في تمام الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم الأحد ١٤ نيسان ٢٠١٩، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي الحبري بمناسبة عيد الشعانين، وهو عيد دخول الرب يسوع إلى أورشليم، وذلك في كنيسة مار بهنام وسارة، الفنار.
عاون غبطتَه الخوراسقف جوزف شمعي كاهن الرعية، والأب حبيب مراد أمين سرّ البطريركية، والأب ديفد ملكي معاون كاهن الرعية، والشمامسة، بحضور جموع غفيرة جداً من المؤمنين من أبناء الرعية غصّت بهم الكنيسة وساحتها ومحيطها، وأدّت حركة مار بهنام وسارة المعزوفات الموسيقية وأشرفت على التنظيم.
بعد الإنجيل المقدس، أقام غبطته رتبة تبريك الأغصان الخاصة بهذا العيد، ليتمّ توزيعها على المؤمنين بركةً لعائلاتهم ومنازلهم.
ثمّ ألقى غبطة أبينا البطريرك موعظة روحية بعنوان "أوشعنا في العلى... مبارك الآتي باسم الربّ ملكنا"، أعرب فيها غبطته عن البهجة والسرور بمناسبة الإحتفال اليوم "بعيد الشعانين، عيد ملوكية يسوع، وهو بشكل خاص عيد الأطفال والشبيبة. فأمثالهم استقبلوا الرب يسوع في دخوله الأخير إلى أورشليم بفرح وحبّ وبعفوية، فتحقّقت فيهم نبوءة المزمور: على ألسنة الأطفال والرضَّع أعددتَ لنفسك تسبيحاً"، منوّهاً بأنّ "عيد الشعانين هو مطلع أسبوع الآلام، بعد أن تهيّأنا بالأصوام والإماتات والصلوات والتوبة وأعمال المحبّة والرحمة، كي نستحقّ أن نلاقي الربّ يسوع ونستقبله ملكاً على نفوسنا وقلوبنا، وعلى حياتنا برمّتها. وإليه نهتف، بكبارنا وصغارنا: هوشعنا! (أي خلّصنا)، مباركٌ الآتي باسم الرّبّ".
وتوجّه غبطته بالتهنئة بمناسبة هذا العيد المفرح من الحاضرين جميعاً، وبخاصّة من الأطفال والشبيبة، مصلّياً من أجل نموّهم، على مثال الصبي يسوع، "بالقامة والحكمة والنعمة"، وسائلاً الله "أن يحميَهم من كلّ ضرر في أجسادهم ونفوسهم وأخلاقهم"، وأن يجعل "عائلاتنا المسيحية حقّاً المكان الطبيعي لنقل الإيمان ونموّه في الأطفال والشباب، فتكون الكنيسة البيتية والمدرسة الأولى لتعليم القيم الروحية والأخلاقية، فالله أوكل إلى الوالدين مهمّة تربية الأولاد على الإيمان والقيم، بعد أن أشركهم بأبوّته وأمومته، وأعطاهم سلطان نقل الحياة"، مشيراً إلى أنّنا "ندرك تحدّيات التربية اليوم بسبب الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وبسبب البرامج الهدّامة التي تبثّها بعض التقنيات الإعلامية، والانحرافات الأخلاقية التي تجتاح مجتمعنا".
واستذكر غبطته "كيف حمل الصغار والكبار أغصان النخل والزيتون التي ترمز إلى الملوكية والسلام، وفرشوا أرديتهم على الأرض مقرّين بملوكية يسوع ومستقبلينه بالفرح والسرور"، مشيراً إلى أنّنا "نحن اليوم على مثالهم، نعلن إيماننا بملوكية يسوع المرتكزة على التواضع والسلام، فهو الملك المنتصر على الخطيئة والشرّ، والذي زرع الثقة والرجاء في القلوب، ومنح العالم التحرير من الظلم والاستبداد".
وتابع غبطته: "دخل يسوع إلى أورشليم ملكاً متواضعاً، على جحش لا على حصان مثلما كان يدخل الملوك والعظماء في ذلك الزمان. لقد تميّز يسوع طوال تدبيره على الأرض بالتواضع، فقد أخلى ذاته، وهو الإله، وصار إنساناً مثلنا، ليكون كواحدٍ منّا، ويُنير دربنا في العالم، ويفتدينا من خطايانا بموته، ويمنحنا بقيامته التبرير والحياة الجديدة".
وتساءل غبطته: "في غمرة أفراح هذا العيد، فلنسأل أنفسنا ونفحص ضمائرنا: ما هو سبب فرحنا؟ بماذا نحتفل؟ هل نغرق في الأمور الدنيوية وننسى صاحب العيد؟ فلنعُد إلى الرب يسوع، ولنجعله مصدر العيد وفرحه، ولنسِر وراءه كما سارت الجموع يوم الشعانين، سالكين بالتواضع والمحبّة والسلام. فيسود في مجتمعنا ووطننا والعالم، السلام والأمان، وبخاصة في شرقنا المعذَّب الذي يئنّ تحت وطأة الحروب والنزاعات وأعمال العنف والقتل والدمار، التي نصلّي بحرارة كي تنتهي وتزول ليحلّ الأمان والسلام والطمأنينة".
وتأمّل غبطته بنداءٍ مطمئنٍ ومعزٍّ يوجّهه إلينا الرب يسوع، ملك السلام، مستوحياً إيّاه من نبوءة زكريا "لا تخافي يا ابنة صهيون"، إذ يقول: "لا تخف يا شعبي، إنني معك"، فيسوع "يطرد الخوف ويهبنا السلام والطمأنينة. سلام المسيح هو سلام القلب والضمير، سلام الحقيقة والعدالة، سلام الحريّة والمحبّة".
وختم غبطته موعظته ضارعاً إلى الربّ يسوع: "يا من دخلتَ إلى أورشليم ملكاً للخلاص والسلام والمحبّة، وفرشت الجموع أمامك الثياب واستقبلَتْك بهتاف أوشعنا: إنّنا نفرش أمامك قلوبنا، ونسألك أن تملك عليها وعلى حياتنا بأسرها، فنحيا كلّنا بك ومعك ولك، ونكون تلاميذ حقيقيين نشعّ بنورك وخلاصك على الدوام، آمين".
وفي نهاية القداس، سار غبطته، يتقدّمه الإكليروس، في تطواف عيد الشعانين في الشوارع المحيطة، وتتبعه حشود المؤمنين، وفي مقدّمتهم الأطفال الحاملون أغصان الزيتون والشموع المضاءة والمزدانة بزينة العيد، على وقع الترانيم تنشدها جوقة الرعية، والمعزوفات تؤدّيها حركة مار بهنام وسارة.
وفي ختام التطواف، منح غبطة أبينا البطريرك البركة الختامية أمام مدخل الكنيسة. ثمّ بارك غبطته المعرض الخيري الذي أقامته حركة مار بهنام وسارة بمناسبة الأعياد، واستقبل المؤمنين الذين نالوا بركته الأبوية.
|