في تمام الساعة الخامسة من مساء يوم الأحد ٣ تشرين الثاني ٢٠١٩، وهو أحد تقديس البيعة ورأس السنة الكنسية، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي لإرسالية العائلة المقدسة السريانية الكاثوليكية في مدينة أوكسبورغ - ألمانيا.
عاون غبطتَه في القداس الأب حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب إياد ياكو كاهن الرعية، والراهب الأفرامي الأب أفرام الجزراوي الذي يتابع دراسته اللاهوتية في الجامعة الكاثوليكية بمدينة كراتس في النمسا. كما شارك في القداس المونسنيور Alessandro PEREGO ممثّلاً أبرشية أوكسبورغ اللاتينية، بحضور ومشاركة جمع غفير من المؤمنين من أعضاء الرعية، وخدم القداس شمامسة الرعية وجوقتها.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، شكر غبطة أبينا البطريرك كاهن الإرسالية الأب إياد ياكو "الذي عمل ولا يزال يعمل جهده حتى يؤسّس هذه الإرسالية، ونحن ندرك الصعوبات التي تواجه كلّ كاهن يؤسّس رعية جديدة في كنيسة الانتشار. والبعض منكم يعرف أنني عشتُ ٢٣ سنة في الولايات المتّحدة الأميركية وكندا ككاهن وكأسقف، حيث أسّستُ الرعايا والإرساليات، ولمستُ الصعوبات والتحدّيات التي تواجه كلّ كاهن أمين على تعليم الإنجيل ومحبّة الكنيسة"، مشيراً إلى أنّ "الأب إياد كسائر المؤسِّسين يعرف أنه أُرسِل حتّى يخدم ويبذل كلّ ما يستطيع من أجل إخوته وأخواته، كي يحافظوا على الإيمان، يعتزّوا بتراثهم السرياني وبآباء الكنيسة، ويعملوا جهدهم للحفاظ على الطقس واللغة السريانية".
وأكّد غبطته أنّ "إيماننا الواحد هو بربّنا يسوع المسيح كما أعلنه مار بطرس بدون أيّ تردُّد بقوله: أنت هو المسيح ابن الله الحيّ، في هذا النصّ الرائع الذي رتّبته لنا كنيستنا السريانية الأنطاكية في مثل هذا اليوم ونحن نحتفل بأحد تقديس البيعة وهو رأس السنة الكنسية"، مشدّداً على أنّ "الكنيسة السريانية هي كنيسة رسولية تعود إلى عهد الرسل، وهذا الإعلان الإيماني لم يكن بالأمر السهل في ذلك الوقت، إنّما إعلاناً صعباً جداً، لا بل قد يكون قبوله مستحيلاً لدى أبناء ذلك الزمان، لذا يؤكّد يسوع لبطرس أنه لم يكتشف هذه الحقيقة كإنسان من لحم ودم، بل الآب السماوي هو الذي أعلن له ذلك".
وذكّر غبطته المؤمنين أنه "لا يجب علينا أن نتّكل على أنفسنا أو على قوانا البشرية أو على شيء نفكّر أنّنا حصلنا عليه وأنّ غيرنا غير قادر أن يحصل عليه، بل علينا أن نكون ودعاء ومتواضعين، ونسأل الرب كي يلهمنا حتّى نعيش حياة المسيحيين الأمناء في هذا البلد الجديد الكبير والغريب عن لغتنا وعاداتنا وطقوسنا وتقاليدنا"، منوّهاً إلى أنّنا "نفتخر أنّ هذا البلد ألمانيا استقبلنا ووفّر لنا الحقوق والحرّية الدينية والكرامة الإنسانية".
وشدّد غبطته "أنّ اتّكالنا هو على الله دائماً، ويجب أن يكون هذا هدفنا، ونحن نقرّ ونعترف أنّ الله هو الذي يعمل الخير فينا، وهو الذي يقود خطانا نحو الملكوت، وهو الذي يجعلنا نشهد أمام المحيط الذي نعيش فيه عن حقيقة إيماننا وحقيقة الإنجيل"، مؤكّداً أنّ "المسيحيين الذين اقتُلِعوا من أرض آبائهم وأجدادهم سواء في العراق أو في سوريا، مدعوون كي يقبلوا التدبير الإلهي، وأن يحوّلوا هذه الآلام والأوجاع وهذا الحرمان والقهر إلى نِعَم. فمع يسوع كلّ شيء ممكن، وهو القادر أن يعمل فينا العجائب".
وختم غبطته موعظته طالباً من المؤمنين في هذه الإرسالية "أن تبقوا على الدوام ملتفّين حول كاهنكم، ومتضامنين معه، ومتفاهمين مع بعضكم البعض، كي تتمكّنوا من تأدية الشهادة الحقيقية لإيمانكم بالربّ يسوع ولتمسُّككم بكنيستكم. وهكذا تُظهِرون أنكم لستم مسيحيين بالإسم فقط، بل بالحقيقة والفعل، فتحبّون بعضكم البعض وتؤسّسون ملكوت الله على الأرض".
وكان الأب إياد ياكو قد ألقى كلمة ترحيبية بغبطة أبينا البطريرك، عبّر خلالها عن محبّته البنوية وتقديره ومعه أعضاء الإرسالية لغبطته على كلّ ما يقوم به من أعمال جبّارة في رعاية الكنيسة في كلّ مكان في ظلّ الظروف الصعبة التي يعانيها أبناء شعبنا في الشرق، مثمّناً بشكل خاص احتضان غبطته واعتنائه بأبناء الكنيسة القادمين الجدد إلى بلاد الإنتشار، لا سيّما في أوروبا.
وفيما شكر الأب إياد غبطتَه على زيارته الأبوية، أكّد أمام غبطته التزام جميع أعضاء الإرسالية بعيش إيمانهم المسيحي وتمسُّكهم بكنيستهم السريانية وتقاليدهم العريقة التي نقلوها وحفظوها من بلادهم الأمّ في الشرق.
وكانت كلمة للمونسنيور Alessandro PEREGO، نوّه فيها إلى الاهتمام الذي توليه الأبرشية اللاتينية في أوكسبورغ بالقادمين الجدد من أبناء الكنيسة السريانية الكاثوليكية في الشرق، مؤكّداً تقديم كلّ مساندة ودعم لهم كي تتأمّن لهم الخدمة الراعوية ليحافظوا على الإيمان وتراث الآباء والأجداد، شاكراً غبطته على زيارته واهتمامه بتفاصيل الخدمة الروحية لأبناء كنيسته في كلّ مكان.
وبعد البركة الختامية، بارك غبطته أعضاء الفرقة النحاسية الذين أدّوا التحيّة وعزفوا الأناشيد في استقبال غبطته كما في وداعه. ثمّ كان لقاء الأب بأبنائه في قاعة الكنيسة، حيث استمع غبطته إلى آمالهم وتطلّعاتهم كما إلى همومهم وهواجسهم، وزوّدهم بالتوجيهات اللازمة، ومنحهم بركته الرسولية عربون محبّته الأبوية.
|