في تمام الساعة الخامسة من مساء يوم السبت ٨ أيّار ٢٠٢١، قام غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بزيارة تاريخية إلى مدينة أور الأثرية في محافظة ذي قار، العراق، ترافقه معالي الوزيرة إيفان جابرو وزيرة الهجرة والمهجَّرين في الحكومة العراقية، ممثّلةً دولة رئيس الحكومة الأستاذ مصطفى الكاظمي.
كما رافق غبطتَه أيضاً في هذه الزيارة أصحابُ السيادة المطارنة: مار أثناسيوس فراس دردر النائب البطريركي في البصرة والعمارة والخليج العربي، ومار يوحنّا بطرس موشي رئيس أساقفة الموصل وتوابعها، ومار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد وأمين سرّ السينودس المقدس، والمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية، وبعض الكهنة والراهبات.
استُقبِل غبطته استقبالاً رسمياً وشعبياً حاشداً، إذ تقدّم المستقبلين سعادة الدكتور أحمد الخفاجي محافظ ذي قار، الذي رافق غبطته طيلة هذه الزيارة بمحبّة وتقدير وإكرام.
جال غبطته في المدينة، حيث افتتح معرض فعاليات فنّية أعدّه مختلف فنّاني محافظة ذي قار. ثمّ أدّى غبطته الصلاة في أرض ابراهيم أبي الآباء باللغة السريانية.
بعدئذٍ حضر غبطة أبينا البطريرك احتفالاً أقيم على شرف غبطته بمناسبة زيارته الأولى إلى هذه المدينة، وذلك بتوجيهات من سعادة المحافظ، وعلى ضوء زيارة قداسة البابا فرنسيس الذي كان قد زار المكان نفسه منذ شهرين خلال زيارته التاريخية إلى العراق.
تخلّلت الحفل، والذي حضرته شخصيات تمثّل مختلف فعاليات المنطقة المدنية والدينية والعسكرية، كلماتٌ وقصائد ركّزت على الترحيب بغبطته، والثناء على زيارته التاريخية هذه، وتهنئة المطران الجديد مار أثناسيوس فراس دردر بتوليته واستلامه مهامه.
وكانت أبرز هذه الكلمات، كلمة سعادة محافظ ذي قار الدكتور أحمد الخفاجي، والذي رحّب بغبطته، شاكراً إيّاه على زيارته، ومؤكّداً أمامه أنّ محافظة ذي قار تمتاز بالتعايش السلمي بين جميع المكوّنات، بما فيها المكوّن المسيحي الذي هو مكوّن أصيل ومؤسّس في صلب هذه المحافظة.
وخلال الحفل، ارتجل غبطة أبينا البطريرك كلمة أعرب فيها عن فرحه بهذه الزيارة المباركة، فقال غبطته: "جئنا إليكم في هذا النهار الجميل لكي معكم نجدّد أمانتنا لابراهيم الخليل أبي المؤمنين الذي معه انطلقت الديانات التوحيدية، والذي يدعى أبا المؤمنين، وهذا الأمر هو للعراق، وبشكل خاص للناصرية ومحافظة ذي قار، امتيازٌ كبيرٌ أن يضمّا هذا الأثر التاريخي لآلاف السنين عن أبينا ابراهيم الخليل".
ولفت غبطته إلى أنّنا "جئنا لأوّل مرّة نزور هذا المقرّ التاريخي الذي هو رمز انطلاقة الديانات التوحيدية، بمناسبة منحِنا التولية لسيادة المطران مار أثناسيوس فراس دردر نائبنا البطريركي في البصرة والعمارة والناصرية وبلدان الخليج العربي لكنيستنا السريانية الكاثوليكية الأنطاكية"، مستذكراً أنّه "قبل شهرين زاركم قداسة البابا فرنسيس الذي قلبه ملء المحبّة وملء الحنان، ودعاؤه دوماً للسلام والأخوّة بين جميع المؤمنين بالله الواحد، وقداسة البابا أيضاً زار العراق للمرّة الأولى، وقد زار هذا المقرّ الأثري، فأعطى انطلاقةً بعونه تعالى للحجّ الابراهيمي، بهمّة جميع المعنيين والمسؤولين في هذه المحافظة، بدءاً بسعادة المحافظ، مع معاونيه، وجميع الذين يسعون لتوطيد رباط المحبّة والأخوّة بين جميع المواطنين والمواطنات في العراق الحبيب".
ووجّه غبطته الشكر "للجميع لحضوركم، وبشكل خاص للوفد الذي جاءنا البارحة إلى كنيستنا في البصرة ليشارك معنا في فرحة تولية النائب البطربركي الجديد، وبالحقيقة أُعجِبنا بالمحبّة التي أبداها أعضاء هذا الوفد، وبرابط الأخوّة الحقيقية الصافية".
ولفت غبطته إلى أنّنا "نحن كبطاركة في الشرق، نحن رؤساء كنائس، باللغة المدنية نُسمَّى طائفة، ولكنّنا لسنا طائفة، إنّما جماعة مؤمنة ذات تراث قديم هو التراث السرياني الآرامي، وذات تاريخ وطقس، وذات كنز من الشهداء الذين سفكوا دماءهم من أجل المخلّص الرب يسوع".
وختم غبطته كلمته شاكراً الجميع "لهذه المحبّة التي أبديتموها، وهذا جليٌّ في نفوس أبناء الناصرية الذين يأملون وبحقّ أن تُحترَم حقوقهم المدنية، وأن يستطيعوا أن يشاركوا في نهضة عراقنا الحبيب. شكراً جزيلاً، والرب يبارككم".
وقدّم غبطته إلى سعادة المحافظ أيقونة السيّدة مريم العذراء، عربون محبّة وشكر وتقدير.
كما قدّم منظّمو المعرض هدية إلى غبطته، سلّمه إيّاها سعادة المحافظ، وهي عبارة عن لوحة زيتية رُسِمت عليها صورة لغبطته.
وبعد انتهاء الحفل، غادر غبطته والوفد المرافق مدينة أور الأثرية بمثل ما استُقبِلوا من الحفاوة والإكرام من قِبَل سعادة المحافظ والفعاليات التي شاركت في هذا الاستقبال الحاشد.
|