ظهر يوم السبت ١٥ شباط ٢٠٢٠، احتفلت بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية بالذكرى السنوية الحادية عشرة وبدء السنة الثانية عشرة لتنصيب وتولية غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان على الكرسي البطريركي الأنطاكي. فأقام غبطته القداس الإحتفالي الحبري بهذه المناسبة المفرحة، على مذبح كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي في الكرسي البطريركي، المتحف، بيروت.
عاون غبطتَه في القداس الأب روني موميكا والأب كريم كلش أمينا السرّ المساعدان في البطريركية، بحضور ومشاركة أصحاب السيادة المطارنة: مار أثناسيوس متّي متّوكة، ومار ربولا أنطوان بيلوني، ومار غريغوريوس بطرس ملكي، ومار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد والنائب البطريركي على البصرة والخليج العربي وأمين سرّ السينودس المقدس، ومار متياس شارل مراد النائب العام لأبرشية بيروت البطريركية، والآباء الخوارنة والكهنة من أبرشية بيروت البطريركية ومن دير الشرفة، والشمامسة، والرهبان الأفراميين، والراهبات الأفراميات، وطلاب إكليريكية دير سيّدة النجاة – الشرفة، وبعض المؤمنين.
وبعد الإنجيل المقدس، ارتجل غبطة أبينا البطريرك موعظة روحية، بعنوان "الإنجيل الذي صرتُ أنا خادماً له حسب موهبة نعمة الله المعطاة لي"، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن خدمته البطريركية خلال ١١ سنة "التي شاهدتم وعاينتم أغلبكم هذه الخدمة التي ابتدأت في ١٥ شباط ٢٠٠٩"، منوّهاً إلى أنّ "الرب يسوع يتكلّم دائماً عن أنّ المدعوين يُدعَون ليس إلى الكرامة ولكن إلى الخدمة، إذ أعطانا ذاته مثالاً بقوله: ما جئتُ لأُخدَم بل لأَخدُم وأبذل نفسي عن كثيرين".
وأكّد غبطته أننا "كلّنا بطريركاً وأساقفةً وكهنةً وشمامسةً ورهباناً وراهباتٍ، دعينا إلى الخدمة، فموقفنا من الله يجب أن يكون موقف شكر، لأنّ هذه الدعوة وهذه الخدمة هي نعمة لنا"، مشيراً إلى أنّ "ربّنا يسوع اختارنا حتى نشارك بعمله الفدائي من أجل جميع البشر، لذا فكلّ ما يعطينا إيّاه الرب نشكره عليه، ونسأله أن يعيننا كي نجعل الوزنات التي وهبنا إيّاها تثمر ثماراً وفيرة، لا أن نذهب ونطمر الوزنات".
ونوّه غبطته إلى "أنّ موقفنا في الخدمة تجاه إخوتنا والقريب يوجب علينا أن نتذكّر أننا دعينا إلى خدمة مجّانية، وليس فيها فضلٌ منّا على أحد من إخوتنا وأخواتنا الذين نخدمهم، سواء أكان بالوعظ أو بمنح الأسرار أو بالحقول التربوية والاجتماعية، فنحن جميعاً مدعوون إلى الخدمة المجّانية، ولا نستطيع أن نتنكّر لهذه الخدمة وننسب الفضل لنا على القريب والشعب الذي نخدمه".
واعتبر غبطته أنّ "خدمتنا الكنسية تفرض علينا تجاه نفوسنا وذواتنا أن نخدم بفرح وسخاء، لا أن نتذمّر ونغار ونحسد ونقول: أنا كنتُ أستحقّ أكثر ولم أُعطَ هذه الدرجة والفرصة حتّى أكون أفضل ممّا أنا عليه اليوم، فنحن جميعاً كما يقول الرب يسوع عبيد بطّالون أمام الرب، ولا يمكننا أن نمنّن الله ولا للقريب، أو نأتي لنقول: حقوقنا منقوصة أو لم يتمّ اعتبارنا أو نحن أفضل من غيرنا".
وتأمّل غبطته بالشعار الذي اتّخذه لخدمته البطريركية: "كما تعرفون أحبّائي، شعاري الذي اتّخذته كبطريرك هو كلاً للكلّ، وقد عملتُ جهدي أن أخدم هذه الكنيسة المعذَّبة منذ أن بدأتُ خدمتي، أكان في العراق أو في سوريا أو مصر أو الأراضي المقدسة، واليوم أيضاً هنا في لبنان، وللأسف في كنائس الإنتشار"، متناولاً "التحدّيات الكثيرة التي تواجهنا هنا في بلاد الأمّ في الشرق كما في الغرب، وقد بذلت كنيستنا الجهود لتكون شاهدةً لإنجيل المحبّة والفرح والسلام، وفي الوقت عينه اتكون شهيدةً"، متطرّقاً إلى "ما مرّت به بطريركيتنا وكنيستنا السريانية خلال ١١ سنة من آلام وعذابات وصعوبات واضطهادات، لا بل مآسٍ يصعب شرحها ووصفها".
وفي ختام موعظته، قال غبطته: "نجدّد اليوم وعدنا أمام الرب يسوع أن نكون خدّاماً على مثاله، ونشكره على نِعَمِه، ونتفانى في خدمة القريب حيثما دُعينا، ونبقى فرحين بهذه الخدمة، ولا نستسلم للكآبة أو لأيّ نوع من الاحتقان النفسي، كي نكون قدوةً للشبّان والشابّات الذين يفكّرون أن يتبعوا الرب يسوع، عندما يروننا ونحن نخدم بفرح وبسخاء. نفكّر بهم وليس بأنفسنا كي نربح الدعوات التي تحتاجها كنيستنا، إن كانت كهنوتية أو رهبانية. وفيما أشكركم جميعاً فرداً فرداً لحضوركم ومشاركتكم في هذا القداس، أسأل الله أن يباركنا جميعاً ويقوّينا كي نبذل كلّ ما بوسعنا لنتابع مسيرتنا، فنكون خدّاماً للرب يسوع حسب النعمة التي أعطانا إيّاها، بشفاعة أمّنا مريم العذراء سيّدة النجاة، ومار اغناطيوس الأنطاكي شفيع هذه الكنيسة، ومار أفرام السرياني، وجميع القديسين والشهداء".
وبعد القداس، تقبّل غبطة أبينا البطريرك التهاني من جميع المشاركين خلال لقاء عائلي جمع الأب الروحي بأبنائه وبناته. ثمّ منح غبطته البركة الرسولية لآباء الكنيسة السريانية الكاثوليكية وأبنائها وبناتها من الإكليروس والعلمانيين في لبنان والشرق وبلاد الإنتشار، فيما تمنّى الجميع لغبطته العمر المديد والصحّة والعافية لمتابعة رعايته الصالحة لكنيستنا السريانية.
وفي نهاية اللقاء، رنّم جميع الحاضرين النشيد البطريركي: "هب يا إله العالمين، إغناطيوس الراعي الأمين، أيداً لنصر المؤمنين، وامنُن عليه بالظفر. يا ربّي صُن كنيستك، واسكب عليها نعمتك، واحفظ رئيس رؤساء كهنتك، إغناطيوس الراعي الأمين".
ألف مبروك، ولسنين عديدة.
|