في البداية، دخل غبطته بموكب حبري، تتقدّمه جوقة الإثني عشر تلميذاً، والشمامسة والكهنة والأساقفة.
ثم استهلّ غبطته صلوت الرتبة وترانيمها الشجية بلحن الآلام المؤثّر، والقراءات المقدسة من العهدين القديم والجديد، وجميعها تتمحور حول عظمة تواضع يسوع، إذ انحنى وهو السيّد وغسل أقدام تلاميذه.
ثم قام غبطته وخلع الحلّة الحبرية ليتّزر منشفةً، ويقوم بغسل أقدام الإثني عشر شخصاً الذين يمثّلون تلاميذ الرب يسوع الإثني عشر، ويمسحها بمنديل، ثم يقبّلها متشبّهاً بالرب يسوع.
وبعد تلاوة الإنجيل المقدس، ألقى غبطة أبينا البطريرك موعظة روحية مؤثّرة، تناول فيها هذا الحدث العظيم التي تحتفل به الكنيسة في مثل هذا اليوم من كلّ عام، ألا وهو تواضع الرب يسوع والأمثولة العظمى التي أعطاها لتلاميذه في البذل والعطاء والخدمة المتفانية بغسل أقدامهم، معلّماً إيّاهم أن يخدم بعضهم بعضاً.
ثم انتقل بالحديث عن المناسبة الكبرى التي نحييها في مثل هذا اليوم أيضاً، إذ نحيي تذكار العشاء الفصحي، سرّ الأسرار، حيث أسّس الرب يسوع سرّ الإفخارستيا، أي سرّ جسده ودمه الأقدسين، مانحاً التلاميذ سلطان إقامة هذا التذكار، وهكذا جعلت الكنيسة المقدسة من هذا اليوم عيداً للكهنة ولسرّ الكهنوت.
وصلّى غبطته إلى الرب، سائلاً إيّاه أن ينعم على كهنته وخدّام أسراره أن يكونوا على مثاله بالمحبة والخدمة والعطاء.
وختم موعطته، كما في كلّ مناسبة، بالتضرّع إلى الله كي يخفّف الآلام والأزمنة الصعبة التي تمرّ بها بلاد كثيرة معذَّبة في شرقنا، وبخاصة سوريا والعراق، فينعم أبناء تلك البلاد، وبخاصة أبناء كنيستنا فيها، بالسلام والأمان والاستقرار.
وبعد الموعظة، تابع غبطته الاحتفال بالقداس الإلهي تذكاراً للعشاء الفصحي وخميس الأسرار، يعاونه الأساقفة والكهنة والشمامسة.
وفي ختام القداس، حمل غبطته شعاع القربان المقدس وطاف به بزياح حبري مهيب، خرج به من الباب الجنوبي للكاتدرائية، وسار وسط الإكليروس والمؤمنين يباركهم بالقربان المقدس، حتى دخل من الباب الرئيسي للكاتدرائية، وتقدّم نحو المذبح المقدس، حيث كان أعضاء حركة مار شربل قد أعدّوا صمدة خاصة ومميّزة للقربان على المذبح.
وبعد أن بارك غبطته المؤمنين بشعاع القربان المقدس، وضعه في المكان المخصص له على قمّة الصمدة. ثم جثا ومعه الإكليروس والمؤمنون في وقت تأمّل وصلاة وتضرُّع للرب يسوع الحاضر في سر جسده ودمه في القربان المقدس.
هذا وبقيت أبواب الكاتدرائية مفتوحةً أمام المؤمنين حتى منتصف الليل للصلاة والتبارك من القربان المقدس.
|