في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الجمعة 1 كانون الثاني 2016، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي الكلي الطوبى، بالقداس الإلهي بمناسبة عيد رأس السنة الميلادية الجديدة 2016، وعيد ختانة الرب يسوع في اليوم الثامن لميلاده، وعيد آباء الكنيسة، سيّما القديسَين باسيليوس وغريغوريوس، ويوم السلام العالمي، وذلك في كنيسة القديس مار اغناطيوس الأنطاكي، في الكرسي البطريركي السرياني ـ المتحف ـ بيروت.
قدّم غبطةُ أبينا البطريرك القداس من أجل راحة نفوس شهداء الإنفجار الإرهابي الذي وقع في مدينة القامشلي في الجزيرة السورية قبل يومين، وعلى نيّة شفاء الجرحى. وعاون غبطتَه في القداس، الأب أفرام سمعان والأب حبيب مراد أمينا السرّ في البطريركية، بحضور ومشاركة صاحبَي السيادة المطرانين مار أثناسيوس متّي متّوكة، ومار ربولا أنطوان بيلوني، والأب أنطوان ناصيف، وجمع من المؤمنين.
وبعد الإنجيل المقدس، ارتجل غبطته موعظةً روحيةً أبرز ما جاء فيها:
"اليوم هو بدء السنة الميلادية الحديدة ٢٠١٦، كثيرون سهروا وشاهدوا وشاركوا الفرح باستقبال العام الجديد من على شاشات التلفزة.
اليوم نتذكّر رسالة قداسة البابا فرنسيس بمناسبة يوم السلام العالمي، وجاءت بعنوان: "تغلَّبْ على اللامبالاة واكسب السلام". فالبابا فرنسيس يذكّرنا أنه لا يجب علينا أن نكون غير مبالين، ويريد منّا أن نكون أحراراً من كلّ ما يربطنا بالعالم، حتّى نكون ممتلئين من كلّ فضيلةٍ وكلّ ما يمتّ للإنسان بمحبّته لله وللبشر.
يقول لنا قداسته بأنّ كثيرين يعيشون باللامبالاة، بينما الدعوة لنا إلى عيش الإيمان بالرب يسوع المخلّص وبإنجيل المحبّة والسلام والفداء.
يذكّرنا مار بولس في رسالته إلى أهل غلاطية، والتي سمعناها في بداية هذا القداس، أنّ الشريعة، أي الناموس، تستعبد الإنسان، وكثيرون يفكّرون أنهم إن طبّقوا الشريعة، فهم يعيشون بحسب وصايا الله، لكنّ الرب يطلب شريعة الروح والحق.
في إنجيل هذا اليوم المبارك قسمان:
القسم الأوّل هو الختانة، وهي شريعةٌ تُمارَس في اليوم الثامن بعد الولادة. يسوع، وهو خالق الكون والقادر على كلّ شيء، قَبِل أن يضع ذاته تحت الشريعة الموسوية لكي لا يتميّز عن الآخرين. وهذا درسٌ لنا كي نحيا من أجل الآخرين، فنرفع ذواتنا والآخرين معنا إلى الله.
في القسم الثاني من إنجيل اليوم، تلَوْنا المقطعَ الذي قرأه يسوع في الهيكل من سفر أشعيا: "روح الرب عليّ، لأنه مسحَني لأبشّر المساكين، وأشفي المنكسري القلوب، وأرسل المنسحقين إلى الحرّية، وأكرز بسنةٍ مقبولةٍ لدى الرب".
يذكّرنا الإنجيل هنا بأنّ السنة المقبولة لدى الرب هي السنة التي تقرّبنا من الرب بالأعمال الصالحة وبكلّ ما نقوم به لنحيا بحسب مشيئة الرب.
منذ يومين، سمعنا بالإنفجار الإرهابي الذي وقع في مدينة القامشلي الحبيبة في الجزيرة السورية، حيث لا يزال أهلنا وأبناؤنا يعيشون ويشهدون للرب رغم كلّ الظروف الصعبة التي يعانونها.
نحن، ومع أنّنا نسلّم حياتنا بكلّيتها للرب، نسأله تعالى أن يرأف بنا، متسائلين ألا يكفي ما يلمّ بمسيحيي هذا الشرق من آلامٍ واضطهاداتٍ ونكبات؟
إنّ أبناء الله يسعون لنشر السلام والمحبّة، ولكن هناك جماعةٌ من الأشرار الذين فقدوا ضميرهم وباعوا أنفسهم للشرير!
نضرع إلى الرب أن يتغمّد الشهداء برحمته، ويمنّ على المفجوعين بفقدهم بنعمة الصبر والعزاء، وأن يمنح الجرحى الشفاء العاجل والتام. ونطلب منه تعالى أن يهبنا جميعاً القوة والرجاء كي نبقى من تلاميذه، فننشر حولنا تعاليم إنجيل المحبّة والسلام، متذكّرين وعاملين بقوله: "طوبى لفاعلي السلام، فإنهم أبناء الله يُدعَون".
نأمل ونرجو أن يكون العام الجديد ٢٠١٦ الذي نبدأه اليوم عامَ خيرٍ وبركةٍ وفرحٍ وسلامٍ وأمانٍ، في لبنان، وفي سوريا والعراق، وبلاد شرقنا المعذَّب، وفي العالم بأسره.
كلّ عام وأنتم بخير".
وبعد البركة الختامية، استقبل غبطته المشاركين في القداس في صالون البطريركية، حيث تبادل الجميع التمنّيات بعامٍ جديدٍ يعمّ فيه الخير والبركة والسلام في الشرق والعالم.
|