في تمام الساعة الرابعة والنصف من بعد ظهر يوم الجمعة ٢٣ آذار ٢٠١٨، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة جمعة الأربعين، أي نهاية الصوم الأربعيني، ثمّ أقام غبطته رتبة درب الصليب، وذلك على مذبح كاتدرائية سيّدة النجاة في الكرادة - بغداد، وهي المرّة الأولى في تاريخ أبرشية بغداد التي يحتفل فيها غبطة البطريرك بهذه المناسبة المباركة.
فور وصول غبطته من مطار بغداد إلى كاتدرائية سيّدة النجاة ومقرّ مطرانية أبرشية بغداد، أضاء غبطة أبينا البطريرك صورة ضخمة لشهداء مذبحة كاتدرائية سيّدة النجاة، معلناً المضيّ في دعوى تطويبهم تمهيداً لرفعهم على المذابح.
بعدئذٍ احتفل غبطته بالقداس الإلهي، يعاونه سيادة المطران مار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد والنائب البطريركي على البصرة والخليج العربي وأمين سرّ السينودس المقدس، والأب حبيب مراد أمين سرّ البطريركية.
وخلال القداس أقام غبطته جنّازاً لراحة نفوس الشهداء المرحومين الدكتور هشام مسكوني وزوجته الدكتورة شذى ووالدتها خيرية الذين استشهدوا في بغداد قبل أسبوعين.
شارك في هذه المناسبة صاحب الغبطة مار لويس روفائيل الأول ساكو بطريرك بابل على الكلدان، وصاحب السيادة المطران ألبيرتو أورتيغا السفير البابوي في العراق والأردن، وأصحاب السيادة المطارنة رؤساء الكنائس في بغداد: مار سويريوس حاوا مطران بغداد والبصرة للسريان الأرثوذكس، وآفاك أسادوريان مطران بغداد للأرمن الأرثوذكس، وجان سليمان النائب الرسولي للاتين في العراق، وباسيليوس يلدو المعاون البطريركي للكلدان، وعدد كبير من الخوارنة والكهنة والشمامسة والراهبات من كنيستنا السريانية ومن الكنائس الشقيقة، وجمهور غفير جداً من المؤمنين الذين غصّت بهم الكاتدرائية على رحبها.
كما تقدّم الحضور معالي الدكتورة آن نافع أوسي وزيرة الإعمار والإسكان في الحكومة العراقية وهي من أعضاء كنيستنا السريانية الكاثوليكية، والسيّد رعد جليل كجه جي رئيس ديوان أوقاف المسيحيين والديانات الأخرى.
في موعظته بعد الإنجيل المقدس، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن يوم جمعة الأربعين وهو اليوم الأخير من الصوم ويسبق سبت إحياء لعازر والشعانين وأسبوع الآلام، متطرّقاً إلى التجارب الثلاث التي جرّب بها الشيطانُ يسوعَ، منوّهاً إلى أنّ "أهلنا في الشرق لا يفتّشون عن الخبز اليومي، لأنهم لو فعلوا ذلك لما كنّا دُعينا اليوم مسيحيين"، مشيراً إلى أنّ "الإنسان يحيا بالكلام الإلهي والدفاع عن الحقيقة والسلام والمحبّة بين البشر"، ومعتبراً أنّنا "نحن المسيحيين في الشرق نعاني من شهوة الكبار والمجد الباطل ونكون نحن الضحايا"، مؤكّداً أنّ "علينا ألا نتّكل على المادّة ونعبد ربَّين، الله والمال".
وأشار غبطته إلى أنّ "موقف يسوع خلال تجربته من الشيطان يعطينا القوّة والفخر والإعتزاز بإيمان آبائنا وأجدادنا الذين عانوا الأمرَّين كي يحافظوا على أمانتهم للرب يسوع. ونحن اليوم في هذه الكاتدرائية التي تفتخر أنّ هؤلاء الشهداء قدّموا كلّ ما لهم قبل ثماني سنوات وبذلوا دمهم من أجل الرب يسوع، كانوا في مثل هذا الوقت يشاركون في ذبيحة القداس الإلهي، وإذ بهم يُدعَون ليشاركوا الحمل الإلهي في السماء".
وأردف غبطته قائلاً: "إنّنا نحبّكم ونحن معكم، ليس فقط بالفكر والصلوات، لكن خاصةً بالدفاع عن قضيتكم العادلة، وهي أن تقدروا على العيش مثل باقي المسيحيين في بلادنا المشرقية، بالحرّية الدينية والكرامة المسيحية، وأن تساهموا في بناء وطنكم الغالي العراق، كي يرجع أفضل ممّا كان، بالعيش المشترك بين جميع مكوّناته أكانوا أغلبية أم أقلية، فهم مواطنون يحقّ لهم أن يعيشوا بكرامة وبحقوقهم الإنسانية والدينية".
وختم غبطته موعظته مجدِّداً التعازي لعائلة مسكوني بفقدان الشهداء المرحومين، مشدّداً على أنّنا "كما عانينا ونعاني الآلام منذ السنوات الماضية، سواء هنا في العراق أو في سوريا من الكوارث التي حلّت بهذين البلدين، نسأل الرب أن يخفّف هذه المحنة ويساعدنا كي نرافقه في درب آلامه نحو مجد ونور القيامة، بشفاعة أمّنا مريم العذراء سيدة النجاة وجميع شهدائنا وشهيداتنا".
وكان سيادة المطران مار أفرام يوسف عبّا قد ألقى كلمة في بداية القداس، رحّب فيها بغبطته، مثمّناً زيارته الرسولية إلى العراق، ومنوّهاً برعايته الأبوية وسهره الدائم من أجل الإعتناء بأبنائه وبناته، وحمله قضية الحضور المسيحي في الشرق ومستقبل المسيحيين في العراق إلى المحافل الدولية، متمنّياً لغبطته دوام الصحّة والعافية والتوفيق في أعماله الجليلة لما فيه خير الكنيسة، ومعرباً عن خالص امتنانه لمشاركة رؤساء الكنائس الشقيقة في هذه المناسبة، ومؤكّداً على الوحدة والشراكة التي تجمع الكنائس في العراق بروح المحبّة والإحترام.
وبعد انتهاء القداس، ترأس غبطة أبينا البطريرك رتبة درب الصليب الأخيرة لهذا العام، فطاف داخل الكاتدرائية خلال مراحل درب الصليب، ثمّ منح البركة الختامية بالصليب المقدس.
ثمّ تقدّم المؤمنون من غبطته فنالوا بركته الأبوية.
|