في تمام الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم السبت 24 آذار 2018، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي الحبري بمناسبة عيد الشعانين، وذلك على مذبح كنيسة سلطانة السلام، عنكاوا – العراق، يعاونه صاحبا السيادة مار يوحنّا بطرس موشي رئيس أساقفة الموصل وكركوك وكوردستان، ومار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد والنائب البطريركي على البصرة والخليج العربي وأمين سرّ السينودس المقدس.
شارك في القداس صاحب السيادة المطران ألبيرتو أورتيغا السفير البابوي في العراق والأردن، والذي يرافق غبطته من بغداد طيلة زيارته الأبوية، وصاحب النيافة مار نيقوديموس داود شرف مطران أبرشية الموصل وكوردستان للسريان الأرثوذكس، والآباء الخوارنة والكهنة والشمامسة وجوق الرعية، بمشاركة جماهير غفيرة من مئات المؤمنين غصّت بهم الكنيسة على رحبها.
بدايةً، وبعد الدخول بالنشيد الحبري، أقام غبطة أبينا البطريرك رتبة تبريك الأعضان الخاصة بعيد الشعانين، حيث بارك غبطته الأغصان المعروضة أمامه، لتكون بركةً لآخذيها وحاميةً لمنازل المؤمنين وحافظةً لهم من الأضرار والشرور.
بعدئذٍ طاف غبطته في موكب حبري مهيب داخل الكنيسة، حاملاً صليباً كبيراً مزداناً بأغصان الزيتون، يتقدّمه الأساقفة والإكليروس، وفي المقدّمة تسير مجموعة كبيرة من الأطفال وهم متّشحون بألبسة جديدة وبهية، فباركهم غبطته.
ثمّ احتفل غبطته بقداس عيد الشعانين، وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، بعنوان "إن سكت هؤلاء نطقت الحجارة"، حيّا غبطته "الأطفال المحتشدين ليلتقوا بيسوع ملك السلام في دخوله أورشليم بالتواضع والوداعة وهو الرب والإله"، وأكّد "أنّ دخول يسوع المتواضع والوديع إلى أورشليم والذي جعل الناس أجمعين وبخاصة الأطفال والفتيان يهتفون أوشعنا مبارك الآتي باسم الرب ملك إسرائيل، لم يتمّ مع جحافل من الجنود والقوات، لكنه أتى راكباً جحشاً متواضعاً، ودخل إلى المدينة المقدسة، حتى يذكّر أولئك الذين كانوا يسعون إلى السلطة والقوة والمجد، أنّ الله يحب الودعاء والمتواضعين".
ونوّه غبطته إلى أننا "كلّنا فرحون أنّ أرضكم ومدنكم تحرّرت والحمد لله، نعم هناك المآسي والفاجعة لهول ما وجدتم فيها سواء في الموصل أو في قرى وبلدات سهل نينوى. نعم نحن المسيحيين نقولها على الملأ إننا شعب جاء ليشهد للسلام، صحيح اليوم الأقوياء يظهرون وكأنهم يسيطرون على العالم، لكنهم بالحقيقة ليسوا بسعداء، فهم لا يقدرون أن يستقبلوا يسوع بالفرح كما نستقبله نحن كلّ سنة مع أولادنا، واثقين أنّ هذه الآلام والأحزان والمظالم التي نقاسيها لا توازي شيئاً أمام فرحنا كمسيحيين أنقياء القلب ومرتاحي الضمير، فهذا هو الفرح الحقيقي".
وشدّد غبطته على أنّ "منبع أملنا ورجائنا هو الرب الإله وعليه الإتّكال، وأنّ الرب يسوع الذي قَبِلَ أن يحمل صليبه ويُصلَب هو نفسه الرب القائم ممجَّداً من الموت، هذا هو سرّ الفداء. شاء الرب يسوع أن يتحمّل الآلام ليرينا أنّ هذه الآلام ما هي إلا طريق نحو الملكوت، لذلك يجب أن نحيا دائماً هذا الرجاء، فلا يزال نفق الظلمة والظلام موجوداً، لكن في نهايته نرى بصيص نور القيامة، فلا بدّ وأن ننفتح على هذا النور مهما كان النفق طويلاً، وهذا ما نتمنّاه ونصلّي من أجله".
وختم غبطته موعظته قائلاً: "نحن جميعاً نفكّر بكم ونصلّي من أجلكم وندعو لكم بكلًّ قوة ونعمةٍ كي تكملوا الطريق التي فتحها الرب يسوع. ونحن لا نخاف ولا نرتاب ولا نخجل لأنّ ربنا قدّم ذاته من أجلنا على الصليب، وهكذا سنحتفل جميعاً بمجد القيامة، بشفاعة أمّنا مريم العذراء سلطانة السلام وجميع القديسين والشهداء".
وفي نهاية القداس، منح غبطة أبينا البطريرك البركة الختامية بالصليب المزدان بأغصان الزيتون. ثمّ بارك المؤمنين المحتشدين والمفعَمين فرحاً بهذه المناسبة المبهجة.
|