في تمام الساعة التاسعة والنصف من صباح يوم الإثنين 23 تمّوز 2018، افتتح غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، أعمال السينودس السنوي العادي لأساقفة الكنيسة السريانية الكاثوليكية الأنطاكية، وذلك في قاعة السينودس بالمقرّ البطريركي في دير سيّدة النجاة – الشرفة، درعون – حريصا.
شارك في الإجتماع، بدعوة خاصة من غبطته، سيادة المطران جوزف سبيتيري، السفير البابوي في لبنان، وأصحاب السيادة المطارنة آباء السينودس المقدس، وهم:
مار أثناسيوس متّي متّوكة، مار ربولا أنطوان بيلوني، مار فلابيانوس يوسف ملكي، مار غريغوريوس الياس طبي رئيس أساقفة دمشق، مار اقليميس يوسف حنّوش مطران أبرشية القاهرة والنائب البطريركي على السودان، مار يعقوب بهنان هندو رئيس أساقفة الحسكة ونصيبين، مار باسيليوس جرجس القس موسى الزائر الرسولي في أستراليا ونيوزيلندا، مار ديونوسيوس أنطوان شهدا رئيس أساقفة حلب، مار غريغوريوس بطرس ملكي النائب البطريركي في القدس والأراضي المقدّسة والأردن، مار برنابا يوسف حبش مطران أبرشية سيّدة النجاة في الولايات المتّحدة الأميركية، مار يوحنّا بطرس موشي رئيس أساقفة الموصل وكركوك وكوردستان، مار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد والنائب البطريركي على البصرة والخليج العربي، مار يوحنّا جهاد بطّاح النائب العام لأبرشية بيروت البطريركية، مار فولوس أنطوان ناصيف الأكسرخوس الرسولي في كندا، مار ثيوفيلوس فيليب بركات رئيس أساقفة حمص وحماة والنبك، ومار متياس شارل مراد أسقف الدائرة البطريركية. وشارك مع آباء السينودس، بدعوة خاصة من غبطته، الخوراسقف جورج مصري المعتمَد البطريركي لدى الكرسي الرسولي، والأب رامي القبلان الزائر الرسولي في أوروبا.
افتتح غبطة أبينا البطريرك اجتماعات السينودس بالصلاة والإبتهال إلى الروح القدس كي يهدي الآباء لما فيه خير الكنيسة والمؤمنين.
ثمّ ألقى غبطته الكلمة الإفتتاحية الرسمية للسينودس، شكر فيها الآباء الأساقفة لتلبيتهم الدعوة للمشاركة في هذا السينودس العاشر منذ تولّي غبطته الخدمة البطريركية، مرحّباً خاصةً بسيادة المطران جوزف نفّاع النائب البطريركي على نيابتي الجبّة وإهدن زغرتا للموارنة، وبسيادة المطران المرتسم الجديد مار متياس شارل مراد، مترحّماً على نفس المثلّث الرحمات البطريرك السابق مار اغناطيوس بطرس الثامن عبد الأحدالذي انتقل إلى بيت الآب السماوي يوم الأربعاء 4 نيسان المنصرم في القدس.
وذكّر غبطتُه الأساقفةَ بأنّ الهدف من اجتماعهم أن يتشاركوا جميعاً "بتحمّل أعباء مسؤولية خدمة الكنيسة السريانية الكاثوليكية، متضامنين ومتّحدين حسب وصية الرب يسوع، مقتدين به بالتواضع وبذل الذات".
كما عرض غبطته أمام الأساقفة الحاضرين المواضيع التي ستتمّ مناقشتها في السينودس، وأهمّها:
-
الأوضاع الراهنة في الأبرشيات السريانية في الشرق وبلاد الإنتشار وفقاً لتقارير أصحاب السيادة
-
الخدمة الأسقفية، وعلاقات الأسقف الراعي مع كهنته حسب روح الإنجيل وقوانين الكنيسة، وصفات الأسقف، الراعي الصالح، الأب الحنون، والمدبّر الحكيم
-
عودة المهجرَّين إلى قراهم ورعاياهم في أبرشيات سوريا والعراق اللتين نُكِبتا بسبب الاضطرابات والحروب العبثية في السنوات الأخيرة
-
كنائس الإنتشار: الواقع والتحدّيات
-
الخدمة الكهنوتية والتنشئة الإكليريكية
-
اختتام أعمال اللجنة الطقسية في دراستها للذبيحة الإلهية (القداس)
-
إقرار الشرع الخاص بالكنيسة السريانية الكاثوليكية والعمل على ترجمته لرفعه إلى الكرسي الروماني
-
شؤون مسكونية: العلاقات مع الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة السريانية الملنكارية
وتطرّق غبطته إلى المعاناة التي تحمّلها الشعب السرياني في السنوات الأخيرة، مذكّراً الأساقفة برسالتهم ودورهم كرعاةٍ إئتمنهم الرب على خدمة شعب الله، أن يبذلوا كلّ جهد، ويسعوا لتحقيق الآمال التي تعقدها عليهم الكنيسة، إكليروساً ومؤمنين، في هذه المرحلة المصيرية من تاريخ المشرق.
وكرّر غبطته الدعوة إلى العالم مستنكراً "النكبات التي حلّت بشكل خاص بالكنيسة السريانية في الأعوام الماضية، والتي أدّت إلى اقتلاع عدد كبير من أبناء شعبنا من أرض الأجداد في سوريا والعراق. نكبة تكرِّر مأساة الإبادة التي حلّت بأجدادهم منذ مئة عام! فلا التقاريرُ الإعلامية ولا النظريات التي تعرضها المؤتمرات في البلدان والمنظّمات والجامعات، قادرة على طمأنتهم. ما حلّ بالمسيحيين من انتهاك خطير للحقوق المدنية قد هزّ الكيان الإنساني والمجتمعي والحضاري، مؤكداً مرارة اختبار مآسي تشرّد آلاف العائلات من الكنيسة السريانية، وبينهم أقرب الأقرباء لهم.
وأكّد غبطته تعاطفه مع "معاناة المعذَّبين والمضطهَدين من سائر المكوّنات الدينية أو العرقية من استهداف ظالم في بلدان الشرق الأوسط"، مستنكراً "أعمال العنف والمضايقات التي يتعرّض لها المسيحيون في أكثر من بلد، تحدّ حرّياتهم الدينية حتى في البلاد التي تتسمّى بالديمقراطية"، مشدّداً على أنّ "الصراعات والفتن نالت من الشعب السرياني نصيباً أكثر من أيّ شعب آخر، وجعلته هدفاً سهلاً ولقمةً سائغة للإرهاب الديني الذي لم يُعرَف له مثيل في عصرنا بسبب الفتن وغياب الأمن!".
وذكّر غبطتُه الأساقفةَ بوجوب "عيش الخدمة الأسقفية في الوحدة والشراكة فيما بينهم، بروح المسؤولية والأمانة لله وللكنيسة، منوّهاً إلى أنّ "الوحدة تبدأ بتجاوُز جميع العراقيل، نفسيةً، وطنيةً، لغويةً، وشخصيةً، كي يقدّموا الشهادة الحقيقية للنفوس الموكلة لخدمتهم، بأنهم كنيسة واحدة في الإيمان والتراث والشهادة".
كما هنأ غبطته "اللبنانيين على إجراء الإنتخابات النيابية خلال شهر أيّار المنصرم، في جوٍّ من الديمقراطية وقبول الآخر". وكرر غبطته "صرخة الطائفة السريانية الكاثوليكية إلى فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية ودولة الرئيس المكلَّف تشكيل الحكومة الجديدة ورؤساء الأحزاب المسيحية، بوجوب تمثيل الطائفة السريانية الكاثوليكية في الحكومة الجديدة، لتحقيق المساواة بين مكوّنات هذا الوطن الحبيب الذي قدّم السريان أرواحهم فداءً عنه".
وأطلق غبطته "صرخةً تجاه الأزمات الإقتصادية التي طالت كلّ فئات المجتمع اللبناني، إذ بات من الصعب على الكثيرين تأمين معيشة كريمة يستحقّونها، مع ما سبّبته من معاناة على الأهالي لتوفير أفضل خدمة تعليمية لأولادهم في ظلّ عدم ثقة المواطن اللبناني بالمدرسة الرسمية"، مذكّراً أنّ "المدارس الخاصة لن تستطيع الإستمرار بتأمين أفضل مستوى تعليمي بأقلّ كلفة مادّية، ما لم تجد الدولة حلاً جذرياً يؤمّن حقوق المعلّمين ولا يشكّل أعباءً جديدةً على كاهل الأهل أو المؤسّسات التربوية".
وتطرق غبطته إلى "استفحال مشاكل القروض الإسكانية التي توقّفت مؤخّراً، وبات مستقبل الآلاف من الشباب اللبناني في بناء عائلات جديدة مهدَّداً بشكل جدّي، وهذا ما سيؤدّي، ما لم تجد الدولة الحلول الناجعة له، إلى ازدياد حالات الهجرة للطاقات الشبابية في وطننا، الأمر الذي سيحوّل لبنان دولةً عجوز في هرمها السكّاني".
وعدّد غبطته أمام الأساقفة أهمّ الأحداث التي عرفتها البطريركية السريانية الكاثوليكية منذ ختام السينودس في السنة الماضية، وختم بدعوة الأساقفة كي يشرّعوا قلوبهم لتستقبل أنوار الروح القدوس الذي تستمدّ منه الكنيسة كمال وحدة الآب والإبن، فينعش خدمتهم الأسقفية للنفوس الموكلة إليهم، "بالإلتزام الصادق، وبالأمانة التي لا تتردّد، وبالمحبّة التي لا تميّز".
بعد ذلك، ألقى السفير البابوي كلمة شكر فيها غبطته على دعوته، ناقلاً تحيّة المحبّة والسلام والبركة من قداسة البابا فرنسيس للسينودس وأعماله، وكذلك تحيّة المحبّة والسلام من نيافة الكردينال ليوناردو ساندري رئيس مجمع الكنائس الشرقية في الفاتيكان، معرباً عن سروره لأنها المرّة الأولى التي يحضر فيها جلسة سينودسية في كنيسة شرقية.
ونوّه سيادته إلى المحبّة والشراكة التي تربط آباء السينودس بعضهم ببعض، متمنّياً لغبطته وللآباء النجاح والتوفيق في اجتماع السينودس، ومهنّئاً غبطته على النجاح الذي حقّقه اللقاء العالمي الأول للشباب السرياني الكاثوليكي الذي عُقد الأسبوع الماضي.
ثمّ قام آباء السينودس برياضة روحية، ليعاودوا بعدها جلسات السينودس وأعماله في جلسات متتالية تستمرّ حتى 27/7/2018.
|