الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يحتفل بقداس الأحد السادس من الصوم وهو أحد شفاء الأعمى

 
 

      البطريرك يونان: "إنّنا نذكّر كلّ مسؤول، سواء أكان هنا في لبنان، أو في بلدان الجوار في الشرق الأوسط، أنّ عليه أن يُفَعِّل بصيرته النزيهة كي يستطيع أن يخدم بأمانةٍ ونزاهةٍ البلدَ والشعبَ الذي دُعِيَ إلى خدمته".

 

    في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح الأحد ٢١ آذار ٢٠٢١، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة الأحد السادس من الصوم الكبير، وهو تذكار شفاء طيما بار طيما الأعمى، والمصادف أيضاً عيد الأمّ، وذلك على مذبح كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي، في الكرسي البطريركي، المتحف - بيروت.

    في موعظته بعد الإنجيل المقدس، بعنوان "رابي، أن أُبصِر"، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن "أعجوبة شفاء الأعمى طيما بار طيما التي تذكرها الكنيسة السريانية في هذا الأحد السادس والأخير من آحاد الصوم الكبير، إذ تقدّم لنا الكنيسة في هذه الآحاد أعاجيب اجترحها الرب يسوع كي تقوّي فينا الإيمان والرجاء، لأنّه هو وحده القادر أن يحوّلنا إلى خلائق جديدة، ويساعدنا ويشجّعنا ويقوّينا في مسيرتنا نحو القيامة".

    وتكلّم غبطته عن "حادثة شفاء ذاك الأعمى حسبما وردت في إنجيل مرقس، بحيث يظهر أنّ الأعمى كان من أتباع يسوع ومعروفاً في الجماعة المسيحية الأولى، حتّى أنّ مرقس كان يذكر اسمه، طيما بار طيما"، لافتاً إلى أنّنا "لا نستطيع أن نساويه بأعمى بركة سلوان الذي شفاه يسوع أيضاً، لأنّ الإنجيل يخبرنا هنا أنّ يسوع شفاه في أريحا وهو منطلقٌ إلى أورشليم في مسيرته الأخيرة قبل الآلام والموت والقيامة. فأريحا كانت مدينةً قديمةً وفي غور الأردن، وعندما سمع هذا الأعمى أنّ يسوع قادمٌ ليزور مدينة أريحا، ورغم سماعه الضجّة المحيطة بيسوع، إلا أنّه راح يصيح: يا ابن داود ارحمني".

    ونوّه غبطته إلى أنّ "الناس كالعادة بأنانيتهم يريدون أن يكونوا الوحيدين الذين يتميّزون بلقاءاتٍ مع بعض الشخصيات، لذا بدأ الناس يُسكِتون الأعمى لأنّه أزعجهم، بينما هو ازداد صياحاً: يا يسوع ابن داود ارحمني"، مشيراً إلى أنّ "يسوع طلب منهم أن يُحضِروا الأعمى أمامه، وما أن أتوا به حتّى بدّل الناس رأيهم إذ سمعوا يسوع ينادي هذا الأعمى سائلاً إيّاه: ماذا تريد أن أصنع لك، مع أنّ يسوع يعرف أنّه كان أعمى، فأجابه الأعمى: رابي، أي يا معلّم، أن أبصر، ويخبرنا الإنجيل أنّ يسوع شفاه للحال. نال هذا الأعمى منذ الولادة الشفاء، وعوض أن يذهب إلى ملاقاة أهله وأصدقائه، فضّل أن يتبع يسوع".

    ولفت غبطته إلى أنّ "يسوع قال عن ذاته إنّه نور العالم، والشيء نفسه قاله للتلاميذ: أنتم ملح الأرض ونور العالم، وهنا نتذكّر أنّ معنى هذه الأعجوبة التي تقدّمها لنا الكنيسة هو أن نستعيد إيماننا بيسوع الرب المخلّص، والنور الذي ينير لنا الطريق، طريق المسيرة نحو القيامة"، مؤكّداً أنّه "لا يكفي أن يكون الإنسان مبصراً بعينيه، فمِن الناس مَن لديهم البصر الجسمي، أي يرون الأشياء والأشخاص والطبيعة، ومنهم مَن لديهم البصيرة، أي الإدراك والتمييز كي يفعلوا ما يجب فعله في حياتهم. فالبصر شيء والبصيرة شيء آخر، بإمكان الإنسان أن يكون لديه نقصٌ في بصره، لكنّ بصيرته تكون عميقةً ونزيهةً ويدرك تحمُّل مسؤولياته أينما كان".

    وتطرّق غبطته إلى القراءة التي تُلِيَت من رسالة مار بولس إلى أهل كورنثوس، منوّهاً إلى أنّه "يبدو أنّ مار بولس سمع أنّ البعض في كنيسة كورنثوس قد بدأوا يخلقون نوعاً من الفتن والتعاليم الغير صحيحة وضدّ ما كان يعلّمهم، فالكنيسة هناك كانت لا تزال ناشئةً، ونجد ظهورَ بعض الأمور الغريبة إذ البعض يعلّمون تعاليم ليست تعاليم الرسول"، معتبراً أنّ "هذا يذكّرنا أنّ الإنسان، وحتّى المؤمن، الذي يتّكل فقط على قواه الشخصية وعلمه وذكائه، يمكنه أن يخالف وصايا الله التي هي المحبّة والأخوّة الصحيحة والتسامح، بحيث يعتدّ الإنسان بنفسه وينسى وصايا الله. ومار بولس يذكّر أهل كورنثوس كيف يجب أن يعودوا إلى الإيمان الذي تسلّموه من الرسول، وهو إيمانٌ مبنيٌّ على الحقّ والمحبّة".

    وتوقّف غبطته متأمّلاً قولاً للقديس مار أفرام السرياني عن أعجوبة شفاء يسوع لأعمى أريحا، كان غبطته قد تناوله في رسالته بمناسبة زمن الصوم الكبير لعام ٢٠١٨، بعنوان "أَبْصِر، إيمانك خلّصك":

    «ܦܰܐܝܳܐ ܟܰܝ ܕܺܐܚܶܐ ܒܥܰܡܛܳܢܳܐ܆ ܘܰܐܢ̱ܬܽ ܗ̱ܘ ܢܽܘܗܪܳܐ ܫܰܪܺܝܪܳܐ. ܡܰܘܕܶܐ ܐ̱ܢܳܐ ܕܺܐܝܬܰܝܟ ܚܰܢܳܢܳܐ܆ ܘܰܒܫܽܘ̈ܟܳܢܶܐ ܥܰܬܺܝܪܳܐ.ܡܶܢ ܕܶܐܬܝܰܠܕܶܬ ܒܳܒ̈ܳܬܳܐ ܠܰܝܬ܆ ܓܠܺܝܙ ܡܶܢ ܢܽܘܗܪܳܐ ܒܰܣܺܝܡܳܐ. ܬܰܩܶܢ ܟܰܘ̈ܶܐ ܠܒܰܝܬܳܐ ܕܰܒܢܰܝܬ܆ ܐܳܘ ܐܰܪܕܺܝܟ̣ܠܳܐ ܚܰܟܺܝܡܳܐ»،وترجمته: "هل يليق بي أن أحيا في الظلام، وأنتَ النور الحقيقي؟ إني أقرّ أنّك الحنون والغنيّ بالهبات. منذ أن وُلِدتُ ليس لديّ بؤبؤة في العين، وأنا محروم من النور البهي. أسِّسْ نوافذ للبيت الذي ابتَنيتَه أيّها المهندس الحكيم".

    وتابع غبطته: "العين مثل النافذة في البيت، فهي توصل النور وحقيقة الخلق الجميل إلى الإنسان الذي يرى. يجب أن تكون للبيت نافذةٌ تطلّ على الخارج، وإذا كان مغلقاً، فهو يكون كلّه معتماً".

    وتناول غبطته الأوضاع الراهنة في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط على ضوء نصّ إنجيل شفاء الأعمى: "هذا الأمر يقودنا كي نتذكّر أنّه علينا أن نجدّد إيماننا وثقتنا بالرب، وأن نبقى دائماً شهوداً له، ورسلاً للحقيقة البهيّة التي علينا أن ننشرها حولنا. إنّنا نذكّر كلّ مسؤول، سواء أكان هنا في لبنان، أو في بلدان الجوار في الشرق الأوسط، أنّ عليه أن يُفَعِّل بصيرته النزيهة كي يستطيع أن يخدم بأمانةٍ ونزاهةٍ البلدَ والشعبَ الذي دُعِيَ إلى خدمته".

    وختم غبطته موعظته سائلاً "الرب يسوع أن يزيدنا إيماناً به، هو النور الحقيقي، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، كي نتمكّن من المحافظة على شعلة الإيمان والرجاء، ونتابع طريقنا ومسيرتنا بالفرح والسلام والمحبّة نحو مجد القيامة".

 

 

إضغط للطباعة