الصفحة الرئيسية البطريركية الأبرشيات الاكليريكيات الرهبانيات الأديرة ليتورجيا
 
التراث السرياني
المجلة البطريركية
المطبوعات الكنسية
إتصل بنا
غبطة أبينا البطريرك يحتفل بقداس عيد العنصرة في كنيسة سيّدة فاتيما، دمشق، سوريا

 
 

    في تمام الساعة السادسة من مساء يوم الأحد 23 أيّار 2021، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة عيد العنصرة وهو حلول الروح القدس على التلاميذ، وذلك في كنيسة سيّدة فاتيما، دمشق، سوريا. 

    عاون غبطتَه الخوراسقف عامر قصّار النائب العام لأبرشية دمشق وكاهن الرعية، والمونسنيور عماد غميض القيّم الأبرشي لأبرشية دمشق وكاهن كاتدرائية مار بولس – باب شرقي، بحضور ومشاركة صاحبي السيادة: مار يوحنّا جهاد بطّاح رئيس أساقفة دمشق، ومار غريغوريوس الياس طبي، والآباء الخورانة والكهنة، وجموع المؤمنين من أبناء الرعية.  

    خلال القداس، أقام غبطته رتبة السجدة واستدعاء حلول الروح القدس، والتي تقام في هذا العيد، بحسب الطقس السرياني الأنطاكي. وخلالها جثا غبطته ثلاث مرّات طالباً حلول الروح القدس، ثمّ رشّ غبطته المؤمنين وباركهم بالماء المقدس. 

    وفي موعظته بعد انتهاء الرتبة، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن عيد العنصرة، والمسمّى "الفنطيقوسطي"، وهو عيد حلول الروح القدس على التلاميذ في اليوم الخمسين بعد قيامة الرب يسوع من بين الأموات، مشيراً إلى أنّ لفظة العنصرة "مأخوذة من اللغة العبرية وتعني الاجتماع، حيث كان الشعب العبراني يحتفل به، فيجتمع في اليوم الخمسين بعد عيد الفصح"، أمّا لفظة الفنطيقوسطي فهي "مأخوذة من اللغة اليونانية، وتعني عيد الأسابيع".

    وتكلّم غبطته عن "رتبة العنصرة، رتبة حلول الروح القدس، التي أقمناها للتوّ، وهي مهمّة جداً ومعانيها عميقة ورائعة. نحن عادةً نعبد الله الآب الخالق والمعتني، ونعبد مخلّصنا يسوع المسيح فادينا، لكن قليلاً ما نذكر الروح القدس بشكلٍ خاص، نذكره مع الآب والابن. الثالوث الأقدس هو أعظم أسرار إيماننا المسيحي، وتعرفون أنّ السرّ لا يعني هنا حقيقة مخفيّة على البعض ومكشوفة للبعض، السرّ المسيحي لنا نحن المؤمنين هو حقيقةٌ لا نقدر أن نكتشفها وحدنا، لكنّ الرب يسوع أعطانا إيّاها في تعليمه على الأرض، وألهم تلاميذه أن يوصلوها إلينا". 

    وأشار غبطته إلى أنّنا "نذكر حينما التقى الرب يسوع مع المرأة السامرية على بئر يعقوب، قال لها: نسجد لله بالروح والحق، وهو وعد تلاميذه أنّه لن يتركهم حزانى ويتامى، بل سيرسل إليهم المعزّي، الروح القدس، وهو الذي سيشرح لهم كلّ شيء. وهكذا نرى التلاميذ وقد تحوّلوا من رجالٍ خائفين وبسطاء، فأصبحوا رسلاً في العالم كلّه، دون أن يخافوا، وقدّموا حياتهم من أجل بشرى الإنجيل وإعلان إيمانهم بالرب يسوع".  

    وتأمّل غبطته "بمواهب الروح القدس، فإشعيا يقول إنّ المواهب سبعة، لكن هناك مواهب كثيرة، وبإمكان كلّ مؤمن أن يعيشها حسب علاقته مع الرب ومع الروح القدس، مواهب الحكمة والفهم والقوّة والمشورة والتقوى والعلم ومخافة الله. هذه المواهب السبع مذكورة في سفر إشعيا، وتعلّمنا إيّاها الكنيسة كي نتذكّر أنّ الروح القدس يبقى يفعل فينا مواهب خارقة لا يمكننا أن نفهمها، ولكنّنا نقبلها بإيمان". 

    ولفت غبطته إلى أنّ "الرب يسوع، وكما سمعنا من الإنجيل المقدس، قال لتلاميذه: سأرسل إليكم الروح القدس المعزّي. وفعلاً في عيد العنصرة، هذا العيد الذي كان يُسمَّى عند الشعب العبراني عيد المظال، كان كثيرون من اليهود يأتون من بلادٍ عديدةٍ، وكلّ واحدٍ منهم حينما سمع التلاميذ، فَهِمَ ما كان التلاميذ يريدون أن يقولوه له بلغته. هذه هي موهبة اللغات التي يعطيها الروح القدس للمؤمن". 

    ونوّه غبطته إلى أنّه "في العنصرة حلّ الروح القدس بألسنةٍ ناريةٍ على التلاميذ، ومن عطايا ورموز الروح القدس، الماء، الذي هو ينبوع الحياة. لذلك في تقاليدنا الشرقية، نرشّ المؤمنين بالماء بعدما صلّينا للروح القدس كي يحلّ علينا"، مشيراً إلى أنّه "في العنصرة تأسّست الكنيسة وانطلقت، فلم يكن هناك قبلاً هذه الجماعات المسيحية التي يتكلّم عنها سفر أعمال الرسل الذي هو الكتاب الخامس في العهد الجديد وقد كتبه لوقا الأنطاكي وهو من عندنا من أنطاكية، وهو الذي كتب الإنجيل الثالث أيضاً".  

    وأكّد غبطته أنّه "بحلول الروح القدس انطلقت الكنيسة، وبطرس عمّد الآلاف يومها، لأنّ الروح القدس هو الذي له القوّة لتحويل النفوس والقلوب، وهو الذي جعل المستمعين يقبلون بشرى الإنجيل. وأنتم تدركون أنّ الكنيسة اليوم ليست البطريرك والأساقفة والكهنة فقط، إنّما الكنيسة هي شعب الله، أنتم الذين تشهدون في المجتمع أنّ يسوع جاء كي يخلّصنا ويعطينا الصفة الحقيقية لله التي هي المحبّة. يسوع هو الذي علّمنا أن نقبل بعضنا البعض وأن نلتقي ببعضنا البعض بالفرح والبرّ والقداسة، ونكون شهوداً لخلاصه بين إخوتنا وأخواتنا الذين لم يتعرّفوا على يسوع بعد". 

    وذكّر غبطته المؤمنين أنّ "الكنيسة تخدمكم، أي الرعية بكاهنها الذي يتّكل على مواهب الروح القدس كي يقدّسكم ويرافقكم في مشوار القداسة. لذلك يجب أن نتذكر أنّ المواهب كثيرة، كما يقول مار بولس، لكنّ الروح القدّوس هو واحد". 

    ورفع غبطته الابتهال إلى الروح القدس ضارعاً إليه "كي يحلّ في قلوبنا ونفوسنا وعائلاتنا ومجتمعنا وبلدنا، الروح القدس بقوّته يحمي سوريا التي تعذّبت كثيراً على مدى أكثر من عشر سنوات، الروح القدس هو الذي يلهم المسؤولين كي يعيشوا مسؤوليتهم بروح الخدمة والنزاهة. الروح القدس هو الذي يجعل جميع السوريين يعرفون أن يتصالحوا ويلتقوا كي يبنوا بلدهم، لأنّه بعد هذه المحنة الأليمة، يجب أن يتعلّم الشعب أن يوجّه أنظاره نحو مستقبلٍ أكثر محبّة وأكثر مصالحة وأكثر أخوّة، رغم كلّ ما حدث في سوريا من تهجُّم وعقوبات وعدم اكتراث، فتبقى سوريا موطناً لجميع المواطنين، بالمساواة في الحقوق، وبالعدالة والأخوّة، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، سيّدة فاتيما، التي قبل 105 سنوات ظهرت للأطفال الثلاثة الأبرياء كي تنقل إليهم محبّة يسوع التي على جميع المؤمنين أن يحيوا بها على الدوام كي يكونوا مثالاً للآخرين بالقداسة".

    وكان الخوراسقف عامر قصّار قد رحّب بغبطته في زيارته الرعوية الأبوية لأبرشية دمشق ولهذه الرعية التي تبتهج بحضوره وترؤّسه هذا القداس، طالباً بركته الأبوية، وداعياً له بالصحّة والعافية والتوفيق في رعاية الكنيسة في كلّ مكان في هذه الظروف العصيبة.

    وفي نهاية القداس، منح غبطته المؤمنين البركة الرسولية، مستمطراً عليهم غنى وغزارة مواهب الروح القدس. ثمّ استقبل غبطته المؤمنين في صالة الرعية حيث نالوا بركته الأبوية. 

 

 

إضغط للطباعة