في تمام الساعة السادسة من مساء يوم الأحد ١٢ أيّار ٢٠١٩، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي للإرسالية السريانية الكاثوليكية في مدينة نانت Nantes - فرنسا، وقدّم الصلاة راحةً لنفس المثلّث الرحمات البطريرك الماروني السابق الكردينال مار نصرالله بطرس صفير الذي رقد بالرب في لبنان فجر هذا اليوم.
عاون غبطتَه في القداس الأب إيلي وردة كاهن رعية مار أفرام السرياني في باريس، والأب نبيل ياكو كاهن الإرساليتين السريانيتين في مدينتَي تور ونانت، والأب حبيب مراد أمين سرّ البطريركية. كما شارك كاهن الرعية اللاتينية الأب Benoît ومعاونه الأب Jean Claude، وشمامسة الإرسالية، والجوق، وجمع غفير من المؤمنين من أعضاء الإرسالية.
في موعظته بعد الإنجيل المقدس، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن المثلّث الرحمات البطريرك الكردينال مار نصرالله بطرس صفير الذي يغيب اليوم بالجسد منتقلاً إلى مجد الملكوت السماوي بعد حياة زاخرة بالعطاء الروحي والراعوي كنسياً ووطنياً، إذ كان قامةً مرموقةً ومتميّزةً في تاريخ الكنيسة المارونية ولبنان، معرباً عن عميق الحزن والأسف لرقاده، لكن في الوقت عينه عن الرجاء الكامل بالرب يسوع، طالباً له الرحمة بين الوكلاء الأمناء في النعيم الأبدي، وللكنيسة ولعائلته العزاء لفقده، وأن يمنّ الرب على الكنيسة برعاة صالحين بحسب قلبه القدوس.
وتكلّم غبطته عن أهمّية التمسّك بالإيمان بالرب يسوع المخلّص الذي منحنا الخلاص بمشيئته القدوسة، مشدّداً على ضرورة أن نقبل مشيئة الله مهما جرى في حياتنا، مردّدين ما نقوله في الصلاة الربّانية: "لتكن مشيئتك يا الله"، ونسلّم أمرنا لله، فحياتنا مسيرة نحو الأبدية، وإن كنّا حقيقةً تلاميذ الرب يسوع علينا أن نطلب مشيئته في حياتنا.
ونوّه غبطته إلى أنّ الرب يسوع ترك لنا وصية جديدة هي "أحبّوا بعضكم بعضاً كما أنا أحببتكم"، مشيراً إلى أنّ قليلين هم الذين يعيشون المحبّة بكلّ معانيها قولاً وعملاً، بتواضع وقبول الآخر والإصغاء إليه.
وأكّد غبطته أنّنا نتمسّك بإيماننا وتقاليدنا وتراثنا ولغتنا السريانية، ونسعى أن تكون لنا كنيسة خاصة بنا مهما كان عددنا قليلاً، كي نكون شهوداً لإيمان آبائنا وأجدادنا الذين شهدوا للرب حتّى الإستشهاد.
وتطرّق غبطته إلى ما تكبّده مسيحيو الشرق ولا يزالون يعانونه، متوقّفاً بصورة خاصة عند مذبحة كاتدرائية سيّدة النجاة في بغداد، والإقتلاع والتهجير القسري من الموصل وسهل نينوى، وما تقاسيه سوريا جراء أعمال العنف والإرهاب، فضلاً عن البلدان الأخرى من مصر والأراضي المقدسة ولبنان، ممّا لا يشجّع أولادنا على البقاء متجذّرين في بلادهم الأمّ، مذكّراً أنّ لا أحد منّا يريد أن يترك مسقط رأسه والأرض التي ارتوت من عرقه وجهوده، لكن للأسف يغادر أولادنا بلادهم في الشرق ليؤمّنوا لعائلاتهم عيشاً كريماً وحياةً حرّةً بحرّية أبناء وبنات الله.
وشدّد غبطته على أنه لا يجب أن ننقل معنا إلى هذا البلد الذي استقبلنا أيّ حقد أو بغض تجاه الآخرين أو تذمّر منهم أو خلاف معهم، موصياً المؤمنين أن يبدعوا في نشر المحبّة من حولهم، متمثّلين بتلاميذ يسوع الذين كانوا يُعرَفون بالمحبّة بعضهم لبعض.
وختم غبطته موعظته ضارعاً إلى الرب يسوع القائم من بين الأموات، بشفاعة أمّه وأمّنا السماوية مريم العذراء التي نكرّمها بشكل خاص في شهر أيّار هذا، وجميع القديسين والشهداء، أن نعيش المحبّة المتبادلة فيما بيننا، مهما كانت الصعوبات والتحدّيات، سائلاً الله أن يقوّي إيماننا ويعضد عائلاتنا وشبابنا ويبارك أطفالنا، واضعين فيه ثقتنا ورجاءنا على الدوام ومتّكلين عليه في كلّ حين.
وكان الأب نبيل ياكو قد ألقى كلمة رحّب فيها بغبطته الذي يزور الإرسالية السريانية في مدينة نانت للمرّة الأولى، مثمّناً بادرته الأبوية، ومثنياً على الجهود المضنية التي يبذلها غبطته في رعايته أبناء الكنيسة وبناتها في كلّ مكان شرقاً وغرباً، خاصّةً في الظروف العصيبة الراهنة.
وقبل نهاية القداس، أنشد أطفال التعليم المسيحي والمناولة الأولى بعض الترانيم، فأبهجوا قلوب الحاضرين.
وبعد البركة الختامية، التقى غبطة أبينا البطريرك بالمؤمنين في قاعة الكنيسة، حيث نالوا بركته الأبوية والتقطوا معه الصور التذكارية.
|