حضر هذا المؤتمر عدد من كبار الشخصيات الدينية والاجتماعية والثقافية المسيحية والإسلامية، ومن بينهم الكردينال جان لوي توران رئيس المجلس البابوي لحوار الأديان، ممثّلاً الفاتيكان، والكردينال تيودور مكاريك رئيس أساقفة واشنطن سابقاً، والبطاركة: بشارة الراعي (موارنة)، وغريغوريوس لحّام (روم كاثوليك)، ولويس ساكو (كلدان)، وفؤاد طوال (لاتين)، ويوحنا اليازجي وثيوفيلوس الثالث (روم أرثوذكس)، وممثّلون عن البطاركة: نرسيس بيدروس (أرمن كاثوليك)، وابراهيم اسحق (أقباط كاثوليك)، وزكا عيواص (سريان أرثوذكس)، ومطارنة، وعدد من أصحاب السماحة والفضيلة المشايخ، وشخصيات، وكهنة وراهبات.
وخلال المؤتمر، ألقيت كلمات عديدة تناولت موضوع الحضور المسيحي في الشرق والتحدّيات التي تواجه المسيحيين بإسهاب وتفصيل. ومن بين هذه الكلمات، ألقى سيادة المطران جرجس القس موسى كلمة نالت استحسان جميع المشاركين. وفيما يلي النص الكامل لكلمة سيادته:
التحديات التي تواجه المسيحيين العرب
صاحب السموّ الملكي الأمير غازي بن محمّد المبعوث الشخصي لصاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، شاكرين مبادرته الملكية الكريمة
أصحاب القداسة والغبطة والنيافة الكرادلة والبطاركة وأساقفة الشرق
أصحاب السماحة والفضيلة
أيّها الحضور الكرام من كهنة وراهبات وأرباب فكر وعلم
يشرّفني أن أنقل إليكم تحيّات وأمنيات صاحب الغبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي الذي كلّفني بتمثيله في هذا الحفل والمؤتمر العالمي الذي يتمحور حول موضوع من أخطر المواضيع، بل التحدّيات التي يواجهها شرقنا العربي، ألا وهو مصير المسيحيين في هذه البقعة التي شهدت ولادة المسيحية وازدهارها عبر التاريخ، وصارت اليوم تتعرّض لمخاطر الإنطفاء.
ليس غريباً أن تهبّ النخوة الهاشمية لاستنفار الأمّة واستصراخ العالم لما يهدّد كيان ووجود ومستقبل المسيحية في هذا الشرق الحبيب. فلقد دأبت الأسرة الهاشمية على حماية الأماكن المقدسة وخدمة شعبها والذود عنها ذودها عن كلّ مظلوم مهدَّد، وها هي اليوم تدعو إلى تجاوز جدار الصمت، لأنّ الصمت لم يعد مقبولاً.
لو لم يكن ثمّة تحدّيات حقيقية لما دُعينا إلى هذا المؤتمر، ولو لم يرغب الداعون إليه في التوصّل إلى رسم معالم حراك عالمي وعربي حقيقي وفاعل، لما جمع الداعون كلّ هذا الجمع من أطراف العالم العربي والأمم، ولو لم يكن في قصد الداعين إتاحة الفرصة أمام "قادة جميع الكنائس المسيحية في الشرق الأوسط للتعبير عن أنفسهم عبر هذه المنصّة والإنطلاق بأصواتهم وتحليلاتهم إلى أفق دولية" لمعالجة قضيتهم، كما جاء في مقدّمة كرّاس المؤتمر، لما دعونا إلى الحديث.
فما نريد إسماعه اليوم هو الآتي:
1. لا يختلف إثنان في أنّ القوى العالمية، بإثارتها الفتن والحروب والضغائن والصراعات في بلادنا، لا يهمها أمر الأقلّيات، ومنها المسيحية، بقدر ما تهمّها مصالحها السياسية والإقتصادية والاستراتيجية.
2. كما لا يختلف إثنان في أنّ التيّارات الدينية المتطرّفة والسلفية والتكفيرية تزجّ بمنطقتنا وبلادنا في أتون حرب دينية للإستيلاء على الحكم ومقاليد الحياة ومحو أيّ وجود غير وجودها هي، وتشنّ حملة مركّزة لإقامة دولة إسلامية لا مكان لغيرها في "دار الإيمان". وقد ذهب الآلاف من المسيحيين ضحية هذا التيّار قتلاً وتهجيراً وتهويلاً، بحيث أصبحنا نخاف على غدٍ ما تبقى منا.
3. لا ننكر أنّ عامل الهجرة صار ينخر بين صفوف المسيحيين من جراء العوامل المذكورة وغيرها، في العراق وسوريا والأراضي المقدسة وحتى لبنان.
ولا ننسى ما أصاب المسيحيين من قتل وتهجير وتحقير في جنوب تركيا في الحرب العالمية الأولى.
4. إنّ الأركان الأساسية الأربعة لكلّ حياة إنسانية هي:
1) الأمان
2) الحرية
3) الكرامة
4) العمل
إذا لم توفّر أوطاننا هذه الركائز الأربعة للوجود الإنساني، سيلجأ المواطنون إلى أقطار أخرى للبحث عنها، مع الأسف.
5. أخيراً، لقد ملّ المسيحيون العرب من الخطابات وكلمات الشفقة والإستهجان لدى كلّ ضربة تلمّ بهم... وينتظرون الأفعال. والأفعال هي:
ـ المساواة في الحقوق كما في الواجبات
ـ تعديل القوانين والدساتير التي تضعهم في مرتبة أدنى
ـ إقامة برامج إعلامية هادفة ذات شمولية لبثّ حضارة المحبة والتسامح والشراكة والإحترام المتبادل
ـ المضيّ نحو دولة مدنية تنظر إلى جميع المواطنين بعين القانون، وليس بميزانين
ـ الدعوة إلى أخوّة حقيقية بين المسيحيين والمسلمين وسائر الأقلّيات... وترتكز على أمثلة التاريخ ووحدة المصير أمام أنفسنا، وأمام العالم.
فنحن كلّنا، مسلمين ومسيحيين، في سفينة واحدة، ونودّ أن نبقى، وأن نبقى سويّةً، في أرض أجدادنا وتاريخنا...
ولسموّكم شكرنا وتقديرنا
والسلام عليكم
|