وفي مطار بغداد الدولي، كان في استقبال غبطته وفد رسمي يمثّل الحكومة العراقية، وعدد من مطارنة الكنيسة الكلدانية، وصاحبا السيادة المطران مار أثناسيوس متي متوكة، والمطران مار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد للسريان الكاثوليك.
وبعد استراحة قصيرة في قاعة الشرف بالمطار، توجّه غبطته والوفد المرافق إلى مقر الإقامة في دار مطرانية بغداد السريانية في الكرادة، حيث استقبل غبطته الكهنة وبعض المؤمنين من أبناء أبرشيتنا في بغداد.
وقبل ظهر اليوم التالي، الأربعاء 6/3، شارك غبطة أبينا البطريرك في احتفال رتبة تولية وتنصيب غبطة البطريرك الجديد للكنيسة الكلدانية مار لويس روفائيل الأوّل ساكو، الذي أقيم في كنيسة مار يوسف للكلدان في الكرادة ـ بغداد.
شارك أيضاً في هذا الاحتفال، غبطة بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحّام، وغبطة مار أداي الثاني بطريرك الكنيسة المشرقية القديمة، وممثّلون عن البطاركة الكاثوليك والأرثوذكس، والمطران جورجيو لينغوا السفير البابوي في العراق، وعدد كبير من الأساقفة من مختلف الكنائس، وكهنة وشمامسة ورهبان وراهبات، وجموع غفيرة من المؤمنين من داخل العراق وخارجه.
كما حضرت هذا الاحتفال شخصيات بارزة حكومية وبرلمانية، وسفراء الدول والهيئات الدبلوماسية لدى العراق، ورجال الدين من جميع الديانات والمذاهب والطوائف، وفي مقدّمتهم، نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي، ونائبه صالح المطلك، وأسامة النجيفي رئيس مجلس النواب، وممثّل عن رئيس الجمهورية، بالإضافة إلى القادة العسكريين، ووجهاء العشائر، وممثّلي منظّمات المجتمع المدني.
شقّ موكب البطريرك الجديد طريقه نحو المذبح بخطى وئيدة، محاطاً بهالة من الأنوار والقداسة، حيث حيّا الجموع التي اكتظّت بها الكنيسة، إيذاناً ببدء مراسيم التنصيب الرسمية.
ابتدأ المطران إميل شمعون نونا رئيس أساقفة أبرشية الموصل الكلدانية المراسيم، التي احتفل بها مطارنة الكنيسة الكلدانية في العراق وخارجه، بتقديم نبذة تعريفية عن السيرة الذاتية لحياة البطريرك الجديد، تضمّنت دراساته واختصاصاتها، والمناصب التي اعتلاها منذ انخراطه في السلك الإكليريكي.
تميّزت مراسيم الرتبة بصلوات، تخلّلها إلباس البطريرك ساكو قميصاً أبيضاً وغفّارة، وصليباً يُعلَّق على صدره يرمز إلى دربه الشاق، وخاتماً يدلّ على سلطته وأمانته، وتاجاً يشير إلى الملوكية، وعكّازاً يرمز إلى الرعاية الأبوية، لتنتهي هذه المراسيم بجمع كلّ العكّازات التي حملها الأساقفة خلال الرتبة، فيبقى عكّازاً واحداً بيد البطريرك الجديد وحده، دلالةً على سلطة البطريرك الجديد على رأس الكنيسة الكلدانية، معلنين إتمام مراسيم التنصيب، فعلت أصوات الهلاهل والزغاريد والتصفيق الحار من قبل الحاضرين.
وألقى غبطة البطريرك الجديد كلمة، عبّر فيها عن شكره وامتنانه للمشاركة الواسعة التي حظي بها في مراسيم تنصيبه، وقال "اليوم أعود إلى بغداد مدينة السلام، بعد خدمة في الكهنوت ابتدأتها من الموصل الحدباء، مروراً بكركوك المتآخية كأسقف لها"، داعياً المسيحيين العراقيين إلى "عدم الرضوخ للخوف والهجرة إلى بلاد الاغتراب والتشتّت"، معلناً "السير في اتّجاه التغيير والتجدّد والأصالة، لأنّ العالم سائر نحو التغيير".
وأضاف البطريرك ساكو "إننا لسنا أقلية طارئة في هذه البلاد، بل نحن سكّان العراق الأصلاء منذ أكثر من ألفي عام، لنا تاريخ وعطاء أسهم في بناء الحضارة والفكر والثقافة مع العرب والإخوة المسلمين القادمين من الجزيرة العربية"، مشيراً إلى أنّ "بقاء المسيحيين في العراق والشرق الأوسط هو مسؤولية المسلمين والعرب بالدرجة الأولى".
ثمّ ألقى رئيس الوزراء نوري المالكي كلمة هنّأ فيها البطريرك الجديد، مشيداً بكلام غبطته، معتبراً أنه برنامج عمل وتوجّهات تتناسب مع السعي إلى وحدة العراق، عبر وضع الهوية الوطنية في مقدّمة ما تهدف إليه الحكومة العراقية، مطالباً أبناء البلد من المسيحيين بالتشبّث ببلدهم وعدم الانصياع إلى دعوات الهجرة أوالرضوخ لدعاة القتل والجهل، بل إكمال مسار التكامل، وصولاً إلى ضفاف السلام والرفاهية، بعيداً عن التعصّب والكراهية.
كما ألقى رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي كلم بالمناسبة، هنّأ فيها أيضاً البطريرك الجديد، وقال "من دواعي الفخر والسعادة أن نشارك في هذا المنجز الحضاري، لنحتفل بهذا اليوم التاريخي الذي ندعو فيه إلى إرساء وحدة العراق، خاصةً أنّ بلادنا لا تزال تحت وطأة نيران تُلهِب المنطقة وتهدّد عراقنا بالتجزئة والتقسيم، مؤكّداً أنّ المسيحيين هم أبناء البلد الأصلاء، والعراق أرضهم وأرض آبائهم وأجدادهم.
وجدّد النجيفي أمله في أن يسهم هذا النجاح في زيادة أواصر الوحدة الوطنية في بلد يحظى فيه الجميع بالأمن والإطمئنان وعودة المسيحيين من المهجر، لتكون سابقة تاريخية تُسجَّل لصالح غبطة البطريرك لويس ساكو.
وبعد ظهر اليوم نفسه، شارك غبطة أبينا البطريرك أيضاً في القداس الاحتفالي الأوّل للبطريرك الجديد، بمشاركة عدد من الأساقفة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات وجموع غفيرة من المؤمنين.
وقد هنّأ غبطة أبينا البطريرك أخاه البطريرك الجديد مار لويس روفائيل الأوّل ساكو، متمنّياً له خدمة مباركة لما فيه خير الكنيسة في العراق والعالم.
فشكره البطريرك ساكو، مثمّناً لغبطته تجشّمه عناء السفر وقدومه من لبنان لمشاركته ومشاركة الكنيسة الكلدانية هذه الفرحة، داعياً لغبطته بالصحة والعافية والتوفيق في خدمته وأعماله الجليلة.
أما في اليوم التالي، الخميس 7/3، فاحتفل غبطة أبينا البطريرك صباحاً بالقداس الإلهي في كاتدرائية سيدة النجاة في الكرادة، يعاونه المطارنة يوسف عبّا، متي متوكة، وجرجس القس موسى، بحضور كهنة كنيستنا السريانية وبعض المؤمنين.
وألقى غبطته كلمة أبوية بعد الإنجيل المقدس، عبّر فيها عن فرحه بزيارة بغداد، وهذه هي الزيارة الثامنة لغبطته إلى العراق، وجدّد تمنّياته للبطريرك الجديد بخدمة مباركة ومثمرة.
وظهراً، شارك غبطة أبينا البطريرك، يرافقه المطارنة، في حفل الغداء الذي أقامه السفير البابوي في العراق المطران جورجيو لينغوا على شرف البطريرك الجديد.
ومن هناك، انتقل غبطة أبينا البطريرك والوفد المرافق إلى مطار بغداد الدولي، حيث غادروا عائدين إلى لبنان، مودَّعين من صاحبي السيادة المطران يوسف عبّا والمطران متي متوكة.
وفي تمام الساعة الرابعة والنصف من بعد الظهر، وصل غبطته وصحبه إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، فاستقبلهم الأب أفرام سمعان أمين سر البطريركية. وبعد استراحة قصيرة في صالون الشرف، عاد غبطته وصحبه إلى مقر الكرسي البطريركي في المتحف ـ بيروت.
(بعض صور هذا الخبر مأخوذة من موقع عنكاوا)
|