الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
النص الكامل لموعظة غبطة أبينا البطريرك في قداس وجنّاز الأب الشهيد فرانسوا مراد وجميع الشهداء

 
 
   

    ننشر فيما يلي النص الكامل للموعظة التي ألقاها غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي الكلي الطوبى، خلال احتفاله بالقداس الإلهي وجناز الأب الشهيد فرانسوا مراد وجميع الشهداء، وعلى نيّة إحلال الأمن والسلام وإطلاق سراح جميع المخطوفين، وذلك يوم السبت 3 آب 2013، في كاتدرائية سيّدة البشارة ـ المتحف ـ بيروت:

 

 

"إنّ دم الشهداء بذار للمسيحيين" (ترتليانوس، القرن الثاني)، هو بذار الإيمان والحياة للكنيسة...

"إنّ حبّة الحنطة... إن لم تمت بقيت وحدها، وإن هي ماتت، أتت بثمر كثير"

"إننا من أجلك نُمات كلّ اليوم، وقد حُسبنا كغنم للذبح..."

 

ـ كلمة ترحيب بالحاضرين:

نيافة المطران مار ثيوفيلوس جورج صليبا مطران أبرشية جبل لبنان وطرابلس وأمين سر المجمع المقدس للكنيسة السريانية الأرثوذكسية الشقيقة

أصحاب السيادة المطارنة: مار رابولا أنطوان بيلوني، مار باسيليوس جرجس القس موسى، ومار يوحنّا جهاد بطّاح

الآباء الخوارنة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات، وجموع المؤمنين من رعايا أبرشية بيروت ومن الوافدين إلى لبنان من الجاليتين السورية والعراقية

 

ـ اجتماعنا اليوم في بيت الله، هو للصلاة والشكر لله على منحه إيّانا شهيداً أراد بقصدٍ ثابتٍ أن يتبع معلّمه على درب الآلام حتى الاستشهاد، إذ كان عالماً بأنهم (أي القتلة المجرمين) يريدون أن يتخلّصوا منه. وهذا ما كان يكتبه مراسلاً مطرانه مار يعقوب بهنان هندو، رئيس أساقفة الحسكة ونصيبين... ومع كلّ الاخطار، ظلّ شهيدنا في ديره، بل صومعته، منعكفاً على الصلاة والتأمّل، ساعياً في ذلك المحيط المعادي والمكفِّر، أن يكون رسول سلام وداعية للإلفة والأخوّة...

 

ـ كان في ديرٍ قريبٍ من أنطاكية، هذه المدينة الرسولية المقدسة، وشهيدها مار اغناطيوس الأنطاكي الذي فتح لنا درب الشهادة والاستشهاد، إذ أضحى طعاماً للوحوش المفترسة في روما في بداية القرن الثاني.

 

ـ هذا القديس، شفيع كنيستنا السريانية الأنطاكية، يُعتبَر من أشهر آباء الكنيسة الجامعة. وهو الذي كتب في رسالته إلى كنيسة روما: "... اسمحوا لي أن أصبح طعاماً للوحوش، وهذا دربي كي أصل إلى الله. أنا حنطة الله، وستطحنني أنياب الوحوش، كي أضحي خبزاً طاهراً للمسيح".

 

ـ وهكذا رأينا الأب فرانسوا لا يهاب الموت، بل يقبله حبّاً بالفادي معلّمه.

 

ـ لذا تعتبر الكنيسة أنّ الصلاة من أجل الشهداء هي صلاة تكريمٍ لهم، وشكرٍ للرب لأنه رفعهم إلى رتبة سامية، بأنهم تشبّهوا به في حياتهم كما في مقتلهم، فاستحقّوا أن ينالوا إكليل الظفر.

 

ـ وكنيستنا السريانية، كما سائر الكنائس الشرقية، نسجت تاريخها بمواكب وقوافل من الشهداء والشهيدات. وإنّ صلواتنا الطقسية تزخر بالأناشيد وقصائد المديح لهؤلاء الذين زيّنوا الكنيسة بأكاليلهم، وعطّروها برائحة استشهادهم العطرة. وهي في الصلوات الفرضية، صباحاً ومساءً وليلاً، لا تنفكّ تكرّمهم وتتّخذهم قدوةً للمؤمنين.

ومن هذه الصلوات نذكر:

-        ܣܳܗܕ̈ܶܐ ܠܢܶܫܪ̈ܶܐ ܕܳܡܶܝܬܽܘܢ، ܘܡܶܢ ܐܳܐܰܪ ܩܰܠܺܝܠܺܝܬܽܘܢ. ܕܩܳܪܶܐ ܒܝܰܡܳܐ ܥܳܢܶܝܬܽܘܢ، ܘܰܒܝܰܒܫܳܐ ܬܽܘܒ ܐܺܝܬܰܝܟܽܘܢ

أيها الشهداء إنكم تشبهون النسور، بل أنتم أسرع من الريح. فمن دعاكم من البحر تستجيبونه، وعلى اليابسة أنتم خالدون ومستعدّون

-        ܐܰܝܟܳܐ ܕܶܐܬܩܰܛܰܠܘ̱ ܣܳܗܕ̈ܶܐ ܘܶܐܬܦܰܣܰܩܘ̱ ܗܰܕ̈ܳܡܰܝܗܽܘܢ، ܬܰܡܳܢ ܐܰܓܢܰܬ݀ ܪܽܘܚ ܩܽܘܕܫܳܐ، ܘܰܒܚܽܘܪܒܳܐ ܫܰܝܢܳܐ ܥܶܒܕܰܬ݀

حيث قُتِل الشهداء وتهشَّمت أعضاء أجسادهم، هناك حلّ الروح القدس، وجعل حياةً وأماناً في الصحراء

-        ܕܳܡܶܝܢ ܣܳܗܕ̈ܶܐ ܠܺܐܝܠܳܢ̈ܶܐ ܕܰܢܨܺܝܒܺܝܢ ܥܰܠ ܡܰܒܽܘ̈ܥܶܐ، ܐܺܝܠܳܢ̈ܶܐ ܝܳܗܒܺܝܢ ܦܺܐܪ̈ܶܐ، ܘܣܳܗܕ̈ܶܐ ܡܰܪܕܶܝܢ ܥܽܘܕܪ̈ܳܢܶܐ

الشهداء يشبهون الأشجار المغروسة على جداول المياه، فالأشجار تعطي ثماراً، والشهداء يفيضون المعونات

-        ܫܽܘܒܚܳܐ ܠܝܰܡܺܝܢܳܟ ܡܳܪܰܢ ܕܰܠܣܳܗܕ̈ܶܐ ܟܠܺܝ̈ܠܶܐ ܓܶܕܠܰܬ݀، ܘܚܰܝܠܰܬ݀ ܐܶܢܽܘܢ ܒܰܐܓܽܘܢܳܐ، ܘܣܳܡܰܬ݀ ܟܠܺܝ̈ܠܶܐ ܒܪ̈ܺܝܫܰܝܗܽܘܢ

الحمد ليمينك يا ربنا التي ضفرت أكاليل المجد للشهداء، وشجّعتهم في ميدان الجهاد، وكافأتهم بأكاليل النصر

-         رأى الشهداء الإبن باسطاً يديه على الصليب فسلّموا ذواتهم لكلّ الآلام من أجل حبّه

-         الشهداء هم العناقيد الناطقة التي عصرها الديّانون...

-         أضحى الشهداء عطر بخور عذب الرائحة به أرضوا الرب

 

ـ في هذا اليوم المبارك، لا يسعنا إلا أن نصلّي ونتضرّع إلى الرب الإله القدير من أجل أن يحلّ أمنه وسلامه في المسكونة بأسرها، وبخاصة في بلادنا المشرقية، سيّما في سوريا والعراق ومصر ولبنان، وأن يسود الاستقرار وتعمّ الألفة بدل العنف والقتل. كما نبتهل إليه تعالى من أجل حرية وإطلاق سراح صاحبي النيافة المطرانين مار غريغوريوس يوحنّا ابراهيم مطران حلب للسريان الأرثوذكس، وبولس يازجي مطران حلب للروم الأرثوذكس، اللذين مرّ أكثر من مئة يوم على اختطافهما، وكذلك من أجل حرية جميع المخطوفين من كهنة وعلمانيين.

 

ـ إننا نسأل الرب يسوع مخلّصنا في وحدة أبيه وروحه القدوس ليخفّف الأيّام الصعبة، ويمنّ على الكنيسة والعالم ومشرقنا بأزمنة سلامية بحسب قلبه الإلهي، إنه السميع المجيب، له المجد والتسبيح إلى أبد الآبدين، آمين.

 

 

 

 

إضغط للطباعة