في تمام الساعة السادسة من مساء يوم السبت 12 حزيران 2021، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي على مذبح كاتدرائية الروح القدس في حيّ الحميدية – حمص، سوريا. وخلاله، قام غبطته برسامة الإكليريكيَّين الأفودياقونَين حميد إيلي مسّوح وعاصي مطانس عاصي شمّاسَين (إنجيليَّين) للخدمة في أبرشية حمص وحماة والنبك.
بدايةً، دخل غبطة أبينا البطريرك إلى الكاتدرائية بموكب مهيب يتقدّمه الكهنة والشمامسة، على وقع أنغام المعزوفات الشجية التي أدّتها فرقة كنيسة سيّدة النجاة النحاسية في زيدل. وعاون غبطتَه في القداس الخوراسقف جورج الخوري المدبّر البطريركي لأبرشية حمص وحماة والنبك، والمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية.
وشارك في هذه المناسبة أصحاب النيافة والسيادة المطارنة رؤساء الكنائس في حمص: مار تيموثاوس متّى الخوري مطران حمص وحماة وطرطوس وتوابعها للسريان الأرثوذكس، على رأس وفد كبير ضمّ ثمانية من الخوارنة والكهنة في أبرشيته، وجاورجيوس أبو زخم مطران حمص وتوابعها للروم الأرثوذكس، ويوحنّا عبدو عربش مطران حمص وحماة ويبرود للروم الملكيين الكاثوليك، والأب منهل بولس راعي كنيسة حمص المارونية، والسيّد فاسكين خجادوريان ممثّلاً كنيسة الأرمن الأرثوذكس في حمص، والآباء الخوارنة والكهنة في أبرشية حمص وحماة والنبك، وعدد من الكهنة والشمامسة من الكنائس الشقيقة في حمص، وجموع من المؤمنين الذين غصّت بهم الكاتدرائية وباحتها، وفي مقدّمتهم عائلة كلٍّ من الشمّاسَين الجديدين وأهلهما وذووهما. وخدم القداس شمامسة كنيسة سيّدة النجاة في زيدل وجوقتها. وقد اتّخذ كلٌّ من الشمّاسَين المرتسمَين عرّاباً له: الخوراسقف ميشال نعمان عرّاباً للشمّاس عاصي عاصي، والأب سعيد مسّوح عرّاباً للشمّاس حميد مسّوح.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن صفات الشمّاس، أي الخادم، إذ أنّ كلمة "شمّاس" بالسريانية هي ܡܫܰܡܫܳܢܳܐ أي الخادم، وهي مشتقّة من فعلܫܰܡܶܫأي خدمَ، معرباً عن فرحه "بالاحتفال بترقية الإكليريكيَّين حميد مسّوح وعاصي عاصي إلى درجة الشمّاس. وكما سمعنا من القديس مار بولس في رسالته إلى تلميذه تيموثاوس، حيث يذكّره أنّه دُعِيَ إلى الخدمة، فالشمّاس الذي يبدأ الترقّي نحو درجة الكهنوت المقدس، يتذكّر أنّ دعوته هي للخدمة وليست للوجاهة أو لالتماس منصب في العالم، كما ليست لكي يغتني أو ليترفّع على إخوته وأخواته".
ونوّه غبطته إلى أنّ "الشمّاس موصوف بالوداعة التي ترضي قلب الرب القائل: تعلّموا منّي فإنّي وديعٌ ومتواضع القلب. ونحن اليوم في كلّ الكنائس، أكان في الشرق أو في العالم كلّه، نحتاج إلى خدّامٍ أمناء وصالحين ومقتنعين أنّهم دُعُوا إلى الخدمة، كي يكونوا قريبين من إخوتهم وأخواتهم في شعب الله ويساعدوهم في مسيرتهم بالصعود نحو عرش الله ونحو الله الذي هو مبدأنا وهو علّة إيماننا على هذه الأرض الفانية".
ولفت غبطته إلى أنّنا "سمعنا من الإنجيل المقدس أنّ يسوع يشبّه الذي يريد أن يضحّي بحبّة الحنطة، إذ على غرارها عليه أن يموت حتّى يستطيع أن يأتي بالثمر. وهذا الأمر ليس مسألة كلام أو دعاية أو شعائر فقط، إنّما هو حقيقة، لأنّه صحيحٌ أنّ الرب يسوع علّمنا وكشف لنا الطريق نحو الآب السماوي، ولكنّه طبّق تعاليمه بتقديم ذاته قرباناً إلهياً بموته ومن ثمّ بقيامته كي يخلّصنا".
وأشار غبطته إلى أنّ "حميد وعاصي يعرفان جيداً أنّ الخطوة التي يتّخذانها اليوم ليست مجرّد خطوة عابرة في حياتهما، فيجب عليهما أن يتذكّرا أنّهما دُعيا من قِبَل الرب، ويجب أن يعرفا كيف يعيشان حياتهما العائلية مع الدعوة التي تطلب منهما أن يكونا بالحقيقة رسلاً. وقبل كلّ شيء، يجب أن يعرفا أن يعلّما ويعيشا المحبّة الحقيقية، عاملَين بقول الرب يسوع: بهذا يعرف العالم أنّكم تلاميذي إن كنتم تحبّون بعضكم بعضاً"، منوّهاً إلى أنّه "لدينا أكبر دليل على أنّ التلاميذ عُرِفُوا أنّهم أتباع يسوع وتلاميذه بمحبّتهم بعضهم لبعض: أنظروا كيف يحبّون بعضهم بعضاً. فالمحبّة هي العلامة التي تميّزنا نحن أتباع الرب يسوع المخلّص، لأنّ يسوع علّمنا أنّ الله هو محبّة".
وأكّد غبطته على أنّنا "نحن اليوم نصلّي من أجلكما يا حميد وعاصي، كي تكون خدمتكما دائماً مثال الخدمة المتواضعة، والخدمة للجميع دون تمييز، والخدمة حتّى بذل الذات إذا طُلِبَ منكما ذلك، بمعنى أنّ عليكما أن تساعدا إخوتكما وأخواتكما في درب خدمتهم للرب يسوع وكنيسته المقدسة".
وختم غبطته موعظته بالقول: "نصلّي من أجلكما في هذه الكاتدرائية التي كُرِّسَت على اسم الروح القدس، ونحن في زمن العنصرة، ونسأل الروح القدس أن يملأكما من مواهبه ويقودكما في طريق الخير والنور والحق، مثلما علّم يسوع تلاميذه. هذا الروح القدس هو سيكون قوّتكما والمُلهِم لكما وعزاءكما في الشدائد، وهو سيكون المُقدِّس لكما ولجميع الذين تخدمانهم في المستقبل بالنظر نحو درجة الكهنوت، ونحن نعرف كم هي مهمّة جداً وسامية هذه الدرجة في الكنيسة، خاصّةً كنيسة اليوم، لأنّها تطلب تلاميذاً ورسلاً أقوياء يدافعون عن الحقّ مهما كلّف الأمر. مبروك سلفاً".
وقبل المناولة، أقام غبطة أبينا البطريرك رتبة الرسامة الشمّاسية، فوجّه للمرتسمَين الأسئلة التي أجابا عنها مجاهرَين بإيمانهما وواضعَين يدهما على الإنجيل المقدس والصليب. ثمّ توالت الصلوات والترانيم بحسب الطقس السرياني الأنطاكي. وتلا غبطته صلاة دعوة الروح القدس، ثمّ وضع يمينه على هامة كلٍّ من المرتسمَين الأفودياقون حميد مسّوح والأفودياقون عاصي عاصي ورسمهما شمّاسَين، وألبسهما هرّار الشمّاسية، ليطوف به الشمّاسان الجديدان حاملَين المبخرة في زيّاح وسط التصفيق والتهليل والفرح الروحي الذي عمّ جميع الحاضرين.
وقبل نهاية القداس، ألقى الشمّاس الجديد حميد مسّوح كلمة شكر باسمه وباسم الشمّاس الجديد عاصي عاصي، استهلّها بشعارهما "أنا قويٌّ بالمسيح الذي يقوّيني"، وجّه خلالها الشكر للعناية الإلهية ولغبطة أبينا البطريرك على محبّته ورعايته الأبوية وتوجيهاته وإرشاداته وعلى تحمّله عناء السفر لترؤُّس هذه المناسبة، مستذكراً المثلّث الرحمات مار ثيوفيلوس فيليب بركات رئيس أساقفة الأبرشية، والذي كان له الفضل الكبير على دعوتهما وتنشئتهما، وسلفه المثلّث الرحمات مار ثيوفيلوس جورج كسّاب الذي أوفدهما إلى الإكليريكية، شاكراً الأساقفة والإكليروس وجميع الحاضرين والأهل والأقرباء، طالباً من الجميع أن يصلّوا من أجلهما كي يكونا أمينَين على دعوتهما وخدمتهما.
وكان الخوراسقف ميشال نعمان كاهن رعية الروح القدس قد ألقى كلمة رحّب فيها بغبطته، شاكراً إيّاه على زيارته الأبوية، مثمّناً رعايته للكنيسة في هذه الظروف الصعبة، وداعياً له بالصحّة والعافية والعمر المديد.
وبعد البركة الختامية، تقبّل الشمّاسان الجديدان وأهلهما التهاني من الحضور جميعاً. ألف مبروك.
|