الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
القداس الحبري الإحتفالي لإعلان المطران الشهيد مار فلابيانوس ميخائيل ملكي طوباوياً في كنيستنا السريانية الكاثوليكية الأنطاكية ـ دير الشرفة، 29 آب 2015

 
 

    إنّه عرسٌ روحيٌ مهيبٌ وفرحٌ كنسيٌ عارمٌ يصدح في أرجاء دير سيّدة النجاة البطريركي ـ الشرفة، المقام الأوّل والمقرّ الأمّ لكنيستنا السريانية الكاثوليكية الأنطاكية، في درعون ـ حريصا، لبنان، في تمام الساعة السادسة والنصف من مساء يوم السبت 29 آب 2015، بيومٍ مشهودٍ يسطّر بأحرف من نورٍ صفحةً تاريخيةً مشرقةً تؤرّخ مجداً تليداً في مسيرة كنيستنا السريانية الأنطاكية الشاهدة لتعاليم معلّمها ومؤسّسها يسوع المسيح، والشهيدة على مذبح محبّته والإخلاص له حتّى بذل الذات والموت.

    ففي خضمّ المآسي والإضطهادات والإرهاب الذي يفتك بأبناء كنيستنا في الشرق وينهش ما تبقّى من بقيتنا الباقية، ها هو الرب يفتقد كنيستنا، وها هي الكنيسة الجامعة المقدّسة، وعلى لسان قداسة البابا فرنسيس، تعلن طوباوياً جديداً قاسى الإضطهاد وأبى التخلّي عن رعيته، فسفك دمه قربان حبٍّ وذبيحةً مُحرقةً على مذبح الشهادة، مترجماً بالعمل قوله الشهير "أبذل دمي عن خرافي". فكرّمته الكنيسة الجامعة، وأعلنته طوباوياً على مذابح كنيستنا السريانية الكاثوليكية.

    فأضحى ذلك علامة رجاءٍ ناصعٍ في سماء شرقنا المضمَّخ بالغمام الداكن المكفهرّ الوجه، فما أشبه اليوم بالأمس! لكن وكما يقول فيلسوف المسيحية ورسول الأمم مار بولس: "لا جوع ولا عطش ولا عريّ ولا اضطهاد ...لا علو ولا عمق ولا رئاسة ولا سلاطين، تسطيع أن تفصلنا عن محبّة المسيح ربّنا".

    بهذا الجوّ العابق بالمعاني الروحية والدلالات السامية، سار موكب رهط الإكليروس، فالمصاف الأسقفي، فغبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي الكلّي الطوبى، مخترقاً حشود الآلاف من المؤمنين الذين تجمهروا في ساحات الدير حتّى ضاقت بهم على رحبها، وبخاصةٍ في ساحة ملعب مدرسة دير الشرفة، وفي الساحة الخارجية لمبنى الإكليريكية.

    دخل الموكب بخشوعٍ ومهابةٍ إلى كنيسة الإكليريكية الكبرى التي اكتظّت بأعدادٍ كبيرةٍ من المؤمنين. وعلى وقع أنغام نشيد استقبال الأحبار "تو بشلوم روعيو شاريرو"، وصل الموكب إلى داخل الكنيسة، فجثا غبطته، يحيط به المطرانان المعاونان سليلا عائلة الطوباوي الجديد، وهما: مار فلابيانوس يوسف ملكي المعاون البطريركي سابقاً، ومار غريغوريوس بطرس ملكي النائب البطريركي على القدس والأراضي المقدسة والأردن.

    كما حضر أصحاب السيادة المطارنة آباء سينودس كنيستنا السريانية الكاثوليكية، يحيطون بغبطة أبينا البطريرك والمطرانين المعاونين، وهم: مار أثناسيوس متّي متّوكة رئيس أساقفة بغداد سابقاً، مار ربولا أنطوان بيلوني المعاون البطريركي سابقاً، مار غريغوريوس الياس طبي رئيس أساقفة دمشق، مار اقليميس يوسف حنّوش مطران أبرشية القاهرة والنائب البطريركي على السودان، مار يعقوب بهنان هندو رئيس أساقفة الحسكة ونصيبين، مار باسيليوس جرجس القس موسى المعاون البطريركي والزائر الرسولي على أوروبا، مار ديونوسيوس أنطوان شهدا رئيس أساقفة حلب، مار يوحنّا بطرس موشي رئيس أساقفة الموصل وتوابعها، مار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد، مار يوحنّا جهاد بطّاح النائب العام على أبرشية بيروت البطريركية، والخوراسقف يوسف صاغ الأكسرخوس البطريركي في تركيا، والخوراسقف فيليب بركات المدبّر البطريركي لأبرشية حمص وحماة والنبك.

    وشارك مع آباء السينودس في هذا الإحتفال، وبمحبّة أخوية مميّزة، سيادةُ المطران مار يوليوس أبراهام كاكانات، ممثّلاً صاحب الغبطة والنيافة الكردينال مار باسيليوس اقليميس، كاثوليكوس الكنيسة السريانية الكاثوليكية الملنكارية الشقيقة في الهند، الذي لم يتمكّن من المشاركة الشخصية لارتباطه المسبق بزيارة راعوية إلى الولايات المتّحدة الأميركية.

    وكان في مقدّمة الحضور نيافة الكردينال أنجيلو أماتو رئيس مجمع دعاوى القديسين في الفاتيكان، ممثّلاً قداسة البابا فرنسيس، محاطاً بصاحبي السيادة المطران كبريالي كاتشا السفير البابوي في لبنان، والمطران ماريو زيناري السفير البابوي في سوريا، والأب لورنزو لوروسّو ممثّلاً نيافة الكردينال ليوناردو ساندري رئيس مجمع الكنائس الشرقية.

    وحضر بصورة خاصة ومحبّبة غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس بطرس الثامن عبد الأحد بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي السابق، الذي كانت له يدٌ فضلى في إطلاق دعوى التطويب خلال عهده البطريركي.

    كما حضر وشارك بمحبّة أخوية عميقة لكنيستنا السريانية، أصحاب القداسة والغبطة بطاركة الكنائس الشرقية الشقيقة أو ممثّلوهم، وهم: صاحب الغبطة والنيافة الكردينال مار بشارة بطرس الراعي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، وصاحب الغبطة غريغوريوس الثالث لحّام بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم للروم الملكيين الكاثوليك، وصاحب القداسة الكاثوليكوس آرام الأوّل كيشيشيان كاثوليكوس بيت كيليكيا الكبير للأرمن الأرثوذكس، وسيادة الأسقف مار موريس عمسيح مدير العلاقات العامّة والبروتوكول في بطريركية السريان الأرثوذكس، ممثّلاً شخصياً لقداسة البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، الذي اضطرّ للغياب بسبب ارتباطه المسبق بالسفر خارج لبنان في زيارة راعوية إلى كندا، ونيافة المطران أرماش نالبنديان مطران دمشق للأرمن الأرثوذكس، ممثّلاً قداسة الكاثوليكوس كراكين الثاني كاثوليكوس أتشميازين وعموم الأرمن للأرمن الأرثوذكس، وسيادة الأنبا مكاريوس توفيق ممثّلاً غبطة بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك الأنبا ابراهيم اسحق، وسيادة المطران كوستا كيّال ممثّلاً غبطة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنّا العاشر اليازجي، وسيادة المطران شليمون وردوني ممثّلاً غبطة بطريرك بابل على الكلدان مار لويس روفائيل الأوّل ساكو، وأصحاب السيادة المطارنة: مار ثيوفيلوس جورج صليبا مطران جبل لبنان وطرابلس والأمين العام للمجمع المقدس للسريان الأرثوذكس، وبولس مطر رئيس أساقفة بيروت للموارنة، وكيرلّس بسترس رئيس أساقفة بيروت وجبيل وتوابعهما للروم الملكيين الكاثوليك، وميشال قصارجي مطران الكلدان في لبنان، وشاهيه بانوسيان مطران أبرشية لبنان للأرمن الأرثوذكس، ومار خريسوستوموس ميخائيل شمعون مدير المؤسّسات البطريركية الخيرية في العطشانة للسريان الأرثوذكس، ومار تيموثاوس ماثيو السكرتير البطريركي لشؤون الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في الهند. كما حضر المونسنيور جورج يغيايان ممثّلاً الكنيسة الأرمنية الكاثوليكية، والأرب رويس الأورشليمي ممثّلاً الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

    وحضر أيضاً قدس الأباتي طنّوس نعمة رئيس الرهبانية اللبنانية المارونية، والأب جورج خوّام رئيس الجمعية البولسية، والأباتي حنّا ياكو رئيس الرهبانية الأفرامية السريانية، والأمّ هدى الحلو الرئيسة العامة لجمعية الراهبات الأفراميات بنات أمّ الرحمة، والأم ماريا كجو الرئيسة الإقليمية للراهبات الدومينيكيات، ورئيس المحكمة الأبرشية التي عملت على دعوى التطويب الأب جليل هدايا، وأعضاء المحكمة: الأب مخّول فرحة، محامي العدل، والآنسة ضياء نعساني، المسجّلة، والمدافع عن دعوى التطويب في مجمع دعاوى القديسين بالفاتيكان الأب رامي قبلان، وعدد كبير من الآباء الخوارنة والكهنة والشمامسة الإكليريكيين والرهبان والراهبات، وألوف المؤمنين الذين ناهز عددهم 4000 شخصاً، قدموا من مختلف أبرشيات كنيستنا السريانية ورعاياها وإرسالياتها، في لبنان وسوريا والعراق والأردن ومصر والأراضي المقدّسة وتركيا والسويد وبريطانيا وفرنسا وهولندا وألمانيا وإيطاليا وأميركا وأستراليا.

    كما حضرت فعاليات رسمية مدنية وعسكرية واجتماعية، يتقدّمها سعادة النائب الدكتور باسم الشاب ممثّلاً رئيسي مجلس النواب اللبناني الأستاذ نبيه برّي ومجلس الوزراء الأستاذ تمّام سلام.

    في مستهلّ هذا الحفل الروحي، بدأت مراسم رتبة إعلان التطويب، فسأل غبطةُ أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان قداسةَ البابا فرنسيس ممثّلاً بشخص الكردينال أنجيلو أماتو، ملتمساً من قداسته إدراج اسم خادم الله المطران الشهيد مار فلابيانوس ميخائيل ملكي في عداد الطوباويين.

    وبعد أن تلى الأب رامي قبلان سيرة المطران الشهيد مار فلابيانوس ميخائيل ملكي، قرأ الكردينال أماتو البراءة البابوية وفيها يعلن قداسة البابا فرنسيس المطران الشهيد مار فلابيانوس ميخائيل طوباوياً على مذابح الكنيسة السريانية الكاثوليكية الأنطاكية. وحالاً رُفع الستار عن أيقونة الطوباوي الجديد التي وُضعت فوق قبّة المذبح إعلاناً للتطويب، فدخل الكنيسة موكبٌ يتقدّمه سيادة المطران بطرس ملكي حاملاً الذخيرة الوحيدة الباقية من الطوباوي الجديد، وهي التاج الأسقفي الذي لبسه يوم رسامته الأسقفية، فسلّمه إلى غبطة أبينا البطريرك الذي قام بوضعه على المذبح الرئيسي للبركة. وخلفه سار مجسّمٌ للطوباوي الجديد يحمله عددٌ من أبناء عائلة ملكي، ووُضع في وسط الهيكل. فبخَّره الكردينال أماتو، علامةً لإعلان التطويب وتكريماً للطوباوي الجديد من الكنيسة الجامعة، فيما الجوق ينشد نشيد الطكوباوي الجديد إعلاناً عن تكريم الكنيسة له.

    بعدئذٍ قدّم غبطة أبينا البطريرك يونان الشكر لقداسة البابا فرنسيس على هذه العطية العظيمة والبركة السامية لكنيستنا السريانية.

    ثمّ احتفل غبطة أبينا البطريرك بالقداس الإلهي، يعاونه المطرانان يوسف ملكي وبطرس ملكي، ويحيط بهما آباء السينودس السرياني الأنطاكي.

    وبعد تلاوة مقتطفاتٍ من رسائل الطوباوي الجديد إلى غبطة البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني رحماني، وفصلٍ من رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل روما، أُعلِن الإنجيل المقدس عن حبّة الحنطة بالعربية والفرنسية.

    ثمّ ألقى غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان موعظة بليغة عميقة الأثر، تحدّت فيها بإسهابٍ عن الطوباوي الجديد مار فلابيانوس ميخائيل ملكي ومسيرة حياته وفضائله، متأمّلاً بشكلٍ خاص عند قوله الشهير "أبذل دمي عن خرافي"، متوقّفاً عند محبّته العميقة لكنيسته وشعبه، واندفاعه للخدمة وعطائه الكلّي للذات، بروح البذل التامّ حتى الدم، بطاعةٍ كاملةٍ لرئيسه الكنسي حتى الموت، محتملاً المسؤولية الراعوية بكلّ تفانٍ، روحياً وكنسياً وعمرانياً، فبنى البشر والحجر، ورفض التخلّي عن رعيته رغم المخاطر، فأضحى القدوة للإكليروس والمؤمنين على السواء بخدمته النصوح.

    ثم تكلّم غبطته عن إعلان تطويب المطران مار فلابيانوس ميخائيل، شاكراً قداسة البابا فرنسيس على هذه العطية العظيمة، مشيراً إلى أنّ هذا الحدث التاريخي في حياة كنيستنا السريانية الشاهدة والشهيدة هو علامة رجاءٍ وسط ما يعصف بأبناء شعبنا في الشرق من ويلاتٍ وأزماتٍ واضطهاداتٍ، سيّما وأنه يتم في الذكرى المئوية لاستشهاده وفي السنة اليوبيلية التي فيها نحيي الذكرى المئوية الأولى لمذابح الإبادة "سيفو ـ السوقيات" التي تعرّض لها أبناء شعبنا السرياني، أسوةً بإخوتهم من الأرمن والآشوريين والكلدان والروم.       

    وتحدّث غبطته عمّا يعانيه أبناء كنيستنا وشعبنا في الشرق. ففي العراق، تمّ اقتلاع أبناء شعبنا من أرض الآباء والأجداء في مدينة الموصل وقرى وبلدات سهل نينوى، فأضحوا نازحين ومهجَّرين داخل العراق وخارجه، ذاكراً بنوعٍ خاص النكبة التي حلّت بأبرشيتنا في الموصل، ولا يزال القلق والخوف مسيطرين إذ لا بريق في الأفق يُظهِر بوادر تحرير هذه الأراضي المغتصَبة.

    وأشار غبطته خاصةً إلى المجزرة الإرهابية التي حلّت بكاتدرائيتنا السريانية الكاثوليكية، كاتدرائية سيّدة النجاة في بغداد في 31 تشرين الأوّل من عام 2010، معلناً أنه سيقوم بفتح ملفّ دعوى تطويب شهدائها، سيّما تطويب الأبوين ثائر عبدال ووسيم القس بطرس، في الذكرى السنوية الخامسة لهذه المجزرة في 31 تشرين الأوّل القادم إن شاء الله. فعلا تصفيق الحضور وتهليل النساء بهذه البشرى السارة.

    أما في سوريا، فتوقّف غبطته عند ما يجري حالياً في بلدة القريتين بحمص، من خطف كاهنها الأب جاك مراد، وتهديم دير مار اليان الناسك الشهير فيها، وهو أحد أقدم الأديرة في العالم، وما جرى سابقاً في قرى الجابور في الجزيرة السورية، وما يحدث في حلب، وقبل ذلك اختطاف المطرانين بولس اليازجي ويوحنّا ابراهيم والكهنة والعلمانيين الأبرياء، واستشهاد الأب فرانسوا مراد في بلدة الغسّانية في الجزيرة.

    وتكلّم غبطته عن ضرورة تطبيق مبادئ الديمقراطية الصحيحة التي تقوم على أساس العدالة والمساواة بين جميع مكوّنات الأوطان، وفوق كلّ ذلك إعمال مبدأ فصل الدين عن الدولة.

    وتحدّث غبطته عن لبنان بلد الحرّيات وموئل الحضارات، مؤكّداً التعلّق به والعمل أبداً للمحافظة عليه، داعياً النواب إلى القيام بواجبهم الوطني والدستوري بانتخاب رئيسٍ للبلاد، يكون رمزاً لوحدتها وصيانةً لدستورها وقوانينها ومؤسّساتها.

    وشكر غبطته حضور أصحاب القداسة والغبطة بطاركة الكنائس الشرقية الشقيقة وممثّليهم، شاكراً بنوعٍ خاص غبطة البطريرك مار اغناطيوس بطرس الثامن عبد الأحد الذي كان له الفضل في إطلاق دعوى التطويب خلال عهده البطريركي، وشكر حضور الرسميين والفعاليات المدنية والعسكرية.

    كما شكر غبطته جميع أبناء الكنيسة السريانية وبناتها الذين قدموا للمشاركة في هذه المناسبة التاريخية من لبنان وسوريا والعراق ومصر والقدس والأردن وتركيا والسويد وإيطاليا وألمانيا وبريطانيا وأميركا وأستراليا. وحيّا أبناء الكنيسة في كلّ مكان سائلاً لهم فيض النعم والبركات بهذه المناسبة المباركة.

    وختم غبطته طالباً شفاعة الطوباوي الجديد من أجل إحلال السلام والأمان في الشرق والعالم.

    وتجدر الإشارة إلى أنّ موعظة غبطته غالباً ما كانت تُقاطَع بالتصفيق الحادّ وتهاليل النساء والزغاريد، لما تضمّنته من أفكار ومواضيع تمسّ صميم حياة كنيستنا ومسيرة أبنائها وبناتها وشهادتهم وبخاصة في شرقنا المعذَّب (سننشر النص الكامل لموعظة غبطته).

    وبعد القداس، ألقى الكردينال أنجيلو أماتو كلمة وجّه خلالها رسالة إلى مسيحيي الشرق بمناسبة هذا التطويب، للثبات في الأرض والمحافظة على الإيمان رغم الصعوبات والمخاطر التي تحيط بهم.

    وتلا الأب لورنزو لوروسّو رسالة تهنئة من الكردينال ليوناردو ساندري إلى غبطة أبينا البطريرك وكنيستنا السريانية، أكّد فيها على أنّ هذا التطويب هو علامة رجاء لكلّ الكنائس الشرقية.

    ثمّ ألقى البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي كلمةً باسم مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، عبّر فيها عن فرحه بالطوباوي الجديد، طالباً شفاعته للصمود في الإيمان والشهادة لإنجيل المسيح في هذا الشرق.

    وألقى البطريرك غريغوريوس الثالث لحّام كلمةً تحدّث فيها عن أهمّية الشهادة في حياة الكنيسة، ودورها في تقوية إيمان أبنائها، وعن الحاجة الماسّة اليوم للإقتداء بإيمان شهدائنا الأبرار، وبخاصة الطوباوي الجديد.

    وألقى قداسة الكاثوليكوس آرام الأوّل كيشيشيان كلمةً تحدّث فيها عن مجازر الإبادة التي ذهب ضحيتها آلاف الشهداء من السريان والأرمن وسواهم، معبّراً عن فرحه بالطوباوي الجديد، ومستذكراً تعليم الكنيسة بأنّ دماء الشهداء بذار للإيمان المسيحي.

    وتلى الأسقف مار موريس عمسيح الرسالة التي وجّهها قداسة البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني إلى غبطة أبينا البطريرك، وفيها يهنّئ غبطته بالطوباوي الجديد، معرباً عن فرحه بإعلان تطويبه، وهو شهيد الكنيسة السريانية الذي ضحّى بالغالي والنفيس باذلاً دمه في سبيل رعيته، معتذراً عن الحضور لارتباطه المسبَق بزيارة راعوية إلى كندا.

    ثمّ تلى الخوراسقف باسكال كولنيش رسالة التهنئة التي وجّهها سيادة المطران جورج بوانتييه رئيس أساقفة مرسيليا ورئيس مجلس أساقفة فرنسا الكاثوليك، وفيها يهنّئ غبطته والكنيسة السريانية بهذا التطويب، مؤكّداً تضامن مسيحيي فرنسا مع إخوتهم مسيحيي الشرق في هذه الظروف العصيبة التي يقاسونها.

    وكانت مسك ختام الكلمات، كلمة لغبطة البطريرك مار اغناطيوس بطرس الثامن عبد الأحد، عبّر فيها عن فرحه وسروره بهذه المناسبة التاريخية، مستلهماً فضائل الطوباوي الجديد الذي كان المثال الصالح والقدوة الحسنة في الرعاية والتدبير، كما في التجرّد والتضحية وبذل الذات، طالباً شفاعته لينهي الرب هذه الأيّام الصعبة والإضطهادات التي يعاني منها مسيحيو الشرق.

    بعدئذٍ منح غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، يشاركه الكردينال أماتو والبطاركة الحاضرون، البركة الختامية. ثمّ غادر موكب غبطته بزيّاحٍ حبري مهيب، مباركاً الجموع الغفيرة التي احتشدت في ساحة ملعب مدرسة دير الشرفة وفي الساحة الخارجية للإكليريكية، وصولاً إلى الساحة الداخلية لكنيسة الدير الصغرى، حيث رفع غبطته الستار عن النصب التذكاري للطوباوي الجديد.

    والجدير ذكره أنّ وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة والمسموعة قد أسهبت في تغطية هذا الحدث الكنسي التاريخي الهام، وقد نقلته مباشرةً على الهواء قنوات تلفزيون: تيلي لوميار ـ نورسات، وسورويو تي في، وسوريويو سات، وعشتار، وقنوات التلفزيون اللبنانية: أل بي سي، أو تي في، أم تي في، إضافةً إلى وكالة "زينيت" الكاثوليكية العالمية، وسواها.

    حقاّ إنه حدثٌ تاريخي فريد يمتاز به التاريخ الحديث لكنيستنا السريانية. فشكراً لله على نعمه وبركاته وعلى عطيته السامية التي لا يُعبَّر عنها، والشكر لقداسة البابا فرنسيس ولغبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان.

 

إضغط للطباعة