في تمام الساعة السادسة من مساء يوم خميس الأسرار المصادف في 29 آذار 2018، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، برتبة غسل أقدام التلاميذ وقداس خميس الفصح، في كنيسة عذراء فاتيما في جونيه – كسروان، يعاونه الخوراسقف جوزف شمعي، والأب حبيب مراد أمين سرّ البطريركية، والأب يوسف درغام.
بدايةً، أقام غبطته رتبة غسل أقدام التلاميذ الإثني عشر بحسب الطقس السرياني الأنطاكي، ثمّ احتفل بالقداس الإلهي بمناسبة خميس الفصح.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، أعرب غبطته عن فرحه وسروره بأن يحتفل برتبة غسل أقدام التلاميذ وقداس خميس الفصح في هذه الكنيسة الجميلة والجديدة، وهي المرّة الأولى التي يُحتفَل فيها بهذه الرتبة، سائلاً الله أن تكون هذه الكنيسة منارةً ومركز إشعاع للرعية وأبناء المنطقة.
ثمّ تحدّث غبطته عن هذه المناسبة الروحية المباركة، خميس الأسرار، الذي فيه أسّس الرب يسوع سرَّي الإفخارستيا والكهنوت، شارحاً رتبة غسل الأقدام القديمة العهد والتي تعود إلى العشاء السرّي الذي قام به يسوع مع التلاميذ، فالرب الإله يتنازل وينحني أمام التلاميذ ويغسل أقدامهم، مشيراً إلى أنّ العادة كانت قديماً عند اليهود عندما يتلقون، أن يأمر صاحب البيت خدّامه ليغسلوا أقدام الضيوف. أمّا هنا في العشاء السرّي، فنرى يسوع بالذات ينحني ويغسل أقدام التلاميذ، وهذه أمثولة رائعة جداً، يعلّمنا فيها الرب أن نتواضع أمام بعضنا البعض، إذ أنّ الخطيئة الكبرى التي نقع فيها هي الكبرياء، إذ نفكّر دائماً أننا على حق ولا نتنازل للغير، بل ننتظر منهم أن يأتوا إلينا ليعتذروا منّا. لذا أعطانا يسوع المثل بالعمل وبتواضعه العجيب الذي صنعه.
وأشار غبطته إلى أنّ الدعوة لنا في هذا الموسم أن نتذكّر أنّ ربّنا يسوع المسيح يرضى ويقبل الإنسان المؤمن المتواضع الذي يتنازل للغير ويتفهّم الغير، والدعوة لنا جميعاً أن نعيش المحبّة بعضنا تجاه البعض.
كما تكلّم غبطته عن سرّ الإفخارستيا الذي أسّسه الرب يسوع في العشاء السرّي، إذ ألغى الفصح القديم وأسّس الفصح الجديد بدمه، حين قال للتلاميذ: أنا أعطيكم فصحاً جديداً هو جسدي ودمي من خلال الخبز والخمر. وهكذا تأسّس هذا السرّ العظيم الذي نحتفل به دائماً، عملاً بوصية الرب يسوع القائل: إصنعوا هذا لذكري، وبخاصة أيّام الآحاد والأعياد، منوّهاً إلى أنّ القربان المقدس هو حضور يسوع الحقيقي فيما بيننا، كي يؤكّد لنا أنّه باقٍ معنا على الدوام، مستذكراً سِيَر الكثيرين من القديسين الذين كانوا يعيشون حياتهم كلّها على تناوُل القربان المقدس يومياً فقط، لأنّ إيمانهم هو بيسوع الموجود في القربان، بأنه هو الحياة والخلاص.
وتناول غبطته الأوضاع العامّة في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط، وبخاصة ما يتعرّض له المسيحيون من أعمال عنف واضطهاد واقتلاع، وبخاصة في سوريا والعراق، مسهباً في الحديث عن زيارته الأخيرة إلى العراق، حيث زار بغداد، والموصل القديمة، وقره قوش (بغديده) حيث احتفل بقداس أحد الشعانين والتطواف والمسيرة في شوارع البلدة بمشاركة حوالي عشرين ألف شخص، وبرطلّة، ودير مار بهنام التاريخي، ضارعاً إلى الله كي يكون المستقبل مضيئاً بنور الرجاء بالقيامة بعد هذه الآلام.
وختم غبطته موعظته مذكّراً المؤمنين أنّ يسوع بعدما أسّس سرّ الإفخارستيا، أوصى تلاميذه وأرسلهم كي يتابعوا البشارة، فأسّس بذلك سرّ الكهنوت المقدس، وأضحى التلاميذ يتمّون الذبيحة الإلهية ويوزّعون الإفخارستيا للجميع.
وفي نهاية القداس، طاف غبطته حاملاً القربان المقدس في زيّاح مهيب داخل الكنيسة. ثمّ قام غبطته بصمد القربان وسط المذبح، وجثا مع الإكليروس والمؤمنين طالبين فيض النِّعَم والخيرات والبركات السماوية.
ومنح غبطته البركة الختامية بالقربان المقدس.
|