ننشر فيما يلي النص الكامل للبيان الختامي الصادر عن اجتماعات الدورة الحادية والخمسين لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، المنعقد في الكرسي البطريركي الماروني في بكركي، من 6 حتى 10 تشرين الثاني 2017:
عقد مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان دورته السنوية الواحدة والخمسين في الكرسي البطريركي الماروني في بكركي، من السادس إلى العاشر من شهر تشرين الثاني 2017، برئاسة صاحب الغبطة والنيافة، الكردينال مار بشاره بطرس الراعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، وبمشاركة أصحاب الغبطة مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، مار يوسف العبسي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم للروم الملكيين الكاثوليك، وكريكور بيدروس العشرين، بطريرك كاثوليكوس الأرمن الكاثوليك على كرسي كيليكيا، وأصحاب السيادة المطارنة، وقدس الرؤساء العامين والرؤساء الأعلين، وحضرات الرئيسات العامات أعضاء المكتب الدائم للرهبانيات النسائية. وشارك في جلسة الافتتاح حضرة المونسنيور إيفان سانتوس القائم بأعمال السفارة البابوية في لبنان، الذي أعرب في كلمته عن سعادته بتمثيل السفارة البابوية في دورة المجلس الحالية وشكر المطران كبريالي كاتشا السفير البابوي السابق الذي أحبّ لبنان كثيراً وقد دعاه قداسة البابا ليكون ممثّله في الفليبين.
وجّه الآباء رسالة إلى قداسة البابا فرنسيس أطلعوه فيها على دورتهم وموضوعها والتمسوا بركته الرسولية لهم ولكنائسهم ومواطنيهم.
وتناول المجلس موضوعه العام تحت عنوان: "شؤون راعوية وقانونية حول الزواج والعائلة، واليوبيل الذهبي للمجلس". واطّلع الآباء على تقارير اللجان والهيئات التابعة له، واتّخذوا التدابير والمقرّرات والتوصيات بشأنها. وتوقّفوا عند الأوضاع في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط.
رحّب رئيس المجلس في كلمته الافتتاحية بالأعضاء الجدد وهم صاحب الغبطة البطريرك يوسف العبسي، وقدس الأباتي مارون الشدياق، وقدس الأباتي مارون أبو جوده، وحضرة الأم سيلفستر العلم. وشكر الذين أنهوا خدمتهم.
أوّلاً: شؤون راعوية وقضائية
على ضوء الإرشاد الرسولي "فرح الحبّ"، والإرادة الرسولية "يسوع العطوف الرحوم"
استمع الآباء إلى مداخلات حول راعوية المرافقة العائلية بأبعادها وواقعها وآليّة العمل لتطبيقها، على ضوء الإرشاد الرسولي "فرح الحبّ"، وبعد المناقشة والنظر في توصيات اللجنة الأسقفية للعائلة والحياة، اتّخذ الآباء المقرّرات والتوصيات التالية:
1. إعداد دليل عمل راعوي يتضمّن توصيف المفاهيم الأساسية وتوضيح معايير المرافقة والتنشئة وتمييز الحالات ومواكبتها، وتحديث برامج الإعداد للزواج.
2. إنشاء مراكز إرشاد عائلي في الأبرشيات للتنشئة والإعداد والتوجيه يتضمّن: مركز إعداد للزواج – مركز مرافقة وإصغاء – مركز استشارة وتوجيه، وفقاً لإمكانيات كل أبرشية.
3. إنشاء جهاز يعنى بتطبيق نتائج التداعي بين الزوجين المختصة بكيفية تسلّم وتسليم الأولاد واصطحابهم ومشاهدتهم وفق آليات قانونية وراعوية وإنسانية.
4. الطلب إلى المدارس الكاثوليكية إدراج برامج تربية على الحبّ والمسؤولية وكرامة الجسد للصفوف الثانوية في إطار مناهج التربية المسيحية.
5. الطلب من اللجنة التنسيق مع المركز الكاثوليكي للإعلام لإطلاق حملة إعلامية سنوية بالتعاون مع وسائل الإعلام المسيحية لتعزيز قيمة من قيم العائلة ومواجهة تحدّي معيّن يجابهها.
ثمّ كانت مداخلات حول الارادة الرسولية "يسوع العطوف الرحوم" تناولت على التوالي: نيّة قداسة البابا فرنسيس من إجراء الإصلاح في أصول المحاكمات الزواجية وأهم نقاط هذا الإصلاح؛ ودور المطران الأبرشي على المستوى الراعوي كأساس لخدمته القضائية بحكم كونه رأساً وطبيباً وقاضياً؛ ثمّ دوره القضائي ولا سيّما في المحاكمة الزواجية الأقصر؛ وأخيراً تطبيق المعونة القضائية، بحيث لا يُحرم أحد من إمكانية اللجوء إلى المحاكم لأسباب ماليّة. وبعد المناقشة اتّخذت المقرّرات والتوصيات التالية:
· إنشاء مراكز إصغاء ومرافقة للأزواج والعائلات المتعثّرة والمصالحة في حال النزاعات ويعنى المركز بالتوصّل مع الزوجين إلى اتّفاق حبّي رضائي بينهما على النفقة والحراسة والحضانة والسكن وما إليها قبل تحويل الدعوى إلى المحكمة، على أن يُثبَّت الاتّفاق بقرار قضائي من المحكمة. كما يُعنى المركز بالعمل على ألا تحول أيّ دعوى إلى المحكمة قبل مرورها بالمصالحة. وللمركز أن يبدي رأيه للمحكمة مع تحويل الدعوى. وللأبرشيات التعاون فيما بينها لإنشاء مركز موحّد.
· إعلام المطارنة المعنيين أو نوابهم القضائيين كلّ مرة يتقدّم أحدهم بدعوى في غير أبرشيته، خاصةً بين لبنان وبلاد الانتشار.
· عدم قبول العائدين إلى الكثلكة بعد جحودهم، إلا بعد أن تحلّ قضية زواجهم الكاثوليكي الصحيح وفقاً لأصول المحاكمات.
ثانياً: اليوبيل الذهبي للمجلس (1967 – 2017)
استمع أعضاء المجلس إلى نتيجة الدراسة الميدانية حول اختبارات المجلس لمناسبة يوبيله الذهبي التي تشكّل وقفة كنسية روحية لتقييم الواقع ووضع رؤية مستقبلية. فعرضت الشركة التي قامت بالدراسة حصيلة أبحاثهاوأكّدت على عدد من مكتسبات الأعوام الخمسين من عمل المجلس ومنها:
تجسيد المجلس لمقرّرات المجمع الفاتيكاني الثاني والإرشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان" وتطبيقها في المجال الكنسي اللبناني. الانفتاح على العالم العربي والشرق أوسطي واعتباره أنّ منطقة الشرق الأوسط هي العمق الراعوي لدعوته ورسالته. الانفتاح على العمل المسكوني والحوار مع الكنائس الأرثوذكسية والإنجيلية. إسهامه في تطوير التربية وقطاع التعليم في لبنان. نجدة المعوزين والفقراء والبؤساء وذوي الاحتياجات الخاصة. وتفعيل التعاون والتنسيق بين المؤسّسات الكاثوليكية.
كما أشارت الدراسة إلى التحدّيات الأساسية والثانوية التي استقرأتها بنتيجة المقابلات والاجتماعات، وأهمّها حضور المسيحيين في لبنان ودورهم وفاعليتهم فيه. فقد عبّر من التقت بهم اللجنة عن توجّسهم من تنامي ظاهرة الإرهاب وتأثيرها على لبنان، وتفاقم الأزمة الإقتصادية والمعيشية، والتهديد الوجودي المتّصل بتراجع الحضور المسيحي في بعض المناطق اللبنانية.
ثالثًا: الاوضاع الراهنة في لبنان والمنطقة
ثمّن الآباء الإنجازات التي تمّت في السنة الأولى من عهد فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والحكومة، لكنّهم أسفوا لاستقالة دولة رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الحريري، وإعلانها من المملكة العربية السعودية في الخامس من هذا الشهر، ولزجّ البلاد في حالة جمود. ويقلقهم عدم عودته إلى لبنان حتّى الآن، وهي ضرورية من أجل الكرامة والسيادة، والاستقرار، فالمسألة تتعدّى كونها دستورية لتصبح قضيّة سياسية ووطنية. وهم يثمّنون حكمة فخامة الرئيس الذي دعا إلى التروّي وشدّ أواصر الوحدة الداخليّة، والذي ما زال يقوم بمشاورات واسعة بشأن هذه القضيّة.
وتأتي زيارة صاحب الغبطة والنيافة، رئيس هذا المجلس، إلى المملكة العربية السعودية في الأسبوع المقبل، تلبيةً لدعوة خاصّة من جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز، مناسبةً للمطالبة بإبعاد لبنان عن الصراعات الإقليمية، وعن إدخاله في محاورها، وجعله ساحة رديفة لتصفية الحسابات الإقليمية على حسابه؛ ومناسبة لدعم استقلال لبنان وسيادته واستقراره، ولمساعدته على تكوين الدولة القادرة والقويّة والعادلة ليبقى في هذه المنطقة الشرقية أرض التعدّدية الثقافية والدينية، والحوار الحياتي بين المسيحية والإسلام.
في واقع الأزمة الإقتصادية والإجتماعية المستفحلة، يعمل الآباء على أن تظلّ الكنيسة علامة رجاء لشعبنا وملاذاً له في صعوباته. فإنّ مؤسّسات الكنيسة، التربوية والإستشفائية والإجتماعية والإنسانية، تواصل أداء خدمتها للجميع، وتقدّم المساعدة لمن هم في حاجة، مع توفير فرص عمل متنوّع.
غير أنّهم لا ينفكّون يطالبون الدولة بالعمل الجدّي على الدفع بالنهوض الإقتصادي، وبدعم المؤسّسات الاجتماعية والتربوية وبإيفاء ما يترتّب عليها من مستحقّات للمدارس المجانية والمستشفيات ودور اليتامى والمسنّين والحالات الخاصة، وبرفع كلفة الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة والحالات الإجتماعية وفقاً للمقتضيات المعيشية الراهنة. فالمؤسّسات المعنيّة تقوم في الواقع بواجبات الدولة.
وقد عبّر الآباء عن هواجسهم بخصوص قانون سلسلة الرتب والرواتب الذي يحمل الرقم 46/2016 والذي يهدّد مستقبل المدارس والتعليم الخاص والحضور المسيحي في مناطق الأطراف والقرى النائية، وطالبوا الدولة بتحمّل مسؤولياتها تجاه مواطنيها والتقيّد بمبدأ وحدة التشريع بين العام والخاص على قاعدة أنّ وحدة التشريع تستتبع وحدة التمويل.
آلم الآباء استمرار الحروب في بلدان الشرق الأوسط، لا سيّما في سوريا والعراق وفلسطين واليمن، وقد زعزعت الاستقرار والسلم وتسبّبت بالهدم المبرمج وبويلات ومصائب على المواطنين الأبرياء. فإنّهم إذ يجدّدون إدانتهم العنف بكلّ أشكاله، يدعون أبناءهم المسيحيين لأن يصمدوا بنعمة الله في رجائهم بإعادة بناء أوطانهم يداً بيد مع إخوتهم المسلمين. ويحضّون السلطات المعنيّة على الإسهام المثابر والفاعل في إعمار المجتمع، وفي المحافظة على تنوّعه، والسهر على تماسكه من خلال تكافؤ الفرص أمام الجميع بحكم المواطنة المتساوية والمسؤولة. ويناشدون المجتمع الدولي والدول المعنيّة إيقاف الحروب وإحلال السلام في المنطقة، والتوصّل الى حلول سياسية سلمية، بالاستناد إلى القوانين الدولية التي تحفظ حقوق الشعوب والدول وتصون وحدة أراضيها، والعمل الجدّي على عودة النازحين واللاجئين والمخطوفين والمبعَدين إلى بلدانهم وبيوتهم وممتلكاتهم، حفاظاً على حقوقهم كمواطنين، وعلى ثقافتهم وحضارتهم.
وفيما لبنان وشعبه يعربون عن تضامنهم الإنساني والإجتماعي معهم، فإنّ عددهم الذي بات يفوق نصف سكّان البلاد، أصبح عبئاً وخطراً على كيانه واقتصاده وتوازن سكّانه، وعلى استقراره السياسي والأمني.
ويناشد الآباء الوزارات اللبنانية المعنيّة تأمين المساعدات اللازمة للنازحين العراقيين أسوةً بسواهم من النازحين السوريين.
رابعاً: توصيات وتدابير بشأن اللجان والهيئات
الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية
كما استمع الآباء إلى تقرير اللجنة الأسقفية والأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية التي أوصت بإعادة النظر في دور الأمانة العامة، لجهة إعطائها مزيد من الصلاحيات، لتكون علامة وحدة لجميع مدارسنا وأسرنا التربوية، ومطالبة الدولة بإصدار البطاقة التربوية وبتسديد مساهمات المدارس المجانية في مواقيتها المحدّدة قانوناً. وبانتظار اعتماد البطاقة التربوية، طالب المجتمعون الدولة بدفع أعباء الزيادات التي فرضها القانون 46/2017 بهدف مساعدة العائلات التي تعاني من صعوبات حقيقية لتأمين استمرارية تعليم أولادها في المدارس الكاثوليكية والخاصة نتيجة لتردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الحاليّة. كما طلبوا من إدارات المدارس التقيّد الدقيق بمنطوق القانون 515/96 في تحديد الأقساط المدرسية حفاظاً على علاقات سليمة بين أعضاء الأسر التربوية. وكما تمّت الإشارة إلى أنّ منهجَي مادة التربية الوطنية والتنشئة المدنية ومادّة الفلسفة قد أُنجزا بالكامل بانتظار موافقة المعنيين لوضعهما قيد التطبيق.
واطّلع الآباء على تقارير باقي اللجان الأسقفية والهيئات التابعة لها، وناقشوا أعمالها وصوّتوا على مقرّراتها وتوصياتها الخاصة بتعزيز نشاطها ورسالتها في خدمة الكنيسة والمجتمع. وانتخبوا الأعضاء التالية أسماؤهم للمناصب الشاغرة:
1. في لجنة الترشيحات: سيادةالمطران جورج أسادوريان وقدس الأب العام نعمة الله الهاشم وحضرة الأم جوديت هارون، أعضاء.
2. سيادةالمطران مارون عمّار رئيساً للجنة الأسقفية لراعوية الصحة والبيئة.
3. سيادةالمطران يوحنّا جهاد بطّاح نائباً للرئيس في اللجنة الأسقفية "عدالة وسلام".
4. حضرة الأرشمندريت أنطوان ديب نائباً للرئيس في اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام.
5. حضرة الأم منى وازن نائبة للرئيس في اللجنة الأسقفية للعائلة والحياة.
6. حضرة الأم ماري أنطوانيت سعادة نائباً للرئيس في اللجنة الأسقفية للمدارس الكاثوليكية في لبنان.
7. سيادةالمطران ميشال عون مشرفاً على رابطة الأخويات في لبنان.
8. سيادةالمطران منير خيرالله مشرفاً على جمعية كشّافة لبنان وجمعية دليلات لبنان.
9. الخوري جان موره مرشداً عاماً للسجون في لبنان.
وفي الختام يسأل الآباء الله، بشفاعة العذراء مريم والدة الإله وسيّدة لبنان، أن يحمي لبنان في كيانه ورسالته، ويُنعم على بلدان الشرق الأوسط بالسلام العادل والشامل وبالأمن والازدهار.
|