ظهر يوم الجمعة ١٩ آذار ٢٠٢١، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة عيد مار يوسف، وذلك على مذبح كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي، في الكرسي البطريركي، المتحف، بيروت.
شارك في القداس الأب حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية، والراهبات الأفراميات، وجمع من المؤمنين.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن القديس مار يوسف خطّيب مريم العذراء ومربّي الرب يسوع وحامي العائلة المقدسة وشفيع الكنيسة الجامعة، شاكراً جميع من قدّم له التهنئة بهذا العيد، ومهنّئاً بدوره كلّ من يحمل اسم هذا القديس أو يتشفّع له، متأمّلاً بصفات القديس يوسف ومزاياه، مشيراً إلى أنّ الإنجيل لا يذكر عنه سوى أنه "رجل بارّ"، وبأنّ "البارّ في الكتاب المقدس يعني الشخص الذي يريد أن يطبّق كلّ ما يريده منه الله في حياته، ليس في أقواله فقط، ولكن في أعماله وسيرته اليومية، فقد كان مثالاً للأبرار الذين سلّموا حياتهم بين يدي الله، فهو الزوج الأمين، والمربّي الحكيم، والمستسلم لمشيئة الله، وهو الذي كان ينتظر عزاء الله لشعبه المختار".
ونوّه غبطته إلى أنّ "الكنيسة تحتفل اليوم بعيد مار يوسف الذي اختاره الله كي يكون خطّيب والدة الرب يسوع المتأنّس بالروح القدس أمام العالم والمجتمع. وطبعاً كأيّ إنسان، كان يوسف يتساءل عن هذا الحبل في أحشاء العذراء مريم، كان يوسف من الذين كانوا ينتظرون مجيء المسيح المخلّص، وكان من عامّة الناس، ونعرف من الإنجيل أنّه كان نجّاراً، أي إنساناً بسيطاً".
ولفت غبطته إلى أنّنا "سمعنا من إنجيل متّى أنّ إشعيا النبي كان قد تنبّأ عن تأنُّس كلمة الله في أحشاء مريم العذراء بقوله: ها إنّ العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعى اسمه عمانوئيل، أي الله معنا، وهذه النبوءة اكتملت وتحقّقت بميلاد الرب يسوع"، مشيراً إلى أنّنا "نعرف أنّ مار يوسف، ولو أنّه لم يُذكَر في ابتداء حياة يسوع العلنية، حيث كان الإنجيل يذكر أمّ يسوع وإخوته أي أقرباءه، ولا يتطرّق إلى ذكر مار يوسف بشيء، فهذا دليلٌ على أنّ مار يوسف انتقل إلى الحياة الأخرى، وتوفّي بين أحضان يسوع ومريم أمّه، لذلك تسمّيه الكنيسة شفيع الميتة الصالحة. فليس أفضل من أن ينتقل الإنسان ويودّع الحياة الأرضية إلى تلك السماوية وهو بين أحضان يسوع ومريم، فيرافقانه بحضورهما وبمحبّتهما".
واعتبر غبطته أنّ "يوسف يمثّل الشخص الذي يتكلّم عنه يسوع بقوله: طوبى للمساكين بالروح، والمسكين لا يعني خفيف العقل، أو الذي لا يعرف أن يعيش حياةً إنسانيةً كريمةً، إنّما يسوع يقصد بالمسكين الإنسان البسيط الذي ليس لديه الطموح أن يزاحم غيره، بل يقبل مشيئة الله في حياته، والوديع الذي يعرف كيف يتصرّف مع الآخرين دون عنفٍ، والمطيع الذي يخضع لإرادة الرب ويتّكل عليه على الدوام".
وذكّر غبطته بأنّ "الكتاب المقدس يتكلّم عن يوسف، والذي كان من عشيرة داود، خاصّةً في ميلاد يسوع وطفولته ونشأته حتّى بلوغه الاثني عشر سنةً حين أخذه يوسف ومريم معهما إلى الهيكل، لكن بعد ذلك لا يذكر شيئاً عن يوسف"، منوّهاً إلى أنّ "يوسف بحمايته للعائلة المقدسة يستطيع، بالشفاعة التي له لدى الرب يسوع الذي ربّاه ورافقه في حياته، يستطيع أيضاً أن يدافع عن الكنيسة ويتشفّع بها. لذلك تعطيه الكنيسة أيضاً تسمية حامي الكنيسة، إلى جانب كونه حامي العائلة التي هي الكنيسة الصغيرة، وها نحن نجد مؤسّساتٍ كثيرةً ورهبانياتٍ رجاليةً ونسائيةً اتّخذت القديس يوسف شفيعاً لها".
وتناول غبطته "المحنة التي يجتازها العالم اليوم، ليس فقط هنا في لبنان وفي بلدان المنطقة، هذه المحنة الصحّية التي سبّبها تفشّي وانتشار وباء فيروس كورونا في العالم بأسره. وإزاء هذا الواقع الذي نعيشه، نحتاج إلى حماية مار يوسف لنا، كي يرافقنا في حياتنا الأرضية، ويذكّرنا دائماً أن نتّكل على الله ونطيع كلامه ونعيش بالبرارة حسبما يطلب منا الله".
وختم غبطته موعظته ضارعاً "إلى الرب يسوع، بشفاعة أمّه مريم العذراء ومار يوسف، أن يحمينا جميعاً، الحاضرين معنا هنا وهم يمثّلون العائلة البطريركية، والغائبين في الشرق وفي بلاد الانتشار، وأن يبارك الجميع ويحفظهم من الوباء ومن كلّ خطر ومرض وضرر، لأنّه الربّ الإله الصالح والحنون".
وفي نهاية القداس، منح غبطته البركة الرسولية بأيقونة القديس يوسف إلى أبناء الكنيسة وبناتها في كلّ مكان.
|