يطيب لنا أن ننشر فيما يلي النص الكامل لكلمة الشكر السريانية والعربية التي ألقاها الأب حبيب مراد، أمين سرّ بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية، إثر رتبة رسامته كاهناً، التي تمّت مساء يوم السبت 15 تشرين الثاني 2014، في كاتدرائية سيّدة البشارة للسريان الكاثوليك ـ المتحف ـ بيروت ـ لبنان، بوضع يد غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي الكلّي الطوبى، وبحضور ومشاركة قداسة البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، وعدد من المطارنة، وحشد من الإكليروس والمؤمنين:
«ܡܳܪܝܳܐ ܢܰܦܫܝ ܐܶܡܪܰܬ ܡܢܳܬܝ ܗ̱ܘ»
ܝܘܡܢܐ ܓܝܪ܆ ܠܒܝ ܡܠܐ ܚܕܘܬܐ ܘܦܨܝܚܘܬܐ܆ ܕܒܗ ܡܪܢ ܘܐܠܗܢ ܠܕܪܓܐ ܗܢܐ ܪܡܐ ܕܟܗܢܘܬܐ܆ ܒܛܝܒܘ ܘܠܘ ܒܫܘܝܘ܆ ܐܪܝܡ ܠܡܚܝܠܘܬܝ܆ ܘܐܩܝܡܢܝ ܥܠ ܬܫܡܫܬܐ ܕܒܝܬܗ.
ܒܕܓܘܢ: ܝܘܡܐ ܗ̱ܘ ܩܪܝܐ ܘܩܕܝܫܐ ܕܒܗ ܦܘܡܝ ܠܥܙ ܬܫܒ̈ܚܢ ܕܠܐ ܦܛܪ̈ܢ܆ ܘܬܘܕ̈ܝܢ ܕܠܐ ܡܘ̈ܦܝܢ܆ ܠܪܝܫ ܟܘܡܪ̈ܝܢ ܥܠܡܝܢܝܐ ܥܠ ܗܕܐ ܡܘܗܒܬܐ ܠܐ ܡܬܡܠܠܢܝܬܐ.
ܟܗܢܘܬܐ ܗܟܝܠ ܡܢܬܐ ܗ̱ܝ ܕܢܦܫܝ ܨܕܝܬܐ ܘܨܗܝܬ ܠܐܠܗ̈ܝܬܐ ܟܕ ܕܬܬܚܝܕ ܒܡܪܐ ܟܠ ܘܬܐܪܬܝ ܡܠܟܘܬܐ ܕܠܥܠܡ.
ܡܟܝܠ: ܨܠܘ̈ܬܟܘܢ܆ ܐܘ ܟܘܡܪ̈ܐ ܛܘܒ̈ܬܢܐ ܘܐܒܗ̈ܬܐ ܡܥܠܝ̈ܐ ܘܐܚ̈ܝ ܟܗ̈ܢܐ ܡܝܩܪ̈ܐ ܘܩܠܝܪܘܣ ܢܟܦܐ ܘܥܡܐ ܡܒܪܟܐ܆ ܡܦܝܣ ܐ̱ܢܐ ܘܒܥܐ ܕܬܬܩܒܠܝ ܬܫܡܫܬܝ ܒܚܩܠ ܥܕܬܐ ܘܐܘܡܬܐ܆ ܠܪܘܡܪܡܐ ܘܢܨܚܢܐ ܕܬܠܝܬܝܘܬܐ ܩܕܝܫܬܐ ܡܨܝܬ ܟܠ܆ ܘܒܪܟܡܪܝ
غبطة أبينا مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي
قداسة سيدنا مار اغناطيوس أفرام الثاني، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس
أصحاب السيادة والنيافة المطارنة الأحبار الأجلاء
Mgr Jain Mendez, représentant du Nonce Apostolique et du Saint Siege
الآباء الخوارنة والكهنة والشمامسة، الرهبان والرهبات والإخوة المبتدئين والدارسين،
أيّها الإخوة والأخوات المباركون والمحبوبون بالربّ،
"نصيبي هو الربّ... هكذا قالت نفسي" (مراثي إرميا 3: 24)
يفيض قلبي، بادئ ذي بدء، بمجالي الشكر، ويلهج بعميق الإمتنان للربّ الإله الواحد والثالوث، الآب الذي بحنانه أوجدني وبرأني لأكون على مثاله، والإبن الذي بحبّه اللامتناهي منحني الخلاص وميراث النعيم، والروح القدس الذي يكلأني ويرعاني وينير دربي في معاثر الحياة. أشكر الربّ الإله على ما أغدقه عليّ من نِعَم وبركات وخيرات يعجز العقل عن حدّها واللسان عن وصفها، فإنّي كلّي بكلّيتي به ومعه وله أحيا على الدوام.
ها أنا أقف أمامكم اليوم وقد حقّق لي الربّ ما كنت أصبو إليه، بل ما تاقت له نفسي منذ نعومة أظفاري، ومن أين لي أنا أن أنال موهبة سرّ الكهنوت المقدّس، بل كنز الأسرار وقمّتها! يا لها من فرحة عارمة تكتنفني وتضرم فيّ روحاً جديداً يختلج كياني، فيحرق بناره إنساني العتيق، ويسربلني بوشاح الإنسان الجديد المكرَّس لخدمة ربّه وكنيسته وإخوته من المؤمنين الذين أودعه إيّاهم تعالى ليعطيهم الطعام الروحي في حينه. "فشكراً لله على عطيته التي لا يُعبَّر عنها" (2 كور 9: 15).
هذا السموّ في رسالة الكاهن لا يمكن بلوغه ما لم يكن إيمان الإنسان مؤسّساً على صخر الدهور الربّ يسوع المسيح حجر الزاوية، هذا الإيمان الذي لا تقهره الرياح العاتية ولا العواصف الهوجاء. فلئن كان الكاهن يتعب ويجهد في الرعاية والتدبير والتعليم والتأنيب، إلا أنّه أنّى له أن يجعل الأساس والمحور الربّ يسوع الكاهن الأعظم، بل عظيم الأحبار الذي أضحى بذاته كما نعبّر في طقسنا السريانيܩܘܪܒܢܐ ܘܡܩܪܒܢܐأي الكاهن والذبيحة في آنٍ معاً.
يمتاز الكهنوت أنّه ليس وظيفةً عاديةً تُسنَد لأحد ما، بل هو دعوة سامية تصدر من ربّ الأرباب الذي يزرع في قلب مَن يختاره لهذه الخدمة تلك الغرسة المباركة، وينميها بعنايته، فتُزهر تكرّساً للخدمة على ما يقول رسول الأمم: "ما من أحد يأخذ هذه الوظيفة بنفسه بل المدعو من الله" (عب 5: 4). وما على المدعوّ إلا أن يميل أذنه ويفتح باب قلبه، فيتجاوب مع الدعوة ويحافظ عليها كحدقة العين، ليجني الثمار اليانعة ثلاثين وستين ومئة (مت 13: 23)، ويتنعّم بالزوّادة المباركة مشاركاً بها مَن ائتُمن على رعايتهم.
تقترن خدمة الكاهن بالأمانة كنتيجة حتميّة لقبوله دعوة الربّ، هذه الأمانة التي تقتضي منه الكثير الكثير، من العمل بتفانٍ والتضحية بالغالي والنفيس للحفاظ على جوهرة الإيمان سليمةً نقيّةً كالذهب المصفّى بالنار. لذا عليه أن يتاجر بالوزنة التي وُهِبها ويضاعفها، فيسير سيرةً فاضلةً تليق بالكهنة الحقيقيين، بعلاقةٍ شخصيةٍ حميمةٍ مع الربّ، بالصلاة والتأمّل بكلمته في الكتاب المقدّس وتعاليم كنيسته، والإتّحاد به بسرّ جسده ودمه الأقدسين، وعيش حياة تمجّد اسمه وتعكس صورته أمام مؤمنيه والمتّكلين عليه، وهذا ما يعضد الكاهن للعيش بفرح وسلام حتى في لحظات التعب والألم.
وفي هذا الصدد، يتغنّى أحد الآباء السريان بالكاهن قائلاً: "ܟܗܢܐ ܙܗܝܐ ܘܟܢܝܟܐ܆ ܡܪܥܝܢܐ ܕܐܠܗܘܬܐ܆ ܡܒܘܥܐ ܕܓܣܐ ܛܒ̈ܬܐ܆ ܚܠܐ ܫܡܐ ܘܒܣܝܡ ܚܝ̈ܐ".وترجمتها: "الكاهن طاهر ووديع، مُرْضٍ لله، وهو معين يفيض بالصالحات، ذا صيت حسن وسيرة فاضلة".
في هذه اللحظات المهيبة، لا يسعني إلا أن أشيد بعظائم الله الذي ينتقي ويختار، إنّما يترك الحريّة للإنسان، فهو القائل "ܓܒܠܬܢܝ ܘܣܡܬ ܥܠܝ ܐܝܕܟجبلتني واضعاً عليّ يدك". لذا أردّد مع النبي أرميا، وأنا أتفاعل وأقبل بشوق وسعادة وضع اليد هذا، فأقول: "نصيبي هو الربّ؛ هكذا قالت نفسي" (مراثي أرميا 3: 24).
نعم، إنّ غاية قلبي ومنية نفسي هي الإتّحاد بالربّ والسكنى في دياره ما حييت. وعلى مثال العذراء مريم والدة الله التي كانت تتأمّل كلام ابنها الرب يسوع وأعماله في قلبها (لو 2: 19)، ومريم أخت لعازر التي جلست عند قدمي يسوع تصغي إليه بإمعانٍ وتتأمّل بكلامه، وامتدح عملها هذا بقوله إنّها "وجدت النصيب الصالح الذي لن يُنزَع منها أبداً" (لو 10: 42). فها أنا أجلس عند قدمي ذاك المعلّم الصالح لأرتشف منه ماء الحياة فلا أعطش البتّة، بل يُضحي لي النصيب والغاية والمُرتجى ملء القلب والروح.
لذا، لا بدّ لي أن أتمسّك بهذا النصيب، إذ ليس لي سوى الربّ، فهو الصديق وهو الحبيب الذي أمامه ترخص كلّ الأمور. فبه أغتني، وبستر جناحيه أعتصم. إنّه الملجأ الحصين الذي يؤهّل محبّيه لنيل الخلاص وميراث النعيم. هو الكنز الذي به أتمسّك، ومن أجله أضحّي بحقل العالم وما فيه، بل هو تلك اللؤلؤة التي وجدها تاجرٌ وأدرك قيمتها الثمينة، فباع كلّ ما لديه من لآلئ ليشتريها ويحوز عليها (مت 13: 44 ـ 46).
وها هم آباؤنا السريان الميامين يتغنّون بهذه اللؤلؤة النفيسة: "ܐܝܟ ܬܓܪܐ ܟܫܝܪܐ ܕܓܒܐ ܘܫܩܠ ܡܪ̈ܓܢܝܬܐ ܛܒ̈ܬܐ ܕܚܫ̈ܚܢ ܠܬܐܓܘܪܬܗ" وترجمتها: كالتاجر الحذق الذي يحسن اختيار الجوهرة (اللؤلؤة) الصالحة التي تليق بتجارته.
في كلمته أمام أعضاء مجمع الإكليروس في الفاتيكان، في الثالث من تشرين الأول المنصرم، تحدّث قداسة البابا فرنسيس عن سموّ الدعوة الكهنوتية، فقال: "إنها كنزٌ بالفعل يضعه الله في قلب بعض الرجال الذين يختارهم ويدعوهم لإتباعه في حالة الحياة الخاصة هذه. وهذا الكنز يتطلّب أن يُكتشف ويُظهر للعلن، فهو ليس لإثراء شخص واحد فقط، لأنّ الذي دُعي للكهنوت ليس "سيّد" دعوته، بل هو مدبّر للعطيّة التي منحه الله إياها من أجل خير جميع البشر".
أهّلنا الله جميعاً أن نكون من أولئك الذين يقتنون تلك اللؤلؤة، وهي النصيب الصالح الذي يزيّن حياتنا برمّتها.
أبي وسيّدي صاحب الغبطة،
منذ طفولتي وأنا أتوق أن أكون ذاك الخادم الأمين الذي يعمل في كرم الربّ ليلاً نهاراً، وقد قيّض لي الله سبلاً عدّة لخدمته، أوّلاً كشمّاس صغير في الكنيسة، ثمّ بدأت أهيم بحبّ السريانية لغة ربّنا يسوع ووالدته القدّيسة مريم ورسله الأطهار، فعقدت العزم على تعلّمها وإتقانها، ما شدّد من عزيمتي في الخدمة. والتزمت أن أحيا كما يليق بتلاميذ المسيح، وكان الكتاب المقدّس رفيقاً لدربي. ومع تقدّم الأيّام والسنين، هيّأ لي الله فرصاً سنحت أن أطوّر قدراتي في خدمتي، ولعلّ من أبرز تجلّياتها تعليمي اللغة السريانية. إلا أنّي لطالما كنت أتساءل: "يعوزني شيءٌ ما!". فجاءت دعوتكم لي في أيلول من العام 2009 مع مطلع عهدكم البطريركي للعمل في أمانة سرّ البطريركية، ولعلّي حينها لم أدرك أنّها دعوة من الربّ للسير إلى العمق. فتدرّبت وتدرّجت على يدكم وبإشرافكم الشخصي اليوميّ ومتابعتكم الحثيثة، حتى حان الوقت وألهمكم الربّ أن تدعوني لخدمة الكهنوت. ولم تألوا جهداً ولم تبخلوا بنصيحة، ومنحتموني ثقتكم الغالية، وسمحتم لي أن أكون من المقرّبين الذين نالوا شرف خدمة الكنيسة من خلال شخصكم المبارك.
أمام كلّ هذا، تعجز الكلمات عن إيفائكم ما يليق من شكر وما يجب من تقدير. أشكركم من أعماق القلب على ما قدّمتم ولا تزالون تقدّمون لي على كلّ الصعد، وللكنيسة السريانية الكاثوليكية الأنطاكية التي يشهد القاصي والداني ما أحدثه تبوؤكم الكرسي الأنطاكي من نهضة وتطوّر في إدارتها ورعاية أبنائها في كلّ مكان.
فها هي كلماتكم المدوّية صوتٌ صارخٌ يهزّ ضمير العالم النائم في سبات عميق عمّا يجري في شرقنا، وها هي زياراتكم الأبوية لأبنائكم وبناتكم السريان في الشرق والغرب متضامنين مع آلام أبناء شعبكم ومعانياتهم، تشهد لروحكم الأبوية ومحبتكم اللا محدودة، فضلاً عن رهافة حسّكم وعطفكم الأبوي وسخائكم الجمّ وعطائكم الثرّ.
ومن هذا المنبر المقدّس، أتعهّد بالطاعة التامّة والولاء الكامل لكم في كلّ ما تأمروني وتوجّهوني، لما فيه خلاص نفسي وخير الكنيسة المقدّسة.
أدامكم الله ووهبكم الأيد والمؤازرة، ومنَّ عليكم بخيرة عطاياه السامية. ويطيب لي أن أهنّئكم إذ تتزامن هذه المناسبة المباركة مع عيد ميلادكم، في الخامس عشر من شهر تشرين الثاني، ما يزيد البركة والنعمة والفرح. فإلى سنين عديدة يا سيّدنا، مكلّلة بالصحة والعافية والتألّق الدائم. ويزداد فخري واعتزازي كوني باكورة رساماتكم الكهنوتية في الأبرشية البطريركية، وفي كاتدرائية سيدة البشارة ببيروت.
تتوجّه مشاعري بتقدير سامٍ ومحبّة بنوية إلى مَن شرّفني بحضوره الشخصي وباركني في هذا اليوم، قداسة سيّدنا البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني الذي بوجوده بيننا يضع قلادة على عنقي أعتزّ بها، وهو الذي أثبت في هذه الأيّام والأشهر القليلة من عهده البطريركي عن جدارة نابعة ممّا حباه الله من مواهب وميّزه من صفات أهّلته ليكون إناءً مختاراً لرعاية كنيسته السريانية في العالم.
وأغتنم الفرصة لأجدّد أمامكم جميعاً صلاتي الحارّة إلى الله أن يعضد كنيستنا السريانية العريقة في المجد بشقّيها الكاثوليكي والأرثوذكسي، فتسّرع السير بخطى ثاقبة نحو تحقيق وحدتها الكاملة الشاملة، وهي منية أبناء الكنيسة السريانية الذين يتطلّعون بشوق إلى تلك اللحظة المجيدة، ببركة الربّ ورعاية بطريركينا المغبوطين.
واسمحوا لي الآن يا صاحب الغبطة أن أتوجّه بكلماتٍ من القلب، فأشكر مَن لهم الفضل بوصولي إلى هذه اللحظة:
أشكر أصحاب السيادة أساقفة الدائرة البطريركية: مار رابولا أنطوان بيلوني، القدوة في الصلاة والعبادة، ومار فلابيانوس يوسف ملكي، النشيط والمثابر في العمل الكنسي، ومار باسيليوس جرجس القس موسى، المثال في الخدمة الدؤوبة بحكمة وأمانة، ومار يوحنا جهاد بطّاح، العامل بحماس واندفاع رعوي.
أشكر سيادة المطران مار أثناسيوس متي متوكا الذي باركني بحضوره، وأخصّ بالشكر سيادة المطران مار أفرام يوسف عبّا، الذي أبى إلا أن يشاركني فرحة هذا اليوم، وهو الراعي الصالح الذي يدبّر شؤون أبنائه في بغداد في هذه الظروف الصعبة بالحكمة والفطنة.
شكري الخاص من أعماق القلب إلى مَن لا أنسى فضله عليّ، إنّه نيافة المطران مار ثاوفيلوس جورج صليبا، الذي كانت له بصمة مميّزة طبعت ثقافتي وأذكت فيّ روح الإنتماء إلى كنيستي السريانية. وهو الراعي والحبر الهمام والمتفاني في الخدمة على حساب صحّته وراحته، أدعو له بالصحة والنجاح والتوفيق في أعماله الجليلة.
يتّجه شكري بامتنان لأصحاب النيافة مطارنة الكنيسة السريانية الأرثوذكسية الذين شرّفوني بحضورهم:
مار يوستينوس بولس سفر، ومار ديونيسيوس جان قوّاق، ومار تيموثاوس متى الخوري. أشكرهم جميعاً، وأنا أعلم يقيناً ما يكنّون لي من محبّة أبوية أعتزّ بها، وأدعو لهم بخدمة مثمرة في حقل الكنيسة.
أشكر الآباء الخوارنة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات الحاضرين معنا اليوم فرداً فرداً، وأخصّ كهنة أبرشيّة بيروت البطريركية الذين سأشاركهم الخدمة كأخ صغير بينهم، فهم جميعاً إخوة وأصدقاء أحبّاء، أدامهم الله وبارك في خدمتهم. وأخصّ الكهنة والشمامسة الذين شرّفوني بالحضور من خارج لبنان متجشّمين عناء السفر من سوريا والعراق وروما، وبالأخصّ الأخ العزيز الأب بول قس داود، سائلاً لهم البركة من الربّ والتوفيق في خدمتهم.
وهنا أرفع أكفّ الضراعة إلى أعتاب العزّة الإلهية ليحمي الله شرقنا الغالي، فينشر أمنه وسلامه واستقراره في سوريا، وفي العراق، حيث آلام الحرب ومعانيات الإضطهاد. وأصلّي ليعود أبناء شعبنا المشرّدين والنازحين إلى ديارهم سالمين معافين، ويمنّ على لبناننا الحبيب بالإزدهار، وعلى أبنائه بالأمان والطمأنينة. إنّه السميع المجيب.
شكري من صميم القلب إلى إكليريكية دير سيّدة النجاة الشرفة البطريركية، مديراً ومعاوناً وطلاباً، على محبتهم وسندهم الأخوي ودعمهم، وعلى كلّ تعب قدّموه في سبيل إنجاح هذه المناسبة. كافأهم الله بأحسن الهبات والخيرات.
أقدّم الشكر والإمتنان للرهبانية المارونية المريمية، والإخوة المبتدئين والدارسين فيها، على محبّتهم ومشاعرهم الأخوية ومساندتهم، خاصاً بالشكر الأب جهاد يونس، رئيس دير الإبتداء ومعلّم المبتدئين الذي رافقني بالإرشاد الروحي خلال رياضتي الروحية التحضيرية. ثبّتهم الله وسدّد خطواتهم في خدمتهم وحياتهم التكرّسية.
أشكر إخوتي في مراكز التربية الدينية على سندهم الدائم، وأشكر حركة مار شربل ومار بهنام وسارة، وجميع المقيمين والعاملين في الكرسي البطريركي، خاصاً منهم الأب فراس دردر وبيت مار اغناطيوس للراهبات الأفراميات. وأشكر الجوق البطريركي الذي خدم هذه الرتبة المقدّسة بالأصوات الرخيمة.
أوجّه شكراً خاصاً لتلفزيون تيلي لوميار ـ نورسات الذي ينقل هذه المناسبة إلى كلّ أنحاء العالم، مثمّناً جهود العاملين فيه لنشر بشرى إنجيل المحبّة والسلام تحت كلّ سماء.
شكري وامتناني أقدّمه لجميع الأهل والأقارب والأصدقاء والأحبّاء ولكم أنتم أيها المشاركون معنا اليوم في هذه الفرحة، كلاً باسمه، خاصاً بالذكر أولئك الذين تحمّلوا مشقّة السفر قادمين من خارج لبنان، سيّما الأهل القادمين من السويد. وأتوجّه بالشكر والإمتنان من جميع الذين تعبوا معي وعاونوني في التحضير لهذه المناسبة، وبالأخص الأب جليل هدايا المعلّم والموجّه بحكمة ومحبّة، وكاهن الرعية الأب شارل مراد الأخ والداعم لجهوده ومحبّته، ومعه الأب أنطوان حمزو.
كما أشكر جميع الذين هنّأوني بهذه الرسامة من خارج لبنان، أساقفةً وكهنةً وأهلاً وأصدقاءً أحبّاء، داعياً لهم بدوام النجاح والتوفيق، وكلّ خير وبركة.
وكي أضع السراج على المنارة، لا بدّ لي قبل الختام أن أشكر أصحاب الفضل العميم والدور العظيم في وصولي إلى ما أنا عليه:
أشكر قدس الأباتي سمعان أبو عبدو المدبّر البطريركي لأبرشية حلب المارونية، عرّاب دعوتي في درب الرب، الذي كان لإرشاده الروحي ومرافقته لي منذ نيّفٍ وخمس سنوات الأثر العميق في نمو شخصيتي وصقل دعوتي الكهنوتية. كافأه الربّ على أتعابه معي، وحقّق له الأماني الصالحة.
وأشكر أيضاً الأخ الحبيب الأب أفرام سمعان عرّاب رسامتي الكهنوتية اليوم، وهو رفيق الدرب الذي سار معي منذ البداية، وكان لي ولا يزال الأخ الأكبر الذي ينصح ويوّجه ويدعم. لا أنسى محبّته وفضله، وفّقه الله وكمّل معه المقاصد السامية.
وهنا قد تخونني الكلمات في التعبير عمّا لعائلتي الصغيرة من فضل عميم يغمر كياني منذ ولادتي وسأبقى ألهج به حتّى الرمق الأخير من حياتي: في الأمثال، تُمنَح الطوبى العائلة التي تُربّي كاهناً يخدم الربّ أو طبيباً يخدم الإنسان أو جندياً يخدم الوطن. ها هي عائلتي وفيها الكاهن والطبيب... أشكر والدتي الحبيبة عفاف وشقيقي جاد وشقيقتي ميرا، على كلّ ما بذلوه لأبلغ الأفضل على الدوام. وإن أنسى لا أنسى مَن يشاركنا الفرح من علياء السماء ربّ عائلتنا الوالد الحبيب كبريال، الحاضر معنا بالروح يفرح ويتهلّل بهذه البركة. أشكركم يا أفراد عائلتي، وأؤكّد لكم أنّي لن أنساكم ما حييت، وستبقون دائماً في قلبي وصلاتي كلّما قرّبت الذبيحة الإلهية. وأعتذر منكم عن كلّ تقصير سائلاً العفو والسماح، سيّما لابتعادي وعدم وجودي قربكم دائماً. أحبّكم حبّاً جمّاً، وأعتزّ بكم أيّما اعتزاز.
وخير ما أختم به قولٌ لقدّيسنا العظيم مار أفرام السرياني ملفان الكنيسة الجامعة: "ܨܒܝܢܟ ܡܪܝ ܢܗܘܐ ܠܝ ܡܠܦܢܐ ܕܡܚܟܡ ܠܝ"، وترجمته: "ألا فلتكن مشيئتك يا ربّ معلّماً يفقّهني بحكمته".
أرجو أن تصلّوا من أجلي لتكون مشيئة الربّ نبراساً يهديني سواء السبيل، فأختار النصيب الصالح أبداً، بشفاعة أمّنا مريم العذراء والقديس حبيب الشهيد وجميع القديسين والشهداء، ܘܒܪܟܡܪܝ.