"قفوا للدفاع بشجاعة عن شرعة حقوق الإنسان وعن حرياتنا الدينية"
هذا النداء أطلقه غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، في تورونتو - كندا، ملبّياً دعوة كارل اندرسون رئيس منظّمة "فرسان كولومبوس" بصفة "الفارس الأعلى". والمنظّمة هي أكبر المنظّمات العلمانية الكاثوليكية بعدد المنتسبين إليها الذين بلغوا المليونين، وأعضاؤها يعيشون دعوتهم المسيحية إلى خدمة المحبّة بأخلاقية الإنجيل، بروح الطاعة للكنيسة، وبالتنافس على محبّة الوطن. وألقى غبطته الكلمة الإفتتاحية للمؤتمر السنوي العام الذي عُقد ما بين 2-4 آب 2016، وشارك فيه قرابة الألفين من المندوبين من الولايات المتّحدة الأميركية وكندا وأوروبا وأميركا اللاتينية وكوريا.
تناول غبطة البطريرك يونان في كلمته الموضوعين الأساسيين للمؤتمر: الأوّل وهو شرعة حقوق الإنسان، كما أعلنتها وثيقة الأمم المتّحدة لعام 1948، فتحدّث غبطته عن "ضرورة العمل الجدّي لتطبيق هذه الوثيقة في يومنا هذا، وفي جميع البلاد المنتسبة لمنظّمة الأمم المتّحدة دون استثناء، ودون التعلّل بأيّ سببٍ كان، دينياً أو اجتماعياً أو ثقافياً".
وفي الموضوع الثاني، عالج غبطته مسألة "الحرية الدينية التي تجابه الكثير من التحدّيات في العالم، وبشكلٍ خاص في بلدان الشرق الأوسط، حيث تستأثر ديانة الأكثرية بحق الوجود رسمياً وتحظى بالإمتيازات على حساب المكوّنات الصغيرة، ما عدا لبنان الذي وحده يفصل الدين عن الدولة ويحترم حرية الضمير ويسعى لتطبيق صيغة التوافق بين طوائفه".
ونوّه غبطته إلى "خطورة الأحداث الجارية في منطقة الشرق"، وتأسّف "للجهل والتجاهل من قبل الدول العظمى لعذابات الأبرياء، لا بل لتواطؤ بعض السياسيين الغربيين في إذكاء نار الفتن في أكثر من مكان، ولا سيّما في سوريا والعراق، حتى اليوم. وهذه السياسة الماكيافيلية تخدم وللأسف برامج العصابات التكفيرية أمثال داعش وغيرها، ممّا سيؤول إلى الكثير من الدمار والمآسي، ومن تفريغ المكوّن المسيحي من بلاد المنشأ في الشرق".
أمّا بخصوص الجواب على السؤال الذي ما فتئنا نسمعه من هنا وهناك في دول الغرب: ماذا تريدون منّا أن نفعل، فجدّد غبطة البطريرك يونان شكره "للكنائس والمنظّمات المسيحية التي مدّت ولا تزال تمدّ يد العون الإنساني للتخفيف من آلام مئات الآلاف من المسيحيين وغيرهم من المكّونات الصغيرة الذين اقُتلعوا من أرضهم وساحوا تائهين في بلاد العالم". وذكّر غبطته المشاركين في المؤتمر بأنّ "مسؤوليتهم الأولى اليوم هي الوقوف معاً للتمسّك بالحقيقة والدفاع الصريح والشجاع عن الحقوق المدنية لجميع المواطنين، وهذا واجبٌ في العالم أجمع، وليس فقط في بلادهم الغربية فقط!". وأكّد غبطته بأنّ "على الحرية الدينية أن تشمل فعلاً حرية العبادة وحرية الضمير، وهما الأساس الذي تُبنى عليه الحقوق المدنية لجميع المواطنين، ومن دونهما لا ضمانة لمستقبل بلدان الشرق الأوسط".
وقد حضر المؤتمر 12 كردينالاً و120 أسقفاً و200 كاهناً جاؤوا من بلدان مختلفة، ومن بينهم 3 أساقفة من كنيستنا السريانية الكاثوليكية رافقوا غبطتَه: يوسف حبش (الولايات المتّحدة)، يوسف عبّا (بغداد والبصرة والخليج العربي)، وأنطوان ناصيف (كندا)، والآباء: حبيب مراد (أمين سرّ البطريركية)، رامي القبلان (روما)، وثائر عبّا (تورونتو).
|