في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الأحد 3 كانون الثاني 2016، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي الكلي الطوبى، بالقداس الإلهي في كنيسة القديس مار اغناطيوس الأنطاكي، في الكرسي البطريركي السرياني ـ المتحف ـ بيروت. وخلاله أقام غبطته صلاة الجنّاز راحةً لنفوس شهداء التفجير الإرهابي الذي وقع ليل الأربعاء 30/12/2015 في مدينة القامشلي في الجزيرة السورية، مقدّماً الذبيحة الإلهية على نيّة الشفاء العاجل والتامّ للجرحى. وعاون غبطتَه في القداس، الأب حبيب مراد أمين السرّ في البطريركية.
حضر القداس وشارك فيه صاحبا السيادة المطرانان مار أثناسيوس متّي متّوكة، ومار فلابيانوس يوسف ملكي، والأب أفرام سمعان، والراهبات الأفراميات، وجمعٌ كبيرٌ من المؤمنين.
وبعد الإنجيل المقدس، ارتجل غبطته موعظةً روحيةً أبرز ما جاء فيها:
"اليوم هو الأحد الأول من عامنا الجديد ٢٠١٦،
أتينا إلى بيت الرب لنقدّم نيّاتنا للرب يسوع، ونرفع صلواتنا وتضرّعاتنا إليه، كي يحلّ أمنه وسلامه في الشرق، وبخاصة في لبنان وسوريا والعراق.
سمعتم منذ أربعة أيّامٍ بالمجزرة المخيفة التي وقعت في مدينة القامشلي في الجزيرة السورية، حيث قُتل ٢٠ شخصاً أغلبهم من الشباب المسيحيين، فيما كانوا يحتفلون بنهاية العام بالرجاء أن يحلّ العام الجديد بالأمن والسلام، لكنّ أحكام الله ليست كأحكام البشر! فقد رأينا الإرهابيين وهم يعيثون فساداً، فيفجّرون أحد المطاعم حيث يتجمّع الكثير من أبناء شعبنا، ومعظمهم من الشباب، كانوا قد صمّموا على البقاء في أرض الآباء والأجداد وعدم المغادرة رغم الظروف الصعبة.
سنقدّم هذا القداس راحةً لنفوس شهداء تلك المجزرة، طالبين من الرب أن يشقف علينا، ويرحم أبناءنا في سوريا والعراق المعرَّضين كلّ يوم للخوف والقتل والتهجير.
دعوتُنا اليوم أن نجدّد إيماننا بالرب الإله الذي وعد أن يبقى وسط كنيسته، فلن تتزعزع، وسيظلّ مع أبنائها حتى نهاية العالم.
طبعاً نحن لا نفهم دائماً إرادة الرب الذي يسمح أن يُضطهَد أبناؤه. نتذكّر أنّه ليست لدينا مدينةٌ باقيةٌ على الأرض، بل إننا نشتاق ونتوق إلى الأبدية.
بالتأكيد لن نستمرّ بتلقّي الضربات دون أن نجتهد بالدفاع عن أنفسنا، لكن لا يجب علينا أن نشعر باليأس والإحباط.
في خضمّ هذه الطروف العصيبة التي نمرّ بها، نؤكّد أننا نثق بالرب، مستمدّين من الضعف قوّةً، ونسأله تعالى أن يتحنّن علينا جميعاً.
سنبقى على الدوام نطلق الصوت عالياً ومدوّياً من أجل أبنائنا، مطالبين بالدفاع عن كرامتهم وحقوقهم في العيش الكريم بسلامٍ وأمانٍ وطمأنينةٍ ومساواةٍ في أرضهم وأرض آبائهم وأجدادهم.
نشترك في هذه الذبيحة الإلهية رافعين الصلاة والإبتهال من أجل جميع المتألّمين والمظلومين.
يا ربّنا يسوع المسيح، الشهيد الأول، الذي فدانا بدمه الثمين، إجعل نصيب هؤلاء الشهداء الأبرار في فردوسك مع جميع القديسين والشهداء، وعزِّ الحزانى والمفجوعين بفقدانهم، وامنح الجرحى الشفاء العاجل والتامّ، بشفاعة القديسة مريم العذراء وجميع القديسين والشهداء، سيّما الطوباوي مار فلابيانوس ميخائيل.
ونسأله تعالى بشفاعتهم جميعاً أن يجعل هذا العام الجديد عام خيرٍ وبركةٍ وسلامٍ وأمانٍ على لبنان وسوريا والعراق وسائر بلدان شرقنا المعذَّب والعالم بأسره.
سنة مباركة على الجميع، وكلّ عام وأنتم بخير".
وفي نهاية القداس، أقام غبطته، يعاونه الأساقفة والكهنة، صلاة الجنّاز راحةً لنفوس شهداء تفجير القامشلي، في جوٍّ من الحزن والألم لفقدانهم، لكن أيضاً الرجاء بالرب يسوع الذي يعطي التعزية والخلاص.
وبعد البركة الختامية، استقبل غبطته المشاركين في القداس في صالون البطريركية.
|