باسم البطاركة والأساقفة يسعدني ويشرفني، أيها الأب الأقدس، أن أرحب بقداستكم في هذا الكرسي البطريركي، حيث تلتقون شبيبة لبنان والعالم العربي. هؤلاء الشباب هم متعطّشون إلى الرجاء في ظلّ تسارُع الأحداث التي تستدعي بشكلٍ متواصل الرجاء والقلق في آنٍ معاً، إنهم يتوقون إلى حياةٍ توفّر السلام والحق والاستقرار، لكي يتمكّنوا من تحقيق ذاتهم في بلدانهم، ويتجنّبوا الهجرة,
معكم، يا صاحب القداسة، نتوجّه إليهم من خلال كلام يوحنا الرسول: "أنتم أقوياء وكلمة الله ثابتة فيكم" (1يو2/14).
تستدعي هموم الشباب تجاه مستقبلهم لقاءً شخصياً مع المسيح الذي وحده يستطيع تجديد إيمانهم، وتشديد رجائهم، وإعادة إحياء شهادة المحبة من جهة، وإيجاد السبل الآيلة إلى تحقيق قيم الحرية والمساواة في الحقوق والواجبات، وكرامة الانسان في بلادهم من جهة ثانية. إنّ هؤلاء الشباب يعانون من أزمات سياسية، اجتماعية، اقتصادية وثقافية تؤثّر سلباً على إيمانهم، وتؤدّي بعددٍ منهم إلى فقدان المعنى الحقيقي لهويتهم المسيحية، ولتجذّرهم في أرضهم وكنائسهم. وتزداد مخاوفهم أمام تنامي ظاهرة الأصولية الدينية التي لا تؤمن بحق الاختلاف ولا بحق حرية المعتقد والضمير، وتلجأ إلى العنف سبيلاً وحيداً للوصول إلى غايتها.
في زمن التحوّلات المتنوّعة والسريعة، شبابنا بحاجة ماسّة إلى إعادة اكتشاف قيمهم الأخلاقي والإجتماعية والإقتصادية والثقافية ليتمكّنوا من تأدية دورهم في نقل الرسالة المسيحية إلى مجتمعاتهم.
لا شك أنّ القيم الأكثر إلحاحاً، والمدعوّة شبيبتنا لتشهد لها في هذه المنطقة، هي قيم العيش المشترك والمصالحة والثقة المتبادلة، لأنّ ثقافة السلام لا تُبنى إلا على مثل هذه القيم.
أيها الأب الأقدس، إنّ شبابنا يشكرون قداستكم على الإرشاد الرسولي الذي وقّعتموه بالأمس، لأنه يرسم لهم الطريق لالتزامهم الجديد، ويجعل منهم قوى حيّة في كنائسهم ومجتمعاتهم. والآن، هم ينتظرون بشوق وامتنان كلمتكم المشجّعة والمنيرة، ويلتمسون بركتكم الرسولية المطمئنة.
|