في تمام الساعة السابعة من مساء يوم أحد الشعانين الواقع في ١٤ نيسان ٢٠١٩، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، برتبة النهيرة (الوصول إلى الميناء) التي يتميّز بها الطقس السرياني الأنطاكي وتقام مساء أحد الشعانين مع افتتاح أسبوع الآلام، وذلك في كاتدرائية سيّدة البشارة، المتحف، بيروت.
عاون غبطتَه في هذه الرتبة صاحبا السيادة الحبران الجليلان: مار ربولا أنطوان بيلوني، ومار متياس شارل مراد أسقف الدائرة البطريركية، والأباتي حنّا ياكو رئيس دير الشرفة ورئيس الرهبانية الأفرامية، والأب جول بطرس معاون كاهن الرعية، والأب حبيب مراد أمين سرّ البطريركية، والشمامسة الإكليريكيون، بمشاركة الراهبات الأفراميات، وجمع من المؤمنين من أبناء الرعية.
وخلال الرتبة، تلا غبطته والأساقفة والكهنة الصلوات والترانيم السريانية الخاصة التي تدعو إلى التوبة والإستعداد لاستقبال العريس السماوي مثل العذارى الحكيمات.
ثمّ أُطفِئت الأنوار، ورنّم غبطته إنجيل مثل العذارى في وسط الكاتدرائية، وطاف غبطته مع الآباء بزياح مهيب إلى خارج الكاتدرائية، لتتوالى الترانيم وصولاً إلى الباب الخارجي، حيث جثا غبطته ورنّم الإكليروس ترنيمة "بترعوخ موران نوقيشنو" (أقرع بابك يا ربنا)، ثمّ ترنيمة "عَل هاو ترعو" (أمام الباب الخارجي كان سمعان بطرس واقفاً يبكي...). وقرع غبطته الباب بالصليب ثلاث مرات وهو جاثٍ، ليُفتَح الباب، فتُضاء الكنيسة ويدخل الجميع.
بعدئذٍ ألقى غبطة أبينا البطريرك موعظة شرح فيها المعاني الروحية لهذه الرتبة المميّزة، مركّزاً على ضرورة الإستعداد لاستقبال الرب بالتوبة والسهر الروحي والأعمال الصالحة، مؤكّداً أنّ الرب رحوم وغفور، وهو ينتظر كلّ واحد منّا كي يعود إليه ويسلّم له حياته ويحيا معه وبه وله على الدوام.
ولفت غبطته إلى تسمية هذه الرتبة ب "النهيرة"، وذلك نسبةً إلى الأنوار أو المصابيح التي تضاء خلال الرتبة، وكذلك نسبةً إلى المستنيرين، أي المؤمنين الذين استناروا بنور الرب يسوع القائل عن نفسه "أنا نور العالم"، وعن المؤمنين به "أنتم نور العالم"، مشيراً إلى تسمية ثانية لهذه الرتبة "الوصول إلى الميناء"، تيمّناً بوصول السفن والبواخر إلى الميناء بعد عناء السفر الطويل، مشبّهاً ذلك بوصول المؤمنين مع زمن الصوم إلى أسبوع آلام الرب يسوع وموته وقيامته من بين الأموات في اليوم الثالث. كما ذكر غبطته تسمية ثالثة لهذه الرتبة: "رابي فتاح ترعوخ"، أي يا ربّ افتح بابك، نسبةً إلى مار بطرس هامة الرسل الذي بعد أن نكر المسيح ثلاث مرّات، بكى بكاءً مرّاً سائلاً الرب يسوع أن يغفر له ويفتح أمامه باب رحمته.
وأشار غبطته إلى أنّ الكنيسة السريانية قد هيّأت لنا هذه الرتبة الرائعة العميقة بالمعاني الروحية، من خلال المثل الذي أعطاه الرب يسوع عن العذراى الخمس الحكيمات والخمس الجاهلات، داعياً المؤمنين إلى التساؤل: "هل نحن مستعدّون باشتياق لمجيء المسيح المخلّص؟ وهل إيماننا حيٌّ حقاً بزيت الأعمال الصالحة؟ وهل حياتنا مملوءة من الروح القدس، فلا يخفت نورها؟".
وفي الختام منح غبطته الجميع البركة.
|