة الكاثوليكية الذي قارب المخاوف المسيحية المشرقية بتأكيده "إنّ كنائس الشرق الأوسط لا تخاف لأنّ الرب والكنيسة العالمية معها"، كان متلقّياً بانتباه كلمة بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحّام الذي ربط بين أهداف تنفيذ السينودس والوصول إلى "ربيع عربي" حقيقي عبر إيجاد حلّ للصراع العربي ـ الاسرائيلي، ليضع بعدها "ختمه" على وثيقة السينودس الموجَّه إلى مسيحيي لبنان والمنطقة، والتي تبدو أشبه بخريطة طريق لهم للأعوام المقبلة.
ولقاء حريصا هذا الذي بلور في جانب منه التلاحم بين الرئاسة اللبنانية المسيحية الوحيدة في هذا الجزء من العالم، والكنيسة بشقّيها المحلي والعالمي، لم يخلُ من لقطات ذات دلالات في هذا المجال، عكسها حضور رئيس الجمهورية ميشال سليمان وعقيلته اللقاء، فالتحيات والسلامات المتبادلة بينه وبين رأس الكنيسة الكاثوليكية، إلى سائر ممثّلي الطوائف والمذاهب الإسلامية والمسيحية، فضلاً عن الصور التي جمعت سليمان وقداسة البابا على امتداد الطرق المؤدية إلى مكان التوقيع.
في أيّ حال، ورغم اقتصار لقاء البولسية على حضور ديني وبعض الشخصيات المدنية، فهو لم يخلُ من مشاركة شعبية جسّدها حضور أهالي درعون وحريصا والقرى المحيطة إلى المكان، رافعين الصور والأعلام البابوية، ومعها الآمال "بلبنان وشرق أكثر أمناً وسلاماً"، وتوّجوا اللقاء بتسليمهم الحبر الأعظم مفتاح بلدتهم.
وبالتزامن مع توقيعه الإرشاد الرسولي، ألقى قداسة البابا بنديكتوس الكلمة التالية:
"فخامة رئيس الجمهورية،
صاحب الغبطة، أصحاب الغبطة البطاركة الأجلاء،
أيها الإخوة في الأسقفية وأعضاء المجلس الخاصّ لسينودس الأساقفة من أجل الشرق الأوسط،
أيها الموقّرون ممثّلو المذاهب الدينية، وعالم الثقافة والمجتمع المدني،
إخوتي وأخواتي في المسيح، أيها الأصدقاء الأعزاء،
أُعبِّرُ عن خالص شكري لغبطة البطريرك غريغوريوس الثالث لحّام لكلمات الاستقبال القلبية، وكذلك لكلمة التقديم للسكرتير العام لسينودس الأساقفة، المونسنيور نيكولا إيتروفيتش. تحيّاتي الحارّة تتّجه للبطاركة، ولجميع الأساقفة الشرقيين واللاتين المجتمعين في هذه البازيليك البديعة لمار بولس، وإلى أعضاء الجمعية الخاصّة لسينودس الأساقفة من أجل الشرق الأوسط. يسعدني أيضاً حضورُ الوفد الأرثوذكسي والإسلامي والدرزي، وكذلك ممثّلي عالم الثقافة والمجتمع المدني. أحيّي بحرارة جماعة الروم الكاثوليك الغالية والتي تستقبلني. إنّ حضورَكم يجعل توقيع الإرشاد الرسولي "الكنيسة في الشرق الأوسط" أكثر احتفاليِة، ويشهد على أنّ هذه الوثيقة، والموجَّهة بالتأكيد للكنيسة الجامعة، تتوشّح بأهمية خاصّة بالنسبة للشرق الأوسط بأكمله.
شاءت العناية الإلهيِة أن يتمّ هذا الحدث في ذات يوم عيد الصليب المجيد، الذي ولد بالشرق عام ٣٣٥، غداة تكريس بازيليك كنيسة القيامة التي شُيّدت فوق الجلجثة وقبر ربنا، من قبل الأمبرطور قسطنطين الكبير، والذي تكرّمونه كقديس. سيُحتفل بعد شهر بالذكرى السنويِة الـ ١٧٠٠ للرؤيِة التي شاهد فيها، أثناء ليلة رمزيِة لارتيابه، علامة chrismonمتوهّجة، وهنا سمع صوتاً يقول له: "بهذه العلامة ستنتصر!". لاحقاً، تاب الأمبرطور قسطنطين، ووقّع مرسوم ميلانو، وأطلق اسمه على القسطنطينيِة. أعتقد أنّ هذا الإرشاد يمكن قراءته وتفسيره على ضوء عيد الصليب المجيد، وخاصةً على ضوء علامة chrismon، الـx(خاي) والـ p(رو)، من الحرفين الأوّلين من كلمة المسيح Christos. قراءة كهذه تقود لإعادة اكتشاف حقيقي لهوية المعمّد والكنيسة، وتشكّل، في الوقت ذاته، دعوة للشهادة في ومن خلال الشركة. ألم تتأسس الشهادة والشركة المسيحيتان على السرّ الفصحي، أي على صلب وموت وقيامة المسيح؟ ألم يجدا فيه تحقيقهما التام؟ هناك وثاق لا ينفصل بين الصليب والقيامة، والذي لا يمكن للمسيحي أن ينساه. بدون هذا الوثاق، تعظيم الصليب يعني تبرير الألم والموت، حيث لا يرى فيهما سوى نهاية مهلكة. بالنسبة للمسيحي، تعظيم الصليب يعني الإتحاد بشمولية محبة الله غير المشروطة للبشر. إنه القيام بفعل إيمان! تعظيم الصليب، من منظور القيامة، يعني اشتهاء العيش والشهادة لشمولية هذه المحبة. إنّه القيام بفعل محبة! تمجيد الصليب يقود للالتزام بمبادرات الشركة الأخوية والكنسية، نبع للشهادة المسيحية الحقّة. إنه القيام بفعل الرجاء!
بالنظر الحاني للوضع الحالي للكنائس بالشرق الأوسط، استطاع آباء السينودس التمعُّن في الأفراح والأحزان، في المخاوف وآمال تلاميذ المسيح الذين يعيشون في هذه الأماكن. وتمكّنت الكنيسة الجامعة من سماع الصرخة القلقة، والتمعّن في النظرة المحبطة لكثير من الرجال والنساء الذين يجدون أنفسهم داخل أوضاع بشرية ومادية شاقّة، والذين يعيشون ضغوطاً عصبية في الخوف والقلق، والذين يريدون اتباع المسيح ـ الذي يعطي معنى لوجودهم ـ ولكنّهم يجدون أنفسهم في كثير من الأحيان ممنوعين. لهذا السبب رغبتُ في أن تكون رسالة القديس بطرس الأولى لحمة ومغزال هذه الوثيقة. في الوقت نفسه، استطاعت الكنيسة أن تقدّر كل ما هو طيّب ونبيل في هذه الكنائس التي تحيا على هذه الأراضي. كيف لا نشكر الله دائماً من أجلكم جميعاً (راجع ١ تس ١: ٢؛ الجزء الأول من الإرشاد ما بعد السينودس ).
أعزّائي مسيحيي الشرق الأوسط! كيف لا نحمده من أجل شجاعتكم في الإيمان؟ وكيف لا نشكره من أجل شعلة محبته اللانهائية، والتي تستمرّون في الحفاظ عليها حيّةً ومشتعلةً في هذه الأماكن التي كانت الأولى في استقبال ابنه المتجسّد؟ كيف لا نسبّح بامتنان من أجل مبادرات الشركة الكنسية والأخوية، لتوثيق التضامن البشري بلا كلل تجاه جميع أبناء الله؟
الكنيسة في الشرق الأوسط تسمح بالتفكير مجدّداً في الحاضر للتطلّع إلى المستقبل بنظرة المسيح نفسه، بتوجّهاته الكتابية والرعوية، بدعوته للتعمّق الروحي والكنسي، عن طريق التجديد الليتورجي والتعليم المسيحي الموصى به، بندائه للحوار، إنه يريد شقّ طريق للبحث عن الأساسي: اتباع المسيح، في إطار صعب وأحياناً أليم، سياق قد يدفع لولادة تجربة إغفال أو نسيان الصليب المجيد.
إنّه الآن تحديداً حيث يجب الإحتفال بانتصار المحبّة على الكراهية، والمغفرة على الانتقام، والخدمة على التسلّط، والتواضع على التكبّر، والوحدة على الإنقسام. على ضوء عيد اليوم وبغرض تطبيق مثمر للإرشاد، أدعوكم جميعاً ألا تخافوا، وأن تقيموا في الحقيقة وأن تفعّلوا طهارة الإيمان. إنّ هذه هي لغة الصليب المجيد! هذا هو جنون الصليب: هو أن نعرف أن نحوّل آلامنا إلى صرخة محبّة تجاه الله، وصرخة رحمة تجاه القريب. هو أن نعرف أيضاً كيف نبدّل أشخاصاً مهاجمين ومجروحين في إيمانهم وفي هويتهم، إلى آنية من خزف مستعدّة للإمتلاء من العطايا الإلهية الوافرة والنفسية كالذهب (راجع: ٢ كو ٤: ٧ـ١٨). إنّ الأمر لا يتعلّق بمجرّد لغة بلاغية، ولكنّه نداءٌ ملحٌّ للقيام بأعمال ملموسة تنعكس دائماً وقبل كل شيء في المسيح، بأعمال تساعد مختلف الكنائس لتعكس كمرآة بهاء جماعة المؤمنين الأولى (راجع: أع ٢: ٤١ـ٤٧؛ القسم الثاني من الإرشاد)، لأعمال تحاكي تلك التي كانت لقسطنطين الذي عرف أن يشهد ويخرج المسيحيين من التمييز ليسمح لهم أن يحيوا علانيةً وبحرية إيمانهم بالمسيح مصلوباً ومائتاً وقائماً من أجل خلاص الجميع.
الكنيسة في الشرق الأوسط تقدّم بعض العناصر التي يمكنها أن تساعد، على سبيل المثال، في عمل فحص ضمير شخصي وجماعي، وتقييم موضوعي للالتزام ولرغبة كل تلميذ للمسيح في القداسة. يفتح الإرشاد الطريق لحوارٍ بين الأديان يقوم على الإيمان بإلهٍ واحد وخالق. ويرغب كذلك في المساهمة في حوار مسكوني غني بالحماس الإنساني والروحانية والمحبة، في الحقيقة والمحبة الإنجيلية، آخذاً قوته من وصية القائم من بين الأموات: "إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمّدوهم باسم الآب والإبن والروح القدس، وعلّموهم أن يعملوا بكل ما أوصيتكم به، وها أنا معكم طوال الأيام، إلى انقضاء الدهر" (متى ٢٨: ١٩ـ٢٠). يرغب الإرشاد، من خلال كل محتوياته، في مساعدة كل تلميذ للمسيح أن يحيا ملء حياته، وأن ينقل واقعياً ما أضحى عليه في المعمودية: إبناً للنور، إنساناً أضاءه الله، مصباحاً جديداً في الظلام المحبط للعالم، لكي من الظلمات يشرق النور (راجع يو ١: ٤ـ2: 5، كو ٤: ١ـ6). إنّ هذه الوثيقة تريد المساهمة في تجريد الإيمان من كلّ ما من شأنه تشويهه، من كلّ ما بإمكانه تعتيم بهاء نور المسيح. الشركة إذاً تعني انتماءً حقيقياً إلى المسيح، والشهادة هي إشعاعٌ للسرّ الفصحي الذي يعطي معنىً شاملاً للصليب المجيد. نحن نتبع و"ننادي بالمسيح مصلوباً... قدرة الله و حكمة الله" (١ كو ٢٣ـ٢٤؛ راجع الفصل الثالث من الإرشاد).
"لا تخف، أيّها القطيع الصّغير!" (لو ١٢:٣٢)، وتذكّر الوعد الذي قطع مع قسطنطين: "بهذه العلامة ستنتصر!" يا كنائس الشرق الأوسط، لا تخفْنَ، لانّ الربّ حقّاً معكنَّ حتى انتهاء العالم! لا تخفْنَ، لأنّ الكنيسة الجامعة ترافقكنَّ بقربها منكنَّ إنسانياً و روحياً! بمشاعر الرجاء والتشجيع هذه بأن تكونوا مبادرين فعّالين للإيمان عبر الشركة و الشهادة. سأسلّم يوم الأحد الارشاد الرسولي لإخوتي الموقّرين البطاركة،
ورؤساء الأساقفة والأساقفة، ولجميع الكهنة، والشمامسة، المكرَّسين والمكرَّسات، والإكليريكيين، وللمؤمنين العلمانيين. "فتشجّعوا" (يوحنا 16: ٣٣)! بشفاعة العذراء مريم، أمّ الله، أستدعي وبعاطفة كبيرة فيضاً من النعم الإلهية عليكم جميعاً! ليمنح الله كل شعوب الشرق الأوسط أن يحيوا في السلام والأخوّة والحرية الدينية! ليبارككم الله جميعاً!".
وكان أمين السر العام لسينودس الأساقفة المونسنيور نيكولا إيتروفيتش قال: "من خلال إرادة الآب السماوي أصبح المسيح مخلّصاً على خشبة الصليب، وخلاصه لكل المسكونة، لا فرق بين يونانيين ويهود، الخلاص لكل من يعرف ويدرك حكمة الله".
وأضاف: "كل أساقفة الشرق الأوسط بشراكة وشهادة، بحيث أنّ تعدّدية كل المؤمنين بالله رغم اختلافهم هم قلب واحد، وروح واحدة، لندرك كلنا أننا أعضاء جسد المسيح السري، وعلامة لصليبه الذي جعلنا نتغلّب على كل الاختبارات والخبرات المؤلمة، والممزوجة تارةً باللاعدالة وطوراً بالألم، والمختلطة بالمعاناة والعنف، وأحياناً كثيرة بالحرب. ولكنّنا نقول إننا بنعمة الروح القدس، ما زلنا وسنبقى حاضرين ومؤمنين بأنّ صليبنا هو طريق الخلاص لجميع الذين يريدون سلوك هذه الطريق وبحرية أبناء الله (...)".
وأشار إلى أنّ "ما يجمعنا هو العمل والمحبة والشراكة من أجل تخطّي كل الصعوبات وملء الفراغات وسط آلام هذا الدهر، لكي نتمكّن من معالجة كل ما ينقصنا، فيولد الربيع المشرقي الجديد، وهو وليد الإرشاد الرسولي الصادر عن قداستكم، ونؤمن أنه دستورٌ حيٌّ لإحياء الكنيسة".
وختم:"قداسة الحبر الأعظم، باسم كل أعضاء مجلس بطاركة وأساقفة الشرق الأوسط، تشرّفني دعوتكم الكريمة لتوقيع الإرشاد الرسولي ليكون لنا طريقاً جديدة في شرق أوسط جديد مزروع في قلب كل مسيحي".
وكان الجميع قد جلسوا على الكرسي المخصّص لهم وسط البطاركة الذين قَدِموا للمشاركة في حدث التوقيع على الإرشاد الرسولي.
وكان البطريرك لحّام استهل اللقاء بالقول: "توقّعون هذا الإرشاد في لبنان، ولكنّه موجَّهٌ إلى الكنيسة في الشرق الأوسط، لا بل هو في محتواه وغايته موجَّهٌ إلى المشرق العربي بأسره انطلاقاً من لبنان. إنه إرشاد رسولي للمسيحيين في لبنان والشرق العربي، ويتعدّاهم إذ إنه ضروري لأجل إيضاح معنى وجودهم، ودورهم ورسالتهم وخدمتهم وشهادتهم في العالم العربي ذي الأغلبية المسلمة. وتُختصر هذه الرسالة بأن يكونوا نوراً وملحاً وخميرة، ويعرفوا أنهم القطيع الصغير الذي لا يخاف ولا يرهب ولا يتراجع أمام دوره الكبير.
إنّ جوهر الإرشاد الرسولي هو شعاره: شركة وشهادة. أعني وحدة في الداخل لأجل شهادة في الخارج. إنه شعار مسيحي. ولكنّه أيضاً شعار مسيحي ـ إسلامي، لأنه شعار يجب أن يُعاش بتفاعل وتواصل مع أطياف هذه المنطقة وطوائفها. لا بل من الضروري أن يُعاش على مستوى العالم العربي.
لقد اهتم السينودس لأجل الشرق الأوسط اهتماماً مميّزاً بقضية لها تأثير كبير على الكنيسة في الشرق العربي، ألا وهي القضية الفلسطينية. إننا نشكر موقف الفاتيكان والبابوات الثابت على مرّ السنين تجاه هذه القضية".
ورأى "أنَّ هذا الموقف الثابت هو عمل حق وعدل وعدالة، يحتاج إليه عالمنا اليوم الذي تكثر فيه المظالم السياسية، وهكذا يبقى الفاتيكان رائد العدالة العالمية. مع العلم أنَّ حلّ الصراع الفلسطيني الاسرائيلي العربي كفيل بأن يحل مشاكل العالم العربي الأكثر تعقيداً، وهو كفيل أيضاً وخصوصاً بلجم هجرة المسيحيين، وتثبيت وجودهم في الشرق مهد المسيحية، ليتابعوا فيه مسيرتهم التاريخية ودورهم ورسالتهم، جنباً إلى جنب ويداً بيد مع إخوتهم ومواطنيهم المسلمين من جميع الطوائف، لكي تكون للجميع الحياة وتكون لهم أوفر (يوحنا 10:10)، وأكثر حرية وكرامة وعدالة وسعادة وانفتاحاً وتطوّراً وازدهاراً".
واعتبر أنَ "الاعتراف بفلسطين هو أثمن هدية تُقدَّم للمشرق العربي بجميع طوائفهم مسيحيين ومسلمين. وهذا ما يضمن تحقيق أهداف السينودس لأجل الشرق الأوسط، وأهداف الإرشاد الرسولي الذي نشكركم عليه، هذا الاعتراف يمهّد لربيع عربي حقيقي، ولديمقراطية حقيقية، ولثورة قادرة أن تغيّر وجه العالم العربي، وتؤمّن السلام للأرض المقدسة وللشرق الأوسط والعالم. العالم بحاجة إلى البابا، (كما أكّدتُه في وثيقة قدَّمتُها إلى قداستكم أثناء السينودس لأجل الشرق الأوسط)، بحاجة إلى الوحدة، إلى كنيسة قوية متماسكة، قادرة أن تحمل إلى العالم قيم بشرى الإنجيل المتجدّدة (...)".
|