الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
النص الكامل لموعظة غبطة أبينا البطريرك في قداس الرسامة الأسقفية للخوراسقف أنطوان ناصيف

 
 

    يطيب لنا أن ننشر فيما يلي النص الكامل للموعظة التي ألقاها غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، خلال قداس الرسامة الأسقفية للخوراسقف أنطوان ناصيف، مطراناً على سروج شرفاً وأكسرخوساً رسولياً على السريان الكاثوليك في كندا، باسم مار بولس أنطوان، مساء السبت 23 كانون الثاني 2016، في كاتدرائية سيّدة البشارة ـ المتحف ـ بيروت:

ـ تحيّة وشكر للسفير البابوي المطران كبريالي كاتشا (باللغة الفرنسية)، ومنه إلى قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس لتأسيسه النيابة الرسولية في كندا، وتسميته الأب أنطوان ناصيف أوّل مطران عليها.

ـ تحيّة شكر لممثّلي البطاركة: غبطة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الراعي، ممثَّلاً بسيادة المطران بولس عيد الساتر، قداسة البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني، ممثَّلاً بنيافة المطران مار ثيوفيلوس جورج صليبا، غبطة البطريرك كريكور بيدروس العشرين كبرويان، ممثَّلاً بسيادة المطران جورج أسادوريان، غبطة البطريرك غريغوريوس الثالث لحّام، ممثَّلاً بحضرة الأباتي جان فرج، ولرؤساء الأساقفة والأساقفة الجزيلي الإحترام، والخوارنة والكهنة والرهبان والراهبات، والشمامسة والمؤمنين المبارَكين بالرب:

ـ نحتفل بذبيحة القداس الإلهية، شاكرين الآب السماوي لدعوته كاهناً من بيننا كي يُرسَل أسقفاً خادماً لكنيسته السريانية في بلاد عبر البحر والمحيط، حيث يعطي المثال الأنصع للراعي الصالح. فهو عارفٌ بما يُطلبُ منه: أن يساهم في نقل شعاع الشرق إلى بلد المغيب في الأراضي الكندية. فمن شرقنا شعّ نور الخلاص وانطلق إنجيل المحبّة والوداعة، باتّحاد كلمة الله المتأنّس في الإنسان الذي خُلق كي يرتاح قلبه في خالقه.

ـ إزاء ما نشهد من مآسٍ ونكباتٍ مخيفةٍ لشعبنا وجماعاتنا الكنسية في هذا المشرق المعذَّب، يحقّ لنا أن نتساءل: ألا تكفي عذاباتنا؟ ومتى ينتهي درب آلامنا؟ وهل هي مشيئة عظماء هذا العالم أن تغيب شمس الشروق الدافئة في غروب تلك البلاد الباردة؟

ـ اتّخذ المطران الجديد شعاراً يذكّر بمفهوم دعوته إلى الخدمة الأسقفية، مردّداً قول مار بولس الذي اختاره اسماً أبوياً لكرسيه الأبرشي: "المحبّة... تحتمل كلّ شيء". فهو يدرك أنّ لا خدمة في الكنيسة تتجاهل مفهوم المحبّة وعيش المحبّة، كما أنّ إلهنا هو المحبّة عينها!

ـ فالمطران الجديد مدركٌ بأنّ خدمته الأسقفية المبنية على هذه الفضيلة الإلهية، أي المحبّة التي تشترط الإحتمال، "... كجندي صالح للمسيح"، على قول رسول الأمم... لذا هيّأ نفسه للإنطلاق إلى الرسالة، وتتميم دعوة الرب، مهما كثرت التحدّيات وتراكمت الصعاب، ومهما تلكّأ الطبع البشري فيه.

ـ لذلك، على خدمته الأسقفية أن تتميّز بثلاثة أبعاد: روحانية صافية ملتزمة في عالمٍ جديدٍ تجذبه المادّية والعلمنة، ورعوية متكاملة ومنفتحة تستشفّ علامات الأزمنة، وأمانة لتراثنا السرياني العريق والمهدَّد اليوم بخطر الغياب عن الحضارات المتفاعلة على مسارح البشر.

ـ الروحانية الملتزمة:

يعلم المطران الجديد بأنّ نعمة الرب يسوع تكفيه وتقوّي ضعفه. فهو لا يتّكل على قواه الذاتية وكفاءاته البشرية، ولكن على النعمة الإلهية، نعمة المسيح التي تقوّيه وتقوده في طريق الخدمة الأسقفية، بالأمانة والسخاء والثبات.  لذا سيعمل جهده لعيش الإتّحاد بمعلّمه الإلهي، بروح الصلاة المتواضعة والإستسلام الوديع. فيبذل ويضحّي، ويتفهّم ويصبر، دون كللٍ أو ملل. يتحمّل كلّ شيءٍ باسم معلّمه الفادي، ودون أن يتسرّع للحكم، بل يبدع في قبول الآخرين وبنيانهم.

ـ الخدمة الراعوية المنفتحة:

إنّ آفاق خدمته الراعوية كأسقفٍ حديثٍ وفي بلادٍ جديدةٍ، لها خواصها الثقافية والإجتماعية، ولا بدّ لها أن تتقاطع مع تحدّياتٍ وصعوباتٍ عدّة. وهنا حاجته إلى أنوار الروح القدوس، كي يمارس التمهّل في إصدار الأحكام، والصبر في تقويم الإعوجاج، وعلم تفويض الآخرين من إكليروس ومؤمنين، يرى فيهم الغيرة والنزاهة والعطاء المجّاني. وهنا أهمية نشدان النصح والإرشاد من الأساقفة الذين سبقوه، ومن روّاد الرسالة، وعلى رأسهم سيادة المطران مار برنابا يوسف حبش، راعي أبرشية "سيّدة النجاة" التي منها وُلدت أبرشية كندا، وغيره من الأساقفة الشرقيين في تلك البلاد، لا سيّما إخوته الكهنة من إكليروس الأبرشية الجديدة، يشاركهم همومهم وآمالهم بروح الراعي الصالح.

ـ والأمانة لتراثنا السرياني:

نحن نعلم أنّ المطران الجديد "باولوس أنطوان ناصيف" مغرَمٌ بالليترجية السريانية، طقساً ونصاً وموسيقى. وليترجيتنا السريانية وتاريخنا العريق والدرر التي خلّفها لنا آباؤنا السريان، لا يزال الكثير منها في أدراج المكتبات شرقاً وغرباً، لا بل هناك الكثير ممّا غيّبه التاريخ. على عاتقه إذن أن يولي هذه الكنوز الكنسية والحضارية أهميةً خاصةً، فيشجّع من يريد الإختصاص في علومها، ويسعى لجمع ما يخص طقسنا السرياني وترجمته ونشره، لفائدة المؤمنين الروحية، وللمساهمة في إغناء الكنيسة الجامعة برئتيها الشرقية والغربية.

 

ـ كلمة الختام: نتضرّع إلى الرب، معلّمنا الإلهي والراعي الصالح، أن يغمر المطران الجديد والأبرشية الجديدة، أبرشية السريان الكاثوليك في كندا، بغزير نعمه وبركاته. كما نبتهل إلى الأمّ السماوية، أمّ الرحمة، أن ترافقه وتحميه في أسفاره وزياراته إلى الرعايا والإرساليات.

 

إضغط للطباعة