بمناسبة عيد الميلاد المجيد، أبى غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي الكلي الطوبى، أن يمرّ احتفال العيد دون أن يشارك أبناءه السريان الذين قست عليهم ظروف الحياة، فاضطرّوا مرغَمين على مغادرة أرضهم وأملاكهم وأعمالهم في الموصل وسهل نينوى واللجوء إلى لبنان، فأراد بمحبّته الأبوية أن يتضامن معهم في هذه الليلة المجيدة.
ففي تمام الساعة الثامنة من مساء يوم الأربعاء 24 كانون الأول 2014، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان الكلي الطوبى، بالقداس الإلهي بمناسبة عيد الميلاد المجيد، وذلك لأبناء كنيستنا السريانية الذين نزحوا قسراً من ديارهم في الموصل وسهل نينوى ولجأوا إلى لبنان، وذلك في كنيسة مار الياس للروم الكاثوليك ـ الدكوانة ـ المتن، وهي الكنيسة التي تتمّ فيها خدمتهم الروحية لقربها من أماكن إقامتهم.
عاون غبطتَه سيادةُ المطران مار أثناسيوس متّي متّوكة رئيس أساقفة بغداد سابقاً، والأب فراس دردر مرشد اللاجئين العراقيين وأمين السرّ في البطريركية، بمشاركة الأب مازن متوكا مدير إكليريكية دير الشرفة، والأب شمعون بزو، وقد رافق غبطتَه الأب حبيب مراد أمين سرّ البطريركية. وخدم القداس عدد من الشمامسة، من بينهم بعض الإكليريكيين، والجوق الذي امتاز بأدائه الجيد، فنال استحسان الجميع.
خلال الإنجيل المقدّس، أضرم غبطته النار في موقدة وطاف حولها ثمّ داخل الكنيسة، يتقدّمه الإكليروس وهم يرنّمون تسبحة الملائكة وباقة من الترانيم الميلادية.
وقد غصّت الكنيسة على رحبها بمئات المؤمنين، فضاقت بهم هي وساحتها وصولاً إلى الطريق الخارجي، قُدِّر عددهم بما يناهز الألف شخصاً.
وبعد الإنجيل، ألقى غبطته موعظة روحية تحدّث فيها عن حدث ميلاد الرب يسوع، مسهباً الكلام عن إشراقة مجد الرب وعن السلام والرجاء.
ثمّ تساءل غبطته عمّا إذا كان السلام قد أصبح مستحيلاً في شرقنا الذي يئنّ تحت الحروب والنزاعات التي تقطّع أوصاله، وقد تطرّق إلى ما يجري في العراق الجريح، خاصةً الإقتلاع القسري لأبناء شعبنا من أرضهم وطردهم منها في الموصل وسهل نينوى، وتهجيرهم إلى كردستان وإلى العديد من البلدان المجاورة ومنها لبنان. وتحدّث عن الأوضاع المؤلمة في سوريا التي تعاني هي الأخرى من حربٍ ضروس تفتك بحجرها وبشرها.
ولم تغب عن بال غبطته الأوضاع في لبنان، من فراغٍ في رئاسة الجمهورية، إلى مشاكل وأزمات اقتصادية وأمنية وسواها، ممّا يهدّد استقرار البلاد.
وتضرّع غبطته إلى الطفل الإلهي، أمير السلام، أن ينشر أمنه وسلامه في بلادنا المشرقية وفي العالم بأسره.
وإذ شكر غبطتُه الأب فراس وجميع معاونيه الذين يسهرون على خدمة اللاجئين العراقيين والسوريين، تقدّم بالتهاني الأبوية من أبناء كنيستنا السريانية في العالم، ضارعاً إلى الله أن تكون السنة القادمة سنة خيرٍ وبركةٍ وسلام.
وذكر غبطته بعاطفة الإمتنان محبّةَ قداسة البابا فرنسيس الذي يحمل آلام مسيحيي الشرق ومعانياتهم في قلبه وصلاته، وكان قداسة البابا قد وجّه رسالةً رائعة لتعزيتهم وتقوية رجائهم في هذه الأيّام الصعبة.
ورحّب الأب فراس دردر بغبطته باسم أبناء الجالية، مثمّناً محبّته ورعايته الأبوية، وقدّم له وللمطران متوكا وللأب حبيب هدايا تذكارية بالمناسبة.
وبعد البركة الختامية، غادر غبطته مستودعاً المؤمنين الذين شكروه على بادرته الأبوية، معبّرين عن فرحهم بحضوره بينهم.
|