الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يحتفل بقداس عيد القيامة المجيدة ورتبة السلام في كنيسة مار اغناطيوس في الكرسي البطريركي – بيروت

 
 

    في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الأحد 4 نيسان 2021، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بقداس عيد القيامة المجيدة ورتبة السلام، في كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي، في الكرسي البطريركي، المتحف – بيروت.

    عاون غبطتَه الأب حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية، والشمامسة، والراهبات الأفراميات، وجمع من المؤمنين.

    بدايةً، أعلن غبطته بشرى قيامة الرب يسوع من بين الأموات. ثمّ أقام رتبة السلام التي يتميّز بها احتفال عيد القيامة، مانحاً السلام إلى الجهات الأربع. وطاف غبطته في زيّاح حبري داخل الكنيسة حاملاً الصليب المزيَّن براية بيضاء علامةً للنصر الذي حقّقه الرب يسوع بغلبَتِه على الموت بالقيامة، ليحتفل غبطته بعد ذلك بقداس العيد.

    وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، بعنوان "السلام لكم، سلامي أعطيكم، لا كما يعطيكم العالم"، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن رتبة السلام التي "تتميّز بها كنيستنا السريانية في عيد القيامة، فالكلمتان اللتان لفظهما يسوع حين ظهر إلى الأحد عشر في العلّية، ليس فقط مرّة واحدة، بل مرّاتٍ عديدة، كانتا "السلام لكم سلامي أعطيكم". لذلك نصلّي متضرّعين إلى الرب يسوع القائم من بين الأموات وهو إله السلام، أن يهبنا السلام، سلاماً في قلوبنا، سلاماً في عائلاتنا، سلاماً في كنائسنا، سلاماً في وطننا، وسلاماً في العالم"، متأمّلاً بأحد الأناشيد "التي أنشدناها بالسريانية في رتبة السلام، نشيد يبدأ ب ܫܠܳܡܳܐܫܠܳܡܳܐܠܪ̈ܰܚܺܝܩܶܐܘܰܠܩܰܪ̈ܺܝܒܶܐ السلام السلام للبعيدين والقريبين، فنحن نعرف أنّه ليست هناك عائلة إلا وتبدّدت في أنحاء العالم كلّه، لذلك نُشرِك أيضاً الذين تغرّبوا عنّا في هذه الرتبة والذبيحة الإلهية يوم عيد القيامة، كي نصلّي معاً ككنيسة واحدة".

    وتكلّم غبطته عن الزيارة الأبوية التي أنهاها للتوّ إلى أبرشية حمص وحماة والنبك وتوابعها، حيث "احتفلنا بقداس عيد القيامة في كاتدرائية الروح القدس التي تعرّضت للقصف والهدم، وهناك رسمنا المدبّر البطريركي الأب جرجس الخوري خوراسقفاً كي يستطيع أن يقوم بمهامه في تدبير هذه الأبرشية التي ترمّلت بوفاة راعيها مار ثيوفيلوس فيليب بركات في صيف العام الماضي، وكذلك احتفلنا بقداس منتصف الليل في كنيسة رعية زيدل بحمص. وركّزنا في مواعظنا على موضوع السلام الذي يستحقّه كل إنسان مؤمن وصادق ونزيه، كما يستحقّه كلّ شعب، لا سيّما الشعب السوري الذي عانى الكثير طوال عشر سنوات، واليوم لا يزال يعاني، ليس فقط من بعض الأمور الأمنية، وإنما أيضاً وبشكلٍ خاص من العقوبات التي فُرِضت عليه وجعلَتْه فعلاً في أوضاعٍ مأساوية، فضلاً عن الجوع والعوز الذي أصاب الكثيرين، ونقص الطعام، وحاجات الحياة الكريمة. كما حاولنا أن نشجّع ونبثّ الرجاء في قلوب المؤمنين الذين غصّت بهم الكنيسة، وذكّرناهم أنّه مهما حصل سنبقى شهوداً للسلام الحقيقي الذي أعلنه الرب يسوع وبشّر به بعد قيامته".

    وأشار غبطته إلى أنّنا "كنّا قبل عشرة أيّامٍ في شمالي العراق، وهناك أيضاً رأينا وعاينّا كم أنّ شعبنا يتألم في بلدات سهل نينوى، فضلاً عن الموصل حيث الموصل القديمة مهدَّمة ورعايانا زالت وانتهت، أمّا في بلدات سهل نينوى حيث لا يزال أبناؤنا موجودين، وخاصةً مدينة قره قوش التي هي أكبر مركزٍ وتجمُّع للمسيحيين اليوم في العراق، حيث احتفلنا بقداس أحد الشعانين، ثمّ شاركنا مع أهالي قره قوش بالمسيرة والتطواف بمناسبة أحد الشعانين، هذا التطواف الذي دام لأكثر من ساعتين في شوارع مدينة قره قوش، وشارك فيه عشرات الآلاف من المؤمنين، وجميعهم من كنيستنا السريانية. وكما كنّا قد استقبلنا قداسة البابا فرنسيس بكلمة ترحيبية قبل أربعة أسابيع بالذات، إن كان في كاتدرائية سيّدة النجاة في بغداد، وإن كان في قره قوش".

    وتناول غبطته الأوضاع الراهنة في لبنان، فتساءل: "أين هو السلام الحقيقي الذي يستطيع الناس أن يعيشوه في داخلهم دون أن يكونوا معرَّضين للخوف والقلق، لا بل للضياع أمام ما يصيبنا من مآسٍ، إن كان ملمّات سياسية واقتصادية ومعيشية، أو التفجير الرهيب والمخيف في مرفأ بيروت الذي لم يستطع لبنان حتّى اليوم الحصول على معلوماتٍ حقيقيةٍ عن سبب هذا الإنفجار ومن هو المسؤول عنه، وإن كان الأزمة أو نكبة كورونا التي يزداد عدد المصابين بها، ولا نعرف كيف أو لماذا، وأين هي الحكومة المسؤولة، وأين هم الذين يعتبرون أنفسهم أهلاً كي يديروا هذا البلد، في الوقت الذي يتقاذفون التهَم ويعتبرون أنفسهم أنّهم يفهمون الدستور، فيقوم كلّ واحدٍ ويفسّره على هواه، ولا نعرف لمن يعطي الدستورُ الحق".

    وأشار غبطته إلى أنّه "لا يمكننا أن نغفل أنّ مشكلتنا اليوم هي أنّ المسيحيين لا يعرفون أن يتّفقوا كي ينسجوا مستقبل هذا البلد المنهار والمعرَّض للزوال، لا سمح الله، ولا يفكّرون بالشباب الذين يعيشون هذه الأزمة وهذا الضياع، ماذا سيفعلون لمستقبلهم ومستقبل أولادهم، ولا يفكّرون أيضاً بخير المواطنين الحقيقيين الشرفاء النزيهين، من دون أن ينتموا إلى حزبٍ أو إلى مرجعيةٍ دينيةٍ أو إلى عشائر وسلطاتٍ محلّية. فاللبناني الحقيقي اليوم يفكّر أنه يجب أن يقوم بشيءٍ ما، لكن للأسف نظامنا الطائفي لا يسمح بذلك، لذلك نتوجّه إلى المسؤولين بالقول: يكفي كلاماً ويكفي أعذاراً، نحن نريد الحلول. أين هي الكهرباء في بلدٍ صغيرٍ مساحته 10452 كلم2 وهو مليء بالجبال والينابيع، أين هي الحقيقة عن أموال المودعين الذين تعبوا كلّ حياتهم كي يدّخروا لمستقبلهم، يجب أن نعرف أن نركّز على هذه المواضيع، ولا يكفي أن نتّهم بعضنا البعض، ونقول كلّهم فاسدون، والمسؤولون فاسدون، والكلّ يعتبرون أنفسهم أنهم الأبرياء وأنّ الآخرين هم المُتّهَمون".

    وختم غبطته موعظته سائلاً "الرب يسوع، إله السلام، أن يحفظ لبنان ومشرقنا والمسيحيين الذين هم المكوِّن الأصغر في هذه المنطقة، ونحن معرَّضون لخطر التغرُّب، فيخلو الشرق من المسيحيين الذين هم أصلاء منذ آلاف السنين، كما نسأله أن يحمي العالم كلّه من كلّ خطر وضرر ووباء".

    وفي نهاية القداس، منح غبطة أبينا البطريرك البركة الرسولية إلى إكليروس الكنيسة ومؤمنيها في كلّ أنحاء العالم، عربوناً لمحبّته الأبوية، ومهنّئاً الجميع بعيد قيامة الرب يسوع من بين الأموات.

 

إضغط للطباعة