في تمام الساعة السادسة من مساء يوم إثنين الآلام قي 29 آذار 2021، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي على مذبح كنيسة القديسة حنّة ومارت شموني، عينكاوه – أربيل، العراق.
شارك في القداس أصحابُ السيادة: مار نثنائيل نزار سمعان مطران أبرشية حدياب – أربيل وسائر إقليم كوردستان، ومار يوحنّا بطرس موشي رئيس أساقفة الموصل وتوابعها، ومار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد وأمين سرّ السينودس المقدس، ومار أثناسيوس فراس دردر النائب البطريركي في البصرة والخليج العربي، والآباء الكهنة والشمامسة وجموع المؤمنين من أبناء الرعية.
في موعظته بعد الإنجيل المقدس، أعرب غبطة أبينا البطريرك عن فرحه وسروره بالاحتفال بهذه الذبيحة الإلهية "في يوم الإثنين من أسبوع الحاش، أسبوع آلام الرب يسوع الذي يعدّنا بعد الصوم لأربعين يوماً كي نرافق الرب يسوع على درب آلامه ونشترك معه في فرح قيامته ومجده. والكنيسة تهيّئنا كي ندخل في هذا الأسبوع بالتقوى الضرورية، بالتأمّل بأسرارنا الإيمانية، وتجديد ثقتنا بالرب يسوع الذي تألّم ومات، ولكنّه قام من بين الأموات، وهو يرافقنا، لأنّه وعدنا أن يكون معنا حتّى انقضاء الدهر".
وتحدّث غبطته عن دعوة إبراهيم الذي "خرج من وطنه ولم يكن عالماً إلى أين يذهب، لكن بفعل الإيمان لبّى نداء الله وتوجّه إلى حيث طلب منه أن يتوجّه، إلى أرض الميعاد. إنّ الإيمان مهمٌّ جداً في حياة المسيحي، وبشكلٍ خاص في هذه الأيّام التي نمرّ فيها بكوارث وأزماتٍ وصعوباتٍ وتحدّياتٍ لم يكن الجيل السابق قد عرفها، وأنتم عرفتم هذا التهجير القسري والاضطهاد الذي حصل معكم منذ سنوات، إن كان في الموصل أو في سهل نينوى، فقد قاسيتم الكثير من أجل الرب يسوع"، مهنّئاً أبناء هذه الرعية المباركة لأنّهم حافظوا "على الإيمان الذي هو عطيّةٌ من الله، وهو ما وصلنا من آبائنا وأجدادنا الذين سبقوا وعانوا الكثير في هذه المنطقة، منطقة الشرق الأوسط، إن كان في العراق، أو في البلدان الأخرى المجاورة".
ونوّه غبطته إلى أنّنا نجدّد "فعل إيماننا ليس فقط حين نجدّد مواعيد المعمودية، وليس فقط عندما نتلو قانون إيماننا، لكنّ هذا الإيمان يدخل في أعماقنا ويطلب منّا جواباً حقيقياً، بمعنى أن نقول دائماً للرب: زدني إيماناً يا ربّ، فإنّ الحياة التي نعيشها ليست سهلةً لولا نعمة الرب"، مشيراً إلى أنّ "ابراهيم ترك كلّ شيء وأخذ عائلته وتبع صوت الرب، فهو إذن رمزٌ للإيمان في العهد القديم، قبل المسيح بألفي سنة.
وشدّد غبطته على أنّ "الإيمان يطلب منّا الأفعال"، متناولاً "مَثَل الإبنَين اللذين طلب منهما والدهما أن يذهبا للعمل في كرمه، والذي سمعناه من الإنجيل المقدس: الإبن الأول أجاب والده بأنّه لا أريد الذهاب، ثمّ رجع إلى نفسه وندم وذهب وعمل، أمّا الابن الثاني فأجاب والده بالقبول، ولكنّه لم يذهب"، منوّهاً إلى أنّه "في الإيمان لا تكفي الأقوال ولا العواطف ولا الكلمات التي نردّدها ونفتخر بها، الإيمان يتطلّب منّا أن نسلّم حياتنا للرب، ونقوم بالأعمال التي يطلبها منّا الله، والتي هي أعمال المحبّة والتسامح والغفران. لا تكفي الكلمات: أنا أحبّ وأسامح وأغفر، بينما للأسف نجد العلاقات المتأزّمة حتّى بين أعضاء العائلة الواحدة".
ولفت غبطته إلى أنّ "المطارنة والكهنة والشمامسة الذين يخدمونكم، يتفانون في خدمتكم، ويسعون كي تستطيعوا أن تعيشوا إيمانكم بكلّ أبعاده، لكن ليس أحدٌ منّا كاملاً، فيجب علينا أن نفهم بعضنا، ونحاول أن نكتشف الصلاح الذي في الآخرين، قبل أن نكتشف ونردّد ونصمّم ونركّز على الأمور السلبية، وهذا الأمر قاله يسوع، أي أن نُخرِج الخشبة التي في عيننا قبل أن نفكّر بإخراج القذى التي في عين الآخر"، مؤكّداً أنّنا "جميعنا نحتاج إلى مغفرة الله، ويجب علينا أن نعيش هذه المغفرة مع بعضنا البعض، فنحاول تجاوُز آرائنا وأفكارنا البشرية، وأحياناً قناعاتنا، كي نجمع ولا نفرّق، ونحبّ ولا نزيد الفتنة فيما بيننا، وكي نكون شهوداً في العالم الذي نعيش فيه ونحن أقلّية شئنا أم أبَينا"، مذكّراً أنّه "في سفر أعمال الرسل كان التلاميذ المسيحيون الأوَّلون يُعرَفون بمحبّتهم بعضهم لبعض، ونحن عندما نعيش المحبّة سيعرف الناس أنّنا مسيحيون".
وختم غبطته موعظته سائلاً "الرب يسوع، بشفاعة والدته العذراء مريم ووالدتها القديسة حنّة شفيعة هذه الكنيسة التي بُنِيت أثناء التهجير، وشفاعة الأمّ شموني الشهيدة مع أولادها السبعة، أن يباركنا جميعاً، ويفيض على هذه الرعية وأبنائها وبناتها كلّ النعم، ويجعلنا أهلاً أن نُدعى تلاميذه".
وكان كاهن الرعية الأب مازن متّوكا قد ألقى كلمة رحّب فيها بغبطة أبينا البطريرك، شاكراً إيّاه على زيارته الرعوية، مثمّناً لفتته الأبوية بنفقُّد هذه الرعية، طالباً صلاته وبركته كي تتابع هذه الرعية الشهادة لإيمانها بالرب يسوع وعيش التزامها الكنسي، داعياً لغبطته بالصحّة والعافية والتوفيق في كلّ أعماله، وشاكراً حضور أصحاب السيادة والآباء الكهنة، وجميع الحضور، لا سيّما الذين عملوا على إنجاح هذه المناسبة.
وبعد البركة الختامية، نال المؤمنون بركة غبطته في جوّ من الفرح الروحي بلقاء الأب مع أبنائه وبناته.
|