عاون غبطتَه لفيف من الأساقفة والكهنة والرؤساء العامون والآباء في مقرّ المعهد الحبري البطريركي الماروني في روما. وخلال هذا الإحتفال الروحي، أطلق البطريرك الراعي احتفالات اليوبيل المئوي الأوّل لكنيسة مار مارون في روما، التابعة للمعهد.
حضر القداس الوفد اللبناني الرسمي المرافق لرئيس الجمهورية، والمكوَّن من نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الوطني سمير مقبل، ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وعقيلته، رئيس المجلس الحبري لراعوية المهاجرين في الكرسي الرسولي الكردينال أنطونيو ماريا فيليو، السفير البابوي في لبنان المطران كبريالي كاتشا، سفير لبنان لدى حاضرة الفاتيكان العميد جورج خوري، القائم بأعمال السفارة اللبنانية في إيطاليا كريم خليل، وأركان السفارتين، وشخصيات سياسية وديبلوماسية، وحشد من المؤمنين من أبناء الجاليات اللبنانية في إيطاليا، وعدد من بلدان الإنتشار، والوفود اللبنانية المشاركة في احتفالات إعلان قداسة البابوين يوحنّا الثالث والعشرين ويوحنّا بولس الثاني.
استهلّ المطران فرانسوا عيد الوكيل البطريركي للكنيسة المارونية في روما بكلمة، رحّب فيها بالحضور، مستعرضاً محطّات أساسية من تاريخ الكنيسة والمعهد.
وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى البطريرك الراعي موعظة، رحّب فيها بالجميع، وأكّد فيها على الفرح بالمشاركة في احتفالات الكنيسة الجامعة بتقديس البابوين يوحنّا الثالث والعشرين ويوحنّا بولس الثاني، متناولاً باقتضاب شخصيتهما ومحبّتهما للبنان، ملتمساً شفاعتهما للبنان وبلاد الشرق الأوسط لإحلال السلام والأمان فيها.
وتحدّث عن أهمية المدرسة المارونية في روما، إذ قال: "في خطّ وديعة السلام والرسالة التي تحملها كنيستنا المارونية، إلى جانب الكنائس الشرقية الشقيقة في شرقنا المحبوب، حيث زرعَنا المسيح الرب منذ ألفَي سنة، أنشأ السعيد الذكر البابا غريغوريوس الثالث عشر المدرسة المارونية في روما سنة 1584 أي منذ أربعماية وثلاثين سنة. فتخرّج منها عشرة بطاركة، منهم المكرّم البطريرك الكبير اسطفان الدويهي، أبي تاريخ لبنان، وصانع النهضة والإصلاح في كنيستنا، والبطريركان يوحنا مخلوف وجريس عميره اللذين تعاون معهما الأمير فخر الدين المعني الكبير في نهضة الجبل وفي العلاقات مع الغرب، عبر إمارة توسكانا بإيطاليا، البطريرك الأنطاكي الأول للكنيسة السريانية الكاثوليكية أندراوس اخيجيان. كما تخرّج منها خمسة وعشرون أسقفاً، وعلماء كالسماعنة وبخاصّة المطران يوسف السمعاني حافظ المكتبة الفاتيكانية وواضع نصوص المجمع اللبناني المنعقد سنة 1736 في دير سيّدة اللويزه، والذي شكّل دستور كنيستنا المارونية. هؤلاء أقاموا جسراً ثقافياً بين الشرق والغرب، إذ كتبوا وألّفوا وترجموا، ناقلين تراث الشرق إلى الغرب، وتراث الغرب إلى الشرق. وكانوا روّاد النهضة الشاملة التي حافظت على الثقافة العربية، وأحيتها وأعادت مكانتها الحضارية بوجه حملة التتريك المنتشرة آنذاك".
وإذ ترحّم على أرواح المؤسّسين والعاملين في المدرسة المارونية، بدءاً بالبطريرك الياس الحويّك وصولاً إلى البطريرك الكردينال مار نصرالله بطرس صفير، الذي طلب له دوام الصحة والعافية، ختم موعظته بالصلاة إلى الله كي "يستمرّ هذا المعهد الماروني زاهراً في خدمته للكهنة وللكنيسة، وتستمرّ كنيسة مار مارون مكان اللقاء الشخصي والجماعي بالمسيح القائم من الموت والحاضر أبداً في حياة الكنيسة والمؤمنين".
بعد القدّاس، شارك غبطة أبينا البطريرك في حفل العشاء الذي أقامه البطريرك الراعي بحضور الرئيس سليمان وعدد من المدعوين.
وقد هنّأ غبطة أبينا البطريرك أخاه البطريرك الراعي بهذه المناسبة المباركة، متمنّياً للمدرسة المارونية ولكنيسة مار مارون في روما المزيد من النجاح في العمل الخدمي الهادف إلى نشر بشرى إنجيل المحبّة والسلام وتراثنا المشرقي السرياني الأنطاكي الأصيل المنفتح على الحضارات والتراثات المنتوّعة.
|